سلمان محمد شناوة
الحوار المتمدن-العدد: 3170 - 2010 / 10 / 30 - 22:52
المحور:
المجتمع المدني
هل يمكن إن يكون العراق رائد المجتمعات المدنية في الوطن العربي, أو لنقل هل يمكن إن تكون تجربة العراق الصغيرة في تشكيل وإدارة الأزمات للمجتمع المدني وتصادمها مع الدولة عنوان عريض يكون نقطة مضيئة لحركة المجتمع المدني ليس في العراق وحده بل يمتد إلى الوطن العربي....ربما هذا الذي كان وسيكون ...
المبادرة المدنية لحركات المجتمع المدني والتي تكللت بانتصارها الكبير في فرض إرادتها على إرادة الدولة ..أو فرض إرادتها على التعطيل المزمن للدستور من خلال رفع قضية مدنية قال بها القضاء قولته الأخيرة والشهيرة قبل أيام ...
الحقيقة إن إلزام فؤاد معصوم بإلغاء الجلسة الأولى والمفتوحة منذ زمن الجاهلية لغاية اليوم بحق تعتبر ضربة معلم ..أعادت لنا الإحساس بان المستحيل أصبح ممكن في عراق ينخره الفساد من كل اتجاه , وأعاد لنا الأمل بأننا نسير على الطريق الصحيح .؟..والحقيقية المرة كذلك انه في الفترة السابقة تسلل لنا الملل واليأس والحزن للحال الذي وصل له العراق , فقوى الفساد تكالبت بقوة مع مصالح السياسيين , وظل المواطن يترقب ..ماذا يحدث .
هذا في الوقت الذي خرج به المواطن بقوة وقال قولته بصندوق الاقتراع , في الوقت الذي فعلنا نحن رجال المجتمع المدني المستحيل لإعادة المواطن إلى صندوق الاقتراع .من خلال النصيحة والقول واللقاءات المستمرة مع المواطن نصدمه تارة بالوضع الذي سيكونه لو تخلى ألان واليوم عن صندوق الاقتراع , وماذا يحث إذا لم يخرج كل العراقيين ليثبتوا إن التجربة التي بدؤوها في عام 2003 لا زالت مستمرة ..ولا زالت حية تنبض بالحياة بالرغم كل القوى التي أرادت تعثر العملية الديمقراطية ..خرج الشعب وانتخب 325 عضوا بالبرلمان وهو السلطة التشريعية والتي من المفترض إن تكون صدى صوت المواطن ..العاجز والمريض والمرهق ..لكنه كله امل إن يتغير الوضع ويكون عضو في أسرة عراقية تكفل له الأمان والحرية والراحة بعد تعب السنوات العجاف إل 35 من الحكم الشمولي الاستبدادي .... كم شعر العراقي بعد 2003 إن حريته وصوته وإرادته هذه لها ثمن عظيم ثمن من دماء زكية سالت على ارض العراق ...وكم هي ديمقراطيتنا لها مخاض من دم ومئات الأجساد التي تساقطت في حرب عمياء حاقدة تريد من العراقي البقاء سجينا لكل الأفكار الاستبدادية والأصولية والشمولية ....
انتخبنا إل 325 ناخبا ... وكلنا أمل ورجاء ورغبة بالتغير ...إلى الأفضل ...نعلم كم هي الخيارات قليلة حين الانتخاب ونعلم إن زعماء التيارات بما يملكون من مال وتوجهات ...سوف تؤدي إلى تغير اتجاه الانتخابات لمصلحتهم ..نحن نعلم ذلك , ونعلم كم هي الخيارات قليلة ...وان إرادة المرشح مغلولة تماما بإرادة السيد زعيم الكتلة ... لكن توجهنا للانتخاب ..لنا أمل إن الغد أفضل من اليوم ..والأتي أفضل من الذاهب ... وساروا وجلسوا في أماكنهم ... لكن ماذا حدث ؟
الدستور العراقي ينص على أن يجري في أول جلسة للبرلمان انتخاب رئيسه ونائبين له وبالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب وعبر الانتخاب السري المباشر، ومن ثم يجري انتخاب رئيس للجمهورية، ويكلف الأخير رئيس الكتلة النيابية الأكبر بتشكيل الحكومة، بحسب المادة 76 من الدستور، وإذا لم يعقد البرلمان جلساته خلال 30 يوما يعتبر منحلا.
