|
مقطع من يوميات مواطن قبطي
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 3159 - 2010 / 10 / 19 - 21:45
المحور:
حقوق الانسان
سهرتُ حتّىَ ساعةٍ مُتأخرةٍ مِنْ مساءِ أمس أمام الإنترنت أتابعُ بِشـَغَفٍ شـَديدٍ عشراتِ المُواقع الدينيةِ والمنتديات، الإسلاميةِ والمَسيحيّةِ، وعندما وضعتُ رأسي عَلَىَ الوِسادَةِ ذَهَبَ الظـَنُّ بي أنَّ الحربَ الطائِفيّةَ ستندلع قبل انبلاجِ فجرٍ جَديد! بعدما قرأتُ كِتاباتٍ مُقزّزةً في منتدياتٍ ومواقعَ قبطيةٍ، خاصة في دول المهْجَر، بدا لي أنه لن يمُرّ أسبوعٌ أو اثنان حتى يتم اعلانُ دولة قبطية في أسيوط تكون واشنطون وتل أبيب وبعض الدول الأفريقية أول من سيعترف بها! وعندما انتقلتُ إلىَ مَواقِع إسلاميّة مُشابِهَةٍ لتلك في غَبَائِها وكَمِّ الكراهيةِ الذي يَفيضُ عَلَىَ الشاشةِ الصغيرةِ ظـَهَرَ واضِحًا وجَلـِيّاً أنني سُألّغي مَوّعدَ تَبَرُّعي بالدَمِ، فَدَمُ الكافرِ، الذي هو أنا، نـَجَسٌ، وأنه ينبغي لي أنْ أسْتَعِد لِلَعِب دَوّرِ المواطنِ مِنْ الدرجةِ العاشِرةِ الذي يُجْبِره المُسْلمُ عَلَىَ الاحتكاكِ بالحائطِ وهما يَسيران علىَ الرَصيفِ في اتجاهيّن مُتضاديّن! قالَ لي والدي وَهو يَتَنَهَدُ كأنّه يَشْهَق الشَهْقَةَ الأخيرةَ بَعْدَما قَصَصت عليه من نبأ متابعات الليل البهيم: ألم أقل لك بأنها لم تعد مِصْرَنا جميعا، فالهلالُ والصَليبُ لا يتعانقان إلاّ في وسائل إعلامٍ يشاهدها المُعاقون ذِهْنيّا، ويديرُها المُتـَخَلّفون عَقْليّاً، أمّا الواقعُ الحَيُّ فَيَحْكيه لكَ بتفاصيِله الدقيقةِ آلافُ الشُهودِ مِنْ نجع حَمّادي والكُشْح والإسكندرية! والدي لا يَمْتَصّ غَضَبي، ولا يُطْفِيّء نارَ حيرَتي، ولولا التَقَدُّم في العُمْر مع وظيفةٍ مُربحَةٍ حَافَظَ عليها سنواتٍ طويلةً لَكـُنّا الآن نسكُن ضواحي مانهاتن، ونلتقي في كل يومِ أَحَدٍّ في الكنيسة القِبطيّة، ثم نخرج في مظاهرة مُتكاسلة للمطالبة بحقوقِ أقباط وادي النيل! توجهتُ فوراً لبيتِ عمي، وهو الشقيقُ الأكبر للوالد، ويقطن في منطقةٍ يختلط فيها المسلمُ والقبطي اخْتِلاطاً عجيباً يظن من يحاول التدقيقَ في المشهدِ بِرُمَّتِه أنَّ طرفيّ الهلال امتدّا طولاً وعَرْضاً، وتضاعفا ليصبح التمييزُ بينه وبين الصليبِ أمراً عسيراَ علىَ زرقاءِ اليمامة! في بيّت عَمّي أعثرُ بسهولة ويُسْرٍ علىَ أُمِّ الدُنيا، فهو رجلٌ مُتسامِح، ووقور، ويختلط بياضُ لـِحْيَتِه بِبَياضِ بَشْرَتهِ فلا تُمَيّز بينهما من مسافة بعيدة. لا يغضب إلاّ لِمامًا، يراه الأقباطُ منافِحًا عنيداً عن همومهِم، ويعتبره المسلمون واحداً منهم. يحبُ الاستماعَ لتلاوات القرآن بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ويُنْصِتّ كأنَّ علىَ رأسِه الطيّر إذا كان تجويداً بصوت الشيخ عبد العظيم زاهر، لكنه يُمَيّز أصوات المُقرئين أفضل مما يفعل أيُّ مسلم. سمعته مَرّةً يُجادل مُسلمًا متعصباً فيقول له عمي بأن القرآنَ ليس كتاب المسلمين فقط، إنما هو جزءٌ من ثقافتي وتاريخ أهل بلدي والمُصَحح المثالي لاعوجاج لُغتي ، ولا تستطيع أيُّ قوة أنْ تنتزعه مني! عندما رآني هذه المرة كادت الدموعُ تخذله، فبرقت عيناه قبل أنْ تسقط دمعة علىَ وجهه المتسامحِ الجميل، وفهمتُ بأنَّ لواعجَ نفسي قد وصلته قبل أن أنبس ببنت شفة! هَدَّأَ مِنْ روعي، وطلب منّي أنْ أنتظر قليلا قبل أنْ يُزَيِّف الغضبُ حكاياتي، ثم قال لي بأنه يتفهم تماما كل صنوف الظلم ونحن وَهُمّْ، يقصد المسلمين، نَشرب من نفس المياه، وتظللنا سماءٌ زرقاءٌ، وتدوس علىَ رقابِنا سُلّطَةٌ باغيةٌ، ويصفع أقفيتـَنا ضابطٌ نـَذْلٌ، وتَفْرَغ جيوبُنا في السابع من كل شهر، ورَوَتْ دِماءُ شهداءِ المسلمين والأقباط مياهَ النهرِ الخالد في السويس، ودَمَّرَت قوى الاحتلال علىَ مَدىَ ألفِ عامٍ بيوتـَنا دون أنْ تبحث علىَ سطوحِها عن هلالٍ أو صليب. ثم أردف قائلا: أعرفُ جيّداً مشاعرَ الغُربةِ في الوطن، وأكاد أسْمَع خلجات نفسِك وأنت تسير علىَ غَيّر هَدْيّ في شوارع بلدِك طارحاً سؤال الهويّة علىَ أحزانِك فيجيبُك رَجْعُ الصَدَىَ بأضعافِه علاماتِ استفهام لا نهائية. وأكمل: أعداءُ مِصْرَ هُمْ الذين يُصَرّون أنَّ اللهَ مُنْحَازٌ إليهم فقط، وأنَّ الملائكةَ لا تتنزَّل علىَ المسجد والكنيسةِ في الوقت عيّنِه، وأنَّ أصحابَ الديانةِ الأخرى لن يشمّوا ريحَ الجنة أو تشملهم رحمةُ الله. وختم حديثـَه قائلاً: لا يذهبن بك الظنُّ إلىَ أنَّ لك معركةً مختلفةً عن معارك أشقائِك المسلمين، فنحن نشاركهم التاريخَ والجغرافيا والآلامَ والتخلفَ والتراجعَ، ويسيطر علينا إعلامٌ فاشلٌ، وتهيّمن علىَ الجميعِ قُوَىَ فاشيةٌ تبدأ من القَصْر وتَمُرُّ عَبْرَ التطرفِ والتشدّد والتزمت ولا تنتهي بعالم البلطجية والفسَاد والرِشوة. وهمس في أذني بصوتٍ خفيض: عندما تنتصر مصرُ في معركة حقوق الانسان والكـِتاب والثقافة والحرية والتسامح، وتلفظ اللصوصَ والمستبدينَ والأوغادَ الذين تقاسموا خيراتِها .. وعندما يُطِل علينا من شرفةِ القَصْر زعيمٌ عادلٌ، يتَّقي اللهَ في الوطن، ويستشير ضميرَه قبل أنْ يأمر بتغيير كل القوانين الظالمة على جميع المواطنين. حينئذ ستتهاوى منظومة الشر والتمييز والطائفية، وسيتبرع المسلمون لبناء كنيسةٍ ملاصقةٍ لمسجد حَيِّهم العتيق، وستترشح لرئاسة الجمهورية شخصيةٌ قبطيةٌ يهتف باسمِها المسلمون قبل المسيحيين، وستنزوي في رُكْنٍ قَصِيٍّ الجماعات الدينيةُ، الإسلاميةُ والقبطيةُ، التي تتبارى أونلاين علىَ مكاسب عَفِنَةٍ في معركةٍ اثباتِ شيطانية الآخر. زال غضبي، واختفت سيماتُ الحزنِ من علىَ مُحَيّا أرهقَهُ أرقُ الليل الطويل في متابعاتٍ بلهاء علىَ النِتّ، وخرجتُ من بيت عمّي استنشق الهواءَ الملوثَ كأنه نسماتٌ نقيةٌ مخلوطةٌ برحيقِ أزهار ربيعٍ يزورنا في كل عام فيجدنا أسّوأَ من المراتِ السابقات. في الطريق رأيتُ صديقاً أعرفه من مقاعد الدراسة في المدرسة الإعدادية، وكنّا نتبادل الزيارات، ونام في غرفتي عِدة مراتٍ قُبيل الامتحانات، وأتذكر أنني اشتريتُ له في عيد ميلادِه مُصحَفاً أنيقاً فَفَرِحً به كثيرا. لم أتعرّف عليه للوهلةِ الأولى، لكنَّ لـِحْيَتَه الداكنةَ والتي تغطي نِصْفَ وجهِه الأسفل، وجلبابَه الأبيضَ، وزبيبةَ الصلاة لم تمنعني من استدعاءِ صورته الطفولية. التقت عينانا، وهممتُ بالتقدم نحوه لمصافحتِه، لكنه لمْ يَمُدّ يدَه، وبدا أننا من عالميّن مُختلفيّن تماماً. بهتتْ ابتسامتُه، وسألتُه مازحاً عن التغييراتِ التي حدثتْ له، فأجاب بأنَّ اللهَ هداه إلى الصراط المستقيم، وأنه لم يَعُدْ يصاحب غيرَ المسلمين الملتزمين، ثم انصرف كأنَّ ميكروبات ستنتقل إليّه مِنّي، وتعلل بحجةِ قُرْبِ مَوّعد صلاة الجماعة في المسجد القريب. أكملتُ سيّري مُتَرنحًا من هول التفكير في بلدي، وأنا ما بين مُصَدِّقٍ لزمنٍ مَضَىَ، ومُكَذِّبٍ لزمنٍ حاضرٍ لا أفهم منه مَشهداً واحداً. قرأتُ في العامين المنصرمين عشراتِ الفتاوىَ التي تُحَدّد للمسلم طرقَ التعامُل مع غير المسلمين، ولو جمعتها ووضعت لها عُنواناً لـَما وجدت أكثر دقة من اشهار ِحرب طائفية استخرج المتخلفون أسبابَها، ودوافعَها، ومبرراتِها من بُطونِ كُتُبٍ تَوَارَتْ خَلْف أهل الكهفِ ولو اطَّلَع عاقلُ علىَ فحواها لوَلّىَ منها فِراراً، ولَمُلِيَء منها رُعْبا! ترتعش خلايا جسدي كلُّها، وأشعر بحنينٍ جارفٍ لزمنٍ يصنعه خيالي، ولا أدري إنْ كانتْ أحلامُ اليقظة تلك أضغاثاً أو هي هلوساتِ عاشق لمصر! زمن أتساوىَ فيه مع جميع أبناء بلدي، وأحلُم بكل المناصب دون حَجْرٍ عليها، أو مانعٍ صَنَعَهُ أصحابُ المزايدة الدينية المقيتة، فلا خانة الديانة في البطاقة الشخصية تقف عثرةً، ولا الصليب الموّشوم علىَ رَسْغي يجعل من بيده الأمر يفقد ميزانَ العدالة. اتصلتُ بصديقٍ مُسلم لعلي أبثه أحزانَ نفسي فيواسيني في وطنٍ نسيناه، وتسامُحٍ فقدناه، وتَعَصُّبٍ كاد يدخل رئتيّ المصري مع أنفاسِه، ويخرج منها زَفيراً كأنه نَفْيرُ حربٍ أو تَقَاتُل من أكبر ديانتين سَماويتين. جاءني علىَ عَجَلٍ فقدْ فَهَمَ من نبرة صوتي حاجتي المُلِحّةَ إليه في وقت تَوَارَىَ أكثر المسلمين خَلْفَ مزادٍ علني يربح الجنةَ فيه الأعلَىَ صوّتاً، والأكثف لِحْيّة، والأكثر اِظهاراً لمظاهر سطحيةٍ حتى لو انفصلتْ عن السُلوك القويم لتوجيهات الله من ملكوته الأعلى. وضع يدَه في فوق كتفي، وظل يتحدث عن سماحةِ الإسلام، وعن الوطن الواحد الذي مزّقه المتعصبون كما يمزق المـُخْبِرون فراشَ مُواطن عندما يبحثون عن ممنوعات، واستشهدَ مرّاتٍ كثيرةً بنبيّ الإسلام صاحبِ الكلمةِ الأكثر تسامُحاً في تاريخ هذا الدين: اذهبوا فأنتم الطلقاء. وأكد لي أنْ كراهيةَ المتشدّدين له لا تقل عن بغضِهم لي، وأنه لا يملك مسلمُ أو قبطيٌّ في مصر شبراً واحداً أكثر من الآخر، ولا تتجذّر أصولُ أيّ مِنّا في تُربة الوطن أعمق مما يدّعي صاحبُ الدين الثاني. مررنا أمام مَسجد وقد حان وقتُ الصلاة، فطلبَ مِنّي أنْ أنتظره في الداخل حتّى ينتهي، فخلعتُ حذائي، وجلستُ في ركنٍ بعيد أراقب المُصَلّين من أهل بلدي. بعد خروجِنا قال لي: إنَّ لك حقاً في المسجدِ مثلما لي نفس الحق في الكنيسة، وقد تستريح هنا، وقد أستريح هناك، فلا ينتقص هذا من إسلامي أو من مسيحيتك! حدثتُه عن الفتاوىَ الفجّة والنتِنة والمتخلّفة والتدميرية التي تدّعي نجاسة القبطي، وتحرّم تهنئتَنا