أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - الحزب الشيوعي اللبناني - ورقة (المحور الاول) الحزب الشيوعي اللبناني في اللقاء اليساري العربي بيروت، 22 - 23 تشرين الأول 2010















المزيد.....


ورقة (المحور الاول) الحزب الشيوعي اللبناني في اللقاء اليساري العربي بيروت، 22 - 23 تشرين الأول 2010


الحزب الشيوعي اللبناني

الحوار المتمدن-العدد: 3165 - 2010 / 10 / 25 - 18:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


المحور الأول حول

تنظيم المواجهة الوطنية للعدوان والإحتلال والسيطرة الإمبريالية والصهيونية

وحدة اليسار ضرورة في مواجهة العدوانية الامبريالية الأميركية- الصهيونية



 

قدم الورقة : الرفيق ربيع ديركي



منذ انهيار الاتحاد السوفييتي والعالم يعاني من عدوانية النظام الرأسمالي العالمي الذي يشن حروبه للسيطرة على العالم وتحديدا على منطقتنا سياسيا وعسكريا تحت ذرائع واهية منها "مكافحة الارهاب" و"الحرب الاستباقية" و"الفوضى البناءة"...الخ ، في وقت ان حقيقة الحروب الامبريالية هدفها السيطرة على الثروات: "نفط، غاز، ثروات معدنية..." والسيطرة، في الوقت نفسه، على شبكة المواصلات العالمية. إن مواجهة العدوانية الإمبريالية الأميركية- الصهيونية والقوى الفاشية والرجعية الملتحقة بها تتطلب من اليسار ممارسة دوره الفعّال والمنظم، كونه يشكل النقيض الحقيقي للطبقة البرجوازية المسيطرة على النظام الرأسمالي الذي يعاني من أزمة بنيوية يعمل للخروج منها عبر شن حروبه العدوانية الاستعمارية، مما يشكل فرصة أمام اليسار لشن هجوم مضاد يفضح، مجدداً، الطبيعة الوحشية للطور الراهن من الرأسمالية، يعيد من خلاله تعبئة وتنظيم نضال الحركة اليسارية العربية، على أسس ومنطلقات تشكل نواة تجمع اليسار وتوحد قواه، في مواجهة العدوانية الامبريالية الأميركية- الصهيونية على المستويات كافة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأيديولوجية والثقافية. والمواجهة تعني المقاومة كسيرورة نضالية يتحقق فيها الترابط بين مقاومة الإحتلال، بأشكالها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والايديولوجية والثقافية واعلى اشكالها المقاومة المسلحة للاحتلال، والنضال من أجل التغيير الديمقراطي. ومن شروط نجاحها أن لا تنحصر في بلد عربي واحد، بل أن تمارسها قوى وأحزاب اليسار العربي في جميع البلدان العربية.إن غياب حركة تحرر موحدة، بقيادة القوى والأحزاب اليسارية، لديها الحد الأدنى من التوافق على وجهة التحرر، بشقيه مقاومة جيوش الاحتلال وطردها والتحرر السياسي- الاقتصادي- الاجتماعي، ادى الى بروز التيارات الدينية، وغير الدينية، واستلامها زمام مقاومة الاحتلال ومواجهته، الى حد مصادرتها للمقاومة بفعل ممارساتها على ارض الواقع، الأمر الذي أدى، بالتالي، الى فرض مفهومها للمقاومة، في وقت ان مقاومتها للاحتلال تفتقد البعد التحرري الاجتماعي. فمقاومة الإحتلال على قاعدة فصل التحرير عن التغيير الديمقراطي مقاومة من موقع طبقي محدد هو موقع تأبيد قبح النظام القائم نقيضا لفعل التغيير الديمقراطي، وليس إنتصاراً من الموقع الطبقي النقيض له.



