أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد السلام أديب - الدخول الاجتماعي وتصفية القوت اليومي للكادحين















المزيد.....

الدخول الاجتماعي وتصفية القوت اليومي للكادحين


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 19:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


أسئلة جريدة أخبار الريف الى عبد السلام أديب

* في البداية نرحب بك أستاذ عبد السلام أديب في جريدة "أخبار الريف" ، مرت أربع سنوات على تأسيس أول تنسيقية لمناهضة غلاء الأسعار وتدهور الخدمات العمومية، كمنسق وطني سابق لهذه التنسيقيات، لو تفضلت بتقديم لمحة موجزة عن هذا الإطار التنسيقي؟

** شكرا، الواقع هو أن تأسيس أول تنسيقية لمناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية جاء كرد فعل على سلسلة من موجات الغلاء خلال سنة كاملة أي منذ شتنبر 2005 الى غاية شتنبر 2006، عمقتها التدابير المتخذة في اطار القانون المالي لسنة 2006 التي رفعت نسب الضرائب خاصة على استهلاك الماء والكهرباء كما تقرر في أواسط السنة تقليص الشريحة الاجتماعية من استهلاك الماء الخاضعة للسعر الاجتماعي، كما قام المكتب الوطني للسكك الحديدية برفع اسعاره في ذاك الصيف، ومعلوم أن سعر برميل النفط عرف تزايدا بسبب حرب لبنان والتي انتهت في يوليوز وكانت الحكومة آنذاك تدرك أسعار النفط ستتناقص مع بداية شهر شتنبر لذلك سارعت بالزيادة في سعر بيع المحروقات مما ألهب كافة الأسعار المتعلقة بالخضر والفواكه واللحوم والأسماك وحيث كان المغاربة مقبلين على شهر رمضان والدخول المدرسي كان الجميع يئن تحت وطئة الغلاء.

وقد ظهر للكادحين خلال شهر شتنبر من سنة 2006 أن الأحزاب السياسة والمركزيات النقابية المفروض فيها الدفاع عن القوت اليومي للجماهير، غير مكترثة بل ومنصرفة في صفقات مالية وفساد وتزوير للفوز بمقاعد مجلس المستشارين. وقد بدأت شكايات المواطنات والمواطنين ترد على مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالرباط حيث كنت آنذاك رئيسا له. وكان علينا أن نجيب على شكايات هؤلاء المواطنات والمواطنين كحقوقيين، فاجتمعنا يوم 11 شتنبر من سنة 2006 في اطار مكتب الفرع وناقشنا مدى صلاحيتنا للتدخل في قضية الغلاء، وقد تأكدنا بأن سماح الدولة بموجة الغلاء فيه ضرب لبنود العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي وقع عليه المغرب سنة 1979. لكن بدلا من أن يتحرك الفرع بمفرده قرر دعوة كافة فعاليات منطقة الرباط وسلا وتمارة للتشاور في كيفية التعامل مع تفاحش الغلاء. وحينما حدث الاجتماع يوم السبت 16 شتنبر 2006 تم الاتفاق على العمل كتنسيقية لمقاومة موجة الغلاء المتفاحشة ومقاومة الخوصصة و تدهور الخدمات العمومية، وفي نفس الاجتماع تقرر تنظيم وقفة أمام البرلمان يوم الخميس 21 شتنبر 2006 للتعبير عن تنديدنا بالسياسات التي قادت لموجة الغلاء المتفاحشة. وتوجيه مراسلات الى كل من الوزير الأول ووزير المالية ووزير التشغيل ورئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين لتبليغهم احتجاجاتنا ومطالبنا بالتراجع عن الزيادات فورا والغاء مشاريع الاجراءات الضريبية اللاشعبية التي كانت تتهيء الحكومة لفرضها.

