ضياء ثابت السراي
الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 22:43
المحور:
الادب والفن
يلجا الانسان الى ادخال الظواهر الفيزائية المستقلة عن الوعي والخالية من المعنى الى مجال الوعي البشري ليتسنى له فهمها واضفاء معنى خاص لها فالطبيعة الانسانية لاتستطيع التعامل والتفاهم مع هذا العالم من الظواهر .
وتسويق هذه الظاهر يتم باستخدام الصوت والزمن بواسطة السرد الذي هو الوسيلة الوحيدة لاثبات وجود الذات امام عالم الاشياء ،والامثلة واضحة في هذا المجال منها الاساطير والخرافات والميثلوجيا وكلها تناولت علاقة الانسان بالطبيعة وتفسير خوارقها من خلال ربطها بالالهة وبالنظومة الدينية في اغلب الاحيان ،وبالتالي نصل الى ما افترضه واثبته اصحاب النظرية السردية في ان كل المدارس الفلسفية على اختلافها تمثل ممارسات سردية .
"والسرد هو محاولة الذات ضد الفناء من خلال تاصيل الهوية." (معن الطائي ،اكاديمي وناقد عراقي) .
ومن هنا نشات اشكالية تداخل السرد والهوية لدى الفلاسفة فكان وجود احدهما نفي للاخر. ويقول بعض الفلاسفة ان العلاقة بين الاثنين علاقة تفاعلية تواصلية لا العكس . و هذا يمكن تصوره بشكل اكثر و ضوحا من خلال مفهوم الخطاب. ونستدل على ذلك من خلال الخطاب ذاته ، فالخطاب هو سرد ارتقى من المستوى الفردي الى المستوى الجمعي.
يحدد المفكر ادوارد سعيد مفهوم الخطاب باعتباره " تشكيل عالم متماسك متخيل، تحاك ضمنه صور الذات عن ماضيها، وتندغم فيه اهواء، و تحيزات، و افتراضات تكتسب طبيعة البديهيات، ونزوعات و تكوينات عقائدية يصوغها الحاضر بتعقيداته بقدر ما يصوغها الماضي بتجلياته و خفاياه، كما يصوغها بقوة و فاعلية خاصتين، فهم الحاضر للماضي و انهاج تاويله له، و من هذا الخليط العجيب، نسج حكاية هي تاريخ الذات لنفسها و للعالم، تمنح طبيعة الحقيقة التاريخية، وتمارس فعلها في نفوس الجماعة و توجيه سلوكهم و تصورهم لانفسهم وللاخرين، بوصفها حقيقة ثابتة تاريخيا" (ادوارد سعيد: الثقافة و الامبريالية، ت كمال ابو ديب، ص 16). نقاد رواد مابعد الحداثة يجمعون على هذا التعريف، و يفترقون في تحديد دور الخطاب في الممارسة الانسانية بشكل عام. فميشيل فوكو، يقول ان الخطاب يتضمن الهيمنة و الاقصاء، ويجرده من البعد الطبقي الماركسي.
وهنا نظن ان هنالك تناقض عندما يعتبر الخطاب سردا جماعيا ارتقى الى مرتبة المسلمات ، فنظرية مابعد الحداثة تطرح الخطاب كحامل لهوية جمعية داخل فترة زمنية محددة لمجتمع ما، بينما تفشل في استيعاب فكرة حضور الهوية مع السرد في الزمن.
فموت الشخصية وذوبان الهوية في السرد يعطي السرد قوة يكون فيها خارج مدارات الزمن والذات وهذا ماقال به رلان بارت فاذا كان الخطاب تعبير عن هوية جمعية داخل الزمن، فان السرد هو تعبير عن هوية فردية داخل الزمن. اي ان الممارسة السردية تعبير عن وجود و فاعلية الذات.
#ضياء_ثابت_السراي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