أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - في صالون الرئيس مبارك














المزيد.....

في صالون الرئيس مبارك


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3173 - 2010 / 11 / 2 - 21:31
المحور: حقوق الانسان
    


قبل عشر سنوات، في عهد فاروق شوشة، رئيسًا لاتحاد الكتّاب، التقى الفنان التشكيلي فاروق حسني، وزير الثقافة، بأعضاء مجلس إدارة الاتحاد في اجتماع مغلق. ثلاثون عضوًا حرصوا على الحضور بزيّهم الرسميّ، استمعوا إلى كلمة الوزير حول إنجازات الثقافة، ودور الأدباء والكتّاب التاريخيّ في تقدم الأمم، وحينما جاء الدور ليتحدث المثقفون، بعدما سألهم الوزير عما يشغلهم، جاء قولهم عجبًا! إذ انحصرت مداخلاتهم، أو كادت، في أمور شخصية ضيقة وعابرة! حدّ أن واحدهم اشتكى من عدم صدور كتاب له في مكتبة الأسرة، وتشكّى آخر من أنه لا يستطيع دخول مبنى ماسبيرو بكارنيه الاتحاد! ما جعل بهاء طاهر يتدخل قائلاً إن اجتماعًا كهذا، حريٌّ به أن يناقش السياسات العامة لوزارة الثقافة، ومُساءلة المسئول التنفيذي عن خططه المستقبلية، ومدى تأثير ذلك على الثقافة والمثقفين، وعلى الوطن. ذاك إن اجتماعات كتلك، يجب أن تنشغل "بالثقافة" ومشاكلها، لا مشاكل "المثقفين" الفردية!
تذكرتُ تلك الواقعة وأنا أتابع لقاء الرئيس بنخبة من مثقفي مصر. أما لماذا ذكرني هذا بذاك، فلأنني أتصوّر، وفق ما نشر عن لسان، أو بأقلام، بعض من حضروا اللقاء، أن المثقفين شُغلوا بأحد أمور ثلاثة: كلام حول عدم وجود خطة مستقبلية لمصر 2020 و2050، وهو ما كان يشغل السيد ياسين. أمور نخبوية مثل دعم مشروع الترجمة، وصندوق المعاشات باتحاد الكتاب، وهو ما يشغل جابر عصفور ومحمد سلماوي. وأخيرًا مسائل هامشية، على خطورتها، مثل سعر الطماطم والخيار!
قد يُقال، وهو حق، إن الثقافة في ذيل اهتمامات المواطن، والوطن، والسلطة التنفيذية، وإن المثقفين والأدباء خارج حسابات الجميع. وقد يقال أيضًا إن لقاء الرئيس فرصةٌ للحصول على هذه المكاسب/الحقوق، خاصة إن توجيهات الرئيس في بلد يملك فيه، دستوريًّا، معظم مفاتيح السلطة، تعد أوامر واجبةَ النفاذ. وقد يستشهدون بما حدث من مماطلات وزير المالية في تنفيذ قرار رئيس الوزراء بمنح مبلغ مليوني جنيه لصندوق المعاشات والإعانات باتحاد الكتاب، تلك المماطلات والمماحكات المستطيلة التي توقفت، في لحظة، حين تدخل الرئيس، إثر مذكرة رفعها له رئيس الاتحاد.
لكنه الحقُّ المنقوص، إذ إن اجتماعًا على هذا المستوى النخبويّ الرفيع، في هذا الظرف المصيري الدقيق الذي تمر به مصر، استغرق لحظة زمنية محترمة، (أربع ساعات وربع الساعة)، ظل يترقّب المثقفون حدوثه، بشغف، سنواتٍ خمسًا، اجتماعًا كهذا إذن، كنّا نعوّل على الكثير من ورائه، نحن المواطنين والمثقفين والكتّاب والمهمومين بحاضر مصرَ وغدها.
كان حريًّا به أن يفتح الملفات الشائكة جميعَها: ملف الحراك الشعبي الذي يطالب بتغيير الدستور لصالح تقليص سلطات رئيس الدولة، وإقامة نظام حكم تسهُل محاسبته به من قِبل الأجهزة الشعبية والرقابية. ملف الاجتياح الظلاميّ العنيف الذي يغيّم سماء مصر وينذر بعواقب وخيمة، ووشيكة. ملف توحيد بناء دور العبادة، الكنائس مثل المساجد، والبحث في طرائق إنهاء الاحتقانات العقائدية، التي خرجت من السر إلى العلن، إنهائها بأمر رئاسي سيادي مباشر وحاسم. ملف البند الثاني في الدستور الذي يجعل المسيحي المصري مواطنًا من الدرجة الثانية. ملف إلغاء خانة الدين من بطاقة الهوية، مثل كل بلاد الله، ومثل جوازات السفر. ملف تفعيل اتفاقية CEDAW لوقف