أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - حبيبتان، من مصر!














المزيد.....

حبيبتان، من مصر!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3177 - 2010 / 11 / 6 - 23:54
المحور: حقوق الانسان
    


"أنا حزين إني م البلد دي!". هذه ليست زفرةَ غضبٍ مما يطلقها الشباب هذه الأيام، ثم يحزمون حقائبهم ويرحلون، أو يُلقون بأنفسهم في عرض المتوسط، علّ موجةً تلقي بهم على ساحل أوروبيّ تعلّم كيف يحترم مواطنيه، ووافديه، وإن غسلوا الصحون ونظفوا السيارات. إنما هي شهقةُ مرارة من حَلْق رجل مُبتَلى، حمل بين ذراعيه طفلته المحتضرة، شفاها الله، وظلّ يطوّف بها طيلةَ سبع عشرة ساعة على مستشفيات "وطنه"، فرفضتها واحدٌ تلو آخر! حرموها حتى من الإسعافات الأولى من وقف نزيف، وتطهير جروح، وتنشيط قلب... وبالنتيجة تدهورت حالة "حبيبة" خلال الساعات الفاصلة "الغالية" تلك، وضَعُفَ الأمل في استعادتها بيننا. سائقُ الأوتوبيس أجرم في حقّها حين لم ينتبه لوجودها أمام عجل شاحنته، والمدرسةُ أخطأت في حقّها بإغفالها مراقبة الصغار، لا شك في هذا! لكنهما كليهما، السائق والمدرسة، مجرمان عابران غير متعمدين. رغم أن الإهمال، والله العظيم، ألعنُ ألوان الإجرام. أما تلك المستشفيات التي "رسبت" في درس الإنسانية الأول، فهي مجرم بالعمد والإصرار. ولا تستحق إلا أن يُملي علينا أبو حبيبة أسماءها، لكي تُسحَب تراخيصها، أو فلنشطبها، نحن المواطنين المتعثرين بأوطاننا، من المعجم، لأنها خرجت عن مسمّاها البدئي: "مشفى".
حدثّني الصديق إبراهيم حرك، قائلا: "كنتُ بأمريكا، وباغتني تعبٌ، فأمسكت بالهاتف، وخلال 3 دقائق كانت سيارة الإسعاف حاضرة، وداخلها جهزوني للمثول بالمستشفى، التي كان قد وصلها خبرٌ، فأدخلوني من فوري، وتمّ علاجي في سبعة أيام. يوم خروجي سألتهم ما المطلوب مني، فكان الردُّ أن ابتسموا وطلبوا مني الاعتناء بصحتي، أما الأتعاب فقد دفعها الضمان الاجتماعي." يحدث هذا في بلاد ينعتها بعضُ أصدقائنا بـ"الكَفرة"، فإن كان الكفرُ نجدةَ الملهوف، والمساواةَ بين الوزير والمتسوّل من حيث حقوق الإنسان، ومساءلةَ الحاكم إن أخطأ، واحترامَ حقوق الطفل والمرأة، واحترام الحكومة للمواطنين والوافدين،...، فما أحوجنا إلى بعض منه!
وغضب مني صديقي معتز الدمرداش، حين تكلمت الأربعاء الماضي، في برنامجه "90 دقيقة" عن هولندا، وما يحدث فيها من احترام المرضى، حين تسلل مواطنٌ إلى حدودها دون فيزا، وسقط مريضًا، فأخذوه وطببوه، وأجروا له جراحة الزائدة، وبعدما صحّ بدنه، حبسوه. قال معتز: "إحنا فين وهولندا فين!!" ومعه حق. لذلك سأكلمه عن دولة تشبهنا. دولة عربية اسمها الإمارات.
قبل أسبوع. كنتُ أدور في أبي ظبي مع خالي من شارع إلى شارع لنبحث عن مكان لصف السيارة. وهتفتُ في جزل: "أهو مكان!" فأخبرني خالي أن الصفّ هنا يكلفنا ألف درهم! لماذا؟ لأن هذا المكان الملوّن بالأحمر مخصص لسيارة المطافي، والآخر بالأزرق مخصص لسيارات المعوّقين! لا تحتاج مثل تلك الأمور البديهية البسيطة إلى ديمقراطية هولندا، وثراء هولندا وتحضّر هولندا. تحتاج إلى عقل يفكر، وقلب يحسّ، ومواطن يحترِم القانون، وتحترمه حكومته. فعلتها ببساطة دولة عربية "قرّرت" أن تتحضر. دولة كانت حتى الأمس القريب، مثلنا، نامية، ولا تقف، مثلما نقف، على 7000 سنة حضارة، كما نفخر، لكننا سئمنا من البكاء على الطلل، ونتمنى أن نفخر بشيء لم يصنعه الأجداد. شيء من صنع اليوم، لا الأمس.
تلك حبيبة الثانية التي دهسها أتوبيس المدرسة داخل الحوش. بعدما أشاح الأطباء بوجوههم عن علاجها، استصرخَ الأبُ الرئيس مبارك عبر قناة المحور، وذكّره بثكله حفيده، فأمر الرئيسُ بعلاجها، فبدأ العلاجُ، متأخرًا جدًّا، بعدما فقدت وعيها وضَمُر مخُّها. أما حبيبة الأولى ضحية حادث الدائري، فقوبلت بنفس الإهمال، حتى اتصلت شيخة كريمة من قطر، و"أمرت" بعلاجها على نفقتها، فانفتحت لها الأبوابُ الموصدة. من أين نأتي لكل ملهوف بكريمة قطرية، وفضائية تنقل للحاكم صرخاتِ المواطنين؟!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحدبُ في مصعد العمارة
- لستُ إرهابيًّا، بل مريضٌ بالجمال
- في صالون الرئيس مبارك
- ولاد العمّ- دراما تنتصر لكل ما هو إسرائيلي، ضد كل ما هو مصري ...
- تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب
- رغم إن اللصَّ مازال طليقًا! شكرًا وزارة الداخلية
- آسف على الإزعاج- مضطرون أن نعيش الحُلمَ مادام الواقعُ مُرًّا
- سأختارُ دينَ الحرامي
- سوزان مبارك، والبرادعي
- صور آل البرادعي على فيس-بوك
- فليحاسبْني القانونُ على ذلك!
- شكرًا للصّ زهرة الخُشخاش
- الرحابُ فى جفاف
- مسرحية -قطط الشارع-
- مجدي أحمد علي مُخرج اللقطات الملهمة
- عسلٌ أسود، مرآةُ ميدوزا
- البنت المصرية سعاد حسني
- مسرحية -أوديب وشفيقة-
- مسرحية -العميان--أشعرُ بالقمر فوق يدي
- جبل راشمور في الشيخ زايد


المزيد.....




- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...
- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...
- أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
- -وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس ...
- الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
- بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة ...
- بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
- قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - حبيبتان، من مصر!