مبضع الجرّاح ...
قولنا هذا رأي فمن جاءنا بأفضل منه تركناه
بقلم : رياض الحسيني / إعلامي عراقي مستقل / www.zaqorah.4t.com
طائفية اكسباير وحكومة في المنفى ... !
تشير الاحداث المتسارعة على الساحة الشرق اوسطية بلا ادنى مجالا للشك بان دولة القطب الواحد قد حزمت امرها لتغيير الخارطة السياسية لدول تلك المنطقة وبالاخص ايران فضلا عن الدول العربية والتي يأتي العراق في مقدمتها. بالنسبة لايران فان وضعها الدولي مختلف تماما عن العراق من جهات عدة ابتداءا من طبيعة نظام الحكم الى جنس الشعب الى ضعف المعارضة الى التحالفات الدولية وانتهاءا بالعدة والعدد. اضف الى ذلك ان الكل يعي تماما ان ما يهم الادارة الاميركية هو ليس كما تدعي من ارساء الديمقراطية في هاتين الدولتين التي تتحسر الجماهير على استنشاقها منذ زمن بعيد! بل ما يهمها هو ترسيخ وضع او فبركة اخر لحماية مصالح دولية واقليمية تعود بالنفع اولا واخيرا على الامة الاميركية والاسرائيلية. والا ما الداعي لان تنظر الادارة الاميركية بديمقراطييها وجمهورييها على السواء بعين مغضوضة الطرف على الانتهاكات التي يمارسها النظام البعثي منذ اللحظة الاولى لتسلمه مقاليد حكم العراق بالقوة عام 1963 وما تبعها من انقلاب عام 1968 ؟! ثم لماذا هذا السكوت المطبق الى حد هذه اللحظة ؟! هل ان البقرة لم تعد حلوب كالسابق ؟! ام ان امرا يُطبخ على نار هادئة وليس بمقدور الكرسي ان يسع لاكثر من واحد ؟! وهل حقيقة ان اميركا ستقبل بالديمقراطية كانجع الحلول لعراق الغد ؟!
ربما لا تُسر الانظمة العربية في محاولاتنا للضغط على الادارة الاميركية ومطالبتها بتطبيق ديمقراطية قوانينها التي نتفق مع بعضها ونختلف مع الكثير منها! لسبب وجيه وهو سياسة التوازن (قوة السلطة مقابل القوة البشرية) التي تطالب بها دويلات الجوار، وابقاء الحبل على غاربه، وحتى لا يُثار رماد ينام تحته جمر ملتهب تبلغ شظاياه دويلات الجوار هو السبب الاقوى الذي يجعل الشعب العراقي غير مشمول بالقوانين الاميركية المتحضرة واولها المطالبة بالديمقراطية ! ولا يختلف اثنان من ان مفاصل الدولة العراقية منذ بزوغ نشئتها كانت ولا تزال بيد ثلة تتحكم في مصائر ومقدرات بلد يُعد من اغنى بلدان العالم ! لذا فابقاء الامر على حاله يُعد رؤية ناقصة وغير مرضية للادارة الاميركية التي تواجه هذا الكم الهائل من المعارضة العراقية باختلاف اطيافها التي اثبتت انها قادرة على قلب موازين سياسة التوازن لصالحها مهما بلغت قوة السلطة ومهما اضفت تلك السلطة على اعمالها الاجرامية من شرعية تارة وتصدير المشكلات وتعليقها على الغير اخرى. بيد ان مجاملة اميركا لدول الجوار لا يعني الرضوخ لمطاليبهم التي ربما تهدد المصالح الاميركية في المنطقة اجلا او عاجلا. لانه وببساطة شديدة ان اميركا تعي جيدا مدى خطورة ان يتفبرك وضع ما مع دول الجوار دون غطاء شرعي من المعارضة العراقية ! وعلى هذا الاساس بدأت بالتشاور مع اطراف عدة كان اولها المملكة السعودية وتركيا اللتين تحركتا بثقلهما بعد ان ادركتا ان النظام الحالي زائل لا محالة. فاخذت الادارة الاميركية ترمي بفرقعات عنقودية هنا وهناك تساعدها في ذلك هاتين الدولتين لاغتصاب هذا الغطاء ولو بعملية شكلية. ما يهم الادارة الاميركية في البديل هو وقوفه على ارضية غير رخوة تمكنه لاحقا من الاستمرار في ادارة دفة الحكم. بينما ما يهم المملكة السعودية هو الابقاء على الوضع القائم المبني على اساس فلسفة التوازن؟! اما مع الادارة التركية فالامر مختلف ولا تشترط شكل الحكومة القادمة بالقدر الذي تشترط فيه حصتها من العملية مستقبلا ؟!
