أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - دارا كيلو - الديمقراطية والطائفية بين لبنان والعراق















المزيد.....

الديمقراطية والطائفية بين لبنان والعراق


دارا كيلو

الحوار المتمدن-العدد: 953 - 2004 / 9 / 11 - 10:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في الشأن العراقي, ينبري الكثيرين, ممن يعتبرون أنفسهم دعاة ديمقراطية, للحديث عن لا ديمقراطية التوجه الذي يسير فيه العراق الآن, وذلك من خلال إيراد أمثلة عن التوزيع الطائفي أو العرقي لمفاصل الحكم في العراق. ويتم أيراد حكم سلبي قطعي ونهائي غير قابل للطعن على هذا التوجه, بالقول بأن المسألة هي لبننة للعراق, وكأن اللبننة تهمة سلبية لاترد, وكأن نظام الحكم في لبنان هو أسوأ أنواع نظم الحكم الموجودة في الشرق الأوسط .
والمسألة هنا فيها مغالطة تستدعي المناقشة, بدءا من إعادة التعرف على المصطلح المعروف جدا, أي الديمقراطية. فالديمقراطية في تعريفها المصطلحي الأساسي تعني, وكما يعلم الجميع, حكم الشعب. والشعب كتلة بشرية متطورة ومتبدلة على مر الأيام, ولذلك فإن الشعب لا يمكن تأطيره في تصور نظري ما, أو البحث عنه في هذه اليوتوبيا أو تلك. وبالتالي فإن محاولة طرح تصور معين كامل شامل وتام للشعب الذي يمكن أن يحكم وشكل حكمه, يستدعي أن نغير تعريف الديمقراطية إلى حكم النظرية أو الفكرة أو التصور بدلا من حكم الشعب.
إن البشرية تُراكِم يوميا تجارب حياتية ومعارف نظرية حول شؤون حياتها, وبالتالي فإن أي فكرة أو تصور يصبح مرشحا للتجاوز بمجرد تبلوره, بالطبع لا يعني هذا أنه ليست هناك قيما وأفكارا يمكن أن تتصف بطابع الدوام, ولكن هذا الدوام نسبي, والثابت الوحيد هو الإنسان. وفيما يتعلق بحكم الشعب(البشر) لأنفسهم يمكن القول أن الثابت في هذه العملية هو الوجود البشري القادر على حكم نفسه نظرا لتميز البشرية بالعقل, أما كيفية تجسيد هذا الحكم فإنها مجال مفتوح للتصورات والتطورات مع تطور البشر أنفسهم. وهنا أهمية الديمقراطية كونها منظومة حكم مفتوحة على خيارات الشعب المتطورة, قادرة على الاستفادة من الإبداعات اليومية للبشرية, على عكس النظم السياسية الديكتاتورية والشمولية المغلقة على تصورات مكتملة لشخص أو نظرية.
لا شك أن هناك مفاهيم وممارسات ومقومات يجمع عليها في النظم الديمقراطية, كالحرية والمساواة وحقوق الإنسان والمواطنة وحكم الأكثرية .....الخ, ولكن كيف يمارس الشعب الديمقراطية ؟ وكيف يشارك في حكم نفسه؟ هذا مجال تنوع شديد, هناك دول برلمانية ودول رئاسية, ملكيات وجمهوريات, هناك من يشارك من خلال الأحزاب, ومن يشارك من خلال النقابات وجماعات الضغط ...الخ.
والسؤال المهم هنا هو لماذا تتناقض الطائفية السياسية مع الديمقراطية ؟ يقول المعارضون: لأن الطائفية تعني محاصصة توزيع المناصب السياسية الرئيسية حسب طوائف وفئات المجتمع وحصرها بهم وإغلاقها أمام منتمي الطوائف الأخرى وهذا يناقض الديمقراطية وحقوق المواطن, وكذلك فإن هذه المحاصصة تناقض مبدأ حكم الأكثرية. ونقول: أنه ومن الناحية النظرية هذا الكلام صحيح, ولكننا نتحدث عن حكم الشعب, وبالتالي لابد من الالتفات إلى الواقع أكثر. ويشير واقع منطقة الشرق الأوسط إلى أننا نعيش في دول لم تبلغ المرحلة الرأسمالية بعد, وإن كانت بعض مظاهر الرأسمالية قد نشأت هنا وهناك. ومن الطبيعي أن نجد المجتمع مقسم عموديا إلى فئات وطوائف ما قبل رأسمالية, أي أن معظم انتماءات شعوب المنطقة هي انتماءات تقليدية( للطائفة, للعشيرة, للعرق....الخ) وذلك على حساب الانتماء للوطن( ونقول وطن تجاوزا نظرا لغياب أوطان حقيقية ) والانتماءات الحديثة السياسية والمدنية. إذا كان الأمر كذلك فمن الطبيعي أن نجد التعبيرات السياسية وحتى المدنية مصبوغة بلون تلك الانتماءات التقليدية, أي أن الشخص يجد أن من مصلحته المحافظة على انتمائه التقليدي وتعبيره السياسي. وكذلك فإن الأكثرية والأقلية في حالاتها الساحقة تكون أكثريات وأقليات تقليدية وليست سياسية. ذلك يعني أن الانتماءات التقليدية مازالت تلبي حاجة ما تبرر استمراريتها, بغض النظر عن موقفنا منها. هذا الواقع يضعنا أمام خيارين إما إنكاره وإقصائه, أو نفيه جدليا بالاعتراف به وإعطائه المشروعية ومن ثم انتقاده تمهيدا لتجاوزه عملا بالقاعدة الجدلية الذهبية "عدم تجاوز الشيء قبل امتلاكه" .
الخيار الإقصائي يتطلب إنكارا واستنكارا للطائفية السياسية, ومحاولة فبركة نموذج نظيف ومعقم للحكم الديمقراطي. وأعتقد أن هذا الخيار هو شمولية وديكتاتورية بشعار ديمقراطي. إن محاولة فرض نماذج متخيلة وضبط الشعوب على مقياسها, وإنكار حقيقة انتماءات وأماني هذه الشعوب وطمسها وقمعها, ممارسة ديكتاتورية وشمولية وبامتياز, وتخفي في أعماقها مشروعا خفيا لممارسة الطائفية السياسية بشكل سري. هذا الطرح وهذه الممارسة لن يؤديا سوى إلى تقوية الانتماءات التقليدية, وإن لم تعلن عن نفسها بوضوح, واتخاذها أشكال مرضية سواء لدى الحكومة أو الشعب. فتجاهل وجود أي مشكلة لا يعني سوى أنها ستستفحل أكثر.
الخيار التجاوزى الجدلي يعني الاعتراف بوجود حالة مجتمعية ما, قد تكون مرضية أو لا, ومن ثم محاولة تأطيرها وإعطائها تعبيرات ومواقع قانونية مناسبة ضمن المشاركة في إدارة الشأن السياسي, ومن ثم إلقاء الأضواء على السلبيات الناتجة عنها, ومحاولة تجاوزها بعد أن يكون الفرد قد أشبع حاجته إليها وتعرف إلى إيجابيات البديل المقترح. أي أننا هنا ننطلق من الوجود الإنساني كما هو, وباعتباره هو القيمة الأولى والثابت الوحيد, ونحاول تجاوز الحالة الراهنة, بعد امتلاكها, باتجاه الأفضل الذي تتصوره أفكارنا ورؤانا الراهنة, والذي هو في حالتنا الديمقراطية المتجاوزة للطائفية السياسية.
إن الواقع يدعم طرح الخيار التجاوزي, فدولة مثل العراق قمعت و تجاهلت, في المعلن من سياستها, الانتماءات المختلفة للعراقيين, خارج الانتماء العراقي. ماذا كانت النتيجة ؟ لقد تكشف انهيار نظام صدام عن قوة وطغيان كافة الانتماءات التي قمعت وتم تجاهلها, فمثلا الأحزاب التي تشمل العراق ككل نادرة ( ربما كان الحزب الشيوعي العراقي شاملا لكل العراق). وكذلك كان نظام صدام حكما لطائفة وفي عمقه لعشيرة رغم الشعارات, وهذا يمكن أن ينطبق على دول وحكومات المنطقة إلى درجة كبيرة, باستثناء لبنان. ولبنان هو المثال الوحيد المشرق, رغم عيوبه, ويا للمفارقة! الطائفية السياسية في لبنان مقوننة ومعترف بها وعلنية, ولبنان هو الدولة الديمقراطية الوحيدة بين الدول العربية. والمفارقة أيضا, أن من يستنكرون الطائفية السياسية وغيرهم, غالبا لا يجدون مكانا يرفعون فيه أصواتهم وينشرون أفكارهم سوى لبنان بإعلامه ومؤسساته وحرياته ... وعندما يضيق بهم القمع قد لا يجدون مكانا يلجأون إليه سوى لبنان. ولكن هل هي مفارقة ؟! بالقطع لا, إنه الواقع الذي يكذب اعتى النظريات.



#دارا_كيلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سليم مطر والكرد .... خلل في المنطق أم تحريض مكشوف؟
- 12 آذار والانتماء السوري للكرد
- إلى المعلم كاظم حبيب
- الحديقة الناصرية في تاريخ وجغرافيا كردستان
- المثقف والسياسي الكردي ...الإشكالية المزيفة
- هولير وقنابل الارتزاق الانتحاري
- الكرد والشيوعي العراقي .....وكهنة الفكر الشمولي
- العمامة والسياسة.....رب ضارة نافعة
- العقيد القذافي ... داعية كردستان الكبرى ؟
- صداميــــــات كردية
- الشمعة الثانية في بيتنا الآمن
- استئصال الشعوب...... صحوة الليث شبيلات
- كردستان سوريا ....الوطن السوري أم كردستان الكبرى
- الحوار الكردي في إطار الحوار الوطني السوري
- سليمان يوسف يوسف من أوهام الحوار الوطني إلى حقائق الإقصاء وا ...
- هل دشن البراعم عودة الحركة الكردية إلى السياسة ؟!
- نعم مولانا الخزنوي إنها متاهة ....ولكن......
- لا فرق بين أموات لالش و مكة إلى الكاتب هوشنك بروكا
- ماذا تريد الولايات المتحدة من الحرب على النظام العراقي ..؟


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - دارا كيلو - الديمقراطية والطائفية بين لبنان والعراق