|
الحكم بغير ما أنزل الله ..!!
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 3164 - 2010 / 10 / 24 - 13:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أولا 1ـ التيار الدينى السياسى يتهم الدولة بأنها تحكم بغير ماأنزل الله . والمتطرفون يحكمون بكفــر الدولة لأنها تحكم بغير ماأنزل الله . والجميع يرفعون شعارات تنتهى بقوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) ( ومن لــــــم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ). وكتاب الفريضة الغائبة الذى كتبه عبدالسلام فرج أحد المتهمين بقتل السادات دارحول فريضة الجهاد ضد الدولة التى تحكم بغيرما أنزل الله . 2 ـ وقد تجرأ أحد الشيوخ وكتب ردا على كتاب الفريضة الغائبة مؤداه أن آيات ومن لم يحكم بما أنزل الله .. مقصود بها أهل الكتاب . وقد نزل ذلك الرد على أهل الدولة بردا وسلاما فأنعموا على الشيخ بالمناصب يتدرج فيها . 3 ـ مع أن رده خاطىء . فقوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) جاء عاما لكل أمة ، فكل من لم يحكم بما أنزل اله فى التوراة أو الانجيل أو القرآن يحكم الله عليه بالكفر والظلم والفسوق ، وذلك هو حكم الله عليه يوم القيامة ، وذلك شأن يخص الله وحده ، والله تعالى هو الذى يحاسب عليه . فالله تعالى أنزل الدين كتابا سماوي سواء كان التوراة أوالانجيل أو القرآن ولم ينزل مع الكتاب السماوى سيفا أو مدفعا . وإنما أنزل في الكتاب تقرير الحرية للبشر فى أن يؤمنوا أو يكفروا. وفى مقابل تلك الحرية الدينية هناك يوم للدين اسمه يوم الدين أو يوم الحساب حيث الثواب والعقاب . والله تعالى هو مالك يوم الدين ولايشرك فى حكمه أحدا.. فلا مجال لأحد لأن يتقمص ذات الله ويتحدث باسم الله فيتهم من يشاء بالكفر ويلقى بمن يشاء فى الجحيم اذا اختلف معه سياسيا أو دينيا .. 4 ـ وبعيدا عن سياسة التكفير فى العقائد ـ التى نرفضها والتى نترك الحكم فيها لرب العزة جل وعلا يوم القيامة فيما نحن فيه مختلفون ـ فإننا نقرر أن الحكم بغير ماأنزل الله منهج سارعليه سلف هذه الأمة منذ أن تأسس فيها الحكم العضوض القائم على القهروالاستبداد فى الخلافة الأموية والعباسية والفاطمية وغيرها ، وفى ذلك المناخ تمت صياغة نوع من التدين يخدم الحاكم المستبد ويجعل بيده قتل من يشاء باسم الشرع .. وورثنا ذلك الافك على أنه شريعة الله .. ودين الله برىء من تلك الأحكام التى ماأنزل الله بها من سلطان . 5 ـ ومن أسف فان التيار الدينى الذى انشغل بالسياسة ليس لديه من الثقافة الدينية مايمكنه من تمحيص ذلك التراث ليعرف الحق منه ، والنتيجة انهم يطالبون بحكم لم ينزل الله تعالى به سلطانا ، فحد الردة حكم بغير ماأنزل الله ، وحد الرجم حكم بغير ماأنزل الله ، وحد شرب الخمر حكم بغير ما أنزل الله، وحكم تارك الصلاة حكم بغير ما أنزل الله . وفيما عدا حكم شرب الخمر فان القتل هو عقوبة لكل تلك الجرائم عندهم مع أن الله تعالى جعل عقوبة القتل فى القصاص فقط ونهى عن قتل النفس التى حرم الله الا بالحق القرآنى وحده فقال فى سورتى (الأنعام والاسراء) (ولاتقتلوا النفس التى حرم الله الا بالحق). وجعل جريمة الافتاء بقتل نفس خارج القصاص مثل جريمة قتل الناس جميعا ، وجعل فضيلة من يعارض تلك الفتوى مثل الذى يحيى الناس جميعا ، يقول تعالى ( من أجل ذلك كتبنا على بنى اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) (المائدة 32 ). وفى القتال فى سبيل الله نرى ملامح القصاص أيضا، فليس فى الحرب فى تشريع القرآ ن أى نوع من الاعتداء. بل هو رد للإعتداء بمثله . أى قصاص، يقول تعالى : (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا ان الله لايحب المعتدين ) والحرمات قصاص : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل مااعتدى عليكم ) (البقرة 190 194 ) وفيما عدا ذلك أوضح القرآن أن عقوبة الزنا هى الجلد ، وليس الرجم، وحدد عقوبات السرقة والقذف وقطع الطريق والشذوذ الجنسى. وهى أمور تخص حقوق العباد وتعمل على ضبط التعامل بين البشر. أما حقوق الله تعالى صلاة وحج وايمان وعبادات فليس لبشر أن يتدخل فيها بالثواب أو العقاب وإنما هى لله تعالى وحده يجزى عليها فى الدنيا والأخرة.. وذلك هو حكم الله تعالى فى القرآن . إلا أن الحكم الكهنوتى الذى عرفه المسلمون بالمخالفة للاسلام جعل الحاكم متألها ينشىء أحكاما يشارك بها الله تعالى فى شرعه ودينه . 6 ـ وحين ظهر التيار الدينى السياسى أخذ ينادى بالعودة الى العصور الوسطى ويتهم الدولة بأنها تحكم بغير ماأنزل الله ، مع أنه يطالب بتطبيق شريعة معظمها أحكام بشرية لفقهاء مختلفين متشاكسين ، وأحكامهم ماأنزل الله بها من سلطان . واذا حاورتهم بالقرآن عجزوا عن الرد واكتفوا باتهامك فى شخصك وتأليب الدولة عليك ، والدولة فى ضعفها تحاول استرضاءهم لأن مستشاريها من الأشياخ يؤمنون بنفس الأكاذيب التى يؤمن بها التيار المتطرف . ثانيا نشرت الأحرار هذا المقال بتاريخ 5 / 7 / 1993. فى سلسلة (قال الراوى ).. ولا زلنا نؤذن فى مالطة ..ولا حياة لمن تنادى ..!!
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ست الملك ولغز الحاكم بأمر الله الفاطمى
-
لكل نفس بشرية جسدان ( 6 ): كيفية بعث الجسد الآخر
-
( العباسة أخت الرشيد) هل كانت السبب في نكبة البرامكة.؟
-
ثقافة العار وعقدة الخواجة :
-
الخوارج
-
لكل نفس بشرية جسدان ( 5 ): الكون : تنظيم ثم تدمير ثم بعث
-
عبد الله بن المبارك : أحد صنّاع الدين السّنى .
-
أخلاق عشوائية
-
لكل نفس بشرية جسدان ( 4 ) بعث الجسد الآخر: خلق وموت وبعث الك
...
-
لقمة العيش
-
تعليق على مقال ( الخليفة الذى مات من التخمة )
-
الخليفة الذى مات من التخمة
-
سلطان
-
تعليقا على ما قاله الأب بيشوى
-
الشيخ الشعراوى : رؤية اقتصادية
-
لكل نفس بشرية جسدان (3 ) التداخل بين عالمى الشهادة المادى وع
...
-
لكل نفس بشرية جسدان (2 ) : شياطين البرزخ وعلاقتها بالنفس
-
الخليفة المعتضد العباسى .. والحائك
-
الدين المغشوش
-
الدواء المغشوش
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|