|
التيار الصدري وجيش المهدي...قراءة اخرى
عارف معروف
الحوار المتمدن-العدد: 954 - 2004 / 9 / 12 - 11:20
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تحفل مواقع الانترنيت العراقية المختلفة ، يوميا ، بسيل من الكتابات ، تتناول التيار الصدري ومقتدى الصدر وجيش المهدي... ويمكن تمييز موقفين رئيسيين تشتمل عليعهما هذه الكتابات / المواقف.. فمعظم مايصدر عن المنسوبين او المقربين من اوساط الحكومة الموقته من اليسار الشيوعي التقليدي وحتى اليمين الليبرالي المتبني بالكامل للاجندة الامريكيةفي العراق ، تصدر عن لغة خطاب واحد تقريبا، حد تكرار المفردات ذاتها، خطاب بلغة الشتيمة والادانة والتشنيع والتشكيك يرى في هذا التيارتهديدا جديا للعملية السياسية والديمقراطية الجارية ومعوقا خطيرا لعجلة البناء والتقدم الاخذة في التحرك الى امام او فعلا غير منطقي ينجم عن جهل وحماقة وغرور وحب مفرط للزعامة باي ثمن ودون مبالاة بمسيل الدم او فعل يصد ر عن دفع خارجي ومؤامرة اقليمية يخدم فيها هذا التيار كحصان طروادة لدوائر تسعى جاهدة لتد مير "تجربة البناء الديمقراطي "في العراق او " اضاعة" الفرصة التاريخية في توفر رغبة امريكية في بناء عراق نموذج ينعم بالرخاء والوفرة والحرية! ويتراوح النقد في هذه الكتابات ، رغم وحدة الاطار ، بين القول بانعدام التوجه الواضح او البرنامج السياسي المحدد لهذا التياروالذي يمكن ان يمثل مرجعية واضحة ومفهومة للاخرين ، في احسن الاحوال ، او القول بانه ليس غير ردة فعل غوغائية تفتقر الى الهدف وتتبنى العنف من اجل العنف او رغبة في اشاعة الانفلات الامني و" الحوسمة "(1) اي السلب والنهب ،يسعى اليها نفر ضال وحثالة اجتماعية تحت غطاء ديني واسم لعائلة تحضى بالاحترام او ، وكما سبقت الاشارة انها مجموعة تخضع لدفع خارجي يحاول تحقيق اجنده اجنبيه معادية للاستقرار في العراق ، ثم اخيرا، غطاء لفلول ومرتزقة النظام . اما الموقف الرئيسي الثاني فهو موقف بعض من يتبنى معارضة الواقع السياسي في العراق اليوم او يدعو الى مقاومته وابطاله ومقاومة الاحتلال ومعه الكثير من ممثلي ودعاة " النظام العربي "والاعلام العربي الذين يؤيدون هذا التيار بحماس ويضفون على مواقفه صفات البطولة والوطنية والوعي الاسلامي والوطني الدقيق بطبيعة التحدي او على الاقل الاستجابة الشعبية العفوية والرغبة في التضحية من اجل الوطن والدين ودفاعا عن حرمتهمااتجاه الغزاة الامريكان. في حين ينطوي الامر لدى بعض اخر على مفارقة غريبة من غرائب الراهن العراقي :فاكثر الفئات تهميشا ومعاناة من جور النظام الصدامي ، تلك التي سحقت حتى العظم، تلتقي مع وتخدم غايات اكثر الفئات استفادة من ذلك النظام وتمتعا باالامتيازات والتي تقاتل هي الاخرى ولكن دفاعا عن امتيازاتها المفقودة او المهددة. وفي كل هذه الكتابات او معظمها نلمس مواقف انفعالية وسطحية ولغة صحافية متسرعة لاتعالج المشكلة على انها ظاهرة اجتماعية / سياسية جد يرة بالفحص والتمحيص ، او تحاول تلمس خلفياتهاالاجتماعية او الاقتصادية ان وجدت ويكون ذلك مدعاة للاسف فعلا حينما يصدر عن اقلام يسارية او علمانية " علمية " تلتزم او يفترض انها تلتزم منهجيات تعتبران من اساسيات فهمها وتقييمها للظواهر السياسية والفكرية : البحث عن خلفياتها الاجتماعية واسسها الواقعية الكامنة فيما وراء اليومي والاني وتجاوزه الى الدافع والمغزى الاجتماعي الخفي ..