في أعيادِنا الدينية، وترى أنَّ المسلمَ فقط هو الشهيد، وأنَّ اللهَ مُنحازٌ إلى المسلم حتى في مباريات كُرة القدم فينزل الرعبَ في قلوب فريقِ غيّر الساجدين! أقْسَمَ لي بأنَّ هذه الفتاوىَ ليست موجهة إلينا، نحن الأقباط، بِقَدْرِ ما هي موجهة للمسلم المستنير المؤمن، وأنَّ المتمسكين بها شبابٌ مُفَخَّخٌ يُدَمّر نفسَه ووطنَه وينتهي أمام اللهِ إلىَ حِسابٍ عسير. قال لي بأنَّ القرآنَ الكريم اشترط لدخول الجنة أن يكون القلبُ سليماً، أمّا المظاهر فهي كما قال هاملت لأمه في مسرحية شكسبير بأنها الأسهل في الادِّعاء والتمثيل. قبل أنْ نفترق قال لي بأنه بَكَىَ طوال ليل مذبحةِ نجع حمّادي وهو يتلو ما تيسر من القرآن الكريم، وقرأ الفاتحةَ علىَ أرواح الشُهَداء الأقباط. استراحتْ نَفْسي تماما، وتأملتُ من جديد معركتَنا مع الظلم، واستعدتُ في ذاكرةٍ مُنْتَعِشَةٍ تفاصيلَ حياتي مع المسلمين ومع الاسلام، واستعنتُ بحكايات عَمّي الذي إذا تخاصَمَ جاران مُسلمان التجئا إليه، فيحدثهما عن محمد والمسيح بدون تفرقة، ويأتي بأدلةٍ من الكِتاب المقدس، ثم يعيدُ تأكيدَها من القرآن، فلا يتبرّم أحدٌ، ولا يعترض أيٌّ من الشهود. ابتسمتُ ابتسامةً ساخرة تهَكُمَاً علىَ حمقىَ يتصارعون على مكان في جنة لا يملك أيُّ منهم مفاتيحَها، ويتقاتلون، ويَسْفِكون الدماءَ الحقيقية التي أضيفت إليها في الأعوام الماضية دماءٌ إلكترونية ، وكلٌّ مِّنا يزعم أنه الأقربُ إلى الله كما ظن اِخوة يوسف أنَّ وَجْهَ أبيهم يخلو لهم إنْ قتلوا أخاهم! في المساءِ عُدْتُ إلىَ البيّت كالحاج الذي يعود مُتطهراً كَيَوّم ولَدَتُهُ أُمُّهُ، وتجنبتُ كُليّةً السياحةَ البلهاءَ علىّ الشبكة العنكبوتية التي ينتقل فيها المرءُ من مُنتدىَ إلىَ مَوّقعٍ، ويقرأ مبارزاتِ طواحين الهواء التي يحاول خلالها المسلمون والمسيحيون تحطيمَ معتقداتِ بعضِهم البعض، فكلُّ الأديان والعقائد قابلةٌ للكَسْرِ في عُرْفِ ناقدِ الإيمانِ بتعاليمِها، وبتصديقِ مُسَلَّمَاتِها وثوابتِها. لن أتابع بعد اليوم معاركَ دون كيخوت الدينية، فقضيّتي هي اتساعُ نِطاق الفساد والظلم والنهب والاستبداد في بلدي، ولا يهمني أنْ تعتنق كاميليا شحاتة ديناً جديداً مع صباح كل يوم، فهمومي ينبغي أنْ تكبُر، وأنْ أدافع عن آلاف المنسيّين في السجون والمعتقلات، وأنْ أنضم كقبطي إلى مُعارضة الديكتاتور ، فمن يظلم أبناءَ دينِه لا يتوانىَ عن انزال الظلم بأصحاب العقائد الأخرى. حزينٌ أنا لمعركةٍ غير متكافئة، فأخي المسلم لا يستطيع أن يطعن في المسيح، ولا يمس لسانُه مريمَ العذراء بسوءٍ فالقرآنُ أكَّدَ علىَ أنَّ اللهَ اصطفاها على نساءِ العالمين، أما اخواني في العقيدة، خاصة في منتديات المهجر القبطية، فيطعنون في نبيّ الاسلام وزوجاته وشرفِه، وينقلون عن المسلمين الجُدُدِ المتعصبين والمتخلفين حكاياتٍ من كُتبٍ مُتْرَبةٍ صفراء فاقع لونها. أشعر بسعادةٍ بالغة فالإسلامُ جزءٌ من ثقافتي وهويّتي وتاريخي وحياتي وطفولتي، رغم أنني قبطيٌ حتّىَ النُخاع، ومعركةُ المسلمين المستنيرين والعقلانيين ضد قوىَ التشدد والإرهاب والتكفير