|
كاميليا الأهم التى نسيناها
محمد عبد الفتاح السرورى
الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 13:32
المحور:
المجتمع المدني
فى غمرة الأحداث وعلى كثر المتواتر من الأخبار ومجريات الامور قد ينسى المجتمع الأهم والمهم ليلتفت لما هو اقل أهمية أو لما لاأهمية له على الإطلاق وفى غمرة السكرة التى أصابت المجتمع المصرى بسبب تداعيات مشكلة زوجة أحد القساوسة والمعروفة إعلاميا بإسم قضية كاميليا نسى الجميع أو تناسوا كاميليا الأخرى وهى التى كان يجب أن نوليها الإهتمام ونقف الى جوارها فى محنتها تلك المحنة الى لم تنته حتى الآن وحتى كتابه هذه السطور إنها كاميليا لطفى جاب الله والتى حكمت عليها المحكمة بما يلى ( قررت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، برئاسة المستشار عادل فرغلي، عدم قبول تغيير ديانة الطفلين أندرو وماريو من الإسلام إلى المسيحية، وذلك لانتفاء القرار الإداري). وذلك في الدعوى التي أقامتها والدتهما "كاميليا لطفي جاب الله" تحت رقم 54471، ضد كلاً من وزير الداخلية، ورئيس مصلحة الأحوال المدنية بصفتيهما، للمطالبة بإعادة شهادات ميلاد التوأمين إلى الديانة المسيحية، مع بطلان تغيير شهادتي ميلادهما قسرًا من المسيحية إلى الإسلام بناءً على طلب والدهما، خاصة وقد بلغا الـ15 عامًا شرعًا وقانونًا. كاميليا عبّرت عن حزنها بالبكاء، مؤكدة أنه فور معرفة طفليها بالحكم أصيبا بحالة نفسية سيئة، وأنهما قالا لها "ليه كدة، الدين مش بالعافية وإحنا مسيحيين ومش عايزين نبقى مسلمين". كاميليا أشارت أيضًا إلى أن أسوأ كوابيسها تحققت، فهي كانت تعتقد أن القضاء سينصفها في مشكلتها التي مرَّ عليها ما يقرب من 10 سنوات، والتي ستتفاقم بعد 3 شهور مع ضرورة إصدار بطاقات رقم قومي لطفليها أندرو وماريو، مؤكدة أن الحياة ستظل متوقفة بالنسبة لهما). عندما قرأت هذا الخبر أخذني الخاطر كل مأخذ وبلغ بي العجب مداه وبتتبع أصل القضية أن والد الطفلين قد أعتنق الإسلام لفترة من الزمن ثم عاد إلى المسيحية مرة أخرى ولكن بعدما ثبت في الأوراق الرسمية أنه مسلم.. المهم في الموضوع أن الطفلين في هذه الحالة صارا مسلمين بالتبعية لأبيهما، ولكن الواقع غير ذلك فلقد نشأ الطفلين وترعرعا في بيئة وأسرة مسيحية تقيم شعائر الدين المسيحي ولازلت الأم على المسيحية لم تبرحها ولكن القانون المصري يأبىَ أن يعترف بهذه الحقيقة مفضلاً النصوص الورقية على مقتضيات الواقع الفعلي الذي ينفى ويلغى هذا الحكم الغير مفهوم. صحيح أن الدخول والخروج من الأديان لا يجب أن تكون لعبة يمارسها من يضيق بحياته ولكن المفارقة في هذا الموضوع أن الذي يتحمل نتائج القرار الذي أتخذه الأب هي الأسرة بأكملها سواء كانت الزوجة الحائرة أو الطفلين التائهين بين الديانتين.