الخ لم يتساءل احد مثلا لماذا حضي ويحضى هذا التيار بهذا التاييد الشعبي الواسع لدى قطاعات ليست هينة من الفقراء والمسحوقين ؟ا ولماذا يتركز ثقل قواعده الرئيسي في احزمة الفقر والحرمان في مدن الثورة والشعلة ومحافظات جنوب الاهمال والمعاناة ؟ مالذي يدفع المئات والالوف من الشباب اليافعين الى القتال في سبيله والموت دونه وبطيب خاطر ، رغم غموض الرؤيا وعدم وضوح الهدف الا ضمن عبارات عامة وشعارات فضفاضة ؟ هل يموت هؤلاء بفعل ايمان لايتزعزع بافكار ورؤى متماسكة ومؤثرة ميزت السيد مقتدى الصدر ، او كارزمية طاغية عرفت بها شخصيته؟ كل الوقائع لاتؤيد ذلك وتعكس امكانات متواضعة ومحدودة للزعامة والتاثير يمكن ان يتمتع بها السيد مقتدى ؟ اذن مالذي يجعل له هذا التاثير البين الذي تفتقر اليه احزاب "جماهيرية " قارعت الدكتاتورية والطغيان لعشرات السنين ! هل نعود الى لغة صدام حسين عام 1991في وصف انتفاضة اذار فنقول مثلما يقول البعض الان بانها مجرد انتفاضة غوغاء ؟ا وتدخل خارجي ايراني ؟مالفرق بيننا وبينه اذن!ان كلامي هذا لايعني انني اؤيدمايذهب اليه هذا التيار على صعيد الدعاوى والاساليب او الفهم والتقدير لكنني ادعو الى فهمه ودراسته والتعاطي معه على اساس كونه ظاهرة اجتماعية / سياسية جديرة بالفحص والتمحيص والبحث عن خلفياتها واسسها الاجتماعية ، والعناية بما وراءها من شكاوى ومطالب قد تكون جديرة بالتعاطف والاستجابة خصوصا من قبل تيارات النقد الاجتماعي واليسار والقوى والشخصيات العلمانية والديمقراطية ، انني غير معني في حقيقة الامر بالسيد مقتدى الصدر وافكاره والمحيطين به من الحوزويين وما يحرمون وما يحللون... بل بالقاعدة الاجتماعية الواسعة من فقراء ومعدمي وهامشيي المدن التي تلتف حولهم ... اعني مطالب ومطامح ودوافع وهموم اولئك المسحوقين الذين يمثلون غالبية جمهوره ومقاتليه اولئك الذين قد ينظرون الى الامر كله وكانهم خرجوا من المولد بلا حمص كما يقول المثل المصري او كأن بؤسهم وشقائهم وحرمانهم حكم مؤبد تواطئت كل القوى والعهود على اقراره كثابت من ثوابت الحياة في العراق. ان معظم ما كتب حول التيار لايريد ان يرى او يقر بأن في الامر ازمة ، ازمة اجتماعية وسياسية ، ومن يقر بذلك يلقي تبعتها على عناصر او دوائر اجنبية تحرض وتستثمر ، صحيح ان فعل العامل الخارجي يمكن ان يجعل من " الحبة قبة"كما يقول المثل لكن يتعين ان تكون هناك " حبة " اولا .. يتعين ان تكون هنالك مشكلة ابتداءا لكيما تستثمر ، ان اية ازمة لاتحل بأنكارهااو القاء تبعتها على عوامل خارجية ، لقد كان هذا دائما اسلوب الدكتاتوريات والاسلوب البوليسي في معالجةالظواهر السياسية خصوصا ذات التاثير والاتساع البين، وان نحونا هذا المنحى لن يفيد نا في شيءولن يجعل مقاربتنا ناضجة او مفيدة ، ان قاعدة الفقر والاستلاب والتهميش والتمايز موجودة . ان الد يناميت جاهز اما الصاعق الذي سيشعله ويؤدي الى الانفجار، العامل الذي سيفَعل ويستغل هذاالواقع فهذا امر اخر ، ففعله محدود او رهين او معلق على شرط ، فهو لايستطيع ايجاد هذه الظاهرة من لاشيء وان اوجدها من لاشيء فلا يستطيع ان يضمن لها الد يمومةوالاتساع ، مالم تكن هناك