اميرة بيت شموئيل
الحوار المتمدن-العدد: 3164 - 2010 / 10 / 24 - 08:43
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الاتهامات المتبادلة بين السياسيين العراقيين في الانتخابات الاخيرة عام 2010 ،حول الخروقات او التزوير، ممكن جدا ان تكون صحيحة ولكن في نفس الوقت لايمكن الاخذ بها في الوقت الحاضر!!. لماذا؟؟.
في البداية علينا ان نعي جميعا ان الشعب الذي يخرج بعد سنين من القمع الدكتاتوري الى الحرية لن يتمكن من تطبيق الديمقراطية بين ليلة وضحاها ، فخطوات تغيير مسار شعب باكمله تحتاج الى سنين طويلة من الممارسة والنقد لاجل التصحيح ،وبحسب قدرة وقابلية بل ورغبة هذا الشعب للتغيير الحقيقي . فمجرد تأمين مركز وكابينة وورقة انتخابات، لا تفي بالحاجة اذا اردنا ممارسة حقيقية ونتائج مرضية للانتخابات الديمقراطية. الناخب والمرشح من السياسيين المنتمين وغير المنتمين بحاجة الى تمرين وتمرين الى ان يعوا العملية الانتخابية بشكل خاص والعملية الديمقراطية بشكل عام ( باعتبار العملية الانتخابية جزء من نتاجات العملية الديمقراطية).
الاوضاع الحالية تؤكد حاجتنا جميعا (ناخبين ومرشحين) لتمارين اضافية للحصول على النتيجة المرضية. نعم اننا بحاجة الى اعطاء الفرصة لبعضنا البعض لممارسة العملية الانتخابية، ولكن قبل كل شيئ نحن بحاجة الى تأمين الاوضاع (على الاقل في الوطن) لنتمكن من الذهاب الى مقرات التصويت دون خوف ، فالاحتلال والارهاب والتناحر الطائفي والحزبي والديني في الوطن، تبعدنا عن الالتفات الى مصالحنا الداخلية والخارجية ، وتغمرنا في دوامة من العنف، وبدلا من التحاور وتحكيم المنطق اصبح السلاح مسيطرا على الوضع. وهنا نقول طالما كانت هنالك اسلحة ومعدات حربية خارج اسوار الجيش والشرطة والامن في الوطن الواحد، لن يهنئ فيه احد بحياة ديمقراطية وكريمة. كذلك نرى ان طبيعة العلاقات السياسية والطائفية والدينية المتحكمة في الداخل، تنشر بظلالها في علاقات ابناء الوطن الواحد في الخارج ايضا.
ففي الانتخابات التي اجريت في هذه الدول، رأينا، مع الاسف، الكثير من ابناءنا، المتواجدين في هذه البلدان لسنين، بل وحتى كان منهم من ولد في هذه البلدان، لا يحترموا اصول وقوانين الانتخابات، وكأنهم لم يتعرفوا على هذا السلك الديمقراطي في حياتهم!!بالرغم ان هذه البلدان تقوم بدعاية كبرى للانتخابات وطريقة سيرها وتقوم بدعوة المواطنين، من المتجنسين، الى مركز الانتخابات بشكل اصولي وراقي، وفي المركز الكل مطالب باحترام ومراعات الاصول والمعايير العالمية للانتخابات، كابراز على الاقل هويتين تبين شخصية الناخب وسنه ، ثم السير باصول وهدوء الى صندوق الانتخابات والحفاظ على سرية الادلاء بصوته، ثم الخروج ايضا باصول وهدوء من المركز. اما ما حدث في الانتخابات العراقية، والتي مورست باغلبية ساحقة حتى بدت عامة وبدت الدعوة الى ايقاف الكم الهائل من الاخطاء والتجاوزات تعني بطلان الانتخابات اكثر من تعطيلها.
هنا بعض الاخطاء التي بدت عامة لكثرة تواجدها:
أ- في الناخبين
1- جاء العديد ،وكانهم مقاتلين في ساحات الوغى، شاهرين اسلحتهم الهجومية في وجوه اخوانهم المشرفين على سير الانتخابات، فبالرغم من عدم حيازتهم على هويات يعتمد عليها لاثبات المطلوب منهم، اصروا على الدخول بهوية واحدة ، اجازة سوق مثلا، مشيرين انهم قطعوا مسافات طويلة ليشاركوا في الانتخابات، متناسين انه حتى لو قطعوا ضعفها ولم يحملوا معهم الهويات المطلوبة لن يقبل بهم كناخبين في الدول المتقدمة.
2- الهتافات لهذا وذاك داخل او بالقرب من مركز الاقتراع، بين فترة وفترة بالرغم من ان القانون يمنعها قبل اربعة وعشربن ساعة من بدء الانتخابات.
3- عدم احترام طلب المسؤولين في القسم بضرورة اتباع التعليمات بالتوجه الى محطات الاقتراع الفارغة للحفاظ على ترتيب الحضور ، بل واصر البعض على تجميع اهله واصدقاءه وكل من معه في محطة واحدة دون غيرها محدثا ازدحاما فيها لا معنى له.