لقد اتخذت صيغة مواجهة العدوانية الامبريالية الأميركية – الصهيونية أشكالاً متعددة، لكنها غير منسقة في خطة متكاملة يوجهها بديل تحرري متكامل، وبالرغم من فعالية المواجهة إلا انها لا تزال متنافرة حيث طغى، في جانب منها، طابع العبث والعنف الدموي سياسياً وتدميرياً (العراق)، أما الجانب الآخر من المواجهة، أي قوى "الممانعة" فإن ممانعتها ذات طابع دفاعي لتحسين التوازنات والحفاظ على الأنظمة، أو على السياسات التقليدية نفسها، حيال القضايا الداخلية والخارجية، الوطنية والقومية والاقليمية، حيث تحكمها التسويات. على سبيل المثال التسوية التي حصلت بين أميركا وايران في أفغانستان والعراق على الرغم من التباين بينهما، وفي لبنان حصل اتفاق رباعي بين حزب الله، بالرغم من موقفه المقاوم للاحتلال، وحلفاء أميركا في الحكومة اللبنانية....وعليه، فإن تحديد التناقض الرئيسي، الاحتلال، ومركزية القضية الفلسطينية في الصراع العربي -الاسرائيلي، تعني شمولية ووحدة المواجهة دون فصل بين طرفي المشروع الامبريالي، أميركا والعدو الاسرائيلي، وهذا هو المطلوب من دول "الممانعة" والقوى المتحالفة معها ممارسته، بعيداً من منطق التسويات. وهنا، بالتحديد، يأتي دور اليسار ومهمته لأنه النقيض الجذري للمشروع الامبريالي الأميركي – الاسرائيلي. وفي هذا الحراك السياسي الدائر في المنطقة، لا زالت قوى اليسار مشرذمة ومنقسمة على نفسها مما يعيق تجميع حركتها وتوحدها ولو على الحد الأدنى من القواسم والأهداف المشتركة في ما بينها.

إن طرح استعادة الدور العائد للقوى اليسارية عامة في العالم العربي يقتضي ابراز طبيعة هذه القوى نظرياً وعملياً، الأمر الذي يعني أن تبادر هذه القوى الى التحرك على مستويات عدة، على أن يكتسب كل مستوى أولويته انطلاقاً من الشروط الملموسة للتطور في هذا البلد أو ذاك، الأمر الذي يقتضيه تفاوت التطور وتفاوت نضج الحركة الديمقراطية الثورية، ارتباطاً بالأوضاع الاقتصادية – الاجتماعية الموضوعية، وبالحراك السياسي محلياً وإقليمياً، وحتى عالمياً، في عالمنا اليوم الذي تحول الى"قرية صغيرة". لذلك فإن سياق عرضنا لمستويات تحرك قوى اليسار بهذا الترتيب لا يعكس بالضرورة رأياً في أولوية هذا المستوى أو ذاك. فالأمر متروك لتقدير القوى المعنية، مع التسليم بحتمية الاهتمام بكافة هذه المستويات وعدم إهمال أي منها.



1- على المستوى العملي:

تجد القوى اليسارية العربية نفسها ملزمة بتثبيت وحدتها لإستعادة الدور العائد لها في الجبهة الكفاحية الديمقراطية في المواجهة مع الهجمة الامبريالية- الصهيونية الرجعية الساعية لتصفية كافة قضايا التحرر في الأقطار العربية، سواء منها قضايا الديمقراطية والتغيير الاجتماعي التقدمي، أو قضايا تثبيت الاستقلال الوطني الحقيقي، ومحاولات تفتيت حتى الكيانات التي نشأت عن اقتسام العالم العربي خلال وبعد الحرب العالمية الأولى والتي استقل بعضها شكلياً بعد الحرب العالمية الثانية، في سياق الميل العالمي لتصفية الاستعمار في ضوء ميزان القوى الجديد الذي تشكل بقيام المنظومة الاشتراكية العالمية. وبالفعل كانت محاولات تقسيم كل بلد وخلق الكيانات الأصغر على أسس طائفية ومذهبية قد بدأت على الفور بعد التقسيم الأول (سوريا ولبنان) ولاتزال مستمرة (لبنان – السودان – العراق)، ويتعرض اليمن للتفتيت على يد القوى التي استخدمت الوحدة اليمنية لتقييد الديمقراطية (كما حدث من قبل قوى اليمين القومي إبان تجربة الجمهورية العربية المتحدة). ويبقى المثال الأبرز محاولات تثبيت انقسام فلسطين (شعار غزة أولاً، مثلاً) حتى قبل تشكل الكيان المستقل، لضرب مقاومة الاحتلال وضرب الديمقراطية اذا ما اقترنت بالمقاومة، وبالتالي تصفية القضية مع الكيان الفلسطيني معاً.



