أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عيد الرحيم التوراني - بعد رحيل أقدم زعيم عمالي في الوطن العربي ومنطقة البحر الأبيض المتوسط:أفول عصر الزعامة النقابية في المغرب















المزيد.....


بعد رحيل أقدم زعيم عمالي في الوطن العربي ومنطقة البحر الأبيض المتوسط:أفول عصر الزعامة النقابية في المغرب


عيد الرحيم التوراني

الحوار المتمدن-العدد: 3173 - 2010 / 11 / 2 - 17:34
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


بعد رحيل أقدم زعيم عمالي في الوطن العربي ومنطقة البحر الأبيض المتوسط:

أفول عصر الزعامة النقابية في المغرب

عبد الرحيم التوراني

ماذا بعد رحيل المحجوب بن الصديق؟
من سيخلفه على رأس أول مركزية نقابية عرفها المغرب المستقل؟
كيف سيكون المستقبل النقابي المغربي؟
هل ستتحقق الوحدة النقابية ويتمترس النقابيون في خندق واحد للدفاع عن مصالح الطبقة العاملة؟
أم سيستمر المشهد على ما هو عليه، ليتواصل المسلسل الذي ألفنا حلقاته الرتيبة:
" تشرذم وخصام وتفرقة"؟
أسئلة تطرح اليوم بحدة على ورثة أقدم معمر نقابي بالأقطار العربية وبالمنطقة المتوسطة..

أرستقراطي النقابة
القليلون فقط داخل الاتحاد المغربي للشغل، هم من كانوا يدركون جيدا أن الزعيم التاريخي لأول مركزية نقابية مغربية، يعاني من شدة المرض ومن ثقل سنوات العمر، وأن المحجوب بن الصديق دائم التردد، ومن سنوات، على الأطباء والمصحات المختصة بفرنسا، إلا أن هذا الخبر ظل مكتوما ولم ينتشر على نطاق واسع، لذلك أتى نبأ الوفاة مفاجئا للعديدين، فلا أحد كان يتصور وفاته في هذا الوقت الذي رحل فيه عن دنيانا، تاركا وراءه أسرته الصغيرة من أهله، وأسرته الكبيرة من أنصاره وأتباعه، وتاركا أيضا معارضيه وخصومه، وهم كثر، من الذين اختلفوا حول أدائه النقابي والسياسي، وحول سيرته ومسيرته على امتداد ما يزيد من نصف قرن.. لينام "ملء جفونه عن شواردها.. وليسهر القوم من جراها ويختصموا.."...
الراحل الذي اختلفت حوله الآراء والمواقف طيلة سنين حياته العملية، استطاع أن يسطر برحيله وحدة ساطعة، ولو للحظات، لحظات غير متوقعة، لا أظن أنه هو نفسه كان يتصور أنها ستتحقق يوما ما بهذا الشكل وبهذا الترتيب، فقد سار خلف موكب نعشه الجنائزي مزيج من المتناقضات، جنبا إلى جنب وقف الباطرونا وكبار رجال الأعمال وخصوم العمل النقابي بالواضح وبالمرموز، ووزراء حاليون وسابقون، وعمال نقابيون من نقابته ومن نقابات أخرى مختلفة، وفرقاء سياسيون من ذات اليمين وذات اليسار، ممثلون عن السلطة على أعلى مسوياتها، كلهم كانوا في مقبرة الشهداء بالدار البيضاء، لحظة مواراة جثمان مؤسس "الأرستقراطية النقابية" الثرى، كما وصفه مرة أحد خصومه المنهجيين.