عناصر تضمن ذلك في البيئة المعنية ذاتها . ان ايران تدخلت مثلا في دعم وتسليح حزب الله في لبنان لكنها لم تخلقه من لاشيء او انها على الاقل لم تخترع قاعدة وجوده وامداده الاجتماعية ، لقد كانت قاعدة الحرمان والبؤس والمطالب الكامنه موجودة ، كانت القضية والازمة قائمة... يجب النظر الى الامور من هذه الزاوية ووفقا لهذه الرؤيااذا انطلقنا من فهم الظواهر السياسية على اساس ان لها بواعث اجتماعية واقتصادية في الاساس وفي هذا الصدد اسجل بضعة معطيات وملاحضات مما اعتقد انه يمكن ان ينفع في دراسة الظاهرة والتعاطي معهاويمكن لغيري ان يقدم ماهو اشمل واعمق مما رصد ت بغية تاسيس فهم جدي ومفيد كما اسلفت : 1-نشأ هذا التيار حول والد مقتدى ، السيد محمد صادق الصد ر ، كما هو معروف ، الذي قد يكون من التف حوله في البداية من الشباب الحوزويين والمتعلمين قد تأثر ببعض طروحاته واراءه التي تحمل شيئا من الجرأة والجدة والخصوصية ، كالدعوة الى اقامة صلاة الجمعة التي يشترط الشيعة لاقامتها شروط خاصة كانت في حكمهم متعذرة حينذاك والدعوة الى ان تكون الحوزة ناطقة ومهتمة بالشأن الشعبي والمعاناة اليومية ..الخ وحضي بدعم النظام او تغافله ، على الاقل ، ابتداءا لمرامي واهداف معروفة ، لسنا بصددها الان، لكنها مثلت في رأي مريد يه قد رة تاكتيكية فائقة تميز بها الصدر الاب واستغلها لصالح انماء وتعزيز قواه ، لكن الشيء الجدير بالانتباه والعناية هو ان جل مريديه لم يكونوا من طلاب الدراسات الدينية "الحوزوية" في المدن المقدسة وانما من الشباب انصاف المتعلمين من فقراء المد ن والمحافظات ومسحوقي مدن الثورة والشعلة اللذين كانوا فيما اعتقد يبحثون عن اطار سياسي يلم فعاليتهم ويعكس مطالبهم واهدافهم ويشبع حاجتهم لمواجهة النظام الدموي الذي كان يستغلهم بلا رحمة ولا اعتبار لاي كرامة او صفة انسانية لديهم فكانوا وقود حروبه ومعاركه وميدان اعداماته وممارساته الشاذة واللاانسانية كقطع الاذن واللسان ووشم الجبين وزبائن دائميين لسجونه ومعتقلات تحقيقه ومد يريات مكافحة الاجرام لديه وفي نفس الوقت قوة العمل التي تنهب بلا رحمة فتشيد القصور والمنتجعات باجور بخسة ووفق نظام عمل هو اقرب الى السخرة والاستعباد من اي شيء اخر ، لقد تلفتوا حولهم فلم يجدوا اطارا ينظم فعاليتهم واحتجاجهم ، ولم يجدو قيادة يمكن ان تواجه النظام الصدامي انذاك سوى محمد صادق الصدر الذي كان يخاطبهم بلغة يفهمونها ، لغة رجل دين بسيط منهم يتكلم بلغتهم ويتفهم همومهم واخطائهم ويفتح لهم باب الاعتبار والمنزلة ، وقد شاع في حينها تعاطف وانجذاب الكثير من الهامشيين والمجرمين السابقين وتوبتهم على يديه وتحمسهم لدعوته وانخراطهم في العمل ضمن اطارها ، وهو امر عرفته الاحزاب الثورية الجماهيرية في العراق ابان سنوات صعودها وتألقها وعدته انجازا يدعو الى الفخر. لقد حصل ذلك في ظل حاجة لازبة الى القيادة واطار سياسي كما سبقت الاشارة ، في وقت عز فيه المطلب ، حينما لجأت القيادات الى الخارج واضمحلت التنظيمات السياسية او كادت وضعف اليسار وتآكلت قوة الحجة والقدرة على الاقناع لديه بفعل ظروف وسياسات لسنا بصددها الان ... لقد ضمت الجماهير التي التفت حول الصدر انذاك حتى يساريين وشيوعيين سابقين وجدوا في الدين وتيار وقيادة الصدر على وجه الخصوص بديلهم الذي يعوض خسارتهم الجسيمة بانهيار المثال ووسيلتهم الواعدة للمواجهة والتغيير!! اذن لقد وجد ت الفئات المعدمة والمسحوقة من الشيعة في مدينة الثورة في شخص الصدر قائدا يبعث فيها الامل ، ان هذه الجماهير لم تنتفض او تلجأ الى اعمال العنف حينما اغتالت مخابرات صدام السيدين الغروي والبروجردي وهما من مراجع الشيعة الكبار لكنها واجهت دبابات الحرس الجمهوري ورشاشات الامن الخاص بأيد عزلاء وقتل منها الكثيرون عند سماع نبأ اغتيال السيد الصدر ، حصل هذا الامر قبل مجيء امريكا ودون وجود اصبع لايران، ودون زعامة مقتدى ! 2-اين نجد مثل هذا الموقف في تاريخ العراق الحديث لمقارنة لاتخلو من عميق دلالة ؟ قبل اربعة عقود هب فقراء ومعدمي مدينة الثورة في مواجهة دبابات انقلابيي شباط 1963 وطائراتهم وهم عزل تماما من السلاح في سبيل الدفاع عن الجمهورية التي حققت لهم الكثير من المكاسب وعاملتهم بطريقة انسانية لائقة ، وفي سبيل الدفاع عن عبد الكريم قاسم " ابو الفقراء " ، والذي كان الزعيم الوحيد الذي احبوه من القلب كما قال اسماعيل العارف بحق،وبعد ان اغتيل في ذلك الانقلاب لم يصدق هؤلاء انه يمكن ان يموت ، لانه كان يمثل لديهم الامل فرفعوه الى السماء وبداو يرون صورته في القمر!ثم تحولوا الى حاضنة اساسية لاحزاب اليسار والقوى الدينية التي رفعت لواء المواجهة في وجه النظام البعثي والصدامي ومصدر تغذية لا ينضب لقوافل شهداء الاعدامات من الشيوعيين والقوى الدينية، ان محتوى هذه القاعدة الجماهيرية في الجوهر محتوى اجتماعي له مطالب ومطامح وغايات محدده حتى لو لم يدركهاالا بصورة غائمة وسد يمية ، انه يعرف بالحس اين تتجه بوصلة مصالحه بغض النظر عن شكل الافكار ونوع الرايات التي ينضوي تحت لواءها ، ان هذه الجماهير كان يمكن ان تكون قاعدة لليسار لولا خيبة املها فيه واعتقد ان هذا يقدم بعض التفسيرللقسوة المفرطة واللامبالاة التي ووجهوا بها سواءا في عهد صدام او مؤخرا على يد القوات الامريكية وقوات الحكومة العراقية المؤقته التي تبدو اكثر تحفضا ومرونة في مواجهة مسلحين يسيطرون على مناطق كاملة ويتحكمون بمقدرات سكانها. 3-تتكون قاعدة هذا التيار الاساسية من الشباب ومن فئات عمرية فتية وذات تجربة سياسية محدودة وغضة ومعضمهم محدود الثقافة رغم حماسته وبعضهم يقدم على الاعمال العسكرية الطائشة باندفاع وتهور وتقع بينهم ضحايا ليس في حسابها اي جدوى عسكريةوهذه كلها وقائع يجب تسجيلها ودراستها من قبل القوى العلمانية والديمقراطية خصوصا في توجهها نحو قطاعات الشباب الفقيرة بالتوعية والتثقيف فهذه القطاعات يمكن استثمار ظروفها واشعال حماسها بالضد من مصالحها نفسها كما كان شأن قاعدة جماهير طالبان . 4-ان معظم قادة التيار الصدري ، بل كل من رأيناهم كممثلين عنه او له هم " شيوخ" وليسو" سادة " اي انهم ليسو مما يمكن ان نسميه بالارستقراطية الدينية التي تحضى بالمنزلة والاحترام بالولادة ، وهم في معظمهم طلاب فقه فقراءعليهم الكفاح طويلا لاثبات ذاتهم وقد يفلح البعض منهم في ايجاد مكانة له بشق الانفس ان ذلك ايضا يقربهم حتى في اسلوب حياتهم وترقيهم من شغيلة الفكر على نحو من الانحاء ، كما ان ذلك يعكس ان هذا التيار يفتقر الى" الكادر" القيادي الذي يتوفر للتيارات الاسلامية الشيعية من فئة السادة والمراجع ، وانه تيار تتسع قاعدته الجماهيرية بسرعة(؟) مما يتطلب اعداد كوادر ومشايخ على عجل فما الذي يجعله مركز جذ ب ؟ 