جمعة الحلفي
الحوار المتمدن-العدد: 955 - 2004 / 9 / 13 - 11:16
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
ليس هناك عراقي واحد، كما أعتقد، تسأله عن الشأن السياسي الراهن، ويمكن أن يقول لك، مثلاً، أنه لا يعرف عن هذا الموضوع، أو أنه لا يريد أن يتدخل في هذا الشأن، أو أن الأمور السياسية ليست من أختصاصه. فالسياسة في العراق، من إختصاص العراقيين جميعاً وبدون إستثناء. ويكفي أن نعرف أن في العراق اليوم ما لايقل عن 150 منظمة وحزباً سياسياً، وهذا ما لم يحدث في أي بلد من بلدان المعمورة غير العراق. وإذا كان البعض يعتبر أن إنغمار الناس بالسياسة والعمل السياسي، علامة إيجابية على تطور الوعي، فأنا شخصياً أعتبر ذلك مصيبة يجب التحسب لآثارها السلبية على مستقبل المجتمع العراقي وتطوره اللاحق، فالحياة ليست كلها سياسة، وليس من الطبيعي، على الإطلاق، أن تنغمر المجتمعات، بقضها وقضيضها، في ميدان العمل السياسي، لأنها ستترك، بذلك، حتماً، ميادين الحياة الأخرى، الأجتماعية والثقافية والمهنية والرياضية والأدبية.. ألخ.
والمصيبة الأكبر أن الناس في العراق لا يتحدثون في السياسة لمجرد الحديث أو لمجرد تزجية الوقت الفائض، بل هم مهمومون بالسياسة ومنحازون ويمكن أن يتشاجرون في أية لحظة دفاعاً عن هذا الموقف السياسي أو ذاك. وأنا نفسي خضت، قبل أيام، نقاشاً حاداً مع زوجة أخي، وهي امرأة أمية وطيبة جداً، لكنها ترفض وجهة نظري السياسية بقوة ! وقد قالت لي، في نهاية النقاش، الذي جرى معها، وهي تقلي لنا الباذنجان في المطبخ، ما معناه، أنتم الذين عشتم في الخارج كل هذه السنوات تحتاجون لسنوات أخرى كي تفهموا ظروف العراق!!..
وأذكر أنني شهدت، قبل أشهر من الآن، نقاشاً محتدماً بين مجموعة من الحمالين في علوة جميلة، كانوا يتناقشون حول العلم العراق الجديد الذي صممه الفنان رفعت الجادرجي. ومما سمعته من نقاش الأخوة الحمالين أن بعضهم كان معترضاً على ألوان العلم، والبعض الآخر على المغزى السياسي للخطوط المستقيمة فيه .. طبعاً كنا، أنا والصديق الذي ذهبت معه الى العلوة، محتاجين لحمالين ينقلون معنا أكياس الرز والسكر التي أشتريناها، لكننا لم نكلف هؤلاء الأخوة بالمهمة كي لا نقطع نقاشهم السياسي ولا نتورط معهم بمثل هذا النقاش!
#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