النقابة هي أنا
ولم يكن مستساغا أن يستقبل تراب آخر جثمان "فقيد الطبقة العاملة"غير تراب العاصمة العمالية المغربية الدار البيضاء التي شهدت أولى خطواته على درب العمل النقابي على عهد الحماية والاستعمار الفرنسي. وذات يوم من شهر مارس سنة 1955، سيجتمع المحجوب القادم من قطاع السكك الحديدية مع نفر من رفاقه النقابيين الوطنيين في المنزل رقم 26 بالزنقة 46 بحي بوشنتوف، غير بعيد عن شارع السويس الذي سيسمى بعد الاستقلال باسم شارع الفداء، وتحت حراب جنود العسكر الفرنسي الذي كانت فرق منه تطوق المكان بأسلحتها المشهرة، وتسيطرعلى سطوح المنازل القريبة.
انتهى الاجتماع التأسيسي بالإعلان عن ميلاد الاتحاد المغربي للشغل كأول تنظيم نقابي مستقل للعمال المغاربة، وانتخب رئيس اللجنة التحضيرية ممثل عمال المناجم الطيب بن بوعزة أمينا عاما له والمحجوب بن الصديق نائبا له. لكن هذا الأخير رفض نتيجة الانتخاب وأبى إلا أن يكون على رأس المركزية الوليدة، بل إنه سيهدد بتدبير انفصال من المهد، وهو ما عمل الوطنيون في المقاومة وحزب الاستقلال على تجنب وقوعه، وسيحظى المحجوب بن الصديق بدعم كل من المهدي بنبركة والفقيه البصري ليتبوأ منصب الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، فيما تمت إزاحة الإطار النقابي الطيب بن بوعزة عن المشهد وإبعاده كليا عن العمل النقابي، بتعيينه سفيرا للمغرب بأحد بلدان المعسكر الشرقي، وبالضبط في يوغوسلافيا الجنرال جوزيف بروز تيتو. ولا يتذكر اليوم إلا القليلين اسم الطيب بن بوعزة، الذي كان بمثابة محمد نجيب انقلاب 23 يوليو في مصر، وطبعا مع الفارق في مستوى الحدثين.
هكذا سيخلو الجو للمحجوب بن الصديق ليبقى في منصبه الذي سيتشبث به طيلة حياته، وليكون بذلك الزعيم النقابي الوحيد، ليس في المغرب فقط،، بل على الصعيد المغاربي والعربي والمتوسطي، الذي سيخلد في منصبه أزيد من خمسة عقود، ولم ينتزعه منه غير الموت. بل إن اسمه أصبح مرادفا لاسم الاتحاد المغربي للشغل، وحق له القول " النقابة هي أنا، وأنا هو النقابة".
كان المحجوب في شبابه – كما يصفه أحد مجايليه - "شعلة متقدة من الذكاء، لقد كان يلتقي مع المهدي بنبركة في قصر القامة، وفي الدينامية، وفي سرعة البديهة وقوة الذاكرة، كان هو بنبركة النقابة، مقابل بنبركة الحقيقي في السياسة، لا تفوته شاردة ولا واردة في النقابة"، وطغت شخصيته على ما دونها من الأطر النقابية التي كانت تشتغل إلى جانبه، بل إنه سيكرس أسلوب ونهج "نفذ ولا تناقش"، أو نفذ الآن ويمكن لك أن تناقش فيما بعد، لكن هذه "الما بعد" لا تصل أبدا، كما صرح لنا أحد متقاعدي المكتب الوطني للكهرباء، وكان من نشطاء الاتحاد المغربي للشغل.

