حسين عبد الامير صبري
الحوار المتمدن-العدد: 3177 - 2010 / 11 / 6 - 20:14
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
مثل لنا التاريخ بكل مروياته وسردياته عن الماضي وحوادثه مثل لنا نحن المسلمون الشرقيون مأساة حقيقية وكارثة على المستوى الحضاري والانساني لازلنا نعاني استتباعاتها ونتائجها المدمره في مختلف مناحي الحياة اجتماعية كانت ام سياسيه ولايعود سبب ذلك الى خلل خاص في ثقافة العقيدة الاسلاميه ادى الى تراجع ونكوص في قوة العقل والتفكر. ابدا فالحضارة الاسلامية وخصوصا في القرن الرابع الهجري مشهود لها بالابداع والتميز والاصاله والكثير من حضارات العالم نهلت من معارفها وعلومها واتخذت من مضامينها اساس لنهضتها وتطورها كما هو حال الحضارة الغربية الحاليه.. ان شأن الديانه الاسلامية .
كغيرها من باقي ديانات الارض الاخرى هي طريقة في السمو الروحاني والانساني وحالة من السياحة خارج اطر غرائز الجسد واهوائه المتدنيه تصب غايته دائما وابدا في احلال قيم المحبة والتسامح والخير والايثار محل الضغينه والحقد والانانيه .
وتغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد الذاتيه وجعل الناس في تكافلهم وتراحمهم كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعض كما جاء في الحديث. فالعقائد على اختلاف الوانها وتعدد اشكالها هي دائما اعلاء لشأن الروح وقيمها السامية في تعزيز فكرة الخير والمحبة بين ابناء البشر وتصفية النفوس مما علق بها من اثرة وكراهية وحسد قد يكون سببا في الاحتراب والاقتتال مابين الناس... هذا هو اس كل عقيدة دينية موجوده على ظهر هذه البسيطه ومحتوى كل تفكر ديني غير ملوث بالايديولوجيات والعصبويات التي تجعل من الدين مجرد وسيلة لتبرير منافع قريبة لاغاية عليا تطلب في حد ذاتها من ناحية ثانيه لايمكن ايضا ابدا الاستعلاء على حقيقية كونية مفادها ان الشعور الديني لدى الانسان هو شعور متجذر ويغور عميقا في الذات بالتالي يستحيل استئصالة والغائة تماما من ساحة النفس دون الاضرار بالقيمة الانسانيه فمنذ وجد البشر وعلى امتداد تاريخهم الموغل في القدم نجد هناك طقوسا وشعائر وطرق للتقرب من الكائنات العلوية ومحاولة مخاطبتها والتضرع اليها لالتماس تدخلها في النوائب والمصائب التي تلحق ببنو البشر من مجاعة ومرض وكوارث طبيعية وغيرها فالحاجة الى الدين هي فردية شخصيه من ناحية واجتماعية عامة من ناحية اخرى يلجأ اليها الفرد لتعينه على تحمل مصاعب الحياة وأهوالها وتلجأ اليها الجماعة لما يحملة الجانب الروحي من قيم سامية واخلاق مترفعه لها تاثيرها على ديمومه الجماعة البشرية وتواصلها ولكن السؤال الان هو هل ساعد هذا الخزين الروحي وذلك الارث الاخلاقي العظيم على بناء عالمنا او على الاقل في خلق رؤية حضارية أفتراضية للواقع المعاش والجواب بالتأكيد وبدون ادنى تفكر هو بالنفي وذلك لاننا لم نرى في الدين سوى الجانب التاريخي جانب الحكاية التي تسرد الحدث وتتدخل في نسج مضمونه ودلالته وتقدمه لمتلقي الحاضر بثوب سياسي او ايديولوجي ...