أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بلقيس حميد حسن - آل العراق واختلاف الأديان*















المزيد.....

آل العراق واختلاف الأديان*


بلقيس حميد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 956 - 2004 / 9 / 14 - 10:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في كتاب ضم العديد من شهادات الرحالة الأجانب إلى بغداد , منهم الألماني والبريطاني والفرنسي والأمريكي والسويدي والايطالي وغيرهم الكثير سأذكر منهم ما قاله اوليفيه, روسسو, بوشان , ويلستت, دوبريه, وان كان ذكر أسماء هؤلاء وتسليط الضوء عليهم جزء من وفاءا لهم فأنا سأتجاوزه لوفاء اكبر وهو حديثهم عن بغداد وكيف رأوها في أعينهم.
يقول دوبريه في بغداد عام 1773:
( كانت مساحة ولاية بغداد شاسعة إلى درجة أنها ترقى إلى دولة كبيرة, فتبلغ حدودها في الشمال إلى العمادية ولاية ديار بكر, وفي الشرق إيران والخليج العربي, ومن الغرب أروفة, بئر, تدمر وبادية العرب وكانت البصرة تابعة لبغداد ولم تكن مساحة الولاية ولاسكانها محدودتين تماما) . أما عن سكان بغداد فتتفق معلومات روسسو ومعلومات أوليفيه عن عدد سكان مركز الولاية في هذه الفترة وحسب رواية دوبريه( إن الطاعون قضى على ثلث سكان المدينة في ذاك العام أي عام 1773 وكانت البقية كالتالي
15222 عائلة مؤلفة من 76000 شخص بينها ست عائلات اوروبية وستة يونانية وثمانية سريانية و90كلدانية و112 ارمنية و2000 يهودية و13000 عائلة إسلامية مؤلفة من العرب والأتراك والعجم- والعجم يقصد الأكراد والفرس إذ يذكرهم في صفحات أخرى - , وكان بين المسلمين ولاسيما الأشراف والتجار الكبار من يتظرفون في ألبستهم فيسيرون بفخفخة مرتدين الألبسة المصنوعة من الأقمشة الهندية والشالات الكشميرية. أما النساء اللواتي لم يكن ينزوين في الحرم فهن من اصل عربي ولونهن زيتوني وخطوط وجوههن غليظة وأكتافهن عريضة, ويكثر الوشم على سواعدهن ويحملن حلقات كبيرة من الذهب في أنوفهن وشفاههن......)
إن ما دعاني لنقل حديث الرحالة هذا ليس إلا الفسيفساء المتنوع الذي كان يتألف منه المجتمع البغدادي والعراقي عموما , لان هذا التنوع لم يقتصر كما ذكر الرحالة على بغداد , لكنه تحدث عن بغداد باعتبارها اكبر المدن العراقية وهي الحاضرة الأهم في ذاك الزمان , وعندما تحدث عن التنوع هذا إنما قصد التنوع الحضاري من وراءه , الغنى والثراء الثقافي والاجتماعي حيث تتعايش هذه الفسيفساء مع بعضها البعض باسم الإنسان العراقي الواحد الذي عاش بمختلف الأفكار والعقائد ليبني مجتمع يحقق السعادة والراحة ويحقق الأمان الذي يفتقده العراق اليوم والذي يهدد ليس العراق فقط إنما كل بلدان العالم إذ ينقلون عنفهم بمسميات عديدة ويدعون انهم ينشرون الإسلام حتى في البلدان المسيحية معتقدين إن ذاك هو الإسلام الحق الذي جاء لينظم حياة الناس ويخلصهم من جهلهم وقتلهم للإناث وغزواتهم على بعضهم البعض , وإن ما نراه اليوم من دعوات وأفعال قوى الشر من مدعي الإسلام أو القومية والعروبية التي لا تعترف بوجود أديان وقوميات في العراق , أو التي تريد أن يكون العراق عربيا إسلاميا بحتا , لهو من أشد الدعوات خطرا على كيان المجتمع العراقي وعلى أخلاقه المنفتحة والسمحة التي سادت كل العصور والتي تقلصت واعتدي عليها في عصر استلام عصابة البعث السلطة بالعراق والتي غذتها أخيرا عصابة من مجرمي بن لادن وسواهم من الذين يعتقدون أن العنف وحده قادر على حل الأزمات التي باتت تتعقد أكثر بسبب إراقتهم لدماء الأبرياء وتهديمهم البـُنى الإرتكازية التي يقوم عليها المجتمع العراقي أو المجتمعات الإسلامية عموما وغرس قيم الحقد والتفرقة والثأر والعداء والتحارب بين أبناء الوطن الواحد , وكالنعامة التي تغطي رأسها بالرمال لا يرون الواقع ولا يقرأون التاريخ كما هو , وهاهو البيت البغدادي الذي نجده بالعديد من مناطق بغداد يضم اخوة عربا وأكرادا سنة وشيعة مسيحيين وصابئيين تركمانيين وفيليين وايزيديين ويهود يعيشون تحت سقف واحد , عائلة واحدة , يأكلون من صحن واحد باسم الحب بين البشر إذ وجد الحب مع الإنسان منذ بدء الخليقة , قبل الأديان وقبل الحدود والأوطان , وعواطف الناس لا تعرف الفرق بين مسلم ومسيحي أو يهودي أو صابئي , حتى عشق وتغنى وتزاوج الكثير من الناس فيما بينهم وكم طربنا للفنان ناظم غزالي حين يغني قصيدة لشاعر مسلم توله بامرأة مسيحية حين يقول :