الانتهاكات ضد المرأة، التي وافقت مصرُ عليها، وإن تحفّظنا على بعض بنودها، بينما مازال وضع المرأة المصرية مهينًا. ملف أطفال الشوارع الذي يهدد بكارثة مروّعة وشيكة. ملف التفاوت السافر بين الأغنياء والفقراء في مصر، الذي عاد بنا إلى مجتمع النصف بالمائة، حيث يمتلك حفنة من الرجال معظم ثروتها، بينما يموت الناس جوعًا وينتحرون فقرًا كل نهار. ملف إهدار كرامة المصريين في الخارج، (وفي الداخل طبعًا)، انطلاقًا من مبدأ العزيزُ في بلده، عزيزٌ خارجها، والرخيص على أهله، رخيصٌ على العالمين. ملف زواج المسيار بين البيزنس والسلطة، لدرجة أن رجلا مثل المهندس أحمد عز "يهندس" شكل البرلمان القادم باليمين، بينما يحتكر ويبيع ويشتري ويتحكم بالأسواق باليسار، إضافة إلى الفضائح التي تم الإعلان عنها مؤخرًا في موضوعات توت آمون وأرض التحرير والعلاج على نفقة الدولة، وغيرها. ملف الوضع الشاذ لجماعة دينية محظورة اسمًا، بينما، بقوة الفعل، تسيطر على الشارع المصري كأنما تحكم. ملف إقصاء دور المثقفين في الوصول بأفكار التنوير إلى البسطاء، خوفًا من تأثيرهم السلبي على النظام القائم، كأنما النظام يفضل نار الجماعة عن جنة المثقفين! ملف غياب أحزاب معارضة حقيقية تلعب دورًا حيويًّا في إعادة التوازن إلى السلطة، في ظل التضييق المتعمد على التنظيمات الشعبية الحقيقية وعلى حريتها في تكوين أحزابها، والسماح، بالمقابل، لأحزاب شكلية لا يعرف الناس أسماءها. وأخيرًا، ملف العوار الدستوري الذي تعيشه مصر الآن، الناتج عن تحكم نجل الرئيس في قطاعات مهمة في الدولة، كالاقتصاد والإعلام والرياضة، دون مساءلة قانونية، فضلاً عن كلام متزايد عن توريث السلطة في بلد جمهوري!
منَّيتُ نفسي كثيرًا بمناقشة أمور كتلك، أو بعضها، في لقاء جمع المثقفين برئيس الدولة، ذاك أن المثقف الفاعل، كما أفهم، هو ضمير أمته ولسانها الناطق، بدل البحث في مصالح هامشية، وإن كانت مهمة. إذ إن النظام الذي يحتاج إلى قرار رئاسي لدعم الترجمة بعدة ملايين، أو معاش الأديب الذي لا يتجاوز 125 جنيهًا/ شهريًّا، هو نظام يستحق أن نقول له: عليك السلام!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولاد العمّ- دراما تنتصر لكل ما هو إسرائيلي، ضد كل ما هو مصري ...
- تخليص الشباب، في تلخيص الكتاب
- رغم إن اللصَّ مازال طليقًا! شكرًا وزارة الداخلية
- آسف على الإزعاج- مضطرون أن نعيش الحُلمَ مادام الواقعُ مُرًّا
- سأختارُ دينَ الحرامي
- سوزان مبارك، والبرادعي
- صور آل البرادعي على فيس-بوك
- فليحاسبْني القانونُ على ذلك!
- شكرًا للصّ زهرة الخُشخاش
- الرحابُ فى جفاف
- مسرحية -قطط الشارع-
- مجدي أحمد علي مُخرج اللقطات الملهمة
- عسلٌ أسود، مرآةُ ميدوزا
- البنت المصرية سعاد حسني
- مسرحية -أوديب وشفيقة-
- مسرحية -العميان--أشعرُ بالقمر فوق يدي
- جبل راشمور في الشيخ زايد
- متشوّقون للجمال
- عقيدتُك ليست تعنيني
- محمود سلطان، الإعلاميُّ الجميل


المزيد.....




- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...
- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...
- أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
- -وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس ...
- الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
- بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة ...
- بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
- قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - في صالون الرئيس مبارك