5-ان شخص مقتدى الصدر، بحسب ما نرى ، ابعد ما يكون عن الشخصية الكارزمية او القائد اللامع الذي يتمتع بسمات مميزة او خطيب مفوه تلتف حوله الجماهير ويلهب حماسها انه ليس الخميني ولا حتى حسن نصر الله ، لكن هذا غير مهم ، ان التيار او الحركة الاجتماعية المضمون تخلق قادتها وتمجدهم عند الضرورة وتلفظهم عند الاقتضاء وعند تخلفهم عن تلبية مطامحها ، مثلما كان الاعراب يصنعون آلهتهم من التمر ويعبدونهم عند الحاجة ثم يأكلونهم عند الاقتضاء ! اننا نرى ان هذه القاعدة الجماهيرية لم يخلقها مقتدى وانما هي التي خلقته ولو لم يتوفر لها لخلقت مقتدى آخر ، كما ان هذه الجماهير لا يهمها في الجوهر ولا يعنيها امر الصراع الفقهي ومدارسه والمجادلات الفكرية البيزنطية عن الاعلم والاعلمية ، انها تتبع بحدسها وحسها ما تعتقد انه يمثل حاجاتها ويعكس ميولها ، لقد اجاب احد عناصر " جيش المهدي " في مدينة الثورة على سؤال وجهته احدى الفضائيات " اننا لانقاتل دفاعا عن مقتدى ، ان مقتدى مجرد قائد ، وحتى لو قتل فاننا سنواصل القتال من اجل الدين" وهذا امر له دلالته الجديرة بالاعتبار ، اما مايعنيه امثاله بالدين فلا اعتقد انه الطقوس والمماحكات الفكرية بقدر ما يعني " الحق" اي العدالة الاجتماعية والحلم بحياة افضل. 6-يقف معظم الشيعة _في الواقع وليس بالادعاء والتوريات والمواربات_ موقفا مناهضا لتيار الصدر وجيش المهدي خصوصا الطبقات والفئات الاكثر ثراءا وتلك التي تفتحت آمالها بالنمو الاقتصادي والاستقرار بعد عقود من الظلم والقهر والحرمان او تلك التي تجد ان من مصلحتها اعادة بناء العراق عن طريق الارتباط بامريكا ومتطلبات العولمة وتطمح الى ان يحول الوجود الامريكي والرغبة الامريكية العراق الى مثال ومنارة اقتصادية تشع بمثل الرفاه والحرية او على الاقل يتحول الى دولة تنعم بالثراء المادي والاستقرار الامني والاجتماعي مثل دول الخليج العربي مما تؤهله لها ثرواته وامكانياته ، ان معظم هذه الفئات تتطير من جيش المهدي وتيار الصدر وتنظر اليهم بريبة وتشكيك وتتراوح اتهاماتهم من التشكيك في تدينهم اصلا الى كونهم " غوغاء" و"حثالة "و"حواسم "حتى العمالة والارتباط باجهزة مخابرات اجنبية تبدأ من ايران وتنتهي بالموساد الاسرائيلي ، وهذه ثيمة عراقية وعربية بامتياز!، وقد يكون التشكيك في تدين معظم عناصر قاعدتهم الجماهيرية وكونها من قاع المجتمع صحيحا جزءا او كلا وهو مايعزز مانذهب اليه من التفاف جماهير واسعة من الفقراء والمسحوقين حول هذا التيار وتشكيلهم لقاعدته الاجتماعية دون كبير مبالاة بمنهاجه الديني او تفاصيله الفقهية . 7- لايواجه جيش المهدي والصدريين ، الامريكان بوسائل" ارهابية" بل كتيار جماهيري شعبي فمقراتهم معلومة وقادتهم معروفين وحتى في المواجهات العسكرية لا يلجأ ون الى التفخيخ او التفجير الذي يودي بحياة مدنيين او عزل او ابرياء ولم يلاحظ انهم استهدفوا الناس بالقتل على اساس هويتهم الطائفية – كما يحصل يوميا من قبل قوى معروفة تدعي المقاومة –وهم في مواجهاتهم العسكرية غالبا ما يواجهون الامريكان كجماهير وتظاهرات مسلحة مما يوقع في صفوفهم ضحايا كبيرة لاتتناسب وانجازاتهم العسكرية مما يعزز القول انهم جماهير مسلحة وليس قوى ارهابية منظمة ، وهذه امور اذ تستوجب النقد من الناحية العسكرية فانها تستوجب الاعتبار والتعمق من ناحية العلاقة بالجماهير ومثلما ان " الاسلوب..