يقلب الحياة المعاصرة ويعود بها الى الوراء الى انقسامات الامس وتناقضاته وحروبة وفتنه الكثيره التي تحفل بها كتب التاريخ والاداب القديمه فأي صفحة فتحت من الكامل لابن الاثير او الاغاني لابي فرج الاصفهاني او السيوطي ستجد حكايه عن احداث معركة او قصة لفتنه او لمشهد ماساوي وقع هنا او هناك في ارض زمن الماضي المليئة باالادغال والاشواك فكل مرويات التاريخ هي سرد لعنف واقتتال الاجداد وتخاصمهم الشديد الذي لازالت اصداءه تدوي في زمننا الحاضر وتملء اطيافه الرؤس والعقول والصدور ...اننا نعيش حالة تذكر مرضية ترافقنا من ابسط الاعمال الى اشدها تعقيدا فلازلنا نقارن ونقيس ونشبه متغيرات الحياة الحديثة بشخوصها واشياءها وحوادثها بما وقع بالامس البعيد الذي لايستطيع خيالنا مهما اوتي من قوه وقدرة من تخيل بالضبط حقيقية ماوقع وحدث فعلا.. فالقرار لم يتخذ بعد بتكفين الماضي ودفنه ليصبح مجرد شاهد او علامه على الطريق انه بالعكس لازال يتحكم بحياتنا ويوجه عقولنا ويمتلك حياة ثانيه اشد قوه من حياته الاولى ولربما أكثر خطرا ايضا من حياته الاولى التي حياها في الامس ربما لان الموت منح لهذه الحياة العائدة بعد الموت الابدية والقداسة التي يتحتم تنفيذ اوامرها وعدم اختراق قداستها بالنقاش او المجادلة والاكتفاء بالتنفيذ واالطاعة العمياء حينما تكلمنا وتخاطبنا انه خطأ كبير الاعتقاد بأن الموروث هو مستقل عنا ونحن الذين نخاطبه ونستنطقه واننا نحتفظ بشخصيتنا المعرفية والكينونيه اتجاه مضامينه وقيمه واننا بالتالي احرار في اكتساب الافكار والمفاهيم منه فذلك هو الوهم بحد ذاته
فالموروث داخل في نسيج عقولنا وفكرنا وهو مابرح يتجسد لنا مثل شبح او طيف لانستطيع حياله شيء فالموتى هم من بيدهم مصيرنا. وعقولنا وفكرنا هي طوع يدهم يملؤها كيفما يريدون ويوجهونها حسبما بيتغون يقصروننا على ترك متطلبات زمننا الحاضر لنلتحق بقصصهم وحوادثهم ولذلك اصبح امر غير مستغرب او غير معقول اننا لازلنا نعيش زمن السقيفة سقيفة قيس بن ساعده و حرب الجمل وصفين بتفاصيلها وبحذافيرها ونتحزب لهذا او الى ذاك من الفريقين المتخاصمين فنرى من موقعنا الزمني داخل الحاضر صحة وجهة النظر التي يمثلها هذا الفريق على الاخر او بالعكس وليس ذلك فحسب انما قد نصطرع من اجل ذلك ونتبادل فيما بيننا الشتائم والسباب وتندلع الحروب وتصطبغ الارض بالدم لا لشي الا لسبب واحد هو ان اشباح الماضي لازالت تعشعش داخل رؤسنا وتنمعنا من مباشرة الحياة الانية الحاضرة وحل مشاكلها الكثيرة والمعقده والتي تختلف بالكلية عن حياة الامس وتفاصيلها ان مصدر الخطر كما اعتقد كامن في ان الناس لازالت تحيا زمن الامس بشخوصه واحداثه وافكاره وقيمه وتحاول المشي معصوبة الاعين في ارض التراث الرخوه دون ادنى قدره على امتلاك رؤية نقدية جذرية تطرد الاطياف والاشباح التي باتت تتدخل حتى في التفاصيل الصغيرة جدا للحياة فارضة نوع من الشلل العام لوظائف العقل والفكر معا .
#حسين_عبد_الامير_صبري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