|
امتحان الإرادة السياسية
محمد السهلي
الحوار المتمدن-العدد: 3163 - 2010 / 10 / 23 - 14:52
المحور:
القضية الفلسطينية
في ختام الأسبوع الأول من الشهر القادم، تنتهي فترة الشهر التي وضعتها لجنة المتابعة العربية في يد الإدارة الأميركية كي «تنفقها» في محاولة إقناع بنيامين نتنياهو وحكومته من أجل تمديد تجميد الاستيطان تمهيدا لعودة مياه المفاوضات إلى مجاريها المباشرة. وتعقد اللجنة آمالها على نجاح واشنطن في هذا المسعى، لأن ذلك يعفي «المتابعة العربية» من صداع البحث في البدائل التي قدمها الجانب الفلسطيني أمام اجتماع اللجنة في الثامن من هذا الشهر ونوه إلى أنه بصدد دراستها فيما إذا تمترست حكومة نتنياهو عند مواقفها المتمسكة باستمرار التوسع الاستيطاني في القدس وسائر أنحاء الضفة. وفي بداية الأسبوع الأول من الشهر القادم أيضا تتضح نتائج الانتخابات النصفية الأميركية التي ربما تضع إدارة أوباما في وضع مختلف عما هي عليه اليوم. معادلة الأمس هل تستعاد اليوم.. في انتظار ما يحدث على الضفة الأخرى.. ومن ثم ربما يقرر العرب ومعهم المفاوض الفلسطيني أن يبحثوا في مهلة أخرى علها تأتي.. بجديد؟ كان الرئيس عباس قد قدم أمام اجتماع لجنة المتابعة العربية عرضا مكررا لمسار المفاوضات في مرحلتيها الأخيرتين «أنابوليس» مع حكومة أولمرت (2008) والمفاوضات التي جرت هذا العام بشكليها المباشر وغير المباشر مع حكومة نتنياهو. وبعد أن خلص إلى أن الموقف الإسرائيلي لا يزال على تعنته في موضوعة تجميد الاستيطان أبلغهم قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بوقف المفاوضات بسبب استمرار البناء الاستيطاني في القدس والضفة. كما وضع أمام أعضاء اللجنة مجموعة الاحتمالات المطروحة (بالتوالي) في حال استمرار الموقف الإسرائيلي على حاله: • إذا ما أوقفت إسرائيل الاستيطان، سيتم مواصلة المفاوضات المباشرة. • إذا لم يحصل ذلك، سيتم التوجه إلى الولايات المتحدة ومطالبتها بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67 على أن تترك للأطراف مسألة التفاوض حول تبادل الأراضي. • إذا لم تستجب واشنطن، يتم التوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار للاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67 على أن يترافق ذلك مع الطلب من الولايات المتحدة بألا تعرقل صدور هذا القرار. • إذا لم يحصل ذلك، تتم المطالبة بفرض الوصاية الدولية على الشعب الفلسطيني. • في حال لم تنجح الاحتمالات السابقة، فسيكون الخيار المطروح هو رهن استمرار وفاء منظمة التحرير بالتزاماتها بموجب الاتفاقات الموقعة بمدى التزام إسرائيل بهذه الاتفاقات. • وفي حال واصلت إسرائيل خرق التزاماتها، يعلن الجانب الفلسطيني وقف التزاماته أيضا. تبدو للوهلة الأولى ومن خلال عرض هذه الاحتمالات أو البدائل أن المشكلة ستحل تماما في حال تم أنجاز الاحتمال الأول. لكن الأمر يختلف مع تقديرنا لأهمية وقف الاستيطان لأن المسألة تتعلق بمسار المفاوضات وأجندتها والأهم من كل ذلك مسألة تغييب مرجعيتها التي طالبنا مرارا بأن ترتبط بقرارات الشرعية الدولية وهذا أمر يجب الإصرار عليه لأنه يقطع الطريق على محاولات الدفع باتجاه اتفاق إطار يضع حل القضايا الرئيسية للصراع (اللاجئون ـ القدس..) في ميدان الحلول الوسط ربطا بموازين القوى المختلة بشكل هائل لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي. وخاصة أن الجانب الأميركي يترك مسار حل هذه القضايا ونتائجه إلى ما يمكن أن «يتفق» حوله الجانبان. وتتضمن هذه الاحتمالات لغمها في بندها الثاني الذي يتحدث عن مفاوضات ثنائية بشأن تبادل الأراضي وهو مبدأ ينبغي عدم الإقرار به، وتجربة مفاوضات أنابوليس أثبتت ذلك عندما أصر أولمرت على نسبة تبادل لا تقل عن 6.5%، بينما يستعد نتنياهو بحسب أوساط مقربه منه إلى زيادة هذه النسبة لا تخفيضها. ومن الواضح أن الاحتمالات المطروحة تنحصر في إطار التحرك السياسي