إن العمل لوحدة اليسار العربي ، أو على الأقل مجرد اعلان استعداده لتحقيق وحدته، وتجنيده لها، وعمله بإخلاص لتذليل العقبات والمصاعب التي تحول دونها على اختلاف درجات نضجها، ليس مسألة شكلية أو تقنية، بل له في حد ذاته انعكاسات سياسية وأيديولوجية غالباً ما تتنبه لها القوى المعادية أولاً، وتسعى الى وأدها قبل أن ترى النور.



إن مجرد اللقاء بين القوى اليسارية العربية للتداول في قضاياها المشتركة والتنسيق في ما بينها يضعها في أفق الوحدة العربية سياسياً، حتى لو لم تكن الوحدة العربية على جدول الأعمال. وقد أثبتت كافة تجارب القرن العشرين أن لمسألة الوحدة العربية أساس موضوعي يمتد في وحدة التاريخ واللغة والثقافة والاتصال الجغرافي، وعلى درجات متفاوتة. وقد كانت القوى الامبريالية والصهيونية على بينة من هذا الأساس الموضوعي إذ طرحت مشروع اقامة الكيان الصهيوني في فلسطين لا كهدف قائم بذاته، بل كحاجز بين مشرق العالم العربي وقسمه الأفريقي، وخاصة منه مصر.( ما يعيد الى الأذهان ما شكلته وحدة القسمين من إمكانية صد الغزوات الصليبية والأوروبية عامة، ولم يكن بعيداً عن الأذهان الغربية في بدايات القرن العشرين ذلك الخطر الذي شكلته محاولة محمد علي لنقل مركز الثقل في السلطنة العثمانية من اسطنبول الى مصر. الأمر الذي شكل مقدمات لطرح مسألة تقاسم تركة "الرجل المريض" مع التوافق على الحؤول دون قيام كيان موحد بديل، هذا التوافق الذي تبلور عملياً في اتفاق سايكس- بيكو).



لكن لا بد من الملاحظة ان هذا الأساس الموضوعي للوحدة، وإن كان حاضراً باستمرار دون تقطع، فإن ترجمته العملية على صعيد التحرك الجماهيري والتعبير السياسي تكون متقطعة. فهو كالتيارات الباطنية في جوف الأرض لا تظهر الى الضوء إلا عندما تجد لها منفذاً توفره الجيولوجيا الطبيعية، أو يوفره العمل الانساني لإختراق طبقاتها.

كذلك فإن تحرير الوعي التحرري من الأيديولوجيا السائدة ومن أدوات القمع يمكن أن يجد فرصته سواء عفوياً إبان الأزمات والتحولات الكبرى على صعيدي السياسة والاجتماع، وإما بالعمل المنظم من قبل الدول والأحزاب الخ... لذا كانت قضية الوحدة العربية تاريخياً إحدى القضايا الأساسية لحركة التحرر الوطني العربية في التاريخ المعاصر في مواجهة السيطرة الاستعمارية المباشرة أو سيطرة الاستعمار الجديد (بعد "الاستقلال") في المرحلة الامبريالية لتطور الرأسمالية عالمياً. ولذا كان على قضية الوحدة العربية أن تحتل مكانتها الرئيسية في برنامج أي حزب وطني ديمقراطي ثوري، كما تطمح الأحزاب الشيوعية وأحزاب اليسار عامة أن تكون.

إن لقاء أحزاب اليسار العربي للتشاور يضعها موضوعياً في أفق حركة عربية للتحرر الوطني. وحري بها أن تعي ذلك خاصة وأن الجبهة اليمينية الرجعية المعادية (محلياً وإقليمياً وعالمياً) تراقب مثل هذا التحرك وتأخذه بعين الاعتبار وتتحرك في ضوء تقديرها لمدى خطره على مصالحها، المباشرة منها والبعيدة المدى الاستراتيجية. وهي، أي قوى اليمين، توازن بين هذا الخطر على مصالحها وبين خطر تطور الحراك الديمقراطي في هذا البلد أو ذاك على هذه المصالح عامة أو على مصالح أحد أطراف التحالف الامبريالي- الصهيوني- الرجعي العربي. لكن يبقى أن الخطر الذي يمثله الحراك الديمقراطي في بلد ما يمكن ان يؤلب ضده هذه الجبهة اليمينية بكل أطرافها عندما يتخذ وجهاً طبقياً واضحاً في مواجهته للرأسمالية. أو على الأقل عندما يلتقي في تحالفاته الاقليمية والعالمية مع جبهة واسعة من القوى التحررية المناهضة للسياسات الامبريالية. لذا شهدت تجارب القرن العشرين حالات استندت فيها قوى الرجعية العالمية على ما يعرض لها في جبهة التحرر الوطني العربية من تفاوت في التطور، وتفاوت في المصالح القطرية، أو الطبقية، أو حتى بين فئات من الطبقة الواحدة، كي تعمل بواسطة بعض القوى المزايدة على استباق شعــار الوحدة العربيـــــــــة بشعارات الاشتراكية، أو العكس، التشجيع على وحدات اندماجية تشكل تمهيدا للانقضاض على الوجه الديمقراطي للحركة لدى طرف أو أكثر من أطراف هذه الوحدة، للعمل في ما بعد على تفكيكها بمختلف الوسائل المتاحة. إن استراتيجية اليمين العالمي هي تكتيكات إدارة الأزمة، بإثارة مختلف أنواع التناقضات واللعب عليها، بينما تتحدد استراتيجيات اليسار في التعامل مع مختلف التناقضات الموضوعية لحلحلتها على المدى الطويل، ومواجهة التناقضات الآنية المفتعلة بأقل الخسائر الممكنة للحركة في عموميتها، لصيانة وحدة وحرية القوى السياسية – الاجتماعية ذات المصلحة في التغيير الديمقراطي الثوري.



إن مجرد لقاء قوى اليسار وتضامنها والتنسيق في ما بينها، بما في ذلك وحدتها التنظيمية عندما تنضج الظروف لذلك، يشكل أحد أشكال المواجهة على المستوى التنظيمي مع الجبهة المعادية ويترك، موضوعياً، أثره على المستويين السياسي والأيديولوجي.



 

2- المستوى السياسي- الأيديولوجي:



إن وحدة هذه المستويات تغيب في التنظير المنفصل عن المهمات الملموسة في العمل الديمقراطي الثوري،وتحضر ما أن يبدأ العمل الملموس على الأرض ولو لتحقيق أبسط مهمات النضال الديمقراطي. وكما أن البحث في المستوى التنظيمي يستدعي تناول المستويين السياسي والأيديولوجي في وحدتهما. كذلك فإن البحث في هذين المستويين لا بد أن يطرح مهمات تنظيمية محددة كي لا يبقى البحث كلاماً تنظيرياً في الهواء. وأول ما يواجه قوى اليسار على المستويين السياسي والأيديولوجي، في وحدتهما وتمايزهما في الوقت نفسه، هو تحديد برنامجها السياسي كقوى تغيير ديمقراطي ثوري، وبالتالي كقوى تمتلك الفكر الملائم لذلك والمنحازة تبعاً لذلك. ليس هذا الانحياز مسألة استنسابية إرادية مطروحة على أفراد منعزلين. فالفرز السياسي بين يسار ويمين هو محصلة حراك اجتماعي تاريخي وموضوعي يجد الفرد نفسه فيه أمام خيارات عدة "يفلسف" موقعه حيالها (اياً يكن مستوى ثقافته)، الأمر الذي يفترض أن يكون قد حدد موقفه سلفاً من سؤال "الحرية" الوجودي، مع ما يرافق ذلك حتماً من قضايا "الضمير" الأخلاقي.

ليس على هذا المستوى الأيديولوجي الفردي اللاتاريخي يتحقق الفرز السياسي بين يسار ويمين. انه يتحقق في الحراك الاجتماعي التاريخي. فهذا الجانب الوجودي للمسألة يطرحه على الفرد ("المثقف") الفرز الحاصل مسبقاً، ويجد الفرد نفسه أمام ضرورة حله إما كأزمة وجودية وإما كسؤال نظري تتوقف الاجابة عليه على ثقافة الفرد ومصلحته، وأحياناً شجاعته وقدرته على نكران الذات.

إن الفرز التاريخي بين يمين ويسار هو معطى تبدأ منه السياسة، مطروحاً على الفرد كدعوة للانحياز الى هذا الجانب أو ذاك ولكن الصفة الموضوعية للفرز الاجتماعي تضع القول بالحياد بذريعة المحافظة على استقلالية الفرد وحريته في خانة الانحياز المبطن، ربما كنوع من "التقية"، الواعية أو اللاواعية، وإلا فنفاق انتهازي قد يعبر عن نفسه في ظروف مختلفة كمزايدة في الانحياز. لذا على قوى اليسار أن تتوجه في برامجها الى الجماعات، الى الجماهير...

