|
الثوار البيشمركة يشعرون بالأغتراب في كوردستان
ئارام باله ته ي
الحوار المتمدن-العدد: 3157 - 2010 / 10 / 17 - 01:46
المحور:
القضية الكردية
الثوار البيشمركة يشعرون بالأغتراب في كوردستان
كنت قد تطرقت الى ( فائض قيمة الثورة ) الذي حرم منه بعض من أعمامي البيشمركة ، في مقال سابق . ووعدت بتكملة الموضوع من ناحية شعورهم بالأغتراب في مقال لاحق . وها أنا أحاول الأنغماس في هذه الظاهرة والتقرب من هموم هذه الفئة المهمشة . حيث يترتب على ذلك مخاطر جمة . سنوضحها حسب رؤيتنا للموضوع . أن تكون بوطن ليس بوطنك أو داخل منظومة غريبة عنك فمن الطبيعي أن تشعر بالأغتراب ، ولكن أن تكون في وطنك و داخل منظومة سعيت بكل جهد لبلورة شكلها النهائي . وعلاوة على ذلك تشعر بالأغتراب ، فهذا ما ليس بالطبيعي . ولابد من وجود خلل في مجموعة القيم المجتمعية داخل البيئة محل الدراسة . اذن أين هو الخلل بالنسبة لحالة كوردستان ؟ . لماذا يشعر بعض الثوار البيشمركة بالأغتراب بعد انتصار الثورة الكوردستانية ؟ . بحثت في هذا الموضوع الذي يستحق البحث ، عند العديد من الفلاسفة و علماء الأجتماع . لعلي على هديهم أصل الى نتيجة منطقية وأخترت من بين هؤلاء (ماركس ، هيغل ، ايميل دوركهايم) وحاولت الخروج بلوحة متكاملة على أثر أستمزاج ارائهم وقياس ما يجري في كوردستان للبيشمركة الثوار وفق ميزانهم . عندما طرقت باب الماركيسية سائلا اياها عن الأغتراب أجابت بأن الاغتراب (هو ظاهرة اجتماعية يشعر فيها الانسان بأنه مغترب و بعيد عن الشئ الذي أوجده و خدمه و ضحى من أجله ، فالعامل يشعر بأنه مغترب عن رب العمل و يشعر بأن هناك حواجز نفسية و اجتماعية تفصله عنه) . ماذا نفهم من الأغتراب في الماركيسية بالنسبة لحالة البيشمركة في ظل حكم الثورة ؟. دعونا ولوا خلسة أن نغير كلمة (العامل) في النص أعلاه و نضع بدلا منها كلمة (البيشمركة) ، ونستبدل كلمة (رب العمل) بكلمة (حكومة الثورة) . حيث الحالة متشابهة ان لم تكن متطابقة بالنسبة للبيشمركة . ودعونا نسجل كملاحظة أولى مايلي على أن نعود اليها فيما بعد . أن البيشمركة بعد تضحياتهم الجسام يشعرون اليوم بوجود حواجز نفسية و أجتماعية تفصلهم عن سلطة الثوار . أما هيغل فيعرف الأغتراب بأنه ( حالة اللاقدرة أو العجز التي يعاني منها الأنسان عندما يفقد سيطرته على مخلوقاته و منتجاته و ممتلكاته ، فتوظف لصالح غيره بدل أن يسطو هو عليها لصالحه الخاص) . في ضوء (هيغل) لوا سألنا هل يشعر البيشمركة بالعجز في السيطرة والأستفادة من (منتج الثورة) الذي تمخض عنه سلطة حاكمة ؟ وهل وظف ما أسميناه في مقال سابق (فائض قيمة الثورة) لمصلحة غيرهم دون مصلحتهم الخاصة ؟ . الجواب عند عدد غير قليل سيكون ب نعم . اذن ، لنسجل هنا ملاحظة ثانية مفادها . ان البشمركة لا يسطيرون على مقدرات الثورة و ممتلكاتها ، وأنها توظف لمصلحة غيرهم . لا أخفي البتة اعجابي بكل من الفيلسوفين ماركس و هيغل . لكن تحليل عالم الأجتماع الفرنسي ( ايميل دوركهايم) هو الذي شدني أكثر و أحدث في نفسي القلق و الخوف . فهو ينظر الى الموضوع نظرة اجتماعية شاملة و يبين اثار (الأغتراب) داخل المجتمع . فلدى تطرقه للأغتراب يقول ايميل دوركهايم ، بأنها ( حالة تدهور المعايير التي تضبط العلاقات الأجتماعية ، فتنشأ عن ذلك أزمات حادة بين عدة فئات متنافسة أو متناحرة ، ما يهدد الأحساس بأهمية التضحية في سبيل المجموع ، اذ تستعمل الفئات القوية وسائل غير عادلة في فرض ارادتها على الفئات الصغيرة ، ما يهدد التماسك الأجتماعي بالوصول حتى الى درجة التفسخ و النزاع ) . ان هذا الطرح الذي يبديه (دوركهايم) خطير و حساس ، لوا أسقطناه على حالة اغتراب البيشمركة في المجتمع الكوردستاني ، لكن سنغظ الطرف عنه . لحين العودة و الأنتهاء من الملاحظتين المدونتين اللتين سجلناهما قبل قليل . ونربط فيما بعد التحليلات الثلاثة ببعض لعلنا نخرج بلوحة واضحة المعالم . فحسب النظرية الماركيسية (يشعر الثوار البيشمركة اليوم بعد تضحياتهم الجسام أبان الثورة ، بوجود حواجز نفسية و اجتماعية تفصلهم عن السلطة الثوار) . لأنهم (حسب الطرح الهيغلي) (لا يسيطرون على مقدرات الثورة و ممتلكاتها ، وأنها توظف لمصلحة غيرهم ) . وأخيرا فأن هذا الوضع حسب تحليل (دوركهايم) سيؤدي الى وجود أزمة اجتماعية حادة تصل لدرجة انعدام الاحساس بأهمية ( التضحية في سبيل الوطن ) و سيخلق مجتمعا متصدعا متنافرا متنازعا متفسخا . أرجو أن يكون المشهد واضحا الان ، ولايتهمني أحد بالتشاؤم والسوداوية ، فهذه تحليلات فلسفية علم أجتماعية معتبرة . فأي مجتمع تستأثر فيه فئة معينة بالمقدرات دون مراعاة العدالة الأجتماعية سينتج حالة من الأضطراب ، يهدد التماسك الأجتماعي ولن يجد المهمشون أنفسهم معنيين بالتضحية في سبيل وطن يشعرون فيه بالأغتراب . أنه تكوين لشعور اللاأنتماء .
هذا ما أحذر منه في كوردستان منذ فترة ليست بالقصيرة في جل كتاباتي ، و يعلم المقربون مني أن ليس لي وراء هذا المسعى سوى الخير (حسب أعتقادي) لوطني وأهلي . وعليه خرجت هذه المرة عن أسلوبي الغير مباشر نوعا ما وأحاول أيصال هذه الصرخة لمراكز صنع القرار. لأنني أقولها بحسرة ولكن بصراحة أيضا ، أسمع أحيانا بعض الشباب يقولون لاتهمنا عودة كركوك ، سنبقى مهمشين مع كركوك أو دونها ولن يستفيد من ذلك سوى المتنفذون . وقال بعضهم الاخر أثناء الأزمة مع تركيا ، فليذهب المستفيدون من الأموال والأملاك العامة الى جبهات القتال وليدافعوا عن وطنهم ، فهو وطنهم ، وهم مستفيدون منه . ان هذا من أشد وأخطر حالات الأغتراب حقا . اني كنت ألوم هؤلاء من منطلق عاطفي قومي ، لكني بعد التمعن في فلسفة الأغتراب ، أدركت أن الخلل ليس فيهم . انما الخلل كامن في مكان اخر يجب أصلاحه . ان هؤلاء الشبان يشعرون بالأغتراب في وطنهم ، حالهم حال أعمامي الثوار المهمشين . يجب أن نوجه المسؤولية الى من خلقوا هذه الوضعية الأجتماعية الكارثية التي توزع فيها (فائض قيمة الثورة) بين بعض المتنفذين في مواقع المسؤولية و الأرستقراطيين ، أعداء الثورة السابقين ، و بعض من وعاظ السلاطين . ما تمخض عن ذلك مجتمع طبقي . لا أنكر أن حالة الأغتراب يعاني منها فئات كثيرة وشرائح واسعة من المجتمع الكوردستاني ، الا أنني فضلت التذكير بمعاناة البيشمركة الثوار ، معاناة من عانوا وضحوا من أجلنا ، معاناة من ساهموا في نجاح الثورة . أنهم يستحقون منا الوفاء والتبجيل والثناء .
# سندلوا بدلونا عن خطورة تكوين مجتمع طبقي في كوردستان ، في قادم المواعيد .
ئارام باله ته ي ماجستير في القانون [email protected]
#ئارام_باله_ته_ي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يصر الكورد على التمسك بالدستور ؟
-
أسئلة الى السلطة والمعارضة في كوردستان
-
انعكاسات تكريم السفير الأسد بدل رفو
-
أعمامي البيشمركة يسألون عن فائض قيمة الثورة ؟
-
كوردستان بين المدن الفاسدة والفاضلة
-
بين حرق القران وحرق الأنسان في كوردستان
-
الحرب المقدسة وحرق القران ومستقبل العلمانية
-
الشيعة العلمانيون ( سنة ) !!
-
كلام من حيز الجنون
-
نحو نضوج العقل السياسي الكوردستاني
-
قراءة واقع (البارتي) في ذكراه ال64 هل هرم الحزب وشاخ ؟
-
قليل من المروءة والشهامة ياقوم
-
العراق الطائفي المذهبي القومي
-
صراع الحلفاء في أرض الغرباء
-
تناقضات الشيخ الجليل !!
-
ثقافة خرق القانون في العراق
-
لماذا لايصبح المالكي رئيسا لوزراء أقليم بغداد ؟
-
الحكومةالمقبلة فاشلة ( لايمكن تهميش الكورد )
-
الأسلام والمعارضة السياسية (فترة الرسول)
-
أفتنا ياولي الفقيه
المزيد.....
-
المحكمة الدولية: على الدول التعاون بشأن مذكرتي اعتقال نتنياه
...
-
الأمم المتحدة: نصف عناصر الجماعات المسلحة في هايتي أطفال
-
اليونيسف: نسبة غير مسبوقة... نحو نصف أعضاء الجماعات المسلحة
...
-
في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة وتزامناً مع انطلاق
...
-
آليات الاحتلال تطلق النار العشوائي على خيام النازحين في مواص
...
-
الأونروا: نصف مليون شخص في غزة معرضون لخطر الفيضانات
-
-هيومن رايتس ووتش-: استهداف إسرائيل الصحفيين في حاصبيا جريمة
...
-
عدنان أبو حسنة: منظمات الأمم المتحدة ليست بديلا عن الأونروا
...
-
تشديد أمني وحملة اعتقالات تستهدف مسيرة لأنصار عمران خان في ب
...
-
منخفض جوي على غزة.. أمطار غزيرة وأمواج البحر تغرق خيام الناز
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|