رفض شعبي واسع في مدينة نيويورك للمؤتمر القومي للحزب الجمهوري الحاكم

ديغول العديلي

الحوار المتمدن-العدد: 953 - 2004 / 9 / 11 - 10:16
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

شهدت شوارع النيويورك تحركات شعبية واسعة خلال الاسبوع الماضي، بدأ من يوم الخميس 268 و حتى منتصف ليلة 39 الليلة التي القى بها الرئيس الاميريكي جورج دبليو بوش خطاب قبول الترشيح لولاية ثانية امام مندوبي (جمق). لقد انطلقت هذه التحركات الواسعة تحت شعار: "اننا نقول لا لإجندة بوش!" و كان الحدث الاضخم فيها تظاهرة يوم 298 حيث شارك فيها اكثر من 500 الف متظاهر!!
ان هذا الحجم و التنظيم غير المسبوق للتظاهرات ضد سياسة بوش في قلب مدينة النيويورك، المدينة التي استخدمت معاناتها كصيحة ل"حربه على الارهاب"، وبعد اقل من 3 سنوات على هجمات 11 ايلول، يمثل المسمار الاخير في نعش الاضاليل التي قامت عليها سياسة الادارة الاميريكية الحالية في تبرير حروبها الامبريالية في كل من افغانستان والعراق، ومن ضمنها دعمها المستمر لسياسة شارون الاجرامية ضد الشعب الفلسطيني.
فلم يكن ثمة اي وجود لآسلحة الدمار الشامل في العراق، ولم تستطع الولايات المتحدة الاميريكية ان تبرهن على وجود أي علاقة بين نظام الطاغية صدام وتنظيم بن لادن، عندها عمدت إلى دعاوى نشر الديمقراطية في العالم العربي!! وسرعان ما انهارت هذه الدعاوى عندما انفضح اجرام قوات الاحتلال الاميريكية في سجن ابوغريب وغيره من سجون الاحتلال في العراق!! ولم يبقى امام الادارة الاميريكية غير الترديد امام المواطن الاميريكي بين كل لونين على نظام الانذار القومي للارهاب: "ان العالم بات اكثر امانا بعد ان تخلصنا من صدام!"
كان الهدف من اختيار مدينة النيويورك مقرا لمؤتمر (جمق) هو استغلال معانات المدينة من جديد، واظهار الرئيس بوش بمظهر حامي الحمى! والذائد عن الحياض!! و جرى لهذا الغرض تأخير مؤتمر الحزب، على غير العادة، ليدخل في شهر أيلول! امعانا في اثارة مشاعر الناخب الاميريكي مع تقارب مرور ذكرى الهجمات.

و منذ ان تم الاعلان عن هذه النية وهذا التاريخ قبل اكثر من عام تقريبا وقضية مناهضة المؤتمر واجندته تعلو سلم اولويات الحركات المناهضة للحرب في المدينة وباقي الولايات المتحدة الاميريكية، ومنذ البداية جرى في تحالف "متحدون من اجل العدل والسلام" ( UFPJ) بدء الاعداد لتظاهرة مركزية حاشدة وحدد يوم الاحد 298 تاريخا لها.
WWW.Unitedforpeace.org


فكيف تعاملت بلدية مدينة النيويورك مع الحركة المناهضة للحرب والمضادة ل(جمق)؟

اولا: ماطلت اجهزة المدينة في اعطاء موافقة للتظاهرة المركزية طوال العام السابق حتى الايام الاخيرة من قرب انعقاد المؤتمر، كان هدف هذا التكتيك بشكل رئيسي استنزاف الحركة وخلق البلبة في صفوفها، كذلك ليبقى الجمهور في الظل وغير متأكد من امكانية حدوث اي عمل مناهض ذا تاثير, فقد رفضت ادارة البلدية السماح بقيام مهرجان خطابي عند نهاية المسيرة في الحديقة المركزية للمدينة، وعرضت ان يتم هذا المهرجان على الطريق السريع، مكان مكشوف وغير مجهز لاستقبال الناس بمختلف احتياجاتهم اضافة إلى انه وبعيد عن مركز المدينة وخدماتها.
ثانيا: عمدت اجهزة البلدية بشخص رئيسها و قائد شرطتها (رئيس البلدية؛ من الحزب الجمهوري وهو من اثرياء امريكا وصاحب شركة للمعلومات المالية والتجارة الالكترونية بنفس الاسم (بلومبرغ)، اما رئيس جهاز الشرطة (كيلي) فمدير تنفيذي سابق في احدى الشركات المالية في نيويورك!!) إلى شن حرب نفسية وبث اهانات مقذعة في وجه الحركة المناهضة للحرب واحيانا لبعض الحركات الرافدة والمؤثرة فيها، فبدأ بوصف الحركة ككل على انها ليست وطنية امريكية (تهمة سبق والصقت بالحركات المعارضة في العالم العربي – مستوردة من الخارج -) واخيرا استهداف التيار اللاسلطوي، وقد جرى هذا الاستهداف من قبل شخص رئيس الشرطة في المدينة في شكل حملة بشعة شبه يومية في الجرائد ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة طوال اكثر من شهر وصولا إلى بدء انعقاد المؤتمر! كال فيها اتهامات محددة لهذا التيار بأنه " يخطط للقيام باعمال تخريبية تخل بالنظام العام وقد تلحق اذى بالمواطنين!" إلى غيره من التهم التي جرى هندستها لتتماهى في وقعها على القارئ الاميريكي مع الاعمال الارهابية!