4- عدم الانصياع الى طلبات المسؤولين بضرورة التحلي بالهدوء داخل قاعة الانتخابات والاصرار على رفع صوته .
5- احد اكبر الاخطاء في الانتخابات كان التكدس البشري خلف كل صندوق من صناديق الاقتراع ، يتصارع اصحابه على اسماء المرشحين ويتصايحون، وكأنهم جمهور في ساحة المسابقات. لا افهم كيف باشخاص بالغين عاشوا في كندا لسنوات ولابد وان اطلعوا على صور الانتخابات الكندية من التلفزيون او الجرائد ، اذا لم يشاركوا فيها، كيف يتطاولوا على سرية الانتخابات بالاصرار على التكدس البشري وراء صندوق واحد يتحدثون مع بعضهم البعض بصوت عالي. هذه الصورة التي لاتحمل اي احترام لسرية التصويت وحدها ، كانت كفيلة بطرد الالاف من المحطات، لو فرض القانون عليها ولكن، في نفس الوقت كان سيؤدي حتما الى توقفت الانتخابات وتحريك المشاغبات. هنا لم نتحدث عن حالة اشخاص اميين او لا يقرؤا العربية فلهؤلاء حق مكفول بطلب مساعدة من يرغبوا به من مدير المحطة او قريب او صديق، اي شخص واحد فقط.
ب- في ممثلي الكيانات
1- الاصرار على اجبار مسؤولي الانتخابات على اتخاذ ما يرونه هم صحيح دون الرجوع الى مسؤولي كياناتهم، كما حدث عندما اصروا على اجراء الفرز في اخر يوم، مع العلم ان مسؤوليهم وافقوا على تأجيل الفرز.
2- فرض العلاقات الشخصية والخلافات، سواء بين بعضهم البعض او بينهم وبين مسؤولي الانتخابات، في عملهم كمراقبين.
ج- في مسؤولي الانتخابات
1- تغليب العلاقات الشخصية او الحزبية او الطائفية في العمل
2- ابداء الانزعاج والعصبية اثناء العمل وكان المفوضية اجبرته على الانخراط في تسيير العملية الانتخابية .
3- التهرب من العمل مستغلين انشغال المسؤوليين او اختراع الحجج للتهرب من العمل الذي تقدم بنفسه للانخراط فيه، بالرغم من قصر فترة العمل (اسبوع على اكثر تقدير).
د- في ادارة المفوضية العليا
1- عدم تحديد وترتيب اتفاقياتها مع المتقدمين للوضيفة لديها، فالمفروض من اي شركة جهة ان تكون واضحة في اتفاقياتها مع المتقدمين للعمل لديها من اول لقاء وقبل المباشرة بتدريبهم (خاصة كمية وكيفية دفع الرواتب).
2- تغيير شروط قبول او عدم قبول الهويات في وسط عملية الانتخابات كشف التردد الواضع للمفوضية وعدم دراسة العملية قبل البدئ بها.
فاذا كانت كل هذه الاخطاء قد رصدت في الانتخابات العراقية في كندا، دولة الانتخابات الديمقراطية، فكيف الحال بالانتخابات في الدول الاخرى.
نقول، كل هذه الاخطاء واكثر منها تحصل عند الشعوب التي عاشت زمنا طويلا تحت نير الارهاب والدكتاتورية ولا يمكن لاحد محوها بجرة قلم او عملية انتخاب واحدة او اثنتان، فتفادي اخطاء الانتخابات تحتاج الى تمارين عديدة يسيرها الاصرار على نجاح العملية الديمقراطية، فمثلا تعتبر عملية الانتخابات التي اجريت هذه السنة افضل من العمليتين السابقتين، بحسب تصريحات المراقبين الدوليين للانتخابات، وافضل من العديد من الدول النامية الاخرى في العالم، وهذا بحد ذاته يعتبر سببا ايجابيا لتقبل نتائج الانتخابات الاخيرة.
من ناحية اخرى، ليكن معلوما ان الاخطاء في الانتخابات موجودة في كل البلدان، ولهذا نجد انه حتى الدول المتقدمة تحتاج في انتخاباتها الى مراقبين دوليين وممثلين عن الكيانات المختلفة ومدراء محطات لتسييرها بشكل نزيه وقانوني وعادل، فما زال فعل الانسان في حاجة الى مراقبة ونقد لتعديله.
من هنا نقول وبكل صراحة نعم، كانت هنالك خروقات كثيرة من قبل الجميع اوجدتها الظروف السياسية الشائكة ولكن تصريحات المراقبين الدوليين افادت بان الانتخابات الحالية افضل من سابقاتها واللاحقة حتما ستكون افضل.
من خلال ما استعرضناه من سلبيات وايجابيات الانتخابات، نجد ان رفض نتائج الانتخابات الحالية لا يستند الى منطق حكيم، وان استند، فيجب رفض نتائج الانتخابات السابقة، لان ظروفها كانت اسوء وسلبياتها اكثر.
#اميرة_بيت_شموئيل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