سمراء من قوم عيسى من أباح لها××× قتل امرئ ٍ مسلم ٍ قاسى بها ولها

القتل هنا مجازا عن الحب حد الموت , وهل منا ينسى بيت الشعر الشعبي لشاعر مسلم أحب امرأة صابئية, فترك دينه ليثبت لها كبر حبه, فهي دينه ومعبود ته حين يقول بحرقة :

صُبي يا دموع العين صُبي ××× عفت دين الإسلام وصرت صبي

ويتكرر هذا البيت دوما على السنة الشباب والشابات في سوق الشيوخ مدينتي التي يتقاسمها المسلمون والصابئة إذ يقسمها نهر الفرات إلى صوبين واحد للمسلمين وآخر للصابئة, فالصابئة سكان جنوب العراق منذ القدم حيث الحضارات الأولى وأعرف من سكانها الكثيرين ممن تزوج من دين مختلف , حتى أن أحد أعمامي متزوج من حبيبته الصابئية قبل اكثر من خمسين عاما, وأنجبت له بنات عمي وأولاده وأتذكر كيف أن جميع عائلتنا الكبيرة يخصونها بحب مميز لوفائها وموقفها العظيم من الحب .
إن ما يحصل في العراق من قتل للمسيحيين أو الصابئة المندائيين وسواهم من الاقليات الدينية بالعراق أو من البشر القادمين أليه للعمل والمساهمة بإعادة الأعمار من أمريكيين وإيطاليين ومصريين ولبنانيين وأتراك وبنغال وغيرهم , إضافة إلى القتل على أساس الانتماء لقومية دون سواها لهو رغبة جامحة لتخريب العراق وبناه التحتية تحقيقا لمقولة صدام بتسليم العراق خربة بعد البعث, والانتقام من الشعب العراقي الذي رفضهم ورفض جنونهم وعبثهم الذي عطل تطوره وأهلك حضارته وأضاع الكثير مما بنته الأجيال العراقية بجهدها وفكرها وحياتها من قيم للحب والتآخي والعيش بسلام ومحبة على ارض العراق, ارض التنوع والقوميات والأديان المتنوعة .
إن المتهم الأول الذي مهما اختلف الناس في العالم اجمع على تحديد هويته , لا يخفى على أبناء العراق الذين ذاقوا أنواع القهر والدمار والتقتيل والتهجير على مدى ما يقارب أربعة عقود من الزمان , انه عدوهم ذاته, انه حزب البعث, بمجرميه الذين استبدلوا البدلة الخضراء بالعمامة والمسبحة , وأشاعوا تقاليد متخلفة وبالية بالعراق لينسجموا مع حلفاءهم الجدد من الإرهابيين القادمين عبر الحدود , والذين يشتركون معهم برغبة القتل و يمنونهم بالعودة إلى الحكم مرة أخرى , ولكن هيهات هيهات, فالزمن لا يسير إلى الوراء وهاهم العراقيون يرفضون العنف يوما بعد آخر معبرين عنه بتظاهراتهم وكتاباتهم وصراخهم ونشاطاتهم المدنية الشعبية المتنوعة بوجه المجرمين وتنظيماتهم الاجتماعية التي تطالب بالعدالة والتعايش السلمي مع بعضهم ورغبتهم الحقيقية ببناء مجتمع مدني متطور أسوة بشعوب العالم الأخرى , كما لابد لهؤلاء الديناصورات المتأسلمة أن تفهم الزمن الذي تجاوزهم وحلفاؤهم, وانهم مهما حاولوا بعملياتهم التفريق بين أبناء الشعب وعرقلة المسيرة الديمقراطية والبناء , ومهما حاولوا وضع العصي بعجلة الزمن ستبقى أوهامهم في عقولهم فقط , والشعب العراقي ينهض كما نهضت شعوب اليابان وألمانيا من الأنقاض , فالبقاء للحياة والحب دوما, أما بقايا مجرمي البعث والإرهابيين فما هو إلا نزعهم و رفساتهم الأخيرة حيث لا قيامة لهم بعدها وسيبنى الشعب العراقي وطنه الديمقراطي الموحد حتما, فصبرا آل العراق فالخير قادم.
· استخدمت آل بدلا من أهل, متمنية من أهل العراق اليوم أن يكونوا عائلة واحدة كما كانوا أمام التحديات الكبيرة التي تواجههم وكما انتصروا على مرض الطاعون قبلا, فعلى طاعون اليوم حتما سينتصرون.
10-9- 2004 لاهاي
[email protected]



#بلقيس_حميد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلبجة*
- العراق والحزن العميق
- تهاوين قبل الأوان
- لماذا القسوة على المعذبين أمثالنا؟
- الإشعاعات القومية المسمومة لبعث العراق
- أولويات الحكومة العراقية الجديدة
- بأي حق يحرم أبناء العراق في الخارج من الانتخابات ؟
- الأكراد في المنفى
- طوبى لك يا إبرا هيمنا المصري ولديوانك العراقي
- سوق الشيوخ
- سجونهم وسجوننا
- العودة لرموز الجمهورية العراقية
- لنا نحن الملايين بالخارج صوتـنا, ولا بد أن يـُسمع
- الشاعر سعدي يوسف والعيد السبعين
- حقوق الإنسان في العراق, الى أين؟
- الفنانة عفيفة لعيبي الإنعتاق والصعود الى النور
- يا أصحاب القرار, أين محاكمة المجرمين؟
- ويتحدثون عن السلام
- أم ٌ... لأسرار ِ الروح
- المرأة, والواقع المرير في العراق


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بلقيس حميد حسن - آل العراق واختلاف الأديان*