وهكذا بعد اقل من ثلاث اعوام على 11 ايلول لم يعد العرب وحدهم المستهدفون بالملاحقة والتوجس لحركاتهم وما قد يقدمون عليه، إذ ضم التيار اللاسلطوي بشكل ظاهر ايضا إلى القائمة! و بالطبع، فمردّ هذه الحملة ليس فقط لآن التيار اللاسلطوي هو من اكثر التيارات المناهضة للحرب التزاما ومبادرة، وقد مدّ هذه الاخيرة، مع غيرة من التيارات اليسارية والاشتراكية والمنظمات الانسانية، بالقدرة على الاستمرار، وعبر عن مرونة في التواصل مع جمهور واسع وشاب، مستفيدا من تجربته الغنية في الصفوف الاولى للحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية منذ انطلاقتها في مدينة سياتل عام 1998 ومن تاريخ عريق في الحركة العمالية والمجتمعية. إن استهداف هذا التيار ضمن هذه الحملة له اعتبارات مباشرة وآنية اضافة إلى ما سبق ، إذ انه بعد الحملة الشعبية ضد مماطلة البلدية في اعطاء ترخيص للمسيرة الرئيسية،احست اجهزة المدينة بالرفض الواسع لسياسة الحزب الجمهوري وسلوك البلدية الممالئ له ولقرارعقد مؤتمر الحزب في نيويورك، وبدأت تلوح احتمالات ان تكون المسيرة اضخم بكثير مما كانوا يتوقعون، فجاءت حملتهم بالاساس لارهاب المواطنين غير المنظمين ودفعهم إلى العزوف عن المشاركة بالمسيرة.

كانت حملة بشعة ومنظمة بشكل حرب نفسية متواترة، في اليوم الذي يجري فيه ترويج الاكاذيب عن منظمي المسيرة وتياراتها السياسية الفاعلة، يجري في نفس الوقت استعراض التحديثات الجارية على الاجهزه الامنية في المدينة واجهزتها الرادعة واجهزة الرصد والتجسس والكميرات والكلاب إلى آخره، كانت حملة في غاية الوقاحة دفعت الفرع المحلي للاتحاد القومي الاميريكي للمحامين الذي نظم اعضاءه انفسهم - اكثر من 1300 عضو تواجدوا خلال الاسبوع في مختلف اعمال المناهضة حول المدينة على مدى كامل الاسبوع- للدفاع عن المتظاهرين في حال اعتقالهم اوتعرضهم لمضايقات الشرطة والاجهزة الامنية الاخرى، ففي كراس وزعه على النشطاء نصح فيه المتظاهرين من غير حملة الجنسية الاميريكية بالتحدث إلى محامي قبل المشاركة، وإن يحمل معه اسم ورقم هاتف محامي هجرة، على ان تكون بحوزته اوراق الهجره مثل الكرت الاخضر! او تصريح العمل!

