إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 953 - 2004 / 9 / 11 - 10:46
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
إن الخوفقراطية ليس مجرد خوف وخنوع وإنما هي منظومة وآليات جعلت الشعب بفئاته الواسعة تنغرس فيه سلوكيات الخوف والخنوع.
فعلى الصعيد التاريخي تجسد الخلفية التاريخية للخوفقراطية في خضوع أجيال متتابعة لضراوة القمع السلطوي والمجتمعي والعائلي.
إن الملكية نشأت في المغرب مع مجيء إدريس الأول من المشرق سنة 788م واستمرت السلالات السبعة المتعاقبة على الحكم بالمغرب طيلة اثني عشر قرنا في تكريس ممارسة حكم مطلق في مجتمع هيمن عليه اقتصاد طبقي وتميز بتجزئة قبيلة وعشائرية في بعض أجزاء البلاد وبالتمزق في البعض الآخر.
وظلت على امتداد التاريخ علاقات الحكام بالمحكومين مبنية بالأساس على القمع والخوف والترهيب والعنف المتبادل. وكانت لغة الأمر والطاعة هي السائدة مما نتج عنه تراكم تاريخي وفكري كرس الخوف والخنوع وبالتالي الخوفقراطية.
وجاء الاستعمار الغاشم وكرس بأسلوبه وبطرقه نفس المسار وعمل على سحق وعمل على سحق المقاومة الشعبية لا سيما في البوادي ونشر الرعب وسط السكان وهكذا ساهم هو كذلك في تكريس الاعتقاد الشعبي القائلان المخزن لا يغلب بمعنى أن الاستسلام لإدارة السلطة قدر محتوم ولا مندوحة عنه مهما كانت الظروف.
أما على الصعيد الثقافي فقد عملت البرجوازية الوطنية منذ البداية على ترويج وتكريس فكر الاستسلام، لا سيما ابتداء من ثلاثينيات القرن الماضي، وبذلك روجت الكتلة الوطنية ثقافة العمل السلمي وكان المثقفون المتنورون آنذاك يروجون للمقاومة السلمية. وهذا ما دعا إليه علال الفاسي ومحمد بلحسن الوزواني. كما أن عبد القادر بنجلون زار في غشت 1953 رئيس ناحية الدار البيضاء بونيفاس ليجدد ويؤكد له موقف حزب الشورى والاستقلال المناهض للعنف وأنه سيعمل على مناهضة أي نوع من أنواع العنف. ولم يتم الاكتفاء بهذا، وإنما عندما اعترف بعض المقاومين المتعلقين بانتمائهم إلى هذا الحزب، أصدرت حزب الشورى والاستقلال على التو تكذيبا صريحا وتنكر لوجود أي علاقة بأعمال العنف.
كما رفض أحمد بلا فريج أي علاقة بالمقاومة بعد نفي الملك محمد الخامس وهذا بشهادة كل من عبد الكبير بن المهدي الفاسي وعبد الكبير بن عبد الحفيظ الفاسي علما أن أحمد بلا فريج كان أمينا عاما لحزب الاستقلال آنذاك. وهذا ما أكده كذلك الغالي العراقي سنة 1990.
وهذا الواقع جعل القادة السياسيين المغاربة يكرسون الخنوع الشيء الذي ترك آثارا عميقة في النفوس وساهم في سيادة الإنتظارية والحيرة وعدم الانخراط الواسع المدى في الفعل الثوري كما هو الحال بالنسبة لمختلف الشعوب.
ولهذا كان لزاما على المقاومين أداء الثمن غاليا لايقاظ الضمائر وإخراج الشعب من الإنتظارية التي طوقته بها الأحزاب السياسية آنذاك.
وهكذا تمكن عدد قليل من المقاومين الذين تحدوا كل الصعوبات لدفع الشعب المغربي إلى اعتماد رد فعل طال انتظاره.
إدريس ولد القابلة
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