|
نبرة الأجراس الحزينة في كنيسة النجاة
ميثم الحربي
الحوار المتمدن-العدد: 3174 - 2010 / 11 / 3 - 11:35
المحور:
حقوق الانسان
ماحدث في كنيسة النجاة مؤلم ومخيف، لكن المفزع هو ما دار من حديث في العراق بعد الحادثة. أولا يمثل القرن العشرون قرن القطيعة الجذرية بين المذاهب والأديان وإن ما يقال من تعانق (الأهلة والصلبان) بات كلاما مكرورا يردده الخائبون، فحاليا يتم الدفع باتجاه قبول الآخر المختلف وفق مبدأ " التسامحية العالمية " أو محاولات بعض المفكرين بصناعة ميثاق علماني كسموبولوتي - كما يذكر صاحب كتاب (المسألة الدينية في القرن الحادي والعشرين لمؤلفه جورج قرم) – هذا الميثاق يؤمن الاحتواء المناسب لمفهوم " التعايش السلمي " تحت ممارسة : إقبل بي كما أنا، أقبلك كما أنت. هذا الفهم يؤمّن مظلة إنسانية يحتمي بها بنو البشر من الراديكاليين من كل الاتجاهات. يجب إذن الوقوف بوجه محاولات " الإبادة الحضارية " للأقليات. وقد أفرد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطاب القاهرة الذائع الصيت حيزا مهما دعا فيه إلى حماية وجود الأقليات من الاستبعاد الاجتماعي وأن لا توضع في خانة التأنيث لتبقى ضعيفة الاندماج، وقد مر أوباما على ذكر (موارنة لبنان، وأقباط مصر).
ثانيا موضوع المسيحيين والمتطرفين الإسلاميين لا يجب أن نلعبه سياسة أو نضع العاطفة تتحدث عنه؛ لأن هذا الموضع تقف عليه وحدة الوطن- لكنني ربما لا أنجو من السلطة الأولى بي، وهي العاطفة وقد أجهد نفسي لتجنبها - ومما يدعو للغرابة وفي بعض الأحيان النكتة أن قواتنا الأمنية كلما تعثر على مجموعات إرهابية نجدهم من (جنسيات مختلفة !) ماذا إذن ؟ هل الإرهاب مؤمن بفكرة الوحدة ورص الصفوف لهذا الحد ليبطش بالمسيحيين في العراق، والشيعة في العراق، والسنة في العراق، والصابئة المندائيين في العراق، والشبك في العراق، والأكراد في العراق، والأيزيديين في العراق، ، والتركمان في العراق، والكرد الفيليين في العراق، والدينيين في العراق، واللادينيين في العراق، والصغار في العراق، والكبار في العراق، والنساء في العراق، والعمارات في العراق، والبيوت في العراق، والشوارع في العراق، والفرات في العراق، ودجلة في العراق، والعقلاء في العراق، والمجانين في العراق، وبائعي الصحف في العراق، وقارئي الصحف في العراق، والعمال في العراق، ومحال بيع الزهور في العراق، والحانات في العراق، والسينمات في العراق، والمقاهي في العراق، والحدائق في العراق، والمتسولين في العراق والمتسولات في العراق، المؤمنين منهم والمؤمنات، وقصيدة العمود في العراق، وقصيدة التفعيلة في العراق، وقصيدة النثر في العراق.
سلسلة الأزمات الرئيسة في العراق اعتادت أن تخرج وتتفاقم إما من الحسينية، أو الجامع، أوالكنيسة.. هذه هي أزماتنا ذات الطابع الديني التي حولت العراق إلى حمام دم كبير..انظروا حتى حمامنا دموي ونحن سليلو الأنهار. تلك الأزمات التي تتجه بالعراق إلى التديين وتفريخ معصوبي الأعين والملثمين ممن اختلفت جنسياتهم.
إذن (تعانق أهلة وصلبان) وكليشيهات (سنة وشيعة) يجب أن تتوقف لأن الأساس الحقيقي في الوطن هو (المواطنة) أي المساواة أمام القانون، وإن موضوع الخصوصية الدينية هو أمر خاص بالفرد أو الجماعة، ونحن نسعى إلى أن يكون عراق ما بعد 2003 دولة مدنية مبنية على دعائم (المواطنة) لا دولة دينية تشاد على أسس الدين، نحن هنا في القرن الحادي والعشرين لسنا يثربيين، والعصور الوسطى ولت، والمخلص ليس لزاما أن ينتظره كل العراقيين.
إذن جهاز الإرهاب الكبير يتحرك في العالم فلننظر من هم عرابوه ؟ وما خلفياتهم ؟ ومنطلقاتهم تجاه تنوعنا العرقي والإثني والمذهبي في العراق ؟
المسيحيون في العراق وجودهم غاية قصوى من الضرورة لتمضي الدولة المدنية بالتحقق، فمن دونهم ومن دون صناعة المدنية لا يمكن أن نرى عراقا متكامل الأضلاع ولا يمكن أن نبني بلدنا (مربعا ناقص ضلع)، ولا بد للدولة المدنية لا الدينية أيها الإخوة، وهنا لا نريد أن نلغي الدين لكن فليكن وجوده شخصيا لا مؤسساتيا.
على المتطلعين إلى الدولة المدنية أن يشكروا الله لوجود المسيحيين في العراق هذا التكتل الاجتماعي الذي يردد في الآحاد (المجد لله في العلا وعلى الأرض السلام) إنهم حقا ذخيرة وطنية وضرورة وطنية يجب أن نصغي لأجراسهم بمحبة. إن قضية مسيحيي العراق تجاوزت تداولها بالأسلوب القديم البالي ، إنها مسألة أمنية وسياسية غاية فى الحساسية لا يجب أن نتاجر بها فى أسواق الحكومة والمعارضة. وختاما أقول : شكرا للمسيحيين لأننا بينهم ضيوف التاريخ الثقال..شكرا للمسيحيين.
#ميثم_الحربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
-
كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا
...
-
-المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على
...
-
5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|