متى تستعيد صاحبة الجلالة هيبتها

فراس الغضبان الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 3170 - 2010 / 10 / 30 - 16:09
المحور: الصحافة والاعلام
    

شهد العراق بعد 2003 فوضى عارمة في المجالات كافة ومن الطبيعي إن تمتد لتشمل كل المهن والحرف وفي مقدمتها الصحافة فقد تعددت منابرها وربما في ذلك ايجابيات ولكن السلبيات تمثلت في الأعداد الهائلة التي اخترقت بوابات صاحبة الجلالة طمعا في مكاسبها واستغلال هيبتها فأصبحت مهنة من لا مهنة له .

وهذا الواقع الجديد له أسباب كثيرة ساعدت على هذا التوسع بأعداد الصحفيين الذي لا يتناسب مع واقع المهنة الصحفية في العراق ، ولعل الأغلبية من الذين حملوا الهوية الصحفية بعد إن قدموا المستمسكات الشكلية المطلوبة لا يمتلكون الحد الأدنى من الخبرة ناهيك عن الجوانب الأخرى المتعلقة بالأخلاقيات والنظر إلى الصحافة كرسالة وكرقيب مستقل في المجتمع الديمقراطي .

وهذا الواقع المرير يحتاج إلى تضافر الجهود لمعالجته على أمل إن تستعيد صاحبة الجلالة هيبتها وكرامتها بعد إبعاد الطارئين والطارئات من أروقتها ومحو آثار الممارسات غير اللائقة التي حولت الصحافة إلى وسيلة للاستجداء ومطية لرغبات المسؤولين وتحقيق نزوات الباحثين والباحثات عن الشهرة السريعة وابتزاز المجتمع على حساب هذه المهنة المقدسة .

إننا بحاجة إن نطهر واقع الصحافة من كل الطارئين في ضوء تطبيق معايير موضوعية شديدة وصعبة الاختراق من خلال الكفالة الضامنة التي يتحملها من يدير المؤسسة الإعلامية التي نقصد بها جميع وسائل الإعلام التي تزود طالب الانتماء بتأييد إلى النقابة وان ظهر خلاف ذلك فاوجب إحالته إلى القضاء وكذلك تفعيل دور لجنة العلاقات والمتابعة إن يكون على علم ودراية في متابعة جميع طالبين الهوية الصحفية من خلال بحث ميداني وبمهنية عالية وحسنا ستفعل النقابة في مطلع السنة القادمة بإحالة جميع الصحفيين الرواد والجدد من العاملين والمتمرنين والمشاركين الذين يطلبون تجديد هوياتهم إلى مدرسة بغداد للفنون الصحفية وخضوعهم إلى امتحان الكفاءة من خلال لجنة من الأكاديميين والصحفيين الرواد وعلى ضوء قرار اللجنة سوف تنجلي حقيقة حاملي هوية نقابة الصحفيين .

إن خضوع جميع الصحفيين إلى امتحان الكفاءة والتدقيق في عملهم واستمرار مؤسساتهم في العمل الصحفي وكذلك متابعة الصحف التي تصدر أو احتجبت عن الصدور واستغلها أصحابها لبيع التأييد وهويتها إلى الطارئين فيجب على النقابة إنهاء اعتمادها وان تطلب الأمر إحالتها إلى القضاء كونها خالفت الضوابط والقوانين الخاصة في الاعتماد وكذلك قطع الطريق أمام المنظمات والاتحادات الشبحية والوهمية التي تتاجر في الهوية الصحفية وهي لا تمتلك الحد الأدنى من الشرعية في التنظيم النقابي واشتراطات منظمات المجتمع المدني وهذا الأمر يتعلق بالجانب النقابي والتنظيمي للنقابة وكذلك يتطلب الأمر توجيه بيان إلى جميع وسائل الإعلام ومجلس الوزراء وجميع الجهات الأمنية تحذرهم من خطورة الهوية الصحفية التي تباع على قارعة الطرق من خلال اتحادات ومنظمات وصحف وهمية والخشية من استغلال هذه الهوية المجاميع الإرهابية والعصابات الإجرامية وما شاكل ذلك .

إما الجانب الآخر فنحن بحاجة ماسة لإحداث انقلاب جذري في التفكير الإعلامي واستيعاب المبادئ الأساسية للصحافة الحرة التي تكون على مبدأ المهنية العالية والانحياز للحقيقة وللمواطنين واعتماد مبدأ التحري والتثبت في الوقائع ويعد ذلك الاضطلاع في مهمة جوهرية تتمثل في اعتماد وسائل الإعلام رقيبا مستقلا يرصد وينتقد أداء الحكومة والبرلمان وحتى المؤسسات القضائية .

ولعل الواقع الحالي يكشف لنا عن ثقافة شمولية تنظر إلى وسائل الإعلام على أنها تابع ذليل للسلطات وحزام ناقل أحادي الاتجاه بنقل ما يريده المسؤول إلى الجمهور ولا يكترث أو ينقل ما يريده الجمهور من المسؤول ، وتؤكد هذه الحقيقة المكاتب الإعلامية في الوزارات والرئاسات والهيئات التي تحولت إلى أبواق لا تتفاعل مع قضايا المجتمع وهي بذلك تكرس ذات المفهوم لدور الإعلام والصحافة في ظل الأنظمة الدكتاتورية والشمولية .

إن الدور الديمقراطي للصحافة كرقيب محايد ومستقل يحتاج لبيئة خاصة تتوفر فيها المهنية العالية والتنظيم الرصين والقوانين الحامية للحريات التي تؤمن حق الوصول للمعلومة وتعتمد على مبدأ التدقيق الحر للوقائع والأحداث بما يساعد المواطنين إن يكونوا شركاء في صنع القرار .

وفي ضوء ما تقدم لابد إن نعترف بان صاحبة الجلالة تعاني من أزمات خطيرة بسبب التدهور الأمني وغياب التشريعات التي تم اختراقها من قبل الطارئين وتدجينها إلى الحكام والأحزاب مما أدى إلى ضعف الصحافة المستقلة ولجوء الصحفيين الأحرار للعمل في منابر رغما عنهم طلبا للرزق والحماية .

إن الصحافة كي تستعيد هيبتها ومهابتها تحتاج إلى واقع جديد وثقافة بديلة لكي تتمكن من استعادة نفوذها في عموم المجتمع بعد إن تلعب دورها الحقيقي كسلطة رابعة تخشاها كل السلطات وبدون ذلك تبقى الصحافة نمرا من ورق .

[email protected]

#فراس_الغضبان_الحمداني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات