|
البناء النفسي ..متى يهتز عند الانسان؟
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 19:40
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يقول استاذ الاجيال الراحل "البروفيسور مصطفى زيور" البناء النفسي في الصحة هو نجاح"الانا" في تسوية متناغمة مع مقتضيات الواقع بين رغبات الفرد غير العقلانية" المتوحشة" ومناهضات الضمير وقيم المجتمع والتربية الصحيحة. دعونا نتفحص هذا البناء عندما لا تحدث تسوية متناغمة بين هذه العناصر الثلاثة (الذات الممثلة بالانا ، والرغبات المتوحشة الممثلة بالهو ، والضمير الممثل بالانا الاعلى) هل تهتز الشخصية ؟ هل تنحدر النفس نحو الاضطراب برغم معرفة الشخص بكل ما يجري ام في غفلة من كل ذلك فيرفض انه انحدر نحو الاضطراب فتكون الطامة أكبر وهو الاضطراب العقلي.. انه الصراع الذي يسبق هبوب عواصف التغييرفي ذواتنا !!واذا لم يحسم الصراع بقبوله في تسوية صحيحة سيحدث التنافر والشقاق في النفس. اننا وخلال معايشتنا للاحداث اليومية في حياتنا نتعرض لكثير من المواقف الضاغطه بعضها يعود الى تكوين نفسي بقبول الحدث وتضخيمه وبعضه الاخر حدث طارئ ولكننا نجسمه ونكبره حتى يتضخم مثل الغيرة ، المنافسه ،الشك، الصراع ، الاحباط، ،ضغوط الحياة وتكاليفها ..الخ مما يؤدي الى انواع الادمان ومنها الادمان على المشاكل او الادمان الكحولي او الادمان على تعاطي المخدرات هروبا لا مواجهة لاحداث الحياة اليومية وبذلك يؤدي الى اهتزاز البناء النفسي لدى الفرد. ان الفردية والانانية والسعي وراء الامتلاك اللامحدود جعل الانسان اليوم عرضة للاضطرابات النفسية ويقول علماء النفس أن معظم الاضطرابات النفسية سببها صراع ذاتي وتفكير في النفس واضطراب في التوازن الداخلي ، صحيح ان المؤثرات الخارجية لها علاقة مباشرة ولها تأثير ولكنها تعمل من خلال تكيف الجهاز الذاتي الداخلي ، لذا نقول لايوجد حل للهروب من الذات ومن النفس إلا بمصالحة النفس. يقال أن عداء الانسان المستتر لذاته هو الذي يولد الاضطراب النفسي والعقلي وخصوصا اذا ارتقى الى رغبة الفرد في تدمير الذات وهو ما نجده لدى مضطربي الاكتئاب الذهاني –السوداوي وهو اشد انواع الاكتئاب العقلي. بينما صداقة النفس هي اساس التوازن والتوافق النفسي وتساؤلنا: كيف تصبح صديقا ً لنفسك؟ هل المصالحة مع النفس ممكنة؟ وما هي اساليب المصالحة؟ نقول ان المصالحة مع النفس اصعب من المصالحة مع الاخرين.. وان صداقة النفس تتطلب رحلة شاقة ومعاناة طويلة حتى يقتنع الفرد فهم ذاته وصراعاته واهدافه الواقعية ويقوم بتبديلها طوعيا ويقلل من العمليات الدفاعية مثل الكبت والتبرير والاسقاط والمبالغة والنقل ويلجأ الى التسامى في سلوكه . ان من الصعب ان يقتنع الفرد حينما يكتشف نفسه بنفسه وان يتعرى امام ذاته بدون قيود او موانع يصطنعها ، ان يرى حجم الشر بداخله مقارنة بالطيبة ، ان يرى جزءا ً من اناه العليا المتمثلة بالضمير وهو مسلط على رقبته ازاء ملذات لا قيمة لها سوى اشباع رغبات آنية غير دائمة وربما زائلة ووقتيه تمضي اسرع من السراب. يقول علماء النفس ان مصالحة النفس تحتاج الى نضال حقيقي وجهاد مع