ويستطيع هذا اليسار أن يبني مع العديد من الجماعات غير المنحازة علاقات ديمقراطية قائمة على الاحترام والثقة المتبادلة التي ترسخها المصالح المشتركة. فلا يمكن تصور أي جدوى لوحدة اليسار في انعزالية تحول دون اتباع سياسة تحالفات سياسية مع قوى غير يسارية على أساس تمييز هويتـــه

الطبقية داخل التحالفات واحترام خصوصية كل طرف فيه على أسس ديمقراطية في جبهة واسعة للقوى الديمقراطية.

وتنطوي التجارب السياسية على مدى القرن العشرين على حالات تحقق فيها تحالف، معلن أو ضمني، للقوى اليسارية مع حركات دينية أو قومية تحررية أو كليهما معاً، في ثورات ديمقراطية ضد الدكتاتوريات وفي حركات مقاومة ضد الاستعمار والاحتلال. وتتراوح هذه التجارب بين أشكال من العمل المشترك ظرفية أو آنية، الى العمل الجبهوي المستند الى برامج حد أدنى، وأحيانا برامج حكم تجمع قوى يسارية وماركسية مع قوى قومية ودينية تقدمية وديمقراطية. ويجب أن نلاحظ هنا ما عرفته حركة التحرر الوطني العربية من تداخل ايديولوجي – سياسي وحتى تنظيمي بين القوى الدينية والقوى القومية (التجربة الناصرية مثلاً). ويعود هذا التداخل الى الظروف التاريخية التي تشكلت فيها الحركات القومية بقيادة مثقفين مناضلين من البرجوازية الصغيرة عموماً متأثرة بالأيديولوجية القومية البرجوازية في أوروبا وبنماذج تحقيق الوحدة الطبقية السياسية في دولة موحدة (المانيا، ايطاليا...الخ) لكن غير المنسجمة لهذه الحركات القومية تجعل وعي الجماهير الشعبية الطامحة الى الوحدة ينطلق من نماذج تاريخية محلية يغلب فيها الوعي الديني.



وعليه، فإن التجارب التي اكتسبها اليسار العربي مع القوى القومية يمكن ان تنطبق كذلك على العمل المشترك مع القوى الدينية. وليس صدفة أن الهجمة اليمينية الرجعية ذات الوجه الديني الأصولي الموجهة ضد اليسار في حركات التحرر الوطني العربية كانت موجهة في الوقت نفسه ضد القوى القومية التحررية، وكانت تشكل رأس جسر للهجوم على المكتسبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لحركة التحرر الوطني ومحاولة تصفيتها. بينما نشهد في المقابل ظواهر فرز داخل الحركات الدينية نفسها مشابهة الى حد بعيد لظواهر مماثلة داخل الحركات القومية في المرحلة السابقة. إننا بالتالي أمام وجهين لحركة واحدة، ليس اليسار معدوم الخبرة في التعامل معها بما يساعد على تحقيق الفرز الذي يعزل العناصر ذات التوجهات الرجعية الفاشية المنطلقة، كما تبين في نهاية المطاف، من مصالح الطبقة الرأسمالية التبعية.