المتمرد الدائم
كان الراحل لا يحب أن يشاركه أحد الزعامة، من هنا تشبثه باستقلالية الاتحاد، فتمرد على علال الفاسي، وأصبح ينتقد اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، بل إنه سينضم إلى يساريي الحزب بقيادة المهدي بنبركة ليكون من بين مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ومن ركائزه ودعائمه الأساسية، لكن خيط الود سينقطع تدريجيا وعلى مراحل بينه وبين قادة هذا الإطار التقدمي المتحمس، وأصبح المهدي بنبركة يتفادى اللقاء بالمحجوب بن الصديق، بالرغم من أن الأمانة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية كانت تجمعهما، كما كتب الدكتور محمد عابد الجابري ذلك في مذكراته، لأن بنبركة كان يتجنب تداعيات خلافه مع قائد الاتحاد المغربي للشغل على الحزب والنقابة. وبعد اختطافه في باريس، سيقع ما كان المهدي بنبركة يتخوف من حدوثه، حيث سيتعمق الخلاف بين النقابيين والحزبيين بشكل سافر، بل سيصل إلى مستوى الاعتداء الجسدي والاختطاف والتعذيب، وتبادل الاتهامات والتخوين. وعقب اعتقال المحجوب بن الصديق في يونيو سنة 1967 إثر إرساله برقية احتجاج إلى الديوان الملكي ينتقد فيها مظاهر الممارسات الصهونية بالمغرب، انبعث حلم الوحدة بين الحليفين اللدودين من جديد، بعد مبادرة الراحل المحامي عبد الرحيم بوعبيد بوقوفه للدفاع عن بن الصديق أمام المحكمة. لكن لا شيء سيتغير على مستوى الممارسة، وكان المحجوب، كما صرح نقابي اتحادي، "يقول للحزب كلاما، ويوجه أتباعه في النقابة بكلام مناقض تماما، مبني على منطق الحذر من السياسيين ومحاولاتهم "تحزيب" النقابة، وأن كل "تحزيب" من هذا النوع هو تخريب لما يهدف إليه العمل النقابي حسب تصوره". وهكذا انتهى الحلم إلى سراب قاتل.

القطيعة والتعويض باليساريين
وسيستمر الصراع بين الحزب والنقابة إلى حدود يويوز 1972، حينما اجتمعت اللجنة الإدارية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية من غير أعضائها المحسوبين على النقابة، لتقرر وضع حد للعلاقة مع "البرصويين"، كما كان الشهيد عمر بنجلون يصف أتباع بن الصديق. وسيلي هذه القطيعة إنشاء وتأسيس عدد من النقابات على يد الأطر النقابية الاتحادية، ليتكلل الأمر بإعلان ميلاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بعد ست سنوات من تلك القطيعة التاريخية.
وحتى يتصدى لاتهامات الاتحاديين ب"تحريفه للعمل النقابي وفصله عن بعده التحرري"، سيعمد المحجوب بن الصديق منذ بداية السبعينيات، إلى فتح الباب أمام الشيوعيين من رفاق الراحل علي يعتة ومن متطرفي الحركة الماركسية اللينينية المغربية، وغيرهم من المستقلين ذوي الأفكار الديمقراطية، لينشطوا داخل إطار الاتحاد المغربي للشغل، خاصة في نقابات الجامعة الوطنية للتعليم، والنقابة الوطتية للتعليم العالي، ونقابات المهندسين. لكن صدر الاتحاد المغربي للشغل لم يكن بالرحابة التي توهمها البعض من هؤلاء، إذ كانت قرارات الطرد والإبعاد جاهزة دائما أمام من سولت له نفسه إسقاط أحلامه السياسية على الإطار النقابي، بل إن البعض نال جزاءه ضربا وتعنيفا جسديا وتعذيبا ماديا ونفسيا، وفي هذا السياق يقول نقابي يساري سابق وهو يتحدث عما تعرض له في الثمانينيات، من تعنيف وضرب في قبو خاص بالمقر المركزي للاتحاد المغربي للشغل بشارع الجيش الملكي، لأنه انتقد بعض الممارسات البيروقراطية واللاديمقراطية السائدة في المركزية، يقول هذا النقابي: " إن الأمر ليس بسيطا، إذ يماثل في نظري ما حدث من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ما بات معروفا اليوم بسنوات الرصاص. وأستغرب الآن كيف انحلت عقدة الألسن وكتب الناس عما جرى في معاقل التعذيب الشهيرة بدار بريشة والساتيام ودار المقري والكوربيس وغيرها.. دون أن ينبس أحد بكلمة عما جرى ب"دار البورصة" على يد المليشيات الخاصة التي كونها الاتحاد المغربي للشغل لقمع مناهضي سياسته، بدعم خفي من السلطة التي كانت تغمض العين عما يحدث (...)". وذكر لنا بعض الأسماء التي كانت تتولى المهمات القمعية، والتي ترددها الإشاعات مثل عبد النبي التجمعوتي، مصطفى لكحل المعروف بمصطفى مكافح، وبوشعيب الريفي ومصطفى موافق، وآخرين...
وفي نفس هذا الموضوع صرح لنا نقابي متقاعد من نقابة عمال الميناء، أنه شهد شخصيا حادثة منع المرحوم عمر بنجلون من ولوج قاعة مؤتمر النقابة سنة 1963، عندما كان بنجلون نقابيا مرموقا بنقابة البريد، وكيف تم احتجازه من طرف "المكلفين بالأمن" في النقابة الذين ساقوه إلى القبو واعتدوا عليه بالضرب، ولم يخلوا سبيله إلا بعد انتهاء المؤتمر وذهاب المؤتمرين. ورسالة عمر بنجلون إلى المحجوب بن الصديق منشورة، لكنها ظلت من غير جواب، وهذا يعني ما يعنيه...".
ويضيف قائلا: "لم أستسغ وقتها الاعتداء على إطار كبير من حجم المناضل عمر بنجلون، تعاطفت معه في سري من دون أن أقوى على إبداء أية ملاحظة، ومثلي في ذلك مثل كثيرين.. كان يقال لنا أن النقابة مجبرة على القيام بمثل هذا الفعل لحماية وصيانة المكتسبات، وفي مقدمة هذه المكتسبات استقلالية النقابة عن كل الدخلاء السياسيين الذين يرغبون في الركوب على العمل النقابي وتسيير دفته لصالح أهداف غير أهداف الطبقة العاملة ومصالحها".