المنطقي والمفهوم أن ينزل عقاب القانون على هذا الأب الذي لا يعرف قدر المسئولية الملقاة على عاتقه ولكن بأي حق وبأي منطق تتحمل أسرته تبعات هذا القرار الذي لم تشاركه في اتخاذه؟؟ بل الأقرب أنها رفضته من الأساس. والمفارقة الثانية إن الأبناء قد بلغا من العمر ما يتيح لهما اتخاذ القرار في هذا الشأن، وقرارهما هنا واضح وأقرب إلى المنطق والصدق مع ذاتهما ومع المجتمع ومع القانون أيضًا هذا القانون الذي يرفض أن يعترف لهما بحقهما في اعتناق الديانة التي وُلّدا عليها. والسؤال البديهي الذي يطرح نفسه هنا ماذا لو حدثت هذه الحادثة في بلدًا أوروبيًا ولكن بطريقة معكوسة؟ بمعنى إننا نفترض أن هناك أحد من الآباء تحوّل إلى المسيحية وظل أبناؤه على الإسلام وعندما آن أوان بلوغهما واستخراج أوراقهما الشخصية إذا بالقانون يأبىَ إلا أن يكون الأبناء في هذه الحالة مسيحيين مثل والدهما.. تُرىَ ما هو موقف الرأي العام الإسلامي آنذاك؟ هل سيقف بجانب القانون كما يقف بجانبه مثلما الحال في قضية أندرو وماريو أم سيقف الرأي العام الإسلامي وقتها إلى جانب حق الأبناء في البقاء على الإسلام خاصة وإن الأم –افتراضًا- لازلت مسلمة؟؟
شيء غير مفهوم وغير مبرر وغير منطقي!!! أبناء ولدوا على المسيحية ونشأوا في كنف أم مسيحية حتى أسرة الأب لا تزال حتى هذه اللحظة أسرة مسيحية، أي أن أعمام وعمات وأخوال وخالات هذين الطفلين جميعهم على الديانة المسيحية، والطفلين ذاتهم لا يشعرون ولا يريدون اعتناق الإسلام ومع كل ذلك يأبىَ القانون أن يعترف بحقهما الطبيعي والفطري والمنطقي بل والبديهي أيضًا.
عاقبوا الأب كما تشاءون فهو يستحق العقاب بالفعل ولكن الأبناء ومعهما أمهما لا ذنب لهما في لهو هذا الأب بالأديان.
وكما لا يقبل المسلمون أن يكره أحد على ترك دين أبائه فمن الحق أيضًا أن لا يقبلون على أن يكرهوا أحدًا على اعتناق الإسلام حتى لو حكم القانون بذلك لأن الدين لا يتم اعتناقه بناءًا على حكم قضائي ولكن بناءًا على القناعة والتمكن من الذات وهو الشيء الغير متوفر في حالة أندرو وماريو.
هل نحن لازلنا في حاجة أن نتذكر هذه البديهيات؟؟!! على ما يبدو أننا لازلنا نحيا في مرحلة ما قبل البديهيات!!!
#محمد_عبد_الفتاح_السرورى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفيشات السينما المصرية
-
غربة الاقباط فى مصر
-
هل نعتذر عن الإهتمام بالشأن العام؟
-
عندما يصبح الامر لايطاق
-
رسالة واجبة للحوار المتمدن
-
من رنة الخلخال الى رنة الموبايل
-
المتشاعرين الجدد
-
تجارة الإنجاب
-
أزمة الفن التشكيلى فى مصر
-
برنيطة سيلفيا كير النعرات الطائفية واشباه الوطنيين
-
القرصنة الإلكترونية على الأفلام السينمائية
-
مسلك العقلية الشرقية فى تحليل الوقائع التاريخية
-
من يوقف هذا الرجل؟
-
السلفية المعاصرة فى الإسلام والمسيحية
-
تعقيب عام على مداخلات النوبيين والاقباط
-
ماذا لو فعلها البدو!!
-
النوبيون والوطن
-
حول ما يسمى بالامة القبطية
-
الإستشراق ومحاولة الإلتفاف على المصطلح
-
الكراهية الإلكترونية
المزيد.....
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|