من المؤكد أن أي موقف يساري موضوعي من التيارات الدينية، وحتى الأصولية، ينبغي ألا يتطابق مع الموقف اليميني الرجعي الذي تروج له أيديولوجيا المحافظين الجدد والصهاينة، والذي يضع الإسلام عامة في موقع البيئة المنتجة للإرهاب. إن مثل هذا الخطأ السياسي في مواقف اليسار يمكن أن يكرر المواقف الخاطئة الجامدة عقائدياً، والكارثية أحياناً، التي طبعت مواقف بعض فصائل اليسار من الحركات القومية في حركة التحرر الوطني في مرحلة صعودها، وتجلى هذا الخطأ بأوضح صوره في مرحلة إنحسار حركات التحرر الوطني حيث عانت القوى اليسارية والقومية التحررية معاً من العزل والإضطهاد. فبالعودة الى التحليل الطبقي يظهر بوضوح أن هناك سمات طبقية مشتركة للحركات القومية والدينية ذات الطابع التحرري المُعبر عنه بخوض النضال العملي ضد الهجمة الإمبريالية ومشاريعها، وهي سمات تعطي تلك الحركات طابعها الشعبي. ولا يخفى على القوى اليسارية الحقيقية أن هذا الطابع الشعبي يحمل في طياته إمكانية بل وحتمية الفرز الطبقي في تلك الحركات التحررية نتيجة كونها تخوض النضال الفعلي ضد قوى رجعية بات من الصعب إخفاء جوهرها الرأسمالي بوجوهه الأكثر رجعية والأكثر توحشاً. إن الموقف الصائب لقوى اليسار إزاء هذا الواقع المتحرك يتمثل، نظرياً وعملياً، في إبراز البرنامج الإقتصادي – الإجتماعي المستقل للقوى اليسارية كبرنامج ديمقراطي للعمل المشترك مع الفئات الشعبية ذات المصلحة في مواصلة النضال ضد الهمجية الإمبريالية، حتى بعد أن يتكشف لها الطابع الطبقي الـــرأسمالي لــتلك الهجمــة،



علماً أن الواقع الإجتماعي لبلداننا ومستوى تطوره يجعل تلك الفئات الشعبية أكثرية إجتماعية لا يمكن تصور أي تغيير إجتماعي جدي دون مشاركتها.



"في التماثل الموت وفي الاختلاف الحياة"... كل الحياة، والاختلاف، من حيث الموقع الطبقي لقوى اليسار يضعها على امتداد الوطن العربي أمام مسؤولية بلورة برنامجها للمقاومة الوطنية والتغيير الديمقراطي الذي هدفه مراكمة التغييرات الكمية لتحويلها الى تغييرات نوعية، برنامج نضالي هدفه إستنهاض دور تقدمي وطني ديمقراطي عناوينه:



أ – المقاومة : من المقاومة المسلحة الى المقاومة بالكلمة والموقف، ب - التنمية،

ج - العدالة الإجتماعية،

د - الإصلاح، والديمقراطية.

برنامج يؤسس لحركة تحرر عربية ترتبط فيها مقاومة الاحتلال والعدوانية الامبريالية الصهيونية ببرنامج نضالي لتغيير الأنظمة القائمة، أي نضال يحقق فيه اليسار تراكمات كمية تؤسس لتغيير بنية النظام القائم. برنامج نضالي من أجل إقامة حكم ديمقراطي عَلماني وطني مقاوم.



الحزب الشيوعي اللبناني



#الحزب_الشيوعي_اللبناني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التقرير السياسي الصادر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللب ...
- كلمة الامين العام في حفل عشاء الحزب
- بيان الى الأحزاب الشيوعية والعمالية
- الاعتداء على الجيش اللبناني نتيجة طبيعية لسكوت المجتمع الدول ...
- الإنتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي الشمال وعكار
- الحزب الشيوعي اللّبناني يدعو إلى التحرك
- مشروع تقييم الحزب لنتائج الانتخابات النيابية 2009
- بيان صادر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني بشأن الا ...
- بيان الحزب الشّيوعي اللّبناني لمناسبة الأوّل من أيّار
- بيان المكتب السياسي حول البيان الوزاري
- لن تنجح المعالجات الجزئية ما لم تقترن برؤية اصلاحية جذرية دع ...
- الشيوعي ينبه من مخاطر التوتير السياسي والأمني وسياسة التجويع ...
- كلمة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، الدكتور خالد حدادة ...
- التوجهات العامة التي اقرتها لجان اللقاء اليساري التشاوري الذ ...
- إدانة الوظيفة العدوانية للبوارج الأميركية ودعوة لتشكيل حكومة ...
- المؤتمر الصحفي للامين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حداد ...
- المقابلة الخاصة التي اجراها الدكتور خالد حدادة
- نص المؤتمر الصحافي للامين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكت ...
- كلمة الأمين العام د. خالد حدادة في الذكرى ال 83 لتأسيس الحزب
- الحزب الشيوعي اللبناني ينعي القائد الوطني والمناضل الشيوعي ح ...


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - الحزب الشيوعي اللبناني - ورقة (المحور الاول) الحزب الشيوعي اللبناني في اللقاء اليساري العربي بيروت، 22 - 23 تشرين الأول 2010