لا زعيم بعد اليوم
لكن أين نحن اليوم من أهداف ومصالح الطبقة العاملة وصيانة مكتسباتها؟
يتساءل متتبع للحركة النقابية المغربية.
بل أين نحن أمام مشهد نقابي مشتت مخترق الجسد بما يزيد عن عشرين مركزية نقابية؟ حيث أصبحت لكل حزب مركزيته النقابية، وإن كان جلها ليس سوى لافتات يتم اللجوء إليها لتمييع المطالب العمالية، اللهم إلا إذا استثنينا ثلاث مركزيات معروفة بتمثيليتها الوازنة.
لكن السؤال العريض الذي ينتظر الجميع جوابا عنه هذه الأيام، هو ماذا بعد رحيل المحجوب بن الصديق؟
إنه سؤال لا يهم فقط نقابة الاتحاد المغربي للشغل وحدها، بقدر ما يهم كل النقابيين والسياسيين والمتتبعين والمشتغلين بالشأن العام والساهرين عليه في المغرب.
ليس الجواب سهلا، لأن شخصية الراحل هيمنت لعقود طويلة بكل ثقلها على المشهد، ولم تترك
مجالا لظهور فعاليات نقابية قادرة على أن تكمل المسيرة بنفس الزخم والقوة. فالمؤسس يقول أحد المراقبين "كان الزعيم الأوحد، ولا كلمة تعلو فوق كلمته"، من هنا تأتي حالة اليتم الشديد الذي تعيشه اليوم أقدم مركزية عمالية مغربية.
النقابي اليساري عبد الحميد أمين، الذي انتمى إلى الاتحاد المغربي للشغل سنة 1970، وبالرغم من إحالته على التقاعد، فإنه أبى أن يفارق العمل النقابي، أو بالأحرى أن يغادر دار الاتحاد المغربي للشغل، لذلك كان من وراء مبادرة تأسيس نقابة خاصة بالموظفين المتقاعدين منضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل (ا.م.ش)، وانتخب على رأسها. وبعد رحيل المحجوب سيطلق عبد الحميد صيحة يأمل أن لا تكون في واد ، وهي أن " لا زعيم بعد 17 شتنبر"، ويقصد تاريخ وفاة بن الصديق .
وهذا الرأي الوارد من أحد قادة النهج الديمقراطي هو في الحقيقة تعبير عن قلق يساور مجموع اليساريين والديمقراطين، وهم يرون كيف احتفى المخزن بتكريم قائد وطني نقابي من حجم الراحل المحجوب بن الصديق، وكيف هرع بعض أعضاء الاتحاد المغربي للشغل القدامى الذين يشغلون اليوم مهام قيادية في أحزاب يمينية مستنفرة لحمل نعش الزعيم الذي فاضت روحه بالعاصمة الفرنسية. وهو قلق في نظرهم مشروع من أن يطوى تاريخ ونضال هذه الإطار التقدمي العريق في جراب جهات يمينية تسطو عليه وتفرغه نهائيا من مضمونه التحرري والطلائعي الذي نشأ (ا.م.ش) فيه وعليه ومن أجله.
لذلك تتوارد الأفكار والاقتراحات بتشكيل قيادة جماعية يكون الأمين العام المقبل فيها يلعب دورا تنسيقيا ويجتهد أكثر من الآخرين لضمان الانسجام بين القيادة، وبين هذه الأخيرة والقواعد العمالية.

ملء الفراغ أم ابتكار الخيال؟
هل سيتم ملء الفراغ في أقرب وقت بإعلان عقد مؤتمر استثنائي جدول أعماله نقطة فريدة، أم سيرجأ الأمر إلى حين الإعداد للمؤتمر الوطني العادي، الذي نعلم أنه لم يلتئم منذ خمسة عشر سنة؟؟
لقد أجمع المراقبون والصحافة على أن الأوفر حظا لشغل منصب الأمانة العامة للاتحاد بعد رحيل المحجوب هو ميلود مخارق، من قطاع التكوين المهني، الذي برز في العقدين الأخيرين ، وكان من بين القلائل الذين استمروا في العمل إلى جانب الراحل وحازوا ثقته، إذ أن كثيرين غيره، كما يقال، ارتقوا في سلم القيادة واقتربوا كثيرا من المحجوب ليحترقوا كالفراش بعد حين، ومن بين هذه الأسماء نذكر حسن البزوي الذي أبعده المحجوب بشكل مفاجئ، ووجد البزوي نفسه وحيدا ينتقم لكرامته بنشر كتاب باللغة الفرنسية يفضح فيه الممارسات اللاديمقراطية داخل الجهاز النقابي الذي كان بالأمس القريب من قادته ومن مريدي زعيمه الأوحد. وسيحاول البزوي بعدها التقرب من نوبير الأموي عارضا خدماته على الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، لكن الأموي ربما ارتاب منه.
نذكر أيضا اليساري السابق حسن بنعدي من الجامعة الوطنية للتعليم وكاتبها العام الأسبق، الذي طرده المحجوب بعد أن بدأ، خلال فترة تمثيله للاتحاد المغربي للشغل في البرلمان، في نسج علاقات خاصة مع وزير الداخلية القوي الراحل إدريس البصري من دون تنسيق أو إخبارالمركزية التي ينتمي إليها. وهو اليوم يشغل منصب رئيس المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، وقد كان حاضرا في مراسيم الجنازة، بل إنه كان يتلقى التعازي، بالرغم من القطيعة الطويلة مع النقابة ومع الراحل، والتي امتدت من سنة 1987.
وتتوالى الأسماء والوقائع التي لا يتسع المجال هنا لذكرها كلها بالتفصيل.
في سياق متصل يطرح التساؤل بقوة حول سلوك القادة الجدد المنتظرين للاتحاد المغربي للشغل، وهل سيمدون اليد للعمل الوحدوي مع المنشقين من رفاق وإخوة الأمس، ونقصد هنا نقابيي الكونفدرالية الديموقراطية للشغل، التي وصف زعيمها محمد نوبير الأموي رحيل المحجوب ب"الخسارة الكبرى"؟
هل سيمدون اليد للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ونقابته الفدرالية الديمقراطية للشغل، حيث مد هذا الحزب بشكل واضح ذراعيه إلى أبناء المحجوب بن الصديق، ونعاه بلاغ لمكتبه السياسي الذي حضر جل أعضائه مراسيم الجنازة، واحتفت صحافته بالراحل ولم تنس أنه كان يوما من قادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ومن مؤسسيه الكبار، وأبرزت كفاحه الوطني والقومي من خلال مقالات وشهادات متفرقة، ونشرت من الأرشيف صورا للمحجوب رفقة زعيم الحزب المرحوم عبد الرحيم بوعبيد.
هل سيلجأ مخارق ورفاقه إلى الأساليب الديمقراطية ويعملون على تصفية أزلام الانتهازية و تطهير النقابة من الوصولية المنتشرة في أوصالها؟
إننا نعي وندرك جيدا أن نفس الأشخاص الذين كانوا يسيرون الاتحاد المغربي للشغل، على الأقل في العقدين الأخيرين هم أنفسهم، ولم يقع أي انقلاب أوإصلاح ثوري داخل هذا الجهاز العريق، لكن رحيل مؤسسه وزعيمه المطلق لمدة 55 سنة، وهي سنوات عمر (ا.م.ش) سيكون له وقع الزلزال الذي لا تعرف خسائره إلا بعد الاستفاقة والنهوض من تحت أنقاضه، آنذاك تبدأ عملية إحصاء المخلفات المادية والمعنوية. وإن غياب بن الصديق لبمثابة زلزال حقيقي لن تغير درجات هزاته ورجاته فقط الاتحاد المغربي للشغل، بل سيتردد صداه داخل مجموع الحركة النقابية المغربية.
هل سيستطيع رفاق ميلود مخارق وفاروق شهير ومحمد بهنيس المحافظة على الإرث النضالي والاستقلالية التي كافح من أجلها الراحل بن الصديق. ذلك هو السؤال...
وإن غدا لناظره لقريب.. وسيأتيك بالأخبار من لم تزود.



#عيد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جثة المهدي بنبركة بين القصر والمعارضةعندما استدعى الملك الحس ...


المزيد.....




- “سجل هُنـــا minha.anem.dz“ كيفية التسجيل في منحة البطالة 20 ...
- البطالة بالمغرب تصل 21.3% والهرم السكاني يتجه للشيخوخة
- تجدد الاشتباكات في جنين وإضراب تجاري للمطالبة بوقف الاقتتال ...
- “أهم التعديلات”.. زيادة رواتب المتقاعدين في العراق وحقيقة رف ...
- إضراب لـ -الدفاع المدني السوري- بدمشق بسبب -الخوذ البيضاء-
- الحكومة توضح.. رفع الحد الأدنى للأجور إلى 300 دينار فى الأرد ...
- 100 ألف دينار عراقي في حســابك!!.. وزارة المالية عن زيادة رو ...
- موعـد صرف رواتب المتقاعدين شهر يناير.. وزارة المالية توضح هل ...
- “200.000 زيــادة وزارة المالية“!! زيادة رواتب المتقاعدين 202 ...
- وزارة المالية توضح/ موعد زيادة أجور المتقاعدين في المغرب 202 ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عيد الرحيم التوراني - بعد رحيل أقدم زعيم عمالي في الوطن العربي ومنطقة البحر الأبيض المتوسط:أفول عصر الزعامة النقابية في المغرب