لقد قمنا بعل رائع فيما يخص التعبئة الاعلامية وتوزيع النداءات على المواطنات والمواطنين في الأحياء الشعبية وفتح باب النقاش معهم، مما وسع الوعي بأهمية مقاومتنا للغلاء وهو ما كان له كبير الأثر على نجاح الوقفة وعلى اهتمام الصحافة المحلية والدولية بالحدث، الشيء الذي دفع مناضلات ومناضلين آخرين في مدن أخرى للعمل على تأسيس تنسيقيات مماثلة مستفيدين من تجربة تنسيقية الرباط. فبدأت التنسيقيات تتكاثر ويداع صيت نضالاتها على شكل وقفات احتجاجية ومسيرات شعبية ومهرجانات خطابية. وقد دعمت الجمعية المغربية لحقوق الانسان هذا المسار بدعوة جميع الفروع لجعل الأسبوع الأول من أكتوبر كأسبوع للإحتجاج على غلاء الأسعار، فتشكلت بذلك حوالي أربيعين تنسيقية مناضلة، مما جعلنا في تنسيقية الرباط نفكر في الدعوة الى اجتماع للتنسيقيات لتوحيد نضالاتنا. فتم ذلك في 29 أكتوبر 2006.

لقد صدرت عن الملتقى الأول عدة قرارات مهمة، كاعلان الرباط مثلا والملف المطلبي والبيان والبرنامج النضالي الوطني الذي كرس لإنجاز أربعة مهام هي:

1 – عقد ندوة وطنية بين مكونات التنسيقيات تخصص لمناقشة الغلاء والسياسات الاقتصادية والاجتماعية المؤدية اليها وذلك يوم الأحد 3 دجنبر 2006؛

2 – تنظيم وقفات موحدة في الزمان ومتفرقة في مواقع جميع التنسيقيات، وذلك في ذكرى انتفاضة 1990 أي 14 دجنبر 2006؛

3 – التحضير لمسيرة وطنية يوم 24 دجنبر 2006؛

4 – في حالة عدم استجابة الحكومة لمطالب التنسيقيات يتم الدعوة الى تنظيم مسيرة وطنية ثانية يوم 25 مارس 2007.

وقد استطاعت لجنة المتابعة الوطنية المشكلة خلال الملتقى الأول للتنسيقيات أن تنجز مختلف المهام التي اسندت لها، وشكلت فترة انجاز هذه المهام ما بين نونبر 2006 وأبريل 2007 أوج انطلاق احتجاجات تنسيقيات مناهضة الغلاء حيت تزايد عدد هذه التنسيقيات الى نحو 90 تنسيقية.

وقد جدد الملتقى الثاني للتنسيقيات المنعقد في 25 فبراير 2007 الثقة في لجنة المتابعة القائمة، وأوكل لها مهمة انجاز مسيرة 25 مارس التي عرفت حصارا من جميع الجوانب لمدى ثلاث ساعات.

وقد تحملت طيلة هذه المدة مهام المنسق الوطني ومنسق تنسيقية الرباط سلا تمارة، وحيث كانت القرارات تتخذ في اطار من الجدل الحاد وفي ظل النقد والنقد المضاد فكنا نخرج دائما بالقرارات التي يحدث حولها الإجماع. لكن مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، بدأ عدد من المنتمين سياسيا لأحزاب تشارك في الانتخابات يحاولون التشويش على عمل التنسيقيات والمطالبة بتعديلات تنظيمية ونضالية تحقق أهدافهم. ومع تزايد ضغوطات الأحزاب من خلال مناضليها للتأثير على مسار التنسيقيات، قررت الانسحاب من لجنة المتابعة الوطنية في الملتقى الثالث في 3 يونيو 2007، وواصلت النضال كمنسق لتنسيقية الرباط سلا تمارة.

