أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المجيد - التدين البورنوجرافي















المزيد.....

التدين البورنوجرافي


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 953 - 2004 / 9 / 11 - 10:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا تمكنتَ من التسلل إلى عقل واحد من الجماعات الدينية التي يكتظ بها عالمنا العربي والإسلامي فأغلب الظن أن عينيك ستصطدمان بصورة امرأة، قد ترتدي البكيني أو هي محجبة أو منقبة أو ترتدي خمارا أفغانيا مَرَ قبل ارتدائها إياه على جهاز رقابة طالباني. وإذا طلبت من أحدهم برنامجا مكونا من عشر نقاط لتطبيق الشريعة الإسلامية فإن تسعا من النقاطع العشر ستتعلق بالمرأة وجسدها وصوتها وشعرها وتعليمها وربما ختانها وحيضها، أما الأمور الأخرى الصغيرة والتافهة مثل حقوق الإنسان وكرامته والعدالة الاجتماعية والمساواة بين البشر والتسامح والتعليم والكتاب والثقافة والانتخابات والتكافل الاجتماعي ومعاشات المسنين والنظافة والبطالة والتدخل لحفظ الأسعار لتكون في متناول أفراد الشعب فتلك في الواقع آخر اهتمامات المهووسين بتطبيق الشريعة.

عندما مَنَّ اللهُ على الكويتيين بالتحرير من ربقة الاحتلال التكريتي الوحشي والآثم، واشتركت المرأة الكويتية في حرب المقاومة الباسلة، فإن أول شيء فعله أعضاء مجلس الأمة الجديد بعد التحرير هو الانشغال بفصل الطالبات عن الطلاب في الجامعة، أما حقوق المرأة وأجور الوافدين والأسلحة المخبئة والأمراض النفسية والعصبية التي عصفت بالمجتمع فكانت تأتي بعد قضية المرأة والاختلاط والغناء والموسيقى، وربما قُُبلة سريعة في فيلم هندي لم يشاهده إلا بعض العاملين والسائقين وأحد أعضاء مجلس الأمة. وفي المملكة العربية السعودية عالم من الرجال الذي جر التدين فيهم رغبة في المرأة وكراهية لها في خليط عجيب مسحور يطارد خيال المرأة وظلها وصوتها، وعندما شب حريق في احدى مدارس البنات لم يسمح الارهابيون الدينيون بهروب الفتيات من النار المشتعلة، فطلبوا عودتهن للبحث عن الخمار وارتدائه. عندما أعلن راديو الشريعة في العاصمة الأفغانية عن برنامج الدولة الإسلامية كما يريدونها فإن التدين البورنوجرافي كان له نصيب الأسد من الخلافة التي أرادوا اقامتها بالقرب من مزارع المخدرات فكانت التوجيهات التالية: * يُمنع عمل المرأة خارج بيتها بأي صورة من الصور. * المواصلات العامة تخصص فيها عربة للسيدات. * يمنع على النساء والفتيات ارتداء ملابس صارخة الألوان. * الماكياج وتلوين الأظافر محرم تحريما تاما * تمنع المرأة من ركوب سيارة الأجرة إلا أن يكون معها محرم * ليس من حق أي طبيب رجل أن يلمس المرأة المريضة حتى لو كانت هناك ضرورة. * المرأة لا تذهب إلى رجل ترزي حتى ولو كانت مع محرم. * يحرم على الفتاة الحديث إلى أي شاب، فإذا تم اكتشاف فتاة وفتى بمفردهما، فينبغي أن ينتهي الأمر بالزواج. * المرأة المسلمة لا تستمع إلى الموسيقى حتى في حفلات الزواج الجماعي ومع نساء أخريات. * ممنوع قطعيا تصوير حفلات الزواج للعائلات. تلك صورة من مشهد الدولة الإسلامية، لكنها أيضا دلالة على أن شيئا واحدا يملك على الإسلاميين مشاعرهم وكيانهم وأفكارهم وإيمانهم: إنه الجنس ولا شيء غيره. منذ سنوات طويلة حكيت لأحدهم عن دار حضانة الأطفال في النرويج وهم في سن الثانية والثالثة والرابعة، وأبدى صديقي دهشة ممزوجة بالاستنكار لأن الحضانة مختلطة، وكان يخشى الفتنة. أي أن طفلا في الثالثة من عمره، خرج لتوه من بطن أمه، قد يراود طفلة أخرى في نفس العمر أو أصغر عن نفسها، والحمد لله أن صديقي لم يبد خوفه من أن يعتدي ابن الثالثة على ابنة الثانية من العمر، وتحمل في بطنها طفلا ثالثا! إنهم منشغلون بالزواج من ثانية وثالثة ورابعة، فإذا كبر أحدهم فلا بأس من الانضمام إلى جمعية جديدة تدعو إلى الاسلام، ويسافر أفرادها إلى دول فقيرة كبنجلاديش والهند وباكستان، ويتزوج من فتاة في عمر ابنته الصغرى، ولا مانع من أن يحلم ليله ونهاره بسبعين من الحور العين ينتظرنه في جنة الخلد، بل إن أحدهم كان قلقا من قدرته الجنسية في الجنة بدون فياجرا، فبعث يسأل إن كان صحيحا أن قدرته الجنسية ستظل في طور الفحولة والانتصاب الدائم! التدين البورنوجرفي يملك على المتطرفين كيانهم كله، حتى الفساد في الدولة والرشوة والتهريب والسجون والمعتقلات يتحول بقدرة قادر إلى فساد جنسي يسمح للمرأة أن تعري جزءا من شعرها، فيفتتن الرجل بها. إنهم يتصورون العلاقة بين الرجل والمرأة تبدأ من الجزء الأسفل ولو كان يفصلها جدار كجدار الصين العظيم، أما المشاعر الجميلة والراقية كالزمالة والاخوة والمحبة العفيفة والاشتراك في عمل تطوعي والتمرد معا ضد الظلم ومقعد الدراسة المتجاور فكلها من المحرمات والمحظورات لدى جماعة التدين البورنوجرافي. وأمير الجماعة الذي يخضعون له، ويلبون أوامره، ويبررون قتل الأبرياء من أجل طاعته، هو أكثر هوسا بالجنس من أتباعه، ويختار أجمل الفتيات لفراشه، ويجرب فحولته العرجاء على حساب الفهم السقيم للدين الحنيف. لم أعثر طوال عمري على مطالب بتطبيق الشريعة فورا إلا ووجدت الجنس شاغله، والمرأة محور هوسه، وجسدها يشكل التصور النهائي للدولة الإسلامية كما يتمناه ويتخيله. قناة ( اقرأ ) الفضائية والتي لها فضل كبير في تخدير الوعي الوطني، وتغييب المعرفة بحقوق المواطن، تستضيف منقبات لا يرى منهن المرء إلا عينين ويدور الحديث السخيف كله حول ضرورة تغطية جسد ووجه المرأة وشعرها وإبعادها نهائيا عن الشيطان، الذي هو الرجل. الحديث كله حالة مرضية من التدين البورنوجرافي، فكل الشؤون الحياتية الأخرى من حرية العقيدة وأصول الفكر المنطقي والثقافة وأهمية الكتاب والتعرف على واجبات الحكومة وحقوق المواطن والقضاء على الفقر والجهل والمرض والأمية تصبح ذرات في بحر واسع من الاهتمامات التي تفصلها عن العقل مسافة كبعد المشرق والمغرب. رفض حقوق المرأة في الكويت، وقيادة السيارة في السعودية، وكل الحقوق في نظام البشير تتصل مباشرة بفكر التدين البورنوجرافي. حتى مفاتيح الجنة وصكوك الغفران والوصف التفصيلي للحياة الأخروية يراه هؤلاء المرضى من خلال الجزء الأسفل من المرأة حتى لو طالبوا بتغطية الجزء الأعلى. إن تعرية التطرف وفضح أساليبه ينبغي أن يمر عبر نفس الطريق الذي يستخدمونه، أي كشف صورة المرأة المختبئة داخل العقل المهووس بها والمتستر خلف شعارات دينية براقة. هل يمكن أن يكون الإسلام العظيم، خاتم الديانات السماوية، ومفجر الطاقات الفكرية والابداعية والحضارية هو تلك الصورة الرديئة والمتخلفة التي ترسمها ريشة جزار, وليس فنان، يذبح أطفالا في الجزائر، ويقتل أبرياء في محطة للقطارات في مدريد، ويدمر بيوت أهله في أفغانستان، وينزل الرعب في قلوب سكان الدار البيضاء، ويطارد العلماء في مصر أو يغتال المفكرين؟ كلنا ساهمنا في صنع المتدين الجنسي الذي سمحنا له أن يشغلنا بصغائر أموره، وفتحنا له أبواب صحف ومجلات ودوريات وفصليات يطل منها على عقول أبنائنا، والآن هناك عشرات الالاف من المواقع على الانترنيت تزايد في التدين البورنوجرافي، ولا مانع أن يمر أصحابها على صور فتيات جميلات، أو أجساد عارية، أو مواقع إباحية، ثم يدلفون إلى مواقعهم لحث الزوجة على طاعة الرجل، وجعله يتمتع بجسدها متي أراد حتى لو كانت هي في هذه اللحظة غير راغبة بالمرة. كلنا نتحمل المسؤولية عندما سمحنا للجهل أن يتساوى بالعلم، وللمثقف أن يناظر الأمي على شاشات التلفزيون، وللمتخلف أن يرفع دعوى قضائية ضد أستاذ وأكاديمي ويفرقه عن زوجته لأنه يختلف معه في كتاب صدر للمتخصصين في الجامعة ولم يقرأه عشرة أو عشرون شخصا. لقد آن الوقت لمحاربة التدين البورنوجرافي، وأن نقف صفا واحدا لحماية حضارتنا التي تنهار تحت وطأة معول التخلف والجهل والقسوة والغلظة والحالمين بالحور العين



