|
الأردنيون على مفترق طرق..!؟
بسام عليان
الحوار المتمدن-العدد: 3166 - 2010 / 10 / 26 - 16:15
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
بالنسبة لمعظم الأردنيين، يرتبط نجاح الانتخابات بانعكاس نتائجها على فرص تحسين حياتهم. ولما كان قطاع واسع من سكان الأردن، يعيشون العوز وفقدان الأمل في التغيير، يائسين ومحبطين إمكانية الحصول على هذه الفرص من خلال الأداء العام للسلطات الثلاث ومن بينها السلطة التشريعية، التي من المفترض أن تكون الأقرب إلى نبض عامة الناس، لأنها تمثلهم وتجيب على أسئلتهم، وتشكل حلقة الوصل الأولى في توصيل مطالبهم وتوفير احتياجاتهم، فإن المؤشرات السابقة توحي بأن غالبية من هذه الفئة من الناس يتجهون بأصواتهم إلى مرشحين غير معروفين بأي تجربة سياسية سابقة، بل إن أسماءهم وشخوصهم ليست من الوسط المعروف أو المشهود له بالوقوف مع هذه الفئة، وهم باختيارهم هذا يغرقون ويغرقون سفينة النجاة التي من المفترض أن تنقذهم من بؤسهم وشقائهم الذي يعيشون من خلال مجلس نيابي يحرص على من أوصله إلى قبة البرلمان. فالخطاب الانتخابي كأي خطاب سياسي أو اجتماعي أو ثقافي يتجه في مسارين، أحدهما جماهيري يخاطب عواطف الناس وآمالهم، وآخر إصلاحي عقلاني يخاطب وعي الناس وأفكارهم، ويجب أن نعترف بأن الغالبية من هذه الفئة من الناس، يصعب استقطابها للانتخابات والمرشحين من خلال رؤية إصلاحية وبرامج وسياسات تشريعية وتنموية للصالح العام. حراك اجتماعي وسياسي وهذا الأمر، يجعل من الانتخابات الأردنية التي نحن بصددها هذه الأيام القليلة القادمة، وكأنها حراك لفئتين من الناس: فئة من الأغنياء (التجار والمقاولين) والمتنفذين (أصحاب مناصب في السلطة سابقاً) الراغبين بمزيد من الهيمنة والنفوذ، وفئة أخرى تبحث عن وعود ومنافع شخصية وخدمات صغيرة، قد ترقى بها لتقاسم «كعكة العيد». لكن هناك فئات وشرائح واسعة من المجتمع الأردني – بين هذين الفئتين- تبدو غائبة عن الأعين، وربما مغيبة عما يجري بشأن موضوع الانتخابات المقبلة، وتتعامل معها بلا مبالاة، هي في الحقيقة ما كان يسمى سابقاً بـ (الطبقة الوسطى)، والتي أصبحت الآن (شريحة الفقراء من ذوي الدخل المحدود، أو المهمشين)، والتي لم تعد ترى في الانتخابات النيابية، ولا حتى في الانتخابات البلدية؛ أية فائدة حقيقية ترتجى، نظراً لانعدام تأثيرها العام في البرامج والخدمات والمرافق والسياسات والتشريعات المنظمة لحياة الناس. خلال عقود مضت، كانت الطبقة الوسطى هي الأكثر حماسة وحراكاً في الانتخابات لمجموعة من الأسباب، يمكن تلخيصها بسببين رئيسيين، أولاهما: الدوافع السياسية الكبرى والقومية التي تحركها الأحزاب والتيارات القومية واليسارية، وهي محركات هامة للانتخابات والعمل السياسي، وتتجه نحو الجماهير ومطالبها، ولكن للأسف تعاني هذه الأحزاب من التضييق عليها وصرف أنظار الناس عنها من خلال عدم إشراكها في الرأي والمشورة، بل وتجاهل مطالبها القريبة من الجماهير، وثانيهما: الفرص التي كانت قائمة في حراك النخب والقيادات والتي تمنح مجالاً لقادة هذه الطبقة من الناس، بالارتقاء والمشاركة والمنافسة. ويرى الكثير من المراقبين، اليوم، أن السلطة والمتنفذين وأصحاب النخب يقومون بإغلاق الطوق على هذه الفئة وحرمانها من حقها بالمشاركة السياسية والمجتمعية، ويعملون على تضييق المجال عليهم في كثير من شؤون حياة الدولة ، ويحتكرون الكثير من الفرص التي كانت متروكة للتنافس عليها، مثل الوظائف القيادية في المؤسسات العامة والشركات، وهوامش المشاركة في الوزارة، وفرص التقدم السياسي والاجتماعي على أساس النجاح في الانتخابات النيابية. وبعضهم يطالب الإعلام بالقيام بمسؤوليته بالكشف هذه الممارسات غير الإنسانية، بل المخالفة لقوانين حقوق الإنسان. ويطالبون الحكومة بانتخابات نزيهة وديمقراطية بإشراك كافة قطاعات المجتمع الأردني بحقهم بالترشح والانتخاب لمجلس يمثلهم ويعتبر أحد أهم السلطات الثلاث التي تقوم عليها مكونات الدولة الحقيقية. وحسب رأي الخبراء والمهتمين، بالشأن السياسي الأردني، « ربما تكون وعود الحكومة بانتخابات نزيهة أمراً جاداً، وثمة ما يدعو الى تصديقها وتبريرها، ففي الأزمة السياسية والاقتصادية القائمة اليوم ستكون انتخابات نزيهة أفضل وأسهل ما يمكن تقديمه للناس، ولكنها نزاهة لا يمكن أن تكون ذات جدوى من غير دمج هذه «الطبقة الوسطى» في الحياة السياسية والاقتصادية القائمة، والتي تكاد تحتكر كل المكاسب والمنافع فيها (الحياة السياسية) لمصلحة نخبة صغيرة ومغلقة». ويتابعون قولهم، «...