هي أيضا معركتي، وإذا انتصر العقلُ، وارتفعت رايةُ الديمقراطية، وانهزم الطاغية وأعوانه، وتغيّرت قوانين التميّز الطائفي، فأغلب الظن أنَّ حقوقي كقبطي ستتساوىَ مع حقوقِ أبناءِ بلدي المسلمين. أشعر بالقرف والغَثيان من هؤلاءِ الذين يُلصِقون أعينَهم على الشاشة الصغيرة، ويُهينون عقائدَ الآخرين بِحُجّة مُقارنة الأديان، فالمقارنةُ لها رجالها، وأكاديميوها، وعُلماؤها، وكُتُبها المتخصصة، أتمنّىَ أنْ يصبح كلُّ قبطي في مصر مُعَارِضاً، ومهموماً بالسياسة، ومُدافِعاً عن أبناءِ بلده، وأنْ يعتبر اعتقالَ الأمن لعُضوٍ في جماعة الإخوان المسلمين أو سلفي أو مستقلٍ ومُلتزم دينياً لا يختلف عن اعتقال قبطي يجهر برأيه. أتمنّى أنْ يسحب قداسةُ البابا شنودة تأييدَه، الضِمني أو الصريح، لجمال مبارك، فالأقباطُ سيعيشون في عصره جحيماً أشدّ سَعيراً من زمن والده. وأخيراً أحلُم باليوم الذي لا يسألني أحدٌ عن اسمي الثلاثي ليعرف إنْ كنت مُسلماً أو مسيحياً، فأنا مصري، وهذه بلَدي، وإذا غَرَقَتْ مصرُ في مستنقعات الطائفية فلن تنفعنا حوارات وجدالات وانتقالُ الواحد من دينه إلى دين الآخرين، وسيحتفل الشيطانُ حينئذ بانتصار ذكائِه علىَ غبائِنا. وسلام الله على مصر.
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روح العرب تصعد في فرانكفورت
-
أنا حمار لأنني أحرّض المصريين!
-
برقية عاجلة للدكتور محمد البرادعي
-
مواطنون في الغربة و .. مغتربون في الوطن!
-
مقطع من يوميات مواطن نوبي
-
مناقشة البيان النهائي للاطاحة بعائلة مبارك
-
لماذا يهتم المتديّنون بالتفاهات؟
-
مقطع من يوميات شاب إنترنيتّي
-
رسالة اعتذار من مصري إلى الرئيس مبارك!
-
مقطع من يوميات ضابط شرطة مصري
-
مقطع من يوميات طفلة عربية
-
مقطع من يوميات معمر القذافي
-
مقطع من يوميات منقبة
-
مقطع من يوميات الرئيس مبارك
-
مقطع من يوميات مواطن عراقي
-
مقطع من يوميات برلماني مصري
-
مقطع من يوميات جبان
-
تعريف جديد للكفر: تأييدك للرئيس مبارك!
-
تشكيل حكومة البرادعي ضرورة وطنية
-
مبارك والبرادعي .. ليس هناك خيار ثالث!
المزيد.....
-
حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يوقف الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
133 عقوبة إعدام في شهر.. تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في إيرا
...
-
بعد مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت.. سيناتور جمهوري يوجه تحذي
...
-
قادة من العالم يؤيدون قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الا
...
-
معظم الدول تؤيد قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الاحتلال
...
-
اتحاد جاليات فلسطين بأوروبا يرحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغال
...
-
الأمم المتحدة: نتائج التعداد بيانات عامة دون المساس بالخصوصي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي ينهي الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن
...
-
من هم القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|