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى أم الدنيا.. ماذا فعل بك هذا الرجل؟
- ولكن الرقيب سيظل احمقا .....
- خالص العزاء لشعبنا التونسي .. ربع قرن جديد تحت حذاء الرئيس
- لماذا لا يبيع العقيد الليبيين؟
- انتهاء المهلة المحددة للافراج عن الشعب السوري
- سنوات الذل والقهر في المغرب .. ولكن إبليس كان أكثر رحمة من ا ...
- الدخول إلى المنطقة المحرمة.. أقباطنا شركاء الوطن، حقوقهم واج ...
- رسالة مفتوحة إلى الأمير عبد الله بن عبد العزيز .. فلسفة الصم ...
- فتاوى العلماء والفقهاء ليست ملزمة للمسلمين
- حوار بين زنزانتين في سجن عربي
- وقائع محاكمة الرئيس حسني مبارك
- حوار بين قملتين في شعر رأس صدام حسين
- مسح ذاكرة العراقيين .. سباق محموم لاغتيال وطن
- وقائع محاكمة العقيد معمر القذافي
- ولكن عزرائيل لا يزور ميونيخ .. سيدي الرئيس حسني مبارك لا تصد ...
- هواءٌ .. فاضَ عن رئتي


المزيد.....




- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد المجيد - التدين البورنوجرافي