أسامة بن الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 3155 - 2010 / 10 / 15 - 07:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من المكونات الأساسية لأي ديانة يعتقد فيها الناس أو نقل لقانون يمكن أن يسري على ثلة معينة من المجتمعات كتاب جامع حسب الرؤية الاعتقادية لمن يؤمنون به . . و الحالة إدا تطرقنا للدين الإسلامي نجدها مركزة بشكل عميق في القرآن . . إلا أن القوانين و الدساتير تبقى قابلة للنقد و التعديل على أساس أنها نواميس وضعية سنها البشر في زمن ما و هو ما يجعلها جامدة جزئيا لا تتماشى مع توالي الأحوال . . ولكن بالنسبة للقرآن فهو صالح لكل مكان و زمان و أكثر ما يضفي عليه صفة الخلود و يلغيها عن غيره حسب المؤمنين به دائما هو أنه زيادة على كل الكتب المقدسة التي اتخدت شخصية الله عنصرا و شخصا أساسيا تدور حوله الأحداث و تتم مراجعة كل الأفعال البشرية و ربطها بردة فعله كمقياس و مرجع أساسي للخير و الشر فإن مجموع الكتاب بلفظه و دلالاته هو كلام منزل من عند الله على شاكلة لا تقبل التغيير لما في دلك من إعجاز لغوي . . و هو مايؤدي قطعا إلى التعامل مع القرآن على أساس انه عنصر ميتافيزيقي غريب عن الطبيعة البشرية الوضيعة . . رغم كل هدا و بغض النضر عن مصدره و المعلومات التي يحويها بين سطوره و مع كل الهالة القدسية التي يريدها له المسلمون إلا أنه من وجهة نظري يبقى كتابا أدبيا محضا على أساس أنه متضمن لكل عناصر الكتابة الأدبية من أشخاص و أزمنة و أحداث و بالخصوص من خلفيات يهدف النص اللغوي إلى إرساءها . . فهل يمكن قراءة النص القرآني من زاوية أدبية محضة و تعريضه للنقض . . ؟؟؟؟
إن القراءة الأدبية في ثنايا القرآن تلزمنا أولا بتناول شخصياته الأساسية التي دكرنا سابقا أنها تتمثل في الله . . فحسب الرواية الدينية {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} [الذاريات: 56،75]. . البشر لا يتعدى كونه شخصية ثانوية خلقت أساسا لتأثيت المشهد الكوني حيث اقتصر دور الإنسان و سبب صناعته أو خلقه في عبادة الله أبد الدهر ما يجعل الإلاه سر الحركة و السكون في كل زمان و مكان .
إن الدراسة الأدبية لأية شخصية في النمط الروائي القصصي تتم بالأساس عن طريق مستويين جوهرين . . يكمن أولاهما في الصفات الخلقية أو الحالة البدنية بينما يتركز ثانيهما في المكتسبات و الطباع الخلقية و هو ما يمكن ان ندرجه في خانة التصرفات و الدوافع النفسية . . ولكن و كأي كتاب مقدس فإن القرآن يجعل التفكير و التصور في الدات الإلاهية ضربا من ضروب المجون و الزندقة و الكفر . . لأن العقل البشري محدود لا شفيق يمسكه و مهما بلغ تصور الإنسان من الجمال و الكمال فهو لن يصل حتما إلى درجة تصور الشخص الدي خلقه على هيئته و أهداه روحه . . و هو ما يجعل الله في التصور الإسلامي مجهول الدات لا شكل له و لا تقريب في كل المكونات الكونية و هو ما يتجلى في سورة الإخلاص {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}.
إدن سنكتفي بدراسة الطباع و الميزات الخلقية و هو ما أدرجناه سابقا في خانة التصرفات النفسية . . و الحديث يطول هاهنا . . ولكن الغريب في الأمر أن مامن صفة يمكن أن نقول عنها أنها كمال في الخير إلا و نجد لها صفة مقابلة تبطل مفعولها بما تنفيه عنها من نفع و حكامة . . فهل يمكن اعتبار الشر مجرد حالة يغيب فيها الخير عن الواجهة ؟؟ وحتى إن كان كدلك فهل من المعقول ان يكون خالق هدا الكون بكل ما فيه من مفاهيم و أسس علمية و فلسفية من قبيل الخير و الشر و الوجود و الغياب عاجزا عن التحكم في إحدى هته القيم . . فبالموازاة مع صفة الرحمة و المغقرة التي يخصصها الكتاب للشخصية الإلاهية في العديد من سوره و زواياه و هته واحدة منها . . وَاسْتَغْفِرِ اللّهَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً [النساء 106] . . نجد دائما صورة المنتقم الجبار الشديد العداب كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ(52) . . و بينما نرى أن الله لا يستحيي و لا يعجز أن يفعل بعباده ما يشاء . . ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين ( 26 ) ) . . نجده ثارة أخرى ماكرا خادعا يستعمل الحيلة و يدس الخديعة لعباده و يمكر أشد من مكرهم . . { ومكرواً ومكر الله والله خير الماكرين } آل عمران : 54.
قطعا لا يمكننا أن نتطرق إلى كل الصفات المدكورة لكثرتها و تداخلها و تناقضها الكبير . . ولكن الإستنتاج الأخير هو التصوير الغير المتكامل للشخصية الرئيسة في الرواية القرآنية و المتمثلة في شخص الله و تصويرها على أساس أنها حزمة من الأفعال و ردود الأفعال المتناقضة فيما بينها مما يتنافى شكلا و مضمونا عن طريق المنطق مع القوة العظمى و المثقنة التي نسجت خيوط هدا الكون سواء تمثلث في الله سبحانه و على أو في الطبيعة أو عدا عن ذلك . . و قد توضح الآن جليا ما يجعل المدافعين عن الطرح الإسلامي رافضين تماما لإخضاع القرآن للقراءة النقضية الأدبية المحضة رغم كونه موروثا شفهيا مكتوبا لا يتجزء عن الثقافة الأدبية الإسلامية إن لم نقل انه مصدرها الأول و الأوحد . . و هو ما يجعلني الآن في غنى عن القراءة في الزمكان الأدبي للرواية القرآنية لطوله و تشعبه و اختلافه بين الأرض و السماء و تداخله بين الحقيقة و الخيال . . . ولكنني سأرجع لقراءتها قراءة دقيقة في مقبل مواضيعي إن دام لنا السلام . . . والسلام.
#أسامة_بن_الحسن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