ثالثا: الاعتقالات الواسعة في صفوف الناشطين التي ابتدأت منذ الايام الاولى قبيل انعقاد المؤتمر واستمرت طوال الاسبوع، حيث تجاوز عدد المعتقلين 1800 معتقل! اعدّت لهم الاجهزة الامنية معتقلا كان في السابق هنجرا ضخما في احد موانئ المدينة، اصبح يدعى فيما بعد "جوانتانامو على الهدسن!" لتردي شروط النظافة والسلامة فيه، لم تكتفي الاجهزة الامنية باعتقال النشطاء بل ماطلت في اجراءات اطلاق سراحهم وتحويلهم للمحاكم، حيث تواصل اعتقال العديد منهم إلى 36 و 48 ساعة، مما حدا بمحكمة المدينة إلى فرض غرامة على بلدية المدينة واجهزاتها الامنية مقدارها 1000 دولار على كل معتقل لا يتم اتمام اوراقه واطلاق سراحة خلال24 ساعة من اعتقاله، وهذا يؤكد ما ذهب اليه العديد من المراقبين من نشطاء وصحفيين وغيرهم من ان مجمل هذه الاعتقالات غير مبررة ولم تكن قانونية وان هدفها فقط ارهاب المواطنين وابعاد النشطاء والمنظمين انفسهم عن ساحة المشاركة لأطول فترة ممكنة خلال انعقاد المؤتمر، وقد تأكد ذلك بشكل قاطع من خلال اللقطات المسجلة تلفزيونيا التي نشرت على شبكات التلفزة الرئيسة للعديد من المواجهات القمعية الفضة التي قامت بها الاجهزة الامنية ضد مواطنين يمارسون التعبير عن ارائهم بشكل سلمي.

ساعرض موجز لتفاصيل ايام المناهضة والحركات والمنظمات المنظمة والمشاركة بها، ويبقى انه من الهم مراجعة الموقع التالي على الانترنت لمزيد من التفاصيل و بالصوت والصورة، والصورة افضل من، ما بعرف، 100-1000 كلمة! راجع الموقع التالي:

WWW.NYC.INDYMEDIA.ORG

- افتتحت المواجهات يوم 268 في منتصف تقاطع شارع 33 و8 امام مكان انعقاد المؤتمر، قام نحو 15 ناشطة وناشط بخلع ملابسهم والتعري كاملا وقد كتبوا على اجسادهم: " اقفوا الايدز!" و "اسقطوا الديون!" وهتفوا:
"بوش، اوقف الايدز، اسقط الديون!" توقف السير في هذا التقاطع الرئيسي لأكثر من ربع ساعة، وجرى اعتقال 10 اشخاص بينما تمكن آخرون من ارتداء البستهم والانسلال بين المارة، لم تخلو هذه الحادثة من الفكاهة فقد علق احد الاشخاص الذي نزل من مكتبه في احد البنايات المجاورة ليتابع المشهد: " ركضت نازلا الدرج اريد ان اعرف شو رح يعمل الشرطي؟! يعني مشلحين، كيف رح يعبطهم ويزيحهم!!" تناقلت وسائل الانباء هذا العمل على نحو واسع