الفكرة ببساطة أن الطبقة الوسطى بسعيها الدؤوب لتحسين حياتها تقوم عن الدولة بمهمات جسيمة تحتاج إلى موارد طائلة، فالشباب الذين يحرصون على تطوير أنفسهم والتعليم المستمر والتعلم الذاتي المتواصل، والذين يبذلون كل ما في وسعهم بل ويفوق طاقتهم لتأمين فرص لأبنائهم أفضل من الفرص التي أتيحت لهم إنما يساهمون في شكل فعال ومباشر في تطوير برامج التنمية والتقدم وتفعيلها، وببساطة هذا هو التقدم، إذا شاءت الحكومة أن تتقدم». التصويت.. للشخص أم البرنامج ويتابع الخبراء المعنيون، قولهم: «فمن هنا، يقع على هذه الطبقة من الناس، إذا اصطلحنا تجاوزاً تسميتها بـ «الطبقة الوسطى» بدلاً من «الطبقة المسحوقة اجتماعياً واقتصادياً»، أن تتجاوب مع البرامج التي تتساوق مع مطالبها، وذلك من خلال المشاركة في الانتخابات لزيادة عدد أصوات المرشحين الذين يطالبون بتحقيق مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية من خلال برامج جادة وواقعية تقوم على الأفكار والمحددات، بعيداً عن الزيف والادعاء. بل يقع على هذه الطبقة من الناس، أكثر من ذلك من خلال مشاركتهم لهؤلاء المرشحين مقراتهم الانتخابية لمنحهم فرصاً وآمالاً أوسع مثنين على جهودهم التي يبذلونها، الأمر الذي سينعكس على كليهما الناخب والمرشح، بمستقبل أفضل وفرص أكبر في التطور وتحسين سبل الحياة بما يرقى لتحقيق متطلبات هذه الفئة. فالانتخابات كعمليات ودعاية وتحفيز ومشاركة أو مقاطعة هي قضايا مجتمعية تخص في شكل أساس المرشحين ثم الناخبين، فهي (الانتخابات) حق المواطنين وفرصتهم (يفترض) في تحديد خياراتهم ومستقبلهم. وإن الأسس الموضوعية التي يتم بموجبها اختيار النائب من أهم الأسس التي يجب على الجميع أخذها في الاعتبار، باعتبار أن النائب هو نائب وطن، ولا يقتصر دوره على تقديم خدمات لمن انتخبه، وان مفهوم نائب الخدمات يجب أن يتراجع لصالح مفهوم نائب الشعب.وهنا على الناخب أن يلوم نفسه أكثر مما يلوم الحكومة، والبحث عن سبب خارجي أياً يكن لتبرير الفشل والعجز عن إيجاد برلمان قوي وفعّال ، فحتى الحكومة، لو هي فعلاً تريد أفضل وأقوى برلمان، لا يمكنها أن تفعل ذلك من غير مرشحين من كافة أطياف المجتمع، ومن غير الناخبين الذين يشكلون كافة أطياف وألوان المجتمع الأردني.». ويرى مراقبون، بأنه «لا بدّ من التأكيد على أهمية المشاركة في الانتخابات باعتبارها ضرورة وطنية، وان على الجميع ممارسة حقهم في الانتخاب والاقتراع، على أمل أن يكون المستقبل أفضل، ويقع على الناخب ضرورة أن يختار من يمثل مصالحه وتطلعاته. فإن ركائز أي مشروع إصلاحي قادم تقوم على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية ووضع أسس التنمية واعتماد مبدأ الإصلاح كمدخل لحل أزمات الأردن.».
#بسام_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأردن عشية انتخابات المجلس النيابي السادس عشر
المزيد.....
-
-مزّقت قلوبنا إربا-.. فيديو حماس الأخير لرهينة يشعل ردود فعل
...
-
إسرائيل تؤكد استئناف مفاوضات الرهائن، وصفقة أسلحة أمريكية جد
...
-
الجيش المالي يعتقل -أبو حاش- عقب عملية استخباراتية
-
استشهاد 184 خلال 3 أيام بغزة وخروج المستشفى الإندونيسي من ال
...
-
-إف بي آي- يكشف تفاصيل جديدة عن هجوم نيو أورليانز
-
بعد الشمال إسرائيل تنقل المحرقة إلى محافظة غزة
-
إعلام إسرائيلي: حماس لن تستسلم ونتنياهو يريد إفشال الصفقة
-
فيديو من دمشق.. أنفاق تربط قصر الرئاسة بمقر الحرس الجمهوري
-
قاتلا بغزة ولبنان.. جنديان إسرائيليان بين مصابي نيو أورليانز
...
-
وسائل إعلام حوثية: غارات أميركية بريطانية على صعدة
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|