أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - سباق الموت والتأجيل














المزيد.....

سباق الموت والتأجيل


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 02:06
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لا نعرف من الذي يسبق الآخر، الموت الذي يترصد الناس في الشوارع والأسواق والمقاهي والبيوت، أم التأجيل المتواصل لجلسات مجلس النواب ولحياة العراقيين.
ما ان نفرغ من موت حتى نقع في موت آخر، إذ لم نكد نفرغ من دفن شهداء كنيسة سيدة النجاة حتى حصد الموت جمعا آخر في مناطق شتى من بغداد، والوضع مرشح لمزيد من الضحايا أمام أخفاق الأجهزة الأمنية، وغياب مهنيتها وحرصها على حياة الناس، في مقابل ذلك يسارع السياسيون الذين انتخبهم الناس، الى التنافس في تأجيل انعقاد جلسات مجلس النواب، وتأخير تشكيل الحكومة في ظل انعدام اي شعور بالحياء، وغاب كذلك روح الشعور بالمسؤولية، فمنذ ثمانية اشهر يتبارى السياسيون في وضع العراقيل امام انعقاد مجلس النواب، والتمهيد لانتخابات ما يسمى بـ (الرئاسات الثلاث) ومن ثم الفراغ من تشكيل الحكومة.
وبظل هذا الوضع المزري يتواصل تأجيل عملية إعادة بناء البلد، بل و تأجيل حياة العراقيين برمتها، إذ لا شارع مضاء يرتاده الناس، ولا أسواق تليق ببني البشر، ولا مقاهي ولا دور سينما، يركن اليها الشباب لتزجية وقتهم، الجميع في دوامة من المعاناة والعذاب والموت المتواصل، وكل شيء يتعلق بالحياة الإنسانية اللائقة مؤجل منذ أكثر من سبع سنوات، وقبل ذلك كان المواطن قد دفع ضريبة الموت والعذاب طيلة عقود.
المحزن والذي يشعرنا بالغيظ في الوقت ذاته؛ ان السياسيين يخرقون حتى مواد الدستور الذي صودق عليه، والذي لطالما قالوا انهم متمسكون به، فالجلسة الأولى، التي يفترض ان تحسم قضية الرئاسات و التمهيد لتشكيل الحكومة أجلت ابتداء من أولى دقائق انعقادها، وهو خرق متعمد ومع سبق الإصرار للمادة 54 من الدستور التي تنص على: (يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسوم جمهوري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة ، وتعقد الجلسة برئاسة اكبر الأعضاء سناً لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، ولا يجوز التمديد لأكثر من المدة المـذكورة آنفاً). ولقد تفنن النواب و بضمنهم رئيس المجلس الأكبر سنا (رئيس السن)، في اختلاق الأعذار، التي يسوغون بها التأجيلات المتواصلة من دون انقطاع، غير ان الذريعة الأكثر ترديدا، والتي هي عذر أقبح من الفعل، تتمثل في ادعائهم بأن التأخير ضروري كي يجري الاتفاق على المناصب، ولكن متى تتم عملية الاتفاق على المناصب؟! أوَ لم تكف الشهور الثمانية او السبعة منذ المصادقة على نتائج الانتخابات لحسم تلك المواضيع؟، أم لم تزل بنا حاجة لمزيد من القتلى من أبنائنا، ومزيد من الخراب في بنيتنا التحتية، ومزيد من السرقة لأموالنا، ومزيدا من الفساد؟.
المفارقة المؤلمة أيضا، تتمثل في ان النواب تسلموا منذ شهور عشرات الملايين من الدولارات، من دون ان يباشروا في عملهم، ومن دون ان يحضروا الى مقر عملهم الا لعشرين دقيقة، قضوها في السلام على بعضهم البعض، كما انهم يتسلمون مبالغ كبيرة اخرى كرواتب لمرافقيهم ومخصصات سكن، وغيرها من الامتيازات، هذا إضافة الى ان نواب المجلس السابقين والذين فشلوا في الانتخابات الأخيرة، والبالغ عددهم 212 ما زالوا يتسلمون 80 % من رواتبهم المليونية، إضافة الى رواتب حراسهم، وكان السياسيون قد نجحوا في زيادة عدد أعضاء المجلس من 275 الى 325 نائبا تحت ذريعة تزايد عدد سكان العراق، ويحق لنا ان نتساءل هنا، وهل يسوغ عدد سكان الصين البالغ نحو مليار ونصف المليار إنشاء مجلس نواب يضم آلاف النواب؟! .
ناهيك عن الهند التي يبلغ عدد نفوسها نحو مليار و 150 مليونا (في عام 2008) في حين ان مجلس نوابها لا يضم سوى 545 عضوا، وهكذا يفكر العقلاء، إذ العبرة ليس بالعدد، بل بمدى الفاعلية والصدق في تمثيل الناس وخدمتهم، ففي بلدنا مجرد 30 مليون إنسان في حين شكلنا مجلسا من 325 عضواً، فكم سيبلغ عدد أعضاء مجلس نوابنا إذا وصل عدد سكاننا الى مليار نسمة مثلاً أمام إصرار البعض على ربط عدد السكان بعدد النواب؟ قطعا ان جميع ثروات البلد ستذهب اليهم مثلما تسرب جزء كبير من الأموال الى أعضاء مجلس النواب السابقين والحاليين، ولقد كان باستطاعتنا بتوفير تلك المبالغ غير المستحقة ان نبني كثيرا من المدارس التي تفتقر اليها مناطق واسعة من البلاد، ولاسيما في الجنوب وغيره من المناطق، التي يضطر تلاميذها الى الدوام في مدارس طينية ملأء بالـ (الجرابيع) والعناكب او في كرفانات بائسة.
لقد ألقى النواب صفحاً عن مناشدة الرأي العام لهم بتجاوز المحنة، والمباشرة بعقد جلساتهم، ولم يجر ِ الالتفات الى الشكوى التي رفعتها بعض منظمات المجتمع المدني ضد (رئيس السن) لمجلس النواب بسبب تأجيله من دون مسوغ قانوني لجلسة المجلس الأولى، كما لم يذعن النواب العاطلون للمطالب بإعادة الأموال، التي ما زالوا يتسلمونها من دون وجه حق.
وهكذا يتسابق السياسيون على تأجيل حاجات الناس، ومتطلبات حياتهم، والتنصل من تقديم الخدمات لهم، وإعادة إحياء أرضهم، وتشغيل مصانعهم، يقابل ذلك موت يحث خطاه مسرعاً للإيقاع بمجاميع أخرى من العراقيين مطيحا برؤوسهم وأطراف أجسادهم وعيونهم في حصاد متواصل بتفجيرات إجرامية لا تبالي بآهات الأمهات الثكالى والأرامل وآلام الآباء ولا تعرف ولن تعرف الشفقة لتخلف أفواجا من الأطفال اليتامى الذين فقدوا ضحكاتهم وفرحهم في أتون الموت والخراب.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التهرب من استحقاقات عقد الجلسات
- محادثات لتشكيل الحكومة أم دوران في حلقة مفرغة؟
- البطالة مصدر للتوترات الاجتماعية و السياسية
- الخارجية العراقية وحاجة المواطن إلى الانفتاح على العالم
- زيارات المالكي لدول الجوار وحاجة العراقيين الى الاستقرار
- بعيداً عن الوطن قريباً من الإقليم
- تقسيم العراق هل هو البديل الأمثل عن الوضع القائم؟
- دعامات القسوة وأزمة الإنسان في العراق الجديد
- معارضة برلمانية قوية .. هي المدخل لاستقرار العراق
- مغاليق السياسة ومفاتيحها
- هل ينفذ مجرمو الآثار بجلودهم؟
- الانسحاب الاميركي .. فرصة لإنقاذ ما تبقى!
- حكومتنا المستحيلة
- أيهما الأولى .. تعديل الدستور أم إعادة الانتخابات؟
- نظرة في القوانين السائدة
- أين الاقتصاد في برامج السياسيين
- و لتأخير تشكيل الحكومة أسبابه!
- أرقام استثمارية كبيرة بنتائج شحيحة
- قبل القمة علينا أن نصلح بيتنا أولا !
- الاستهانة بكرامة المواطن


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - سباق الموت والتأجيل