- 278 احتل قرابة 5000 سائق دراجة هوائية شوارع النيويورك بما صار يعرف في اكثر من 400 مدينة حول العالم ب "الكتلة الحرجة". هيمنت هذه الكتلة على ايقاع حركة الشوارع في نيويورك، لم تفعل الشرطة اي شئ في البداية ربما لكي يعطوا فرصة لآجهزتهم للانتهاء من تصوير المشاركين!! ثم بدأت حملة من المطاردات والاعتقالات الواسعة في صفوفهم.
- 288 بدأت كثافة الاعمال المناهضة بالازدياد؛ كان ملتقى الشباب في كنيسة "القديس ماركس" تحت شعار: "كتب لا للقنابل".
ثم في نفس اليوم وعلى الحانب الآخر من المدينة كانت تجوب الشوارع مسيرة حول قطايا المرأة تحت شعار: "مسيرة ومهرجان خطابي النيويورك من اجل حياة النساء!" دفاعا عن حق الاجهاض، وحقوق النساء، 16 آلفا من من المشاركين عبروا جسر بروكلن الشهير وتجمعوا في مهرجان خطابي امام مبنى البلدية منددين بسياسة بوش المعادية لحقوق المرأة.
العمل الاغرب في ذاك اليوم هو قمع الشرطة لمظاهرة سلمية قرب مركز التجارة المدمر واعتقالها اكثر من 100 متظاهر، كان المتظاهرون قد انطلقوا من موقع مجاور بهدف احياء ذكرى كل من قتل نتيجة الارهاب والحروب من مختلف بقاع العالم. كأن الاجهزة الامنية تريد لبوش فقط ان يحتكر المأساة كبضاعة للمتاجرة بها وضد اي شكل من اشكال التضامن الانساني مع تداعياتها وتداعيات السياسة الامبريالية الاميريكية حول العالم، فقط مع ضحاياها هي فقط وبالشكل الذي يروج لاستمرار سياستها العدوانية ويساهم في تجييش الشعب الاميريكي خلف هذه السياسة العنجهية، اما بقية العالم فهم جماعات غير مرئية على الصعيد التعامل الانساني – استمرار للسلوك العنصري الذي عبر عنه الكاتب الاميريكي الاسود رالف أليسون في روايته "الرجل غير المرئي- ولا تستحق الاعتراف بمعاناتها. فقد امر قائد الاحتلال الاميريكي في العراق بالكف عن تعداد ضحايا العدوان الاحتلال الاميريكي من المدنيين العراقيين. وعندما ظهرت فضائح ابوغريب، كان رامسفيلد وغاندليزا رايس وبوش ذاته يوجهون اعتذاراتهم للشعب الاميريكي وليس للشعب العراقي، يعتذرون ان ما حصل: "ليس اميريكيا!" ولآيام استمروا بتوجيه خطابهم واعتذاراتهم للامريكان انفسهم وليس للضحية" وعندما اضطرت مسؤولة الامن القومي الاميريكي رايس ان توجه خطابها للضحايا بعد الحاح وسائل الاعلام قالت: "اشعر بالانزعاج لما حصل لهم!" او شئ من قبيل: " اشعر بالاسف لما حصل لهم!" ليس اعتذارا! وعندما اضطر بوش اخيرا للإعتذار بوجود الملك عبدالله الثاني موجها كلامه للاخير، ليتلقى في اليوم التالي نقدا لاذعا على صفحات الولستريت من كاتب كسنجر المأجور فؤاد عجمية؛ الذي هاجم اعتذاره الموجه لملك الاردن على أنه "يعيدنا إلى إحياء المسألة القومية العربية التي قطعنا شوطا واسعا في محاولة دفنها، فالاذى قد وقع للعراقيين فلماذا الاعتذار من الاردن! "

- 298: جاء يوم المسيرة المركزية المناهضة للمؤتمر، مئات من المنظمين من مختلف التيارات السياسة من اليسار وتيارات اخرى في نيويورك وغيرها من مدن شمال اميريكا شاركوا في الاعداد للمسيرة ضمن تحالف "متحدون من اجل السلم والعدالة." إبتدأت الحشود بالتقاطر منذ ساعات الصباح الباكر، وعندما بدأت المسيرة بالحركة في حوالي 12:30ظهرا كان تعداد المتظاهرين بحسب المنظمين اكثر من 500,000 متظاهر، بل قد كانت احد التقديرات تضعه في خانة ال 750,000 متظاهر، مهما يكن التعداد فإنه بإعتراف الصحافة السائدة كانت اكبر تظاهرة في تاريخ امريكا ضد مؤتمرلحزب حاكم!!
آلاف من البشر يتهادون في شوارع منهاتن تحت شعار رئيسي: لا لآجندة بوش! معظمهم اعدّ لافتاته بنفسه، اواحضر آلته الموسيقية معه، جاؤوا بكل التلاوين والعناوين والاطياف ليقولوا: لا للمجرم بوش! اربعة شهور فقط وليس اربع سنوات!
انتهت المظاهرة الاحتجاجية لذلك اليوم في حوالي الساعة السادسة مساء لينتقل بعدها العديد من النشطاء والمتظاهرين براياتهم ولافتاتهم إلى الحديقة المركزية لمدينة النيويورك.
في نفس اليوم كان هناك مهرجان المرأة في جزيرة روزفلت في مانهاتن، وفي المساء قامت مجموعة "الفار"- معظم الاحزاب السياسية في اميريكا لها رموز من الحيوانات، لا اعرف السبب على التعيين، فالحمار هو رمز الحزب الديمقراطي، والفيل رمز الجمهوري وسميت مجموعة الفار نفسها بهذا الاسم لآن الفار وحدة يستطيع اخافة الفيل، كما أن ثمة مجموعة نشطة جاءت من سانفرانسسكو معادية للامبريالية تأخذ من النملة شعارا لها لذات الاسباب- بإعتراض البرنامج الترفيهي للمشاركين في مؤتمر الحزب الجمهوري، وانتهى الامر بإعتقال العديد من اعضاء هذه المجموعة وانصارهم .
استمرت المظاهرات خلال باقي الاسبوع حتي انتهاء المؤتمر بواقع ستة اوخمس اعمال رئيسية في اليوم الواحد بينما استمر الاعتصام يومي من اجل اطلاق سراح المعتقلين امام اماكن اعتقالهم، واعتصامات اخرى امام شركة هاليبرتون وغيرها من الاعتصامات غير المرخصة الاخرى. اختتمت الاعمال الاحتجاجية بمهرجان خطابي اعدّ له تحالف (ANSWER) ضد الحرب. حضره عدة آلاف من المتظاهرين ثم انضمت لهم مسيرة اخرى انطلقت من ميدان النقابات بعد التاسعة ليلا إلى مكان تجمع المهرجان قرب مؤتمر (جمق).