النفس ، انه سلسلة من النضال بين المألوف وغير المألوف ويقول"مصطفى زيور" نحن نفطن لمعارف جديدة دون جهاد ضد معارف سابقة ويصدق ذلك أكثر ما يصدق على العلم بأحوال النفس لان ادراك الجديد عنها تقويض لألفتنا بها حتى لنكاد نمسي غرباء عن انفسنا ،بل إن هذا الاغتراب يفقدنا الطمأنينة ويذيع إلى النفس إشفاقا ً يهز الكيان فتدعونا فطرتنا إلى الانكار والاستنكار.. هنا تكمن الصعوبة الجمه في المصالحة مع النفس بل ان الفرد حينما يفطن الى ان مقاومة الكشف عن أعماق النفس لاتأتيه من الخارج بل من داخل نفسه ، فكيف به يصمم على ان يزيل هذه العقبات حتى يظفر بالحقيقة كاملة .. اذا نجح فأنه يعيد بناءه النفسي بدون ان تهتز النفس ولسنا مغالين اذا قلنا ان صداقة الغير تصل بنوع من الرضا والاشباع والارتواء أكثر من صداقته النفسية ، وايضا مصالحة النفس صعبة جداً لان هذا يعني التناسق والتناغم والتوفيق بين قدرات الفرد الذاتية الحقيقية بدون مبالغة واهدافه وترويضه لذاته الحقة بدون رتوش ، وهذا من الاستحالة ان استطاع الانسان العاقل ان يمارس هذه الطقوس النفسية بعيدا عن التضخيم والمبالغة .. من الافضل الاعتراف بأن هناك اشكالا متعددة من التصرفات والسلوك اليومي يقترب من الحالات البينية المتاخمة بين السواء النفسي(الصحة) والاختلال(الاضطراب) نجدها قريبة الشبه من حالات الاهتزاز في الشخصية التي ستؤدي الى اضطرابات حتما ً لأن صاحبها مهيأ لان يكون في جانب الاضطراب اكثر من السواء ، أليس من الاحرى بنا بدلا من السعي نحو اعادة تقييم الاخرين ان نعترف بأن فينا الخلل وهو يعبر عما يدور في دواخلنا من انساق غير متناسقة؟ اليس التكوين الصراعي بدواخلنا وتفاعله مع الظروف الاجتماعية الخارجية يسبب اختلال التوازن النفسي الذي ينعكس على الاسرة اولا ثم على علاقاتنا الخارجية ثانيا. اليس شقاء الانسان يبدأ من اهتزاز شخصيته وبناءه النفسي حتى ترتبك احواله رغم ما يحققه من مكاسب مادية او وظيفية وما تحققه له من متعة آنية ولكنه يشعر بالهم ويدركه تماما كجزء من شخصيته حتى وان هرب من مواجهته.
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحوير الكلمات ..من الهزل الى الهذيان الجماعي
-
هل يعود الماضي ؟ رؤية نفسية
-
وساوسنا .. هل تعيق سلوكنا ؟
-
الانتخابات العراقية وكواشف الذات
-
الاحباط في الطفولة ..صراع في البلوغ
-
الغيرة والجنون !!
-
الاغتراب .. هل هو أزمة الإحساس بالوجود؟
-
العراقيون وفريضة التساؤل ..عن التدهور في كل شئ!!
-
النفس والصراع !! جدل الانسان
-
الاستعراضية والتباهي مؤشر للشعور بالنقص!!!
-
الكبت والصراع النفسي
-
متى ينتهي العبث بالعراق ؟ مدونة سيكولوجية
-
مشاعر الخجل عند الاطفال .. كيف تتكون؟
-
التربية والشعور بالدونية عند الافراد والشعوب
-
العراقيون ومخاض الانتماءات .. رؤية نفسية عن الانتخابات القاد
...
-
الغِيرة .. الوجه الآخر للشخصية
-
من حرية التفكير الى التكفير
-
انفعالات التفكير .. ألم في الاحشاء !!
-
كيف يتكون الشعور بالدونية لدى الاطفال
-
ولمحنة أيتام العراق احزان
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|