جمعة الحلفي
الحوار المتمدن-العدد: 956 - 2004 / 9 / 14 - 10:01
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
يقول المثل الإنجليزي إذا كان بيتك يحترق لاتسأل عن هوية رجال الإطفاء، أما العراقي فهو يوقف رجال الإطفاء ويرمى عليهم القسم: والله ما تطفون قبل ما تتغدون! والفارق بين المعنيين ينطوي على قصة مأسأوية تحدثنا عن تطرف الشخصية العراقية، سواء في كرمها أو في بخلها، في شجاعتها أو في جبنها، في إقدامها أو في ترددها، في عقلانيتها أو في إنفلاتها وجنونها. ومن بين أكثر علماء الإجتماع دقة، في توصيف الشخصية العراقية، كان الباحث الراحل علي الوردي.
والعراقي، إذا ما قارنت عاداته وتصرفاته ومشاعره، مع أشقائه، فستكتشف طبيعته المتنافرة والمتوترة. فهو أقل ليونة من اللبناني، وأدنى تسامحاً من السوري، وأضعف حيلة من المصري. وإذا كان العراقي بخشونة الأردني أو الليبي فهو أسرع غضباً من جميع هؤلاء. فاللبناني قد ينزعج ويغضب لكن لهجته الهفهافة وسماحة طبعه، قد تجعل من غضبه ناعماً وشفافاً. واللبناني لا يستخدم مفردات جارحة ومهينة عندما يتشاجر، في حين يمتلك العراقي فائضاً من هذه المفردات، التي تبدأ من الحزام وما تحت. أما السوري فيمكن أن يقول لك، في فورة غضبه ( خلصنا بقى.. شو بدك أخي؟) أما العراقي فهو لا يسأل ولا ينتظر جواباً، بل يعالج الموضوع فوراً مستخدماً أطرافه العليا والسفلى معاً. والسوري قد يقرضك مبلغاً من المال لكنه لا ينساه أبدأً وقد يستعيده بعد سنوات، أما العراقي فهو يقرضك المال وينسى لكن عندما يتذكر يسحب عليك سكيناً كي يستعيد دينه في الحال. وعندما يقدم لك السوري أو السورية فنجانا من القهوة وتنزل منه قطرة في الصحن، صدفة، يذهب لينظف الصحن ويعود ليقدمه لك مع إبسامة خجولة، في حين يمكن أن يدلق العراقي على قميصك نصف فنجان القهوة ثم يقول لك: آسف أستاد، مع تكشيرة. أما شقيقنا المصري فهو مثال للفهلوة والحيلة، التي يتجنبها اللبناني، ويستخدمها السوري قليلاً، ويجهلها العراقي تماماً. والمصري صاحب نكتة تحضره في أصعب المواقف. وليس أدل على ذلك من تصريح أحد الرهائن المصريين ممن أطلق سراحهم مؤخراً، في بغداد. فعندما سأله مراسل الفضائية عن العصابة التي أختطفتهم، قال، وهو يبتسم: والله دول ناس بتوع دين ومحترمين وربنا يحفظهم!! ولو كان المختطف عراقياً لما شاهدناه على الفضائيات أصلاً، لأنه سيتشاجر معهم ويقتلونه. ويحتاج المصري الى فترة طويلة قبل أن يغضب ويستخدم يده في مشاجرة، في حين لا يجد العراقي الوقت الكافي لمعرفة المذنب من غير المذنب. وهو يمكن أن يعتذر منك ويتوسل إليك كي تسامحه، ولكن بعد أن يكون وجهك قد تورم وإزرق وأمتلأ بالكدمات!
#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