كان اسبوع الاحتجاجات والمسيرة الرئيسية الضخمة بحق حدثا فاصلا في تاريخ المدينة سيكون له مفاعيلة بلا شك، و سوف يعتمد ذلك بالتأكيد على الكيفية التي ستتعامل بها الحركة باحزابها وتياراتها السياسية مع هذا التجاوب الشعبي العارم المناهض لليمين الاميريكي على الاقل في مدينة النيويورك وضواحيها. المهم انه في الوقت الذي عبر فيه المتظاهرون عن موقف معادي لبوش وسياسته لم يسمحوا بأن يجير موقفهم هذا على انه تأييد لكيري مرشح الحزب الديمقراطي برغم مخطبة رموز من ذلك الحزب ومؤيدوه للمظاهة الرئيسية، وهذا ما اكدته ورصدته الصحافة السائدة في اميريكا من النيويورك تايمز وغيرها. نعم كان هناك رفض مشحون بالغضب تجاه بوش لكنه في نفس الوقت معبأ بمشاعر متناقضة وانعدام ثقة تجاه كيري ونخب الحزب الديمقراطي.

إن الحرب والانتخابات وارتفاع معدلات البطالة وبرنامج اليمين الاجتماعي في اميريكا وقرب موعد الانتخابات وقضايا محلية اخرى عوامل محفزة لمثل هذه المشاركة وعلى نحو متفاوت. يود اليمين المحافظ او ما بات يوعرف بالمحافظين الجدد من امثال رامسفيلد وتشيني واخرون من كبار مؤدلجي هذه الادارة مثل ريتشارد بيرل وولفوتز، يودون لو تحصر الانتخابات بالعامل الامني، عامل امن المواطن الاميريكي من احتمالات اي عدوان ارهابي، عامل يغذي عنجهية ونرجسية قطاع ليس بالبسيط من المجتمع، إن مرشحي الحزب الديمقراطي لا يزالوا مأخوذين بهذه الادارة ومتبنين لموقف دفاعي حذر في مواجهتها. إن لم يكن متماهين معها على صعيد السياسة الاميريكية الخارجية بما فيها الحرب. هذا الاداء المتخاذل من قبل الديمقراطيين ضاعف ويضاعف في صعوبة تواصلهم مع للناخب الاميريكي، فهذا الاخير لايستطيع ان يحصر ما هو برنامجهم على الصعيد الاقتصادي مثلا، سوى وعود كيري بانها على شاكلة البحبوحة التي جاءت مع السياسة الاقتصادية لسلفهم الديمقراطي كلنتون! وعلى صعيد الحريات المدنية فقد كان كيري من الموقعين على قانون الارهاب رقم واحد اضافة إلى تأييده ثم تذبذبه ثم اعادة تأييده لقرار الحرب على العراق! وهكذا فما زالت الحدود بين الحزبين الاميريكيين الرئيسيين غير واضحة في ذهة المواطن الاميريكي وخصوصا بعد اختلال سلم اولويات هذا الاخير وضغط النظام القومي للتحذير من الارهاب الذي يعزز في ذهنه وذهنيته احتمالات لمخاطر ومجازفات جديدة لايمكن تجاهلها. فالحملة الانتخابية الاميريكية من هذا الباب ليست فقط حول اقناع الناخب بسياسة ما اقتصادية او ما شابه، بل هي ايضا حول القدرة على تحديد سلم اولوياته والتأثير فيها بعد مسلسل الرعب والعنجهية الذي اغرقته به الادارة الحالية.
مهما كانت نتائج الانتخابات فإن الامل الحقيقي مرتبط بحركة الشارع الاميريكي وإذا ما استطاعت هذه الحركة أن تعمق نفسها بشكل مستقل وتكتشف وسائل فاعلة في مقاومتها، وتمتلك الجرأة الكافية على استعمالها في وجه يمين فاسد ولايرحم.

#ديغول_العديلي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات