|
مصر ليست لكل المصريين: مصر فقط للمسلمين
صلاح الجوهري
الحوار المتمدن-العدد: 3168 - 2010 / 10 / 28 - 16:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
شابا مصريا من أم عراقية يدعى "كمال مجدى قلادة" يبلغ من العمر 19 كان يعيش بمدينة "لاسيك" الألمانية عاما، لقى مصرعه على يد اثنين من دعاة النازية الجدد الألمان عندما كان عائدا برفقة صديقه وصديقته من إحدى المطاعم بمدينة لاسيك فجر أمس الأربعاء، حيث قذف الألمانيان "قلادة" بالغاز فى وجهه وطعنوه 9 طعنات فى بطنه نقل على أثرها إلى المستشفى ثم توفى فى الثانية والنصف عصر الأربعاء.
هذه الجريمة الثانية في ألمانيا التي يروح ضحيتها أحد المصريين بسبب العنصرية. الأولى كانت جريمة قتل مروة الشربيني لأنها مسلمة محجبة والثانية التي نحن بصصدها هي مقتل "كمال" لأنه ليس ألماني الأصل.
في الجريمة الأولى التي راحت ضحيتها مروة الشربيني خرجت المظاهرات والهتافات التي تندد بالعنصرية وبالإرهاب التي يتعرض له المسلمين في جميع أنحاء العالم ولاسيما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. مؤججين المشاعر الإسلامية التي وجدت ضالتها في قتل مروة ووجدت المخرج للإسلام الذي يحاول أن يبدوا لطيفا في الخارج، ليثبتوا للعالم أن العدوان على الحريات ليس عدوانا إسلاميا وأن الإسلام برئ من العنصرية مستغلين تلك الحادثة في عملية ابتزاز سياسي للأمن في ألمانيان تلك البلد التي تحرك ضد التعصب وأقامت محاكمة عادلة لقاتل مروة الشربيني قبل أن يتم طلب رسمي من الخارجية المصرية بندب محامين لمتابعة قضية مروة الشربيني، وصرفت مئات الآلاف من الدولارات لمتابعة تلك القضية، وسمي شارع بإسمها في مدينة الإسكندرية.
تحركت الحكومة المصرية بهدف ابتزاز ألمانيا وجعلها تعتذر عن هذه الجريمة مستغلين قضية مروة في تدويل قضيتها للحصول على مكاسب اجتماعية و دينية للجالية المسلمة في ألمانيا.
لقد نشرت مقالا مطولا عن هذه الحادثة في الحوار المتمدن وقلت أن الحكومة المصرية والمظاهرات الشعبية لم تعنيها مروة الشربيني بتاتا بل كان الشغل الشاغل للشارع المصري وللقيادة السياسية هو كيفية ابتزاز ألمانيا سياسيا، لتحقيق مكاسب للجالية الإسلامية المصرية هناك خاصا وأن ألمانيا كانت على أعتاب صدور قانون يمنع الحجاب في الأماكن العامة أسوة بفرنسا. والهدف الثاني هة إظهار الإسلام للعالم بصورة المعتدى عليه وأن العنف العنصري ليس بالضرورة إسلاميا. لعل تلك القضية استغلتها الحكومة المصرية أحسن استغلال فتأخر صدور قانون الحجاب في ألمانيا بل أن كل مظاهرة كانت تخرج في ألمانيا منددة بهذا القانون كان ترفع صور لمروة الشربيني وكأنها أيقونة ورمزا للحجاب في العالم.
أما الجريمة الثاني جريمة مقتل "كمال" فهي بنفس طبيعة الجريمة الأولى بل وتفوق عليها بأن الضحية "كمال" تعرض للقتل من قبل مجموعة عنصرية منظمة وليس حادثا إجراميا طبيعيا يمكن أن يحدث لأي أحد. إلا أن الشارع المصري بالطبع لن يثور من أجل احد المسيحيين؟ ولن تتحرك الحكومة المصرية ووزارة خارجيتها من أجل هذا "كمال" ذلك الشاب المسيحي المسكين، لأن وزارة الخارجية المصرية وحكومة نظيف ترى أن قضية هذا الشاب لن تجني الأمة الإسلامية من ورائها أي مكاسب. ولن يعنينا ضحايا المسيحيين المصريين في أي مكان في العالم، طالما كانوا مسيحيين.
الحكومة المصرية ليست لكل المصريين، بل هي حكومة عرجاء ترى الرعاية فقط لأبنائها المسلمين ولا تتحرج من ترك أي مصري في الضيقة طالما أنها لن تحقق مكاسب سياسية معينة تخدم الأجندة الإسلامية.