من تلك البالونات والفرقعات الفارغة جاءت الولود الميت، الحركة الوطنية ومشروعها المشبوه الذي قوبل بالرفض القاطع من كل الاطراف العراقية الشريفة والتي تنبهت للمخطط مبكرا فاجهضت الحمل اللقيط الذي كانت مهمته لاتتعدى خطين، اولهما تمزيق وحدة المعارضة العراقية والثاني قطع الطريق امام مؤتمر الضباط الذي عُقد في العاصمة البريطانية لندن من ان يأخذ شكلا وبعدا وحجما لا يمكن السيطرة عليه فيما بعد. وبموازاة هذا الخط تم الايعاز الى الثنائي الطائفي رئيس الاستخبارات العراقية السابق وفيق السامرائي ورئيس الاركان السابق ايضا نزار الخزرجي لانشاء ما يسمى بالمجلس الاعلى للخلاص الوطني . وكما يرى البعض بان العناوين توحي بما لا يدع مجالا للشك بان اصحابها مدعومين وعازمين على اغتصاب السلطة ولو على ارضية طائفية تنذر بكوارث من شأنها ان ترجرج السلم المدني الاهلي في المجتمع العراقي.فان البعض الاخر ينظر الى ان المسألة على انها لاتتعدى كون اصحاب هذه الحركات يهئ لهم بان الشعب العراقي قد نسي ما اقترفت ايديهم من قتل وتعذيب وانتهاكات وتطهير طائفي مارسته على مدى سنوات خدمتها للنظام الطائفي في العراق. وبهذه المحاولة يمكنهم اسكات الملاحقة الدولية لهم ومحاكمتهم كمجرمي حرب، خصوصا وان هنالك شكاوى ضدهم من مواطنين عرب وكورد في المحاكم الدولية. ويتفق هذان الطرفان على انه لو كان فعلا مخطط اصحاب الحركات هذه هو الاطاحة بصدام حسين وحكمه فليس هنالك منصبا حكوميا ارفع من رئيس الاستخبارات ورئيس الاركان لانشاء خطة اغتيال على الاقل لراس النظام ومع ذلك خرجوا للاطاحة بالنظام من الخارج واضعين انفسهم موضع اللاحول له ولاقوة. واذا كان الامر كذلك فمن اين اتت هذه القوة والقاعدة المفاجئة والقادرة على التغيير من الخارج ؟! وبعد ان ايقنت تلك المطابخ الحقيقة التي استقبلتها على مضض بان الامر لم ولن يستتب الا بقاعدة شعبية عريضة تعطي الشرعية لتياراتها، فليس من السهل اذن تخطي تيارات ست تمثل بشكل او باخر اغلبية المعارضة العراقية فاوعزت الادارة الاميركية الى المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، حركة الوفاق، المؤتمر الوطني العراقي، الحركة الملكية الدستورية، الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الاتحاد الوطني الكوردستاني. اوعزت لهم بضرورة الاجتماع بها ومناقشة الامر وبكل صراحة فلم يعد هناك ما يمكن اخفاءه. فتلقت هذه الاطياف دعوة الحظور لاميركا شريطة الخروج بشئ ما يمكنها من اقناع القاعدة المليونية المعارضة وفي الوقت ذاته لايثير حفيظة انظمة الجوار. ترى وفي سياق التصريحات لتلك الفصائل التي ترفض وبشكل قاطع امور عدة اهمها: توجيه ضربة عسكرية للبنى التحتية العراقية، تشكيل حكومة ولو انتقالية الا بعد الاطاحة بالنظام القائم، تقسيم العراق الى مناطق طائفية، وانزال قوات اميركية او بريطانية على ارض العراق. بينما ترحب بامور عدة اخرى اهمها: استهداف النظام الحاكم ولو بكل مفاصله دون المساس بالشعب العراقي، تشكيل مجلس لادارة العمليات التحريرية تنتهي مهمته حال الانتهاء من اسقاط النظام، غطاء جوي اميركي وبريطاني يوسع مناطق حظر الطيران وغطاء ارضي يشمل منع تحرك اية اليات ثقيلة لقوات النظام، محاكمة من يبقى حيا من ازلام النظام محاكمة مجرمي حرب خصوصا اولئك الذين تتضمن اسمائهم قائمة لدى المعارضة العراقية، وعدم اشراك ايا ممن للمعارضة العراقية عليه علامة استفهام لاشتراكه في عمليات ابادة وانتهاكات لحقوق الانسان في العراق سابقا او لتبنيه السياسة الطائفية. ترى هل ستفلح هذه القيادات باقناع الادارة الاميركية بمطاليبها هذه ام ستنجح الادارة الاميركية بفرض ما تراه مناسبا في هذه الفترة على الاقل على امل بان التغيير سيكون مستقبلا. هذا ما ستكشفه لقاءات القيادات الست في الايام القليلة المقبلة.