بمستواه الدبلوماسي مع الإشارة إلى أن مصادر فلسطينية مطلعة نوهت إلى أنه تم تشكيل لجان قانونية عربية لدراسة تطبيق هذه الاحتمالات بينما كانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قد أحالت في بداية الشهر الجاري إلى اللجنة السياسية مهمة دراسة الخيارات الأخرى في حال استمر الوضع على حاله. ومع تقديرنا لأهمية دراسة كل خطوة قادمة دراسة دقيقة ربطا بأي استحقاقات ناتجة عن اعتماد أي من الخيارات المطروحة، إلا أننا نعتقد أن فاعلية وتأثير أي من هذه البدائل تزداد ملموسية في حال ترافقت مع الفتح على الخيارات السياسية التي يؤمنها البرنامج الوطني بعناوينه الرئيسية وفي المقدمة تفعيل المقاومة الشعبية في مواجهة الإجراءات العدوانية الإسرائيلية على جبهة الاستيطان واعتداءات المستوطنين المتواصلة. في هذه الحالة يكتسي الخطاب الدبلوماسي تجاه موضوعة الاستيطان قوة أصيلة تجد إمدادها الفعلي بين صفوف الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس الذي يتهدد مستقبله الوطني بفعل عمليات الاستيطان وحملات التهويد. وهذا يضع اللجنة التنفيذية والمفاوض الفلسطيني أمام التزاماته ربطا بالقرارات السابقة والمدعومة من حركة الشارع على الأرض. إن تصحيح الموقف الفلسطيني المعتمد تجاه موضوعة الاستيطان بربط المستويين الشعبي والسياسي يفتح على ضرورة التكامل مع الموقف العربي المفترض وتصحيح المعادلة العربية ـ الفلسطينية باتجاه أن يكون الجانب الفلسطيني هو المصدر الأساس لبلورة البدائل وحواملها السياسية والشعبية وأن تقدم إلى الإطار العربي من زاوية وضعه أمام التزام دعم الخيار الوطني الفلسطيني وتوظيف الطاقات العربية المتوافرة من أجل توحيد خطاب مشترك يتم التوجه به بإرادة سياسية موحدة نحو أركان المجتمع الدولي باتجاه الأمم المتحدة بمؤسساتها المختلفة. نقول هذا في سياق متابعة الحالة الانتظارية التي تعيشها الحالتان «الرسميتان» العربية والفلسطينية ترقبا لما قد يستجد لدى الإدارة الأميركية في سياق جهودها لإقناع نتنياهو بما سبق أن عرضته عليه في مقايضة الضمانات الأمنية والسياسية الأميركية مقابل التجميد المؤقت لستين يوما ولمرة واحدة فقط. في الوقت الذي لا ينتظر فيه الجانب الإسرائيلي نتائج أي حدث يعطله عن مواصلة إعلان العطاءات الاستيطانية وقد أعلن مؤخرا عن مثل هذه العطاءات في حي رامات الاستيطاني في القدس الشرقية وفي بسغات زئيف وفي مستوطنات أخرى متوزعة في أنحاء الضفة الفلسطينية. وبحسب التجارب السابقة، لا يتوقع المراقبون حدوث اختراق جدي على جبهة الموقف الإسرائيلي من الاستيطان، ولا يستبعدون لجوء الإدارة الأميركية إلى ابتكار حلول وسط تتيح لنتنياهو عدم مواجهة احتمال اتخاذ قرار واضح وصريح بتجميد الاستيطان وتفهم اقتراحاته المتعلقة بكبح عملية البناء الاستيطاني ليس إلا. في هذا السياق، نرى أن ما يجب التركيز عليه من قبل الجانب الفلسطيني هو الإصرار على عدم الدخول إلى المفاوضات مجددا بدون تصحيح أسسها كما ذكرنا سابقا، وإلى جانب ذلك دعم التحرك السياسي والدبلوماسي بحراك شعبي واسع. فهذا هو الذي يؤكد توافر إرادة سياسية لنقل الوضع الفلسطيني إلى حالة المبادرة ومغادرة موقع الانتظار.. هي الإرادة السياسية أولا وأخيرا.
#محمد_السهلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يقنع الآخر؟
-
فتح حماس: التفاهم الثنائي ومتطلبات استعادة الوحدة
-
دائرة مغلقة.. ولكن
-
فشل المفاوضات.. و«نجاحها»
-
مفاوضات .. وهراوات!
-
الطريق المسدود
-
امتحان «الرباعية»
-
رسائل أوباما .. كمرجعية؟!
-
من الوعد .. إلى الوعيد!
-
المراوحة كإنجاز
-
المفاوضات كمصلحة.. لمن؟
-
مناورة أميركية
-
قاموس ميتشل
-
الاستحقاق المغيَّب
-
حتى لا ينجو القاتل
-
من أحبط الرئيس؟!
-
المطالب الأميركية ومؤشرات الرد الإسرائيلي
-
من يدفع ثمن الإستيطان؟
-
شجار عائلي
-
الدوامة
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|