الرجل" فان الاسلوب هو الحزب او التيار . 8- ان كل ما ىتقدم لاينفي امكانية المداخلات المغرضة لاجهزة وفئات محلية واقليمية او دوليةالا تريد للعراق الاستقرار والبناء او تريد ان تجعل منه ارض معركة مسبقة لاجهاض نوايا امريكية او حتى دول وجهات اقلبمية وعربية متخوفة من نموذج او منارة امريكية محتملة بغية التأثيروالحث باتجاه اجندات وتغييرات شاملة في المنطقة ، او جهات متضررة بخسران الامتيازات وتغير المعادلات والتوازنات السياسية والاجتماعية داخليا او حتى قوى اكثر بعدا من الناحية المكانية ولكن لاتعدم اهتماما ومصلحة في التأثير في الوضع العراقي وصيرورته ، كل شيء محتمل فالعراق اضحى ساحة صراع مفتوحة يمكن لاية قوة ان تند س تحت هذه اللافته او تلك وتتخذ منها غطاء لتحقيق بعض مآربها .. ولكن يبقى الاصل في المعالجة بالنسبة لنا ان ثمة حركة احتجاج ورفض اجتماعي في صفوف الفقراء يتوجب البحث عن منشاها وحافزهاالاصيل بعيدا عن الاتهامات. 9- ان القتال ضد الامريكان لايتماهى واية اعمال عنف وارهاب تحصل ، وحتى في عنوانها الاوسع والاشمل " مقاومة الاحتلال " فانها تعكس اغراض ودوافع مختلفة وكذلك غايات واهداف متباينة " ان مقاوم الفلوجة وتكريت" لايشبه في شيء مقاوم الثورة والشعلة او البصرة ، والغايات ليست واحدة ومن يحاول تقديم الامر كله على اساس لافته واحدة هي المقاومة الوطنية ضد الاحتلال يخدع نفسه اولا ويبغي اشاعة التضليل والديماغوجية ثانيا . ان من يقاتل من اجل ملك زائل او دفاعا عن مصالح وامتيازات فئوية وطبقية يشعر انها مهددة غير من يقاتل بسبب شعوره بالظلم والغبن والجوع، وهذا امر يجب ان لايغرب عن بالنا بسبب النفاق الذى تمارسه القوى المعادية للديمقراطية والشعب واعلام النظام العربيبالتظاهر بدعم وتأييد التيار الصدري ، ففي خضم الازمة العراقية تصطرع اهواء شتى وكل يغني على ليلاه! 10-لابد من العودة الى التاكيد من ان كل ماقلناه لاينفي الطابع غير التقدمي والمعادي للديمقراطية والفكر العلمي في اساس وبنية هذا التيارالفكرية لكننا نتكلم عن محتواه الاجتماعي او بالاحرى عن قاعدته الاجتماعية التي يمكن ان تكون قاعدة لفعل تقدمي والتفاف حول مطالب ديمقراطية واجتماعية واضحة كما يمكن ان تتحول الى سلاح بيد قوى رجعية وظلامية كما حصل في افغانستان او قاعدة للفاشية كما حصل في ايطاليا في ظروف احباط ومعاناة شاملة مشابهة ان هذا التيار كما سبقت الاشارة لم يصل بعد الى وضوح المنهج والرؤى وهو يعيشفي مخاض واضح ويشهد وشهد سابقا انشقاقات وتشضيات كلها تعبر عن اننا نشهد تيارا في طور التكوين لم تتشكل قسماته الواضحة بعد وتكمن خلفه مطالب اجتماعية ، ان امر تطوره ومصائره رهين ايضا بطبيعة المرحلة المقبلة وتوازن القوى الاجتماعية والسياسية واستقطابها ويضع هذا الامر مسؤولية على قوى اليسار والعلمانية والنقد الاجتماعي في ان تتصدى لتحقيق فهم افضل لعناصر الواقع الاجتماعي وافرازاته بغية تحقيق حضور وفاعلية افضل.
#عارف_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|