الدكتور فؤاد معصوم رئيس الجلسة الأولى لمجلس النواب، قد أعلن في 27/7/2010، عن تأجيل الجلسة البرلمانية وجعلها مفتوحة ، لحين التوصل إلى اتفاق بين الكتل على المناصب السيادية.
ولم نتصور إن أصحاب كتل كبيرة وهم الذين ساهموا بإيصال هؤلاء إلى كراسي البرلمان ...... باتوا يطالبون النواب باستحقاقهم الأدبي والمعنوي ...من خلال البحث عن الكراسي والمناصب .... وحتى ندرك إن هؤلاء مجموعة إل 325 باتوا يشعرون بالولاء لزعماء الكتل أكثر من شعورهم بالولاء لصوت الناخب الذي أوصلهم لمقاعدهم ..... للأسف كم كان هؤلاء النواب اعجز من (( حجر )) مرمي بالفلاة ..فلا هم قالوا ولا هم فعلوا .. وكم كانت صدمتنا نحن رجال المجتمع المدني بهؤلاء الأعضاء ...حتى بتنا في لحظة نشك في أنفسنا ونشكل في كل العملية السياسية بأنها لا معني لها ..... شككنا بإرادتنا ..قال البعض ربما الذنب ذنبنا نحن الذي ساعدنا وعملنا على التحرك باتجاه الديمقراطية ..وقال آخرون لو بقى الشعب العراقي على الحياة المستبدة تلك كانت حفظت للعراق وأهله اقل القليل من الكرامة وماء الوجه المستباح ...
ولكن فجاءه وبعد تعب وملل وبعد أيام حالكة السواد ..وبعد إن كتبنا ومللنا الكتابة ..نطالب النواب بالتحرك أو على الأقل اطلاق صيحة استنكار أو تنديد ..أو على الأقل رفض لما يحدث , ولم يحدث ذاك الذي رغبنا به وأردناه ... أو تأملناه في أعضاء البرلمان .....
كانت هناك مبادرة مدنية اتجهت إلى أخر نبع يمكن إن نرتوي منه ماء صافي ..تم اللجوء إلى أخر دعاء في صحيفة الأدعية ..تم اللجوء إلى اخرم ملاذ للمواطن العراق حيث تم اللجوء للقضاء, حيث رفعت مجموعة من منظمات المجتمع المدني دعوى قضائية ضد رئيس السن لمجلس النواب باعتبار إن بقاء جلسة مجلس النواب مفتوحة يعد خرقا دستوريا ... ..
استطاعت المبادرة المدنية(وهو الاسم الذي أطلق على حركة الاحتجاج المدنية)إن تحشد في الجبهتين القانونية والشعبية كل جهودها ، وتمكنت من الحصول على قرار من المحكمة الاتحادية لصالح الدعوى.
وفي سابقة أذهلت حتى المراقبون والصحف العربية ..والتي تراقب الوضع في العراقي بكل شاردة وواردة ....صدر الحكم و جاء في قرار تاريخي لها (بسبب من القرار الذي اتخذ بجعل الجلسة الأولى لمجلس النواب (مفتوحة) والى زمن غير محدد ومن دون سند من الدستور قد شكل خرقا لإحكامه وصادر مفهوم (الجلسة الأولى) ومراميها التي قصدتها المادة(55) منه. وبناء عليه ولعدم دستورية القرار المتخذ بجعل الجلسة الأولى لمجلس النواب في دورته لسنة 2010 (مفتوحة) قررت المحكمة الاتحادية العليا إلغاء هذا القرار وإلزام المدعى عليه إضافة لوظيفته بدعوة مجلس النواب للانعقاد واستئناف أعمال الجلسة الأولى المنصوص عليها في المادة (55) من الدستور والمهام الدستورية الأخرى).
وقال رئيس المحكمة الاتحادية القاضي مدحت المحمود في مؤتمر صحفي بمقر المحكمة "إن المحكمة أصدرت قرارا بإلغاء قرار رئيس البرلمان المؤقت فؤاد معصوم بجعل جلسات البرلمان مفتوحة"، مبينا إن "المحكمة أصدرت قرارا ملزما لمعصوم باستئناف الجلسات البرلمانية خلال الأسبوعين المقبلين".
يقول البعض إن قرارات المحكمة الاتحادية غير ملزمة , لأنها ليست هي المحكمة الاختصاص في نظر هذه القضايا ومحكمة الاختصاص هي المحكمة الدستورية التي لم تتشكل بعد , وان المحكمة الاتحادية تفصل في القضايا ذات العلاقة بالشؤون الإدارية للدولة المتعلقة بالأقاليم وبالإدارات الفدرالية.. أما الدستورية فهي المسؤولة عن تفسير القوانين وحراسة النص الدستوري وحسم الخلافات الخاصة بتطبيق الدستور والقوانين وتكون قراراتها ملزمة .
...وقيل أيضا إن منظمات المجتمع وقعت في إشكال حقيقي . وهو إن المحكمة الدستورية المختصة بالنظر في دستورية القوانين لم تتشكل بعد , لذلك لجأت منظمات المجتمع المدني إلى المحكمة الاتحادية ...لأنه لا يوجد بديل ممكن ..وعلى هذا الأساس فان قراراتها غير ملزمة ...ولا تستطيع فرض إرادتها على فؤاد معصوم كرئيس سن للبرلمان العراقي ...
إلا إن النتيجة التي تحققت , ورضوخ السيد فؤاد معصوم للقرار , وطلبه عقد جلسة خلال هذين الأسبوعين , تجعلنا نغفل كون المحكمة غير مختصة هذا إذا كانت هذه المحكمة فعلا غير مختصة ... وهذا يجعلنا نطالب بقوة إلى البرلمان القادم لسرعة تشكيل المحكمة الدستورية المختصة فعلا في النظر في دستورية القوانين أو تفسيرها ...
الذي حدث يضع علينا واجب حقيقي يقع على عاتق منظمات المجتمع المدني , وهو إن تبقى دائما على حذر بمراقبة القوانين ودستورية القوانين والقرارات التي تصدر من السلطات التنفيذية ومراقبة القوانين التي تصدر من البرلمان كون سلطة تشريعية ...لا بل تضع واجبا على عاتق منظمات المجتمع المدني بتكون ذات شراكة مع أعضاء البرلمان حني يمكن عرض مشاريع القوانين في كل مرة أراد بها البرلمان وضع قوانين ... هذه المشاركة ضرورية لكل من مجتمعنا المدني والبرلمان حتي لا نقع في خلل إصدار القوانين الناقصة أو التي تخالف توجهات المجتمع لدينا ....
الذي حدث كذلك اثبت أهمية منظمات المجتمع المدني من خلال المشاركات واللقاءات التي تمت في مبنى البرلمان كمشاركة بين المجتمع المدني والبرلمان ...لدرجة كما قيل لي إن أعضاء المجتمع المدني باتوا يديرون بأنفسهم هذه اللقاءات ..وهذه المناقشات التي كان الهدف منها التواصل بين المجتمع المدني وأعضاء البرلمان ...
اليوم بعد إن كدنا إن نفقد الأمل ..اليوم نقول إن لدينا أمل لدينا حلم يجب إن يتحقق لدينا مجتمع ديمقراطي بدأ بداية صعبة وخطيرة في وسط مجتمعات عربية وإسلامية لا زالت تعيش نفس القوانين ..
الحقيقة أقول فوق ذلك كله اليوم لدينا منظمات مجتمعات مدني فعالة ومتحركة ..لا بل قادرة على أحداث تغير يحق لنا إن نفتخر بها ويحق لنا إن نشهد وأخيرا بعد تلك الولادات المتعثرة الغير قابلة للحياة ...إن هناك ولادة حقيقية لمجتمع مدني عراقي يشار له بالبنان وينظر له ليس من العراق فقط إنما حتى من الدول العربية والتي تنظر للتجربة وهي مذهولة ..وأخذت تردد هذا القرار في كل أنديتها وصحافتها وفضائيتها ...
#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