رأينا كيف يعاني المصريين من ظلم وطغيان الخليجيين (الذين هم في الأساس مسلمين)، وكيف أن الإنسان الخليجي يرى في المصري أحقر الجاليات العربية وأحقر الناس على الأرض وكيف أن الخليجيين يعاملون المصريين بشتى أنواع القهر والظلم والاستبداد يصل إلى حد الافتراء عليهم بمساعدة الأمن وأحيانا يصل إلى درجات أبعد في حجزهم للعمل بالسخرة وتعذيبهم جسديا ونفسيا لأنهم يقبضون على جوازات سفرهم فلا يجعلوهم يرحلون بسلام ولا يعطونهم حقوقهم التي تعاقدوا عليها. رأينا الكثير من الأمثلة في السعودية والإمارات والكويت.
لكن سفارات مصر الفخمة والمزينة بأفخر أنواع خامات البناء والمفروشة بأفخر أنواع المفروشات والأثاث. لا تتدخل لدى الحكومات الخليجية من أجل هؤلاء المصريين الغلابى ولا تتابع أي قضية من قضياهم إلا إذا تم تدويلها عبر الإنترنت وكتبت عنها صحيفة هنا أو هناك.
لذا مصر ليس للمصرين وأحيانا ليست لكل المصرين بل المسلمين منهم فقط الذين بسبب قضاياهم مع الغرب تستطيع أن تمارسا ابتزازا سياسيا. لتحقيق مكاسب للإسلام. الإسلام لن يكون في يوم من الأيام لطيفا ووديعا ومغلوبا على أمره، لن يكون الإسلام في أي وقت من الأوقات ذلك الدين اللطيف الهادئ الذي يظن الناس به أنه الدين الحق أو أنه تنزيل من رب العالمين. الإسلام كحية مستكينة ملتفة حول نفسها تنتظر في وداعة ضحيتها لكي تعضها وتبث سمومها في دمها. الإسلام أستطاع أن يجعل كل عائلة مسلمة في الغرب خلية إرهابية نائمة، ستصحو يوما.
اليوم وأمام هذه الجريمة أطالب وزارة الخارجية والحكومة المصرية أن تخضع لحق المواطنين المصريين عليهما. أطالبهما بمتابعة حق "كمال" وأسرته تماما كما فعلت من قبل في جريمة مقتل مروة الشربيني. ولكني أطالبهما بهذا الدور ليس استفزازا للحكومة الألمانية كما فعلت من قبل، بل لكي تثبتوا للعالم وللمصريين بالأخص أنكم ترعون قضايا المصريين أينما وجدوا في العالم. وأطالبكم أن تنفذوا ما تقولونه بأنكم لا تفرقون بين مسلم ومسيحي وأن المصريين بكافة توجهاتهم الدينية هم في الأول والأخر مصريون يستحقون الرعاية
لا أطالبكم بخروج مظاهرات أو تسمية شارع باسم "كمال مجدي قلادة" ولا حتى أطالبكم بأن تقفوا دقيقة حدادا عليه. بل أطالبكم اليوم أن تقوموا بعملكم ليس إلا ... ليس كما سبق وفعلتم مع قضية مروة باستفزاز الأمن الألماني والقضاء الألماني. بل أن تقوموا بعملكم فحسب دون أي ضغائن لأحد لتثبتوا للعالم صدق ما تقوله.
#صلاح_الجوهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حماقة الأسقف وتدليس المفكر
-
جريدة الأهرام: أني لا أكذب ولكني أتجمل
-
في مسأله حرق القرآن
-
وتتوالى سقطات اليوم السابع : أنت فين يا محمد !!
-
حصار غزة والتمثيلية التركية
-
طيور الجنة الإسلامية
-
ألف سلامة يا ريس (بالألماني)
-
خيوط مذبحة نجع حمادي
-
حديث البلاغة والبُلغة
-
مصر - الجزائر ... تعادل
-
هجرة المسلمين للغرب، غزوة لا هجرة
-
الموامرة الإسلامية - على خلفية أحداث ديروط
-
الإسلام والردة الحضارية في مصر
-
زواج المتعة حرام ... ولكن نفقته حلال
-
التوراة ... كيف وصلت إلينا؟
-
الأصول الوثنية في عبادة الحجر الأسود
-
ما بين منير حنا وسيد القمني ... يا وطن أحزن!
-
الجنازة حارة والميت كلب (مجرد مثل!)
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|