أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باتر محمد علي وردم - كيف يتعامل الضمير العربي والإسلامي مع الجرائم بحق الآخرين؟














المزيد.....

كيف يتعامل الضمير العربي والإسلامي مع الجرائم بحق الآخرين؟


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 952 - 2004 / 9 / 10 - 10:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان قدر العالم العربي والإسلامي أن يكون بؤرة لصراعات سياسية وعسكرية هائلة في النصف الثاني من القرن العشرين، وإمتد ذلك ليشمل بداية القرن الحالي. وقد مرت هذه الصراعات بحالات مفزعة من المجازر والمذابح والإبادات الجماعية والقتل على الهوية. وفي أغلب الأحيان كان العرب والمسلمون هم ضحايا هذه المجازر ولكن في السنوات الأخيرة حدث تغير في التيار ليصبح العرب والمسلمون في بعض الأحيان هم مرتكبي الجرائم بحق الآخرين.
وتحتفظ ذاكرة المنطقة بالعديد من الصور المرعبة عن المجازر، ولكن اسوأ ما فيها تعرض الأطفال الأبرياء للقتل من قبل المجرمين. وفي عالمنا العربي والإسلامي، تعرض آلاف الأطفال للموت في فلسطين ولبنان من قبل الجيش الإسرائيلي، وفي العراق من قبل الولايات المتحدة ، وفي البوسنة من قبل ميليشيات ميلوسيفتش ومجرمي الصرب، وفي الشيشان من قبل الجيش الروسي وفي أفغانستان من قبل الاحتلال الروسي والجيش الأميركي.
وفي كل هذه الأحداث، كان العالم العربي والإسلامي يغلي غضبا من الجرائم بحق الأطفال، وكنا جميعا نشعر بالغضب والحقد والقهر والكراهية لكل المجرمين الذين ارتكبوا هذه الأفعال الشنيعة بحق أطفالنا، ونستثير كل المشاعر الدينية والوطنية والقومية من أجل الحفاظ على جذوة المقاومة والحق العربي والإسلامي وتقديم المجرمين للعدالة.
ولكن في نفس الوقت، قام من يدعي الدفاع عن الإسلام والعروبة من التنظيمات الإرهابية بالكثير من الجرائم بحق الأطفال المسلمين والعرب وغير المسلمين. فقد قضى آلاف الأطفال الأكراد بالغازات السامة التي استخدمها نظام صدام في حلبجة، وأدت الجرائم والصراعات المتبادلة في لبنان إلى مقتل آلاف الأطفال كما كان قتل الأطفال عنصرا دائما في جرائم التنظيمات المتطرفة في الجزائر. وإمتدت جرائم تنظيم القاعدة في 11 ايلول 2001 لتحصد حياة مئات الأطفال في الطائرات المختطفة التي دمرت أبراج التجارة، وذهب الأطفال ايضا ضحايا لتفجيرات مدريد الإرهابية، وأخيرا الجريمة المروعة في أوسيتيا.
كل هذه جرائم لا يمكن قبولها، ولا يمكن أن يكون هناك مبرر لها. أن جريمة الجندي الإسرائيلي الوغد الذي أطلق الرصاص على الشهيد محمد الدرة تشبه تماما جرائم الجيش الأميركي في الفلوجة، وجريمة تنظيم القاعدة في الطائرات المدنية وبرج التجارة، وجريمة قصف حلبجة وقتل أطفالها الذين احتفظت عدسات الكاميرا بصورهم موتى بعيون جاحظة من الرعب، وأخيرا إطلاق الرصاص من قبل المجرمين على أطفال المدرسة في أوسيتيا قبل يومين.
ينتابنا الغضب والحقد عندما يتعرض أطفال العرب والمسلمين للقتل، ولكن يجب أن ينتابنا أيضا تأنيب الضمير عندما يرتكب بعض العرب والمسلمين هذه المجازر، وليس من الأخلاق ولا الضمير السكوت عنها أو تبريرها. أن الثقل الكبير الذي يحمله ضميرنا لدى قيام القاعدة بقتل الأطفال الأبرياء، أو حيال المشاهد المبكية في مدرسة أوسيتيا، يجب ان يجعلنا نؤمن دائما بأن قتل الأبرياء هو جريمة لا يمكن قبولها، وأن حق أطفالنا في الحياة مشابه لحق أطفال الآخرين ايضا، وأن ضمائرنا يجب أن تبقى يقظة ودائمة الحساسية تجاه تعرض الأطفال للخطر من اية جنسية أو دين.
من السهل دائما الهروب إلى الوهم وتوجيه مسؤولية الجرائم التي ترتكبها تنظيمات إرهابية عربية وإسلامية إلى الموساد والصهيونية والمخابرات الأميركية، ولكننا جميعا نعلم بأن هذا غير صحيح. أن الذين يقتلون الأبرياء في العراق بعد خطفهم، والذين حولوا طائرات مدنية إلى قنابل مدمرة، والذين فجروا قطارات مدريد براكبيها الأبرياء، والذين اطلقوا الرصاص على الأطفال في أوسيتيا هم منا. هم عرب ومسلمون، يصلون ويصومون ويطلقون اللحى، ويطالبون بارتداء الحجاب ويدعون الدفاع عن القضايا الإسلامية ولهذا فإن واجبنا جميعا أن نطلق الصوت عاليا ونتبرأ منهم ونرفض كل هذه الجرائم، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، أما الساكت عن قتل الأطفال فهو شريك في الجريمة والأسوأ من ذلك أن نستخدم نفس المعايير المزدوجة في تقييم حياة الناس كما يفعل الغرب.
أننا، في العالم العربي والإسلامي نمارس مركزية وعنصرية مشابهة تماما لما يحدث من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، لأننا نغضب للجرائم التي ترتكب ضدنا ونسكت على الجرائم التي ترتكب بإسمنا، ولهذا فنحن على وشك أن نخسر كل الأبعاد الأخلاقية في قضايا العادلة.



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إختطاف أطفال: هل وصلنا قمة الإنحدار الأخلاقي؟
- الصحوة ضد -خطف الأبرياء-: ما الفرق بين الفرنسيين والنيباليين ...
- رفض أي دور أمني أردني في فلسطين!
- عندما يصبح الإصلاح وهما عربيا!
- صفقة إدانة قتل المدنيين الإسرائيليين مقابل تخفيف ضغوطات الإص ...
- ماذا بعد رفض -الإصلاح- من الخارج؟
- -القاعدة- هي التي تقود أخطر حملة على الإسلام!
- مشروع الشرق الأوسط الكبير
- غزة وبغداد...جرائم متماثلة ولو اختلف الفاعلون!
- لا يرغبون بنا...فلماذا نسافر إليهم؟
- هل هناك مجتمع معلومات في العالم العربي؟
- تعقيبا على -الاتجاه المعاكس-: المثقف الذي يقبل رشاوى الأنظمة ...
- الإصلاح العربي...من دافوس!
- قائمة كوبونات النفط تسبب صدمة أخلاقية في الأردن!
- متى تطالب الدول النامية -بالمديونية البيئية- من الدول الصناع ...
- عندما تصبح أجهزة الحاسوب مصدرا للموت والمرض!
- جوائز أسوأ الشركات تأثيرا على البيئة لعام 2003
- الشيطان ضحية البشر
- رموز الجهل والسخافة في الفضائيات العربية
- أهم أحداث العلوم والتكنولوجيا للعام 2003


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باتر محمد علي وردم - كيف يتعامل الضمير العربي والإسلامي مع الجرائم بحق الآخرين؟