ولقد شكلت مسيرة 2 شتنبر 2007 التي تقررت خلال الملتقى الثالث المنعرج الذي بدأ يدفع نحو نوع من الانحراف سيتكرس مباشرة بعد انتفاضة سكان صفرو والبهاليل في 23 شتنبر 2007 حيث ستستدعي وزارة الداخلية المكونات السياسية للتنسيقية لتحذيرها من مغبة الاسترسال في المسار الذي عرفته التنسيقيات لحد الآن. ومنذ ذلك اللقاء بدأ مسار عكسي يدعوا الى سيطرة المكونات الحزبية على قيادة التنسيقيات وتوظيفها في مهام سياسوية ضيقة بعيدا كل البعد عن الدفاع عن القوت اليومي للجماهير الشعبية. وقد حاولت التعبير عن موقفي هذا بكل قوة خلال الندوة المفبركة في شهر دجنبر 2007 والتي حاولت خلالها لجنة المتابعة الجديدة افراغ التنسيقيات من محتواها النضالي ورميها في احضان الأحزاب الاصلاحية. كما عارضت بقوة شروط انعقاد الملتقى الرابع في 2 مارس 2008 ورفضت المشاركة فيه نظرا لأنني اقتنعت بالانحراف الخطير الذي دخلته التنسيقيات بايعاز من المكونات الحزبية. وقد جر علي موقفي هذا نقمة المكونات السياسية للتنسيقية وبذلك فضلت الابتعاد ومراقبة النتائج وهي نتائج بالفعل مؤسفة. ويعترف بها حاليا حتى من تسببوا في هذه النتائج.

إننا اليوم نعيش هجوما برجوازيا خطيرا على القوت اليومي للكادحين وتصفية ما تبقى من مرافق عمومية، وفي المقابل هناك صمت مطبق متواطؤ من طرف الأحزاب والمركزيات النقابية وما يسمى بالهيئات المناضلة. لذلك وبمناسبة الذكرى الرابعة لتأسيس تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية وجهت نداء للمناضلات والمناضلين لحثهم على قيامهم بمهامهم التاريخية كطليعة ثورية للطبقة الكادحة من أجل مقاومة هذا الهجوم.


* نحن في بداية الدخول الاجتماعي الجديد، في نظرك ما هي أهم سمات هذا الدخول ،وما هي الملفات الكبرى التي ستشغل بال المواطن والحكومة على حد سواء؟

** أستطيع أن أقول لك بأن الدخول الاجتماعي الحالي يتسم بما يلي:

1 – هناك معاناة كبيرة وسط الطبقة الكادحة جراء وضعها الاجتماعي المتدهور سنة بعد أخرى، حيث أن الغلاء لم يتوقف وقد عرف منذ بداية الصيف تزايدا هائلا مس جميع المجالات. وقد استنزف الغلاء خلال شهر رمضان ما تبقى من قدرة على التحمل لدى الكادحين، وهاهو الدخول المدرسي يفتت مداخيل العائلات في ظل تدهور التعليم العمومي واستهداف خوصصته بالكامل؛

2 – الباطرونا وأصحاب الشركات والبرجوازية الكمبرادورية عموما تستهدف المزيد من مرونة الشغل واستغلال الكادحين خارج كل الضوابط القانونية من أجل ربح المنافسة وتحقيق معدلات عالية من الأرباح. ويشتكي جميع البرجوازيين من عدم كفاية ما تتلقاه من إعانات الدولة ومن إغماض عينها عن انتهاكاتهم للحقوق الشغلية، فتطالب بالمزيد من الإعفاءات الضريبية ومن تخفيض معدل الضريبة على الشركات ومن حصة المشغل؛

3 – توجد أجهزة الدولة ومؤسساتها في ورطة بسبب سياساتها لتدبير الأزمة والمملاة من طرف المؤسسات الامبريالية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي)، فتفكيك الرسوم الجمركية أدرك منتهاه وبيع الدولة للمرافق العمومية عمق من فجوتها المالية وسياسة فتح الباب على مصراعية للاستثمارات الأجنبية الخاصة باتت تحدث نتائج عكسية بحيث أنه بدلا من جلب العملة الصعبة هاهي تخرج بكميات هائلة نتيجة تحويل عائدات استغلال هذه الاستثمارات في المغرب. كما أن مساهمنها الكبيرة في انقاد الشركات الرأسمالية المفلسة عمق من عجز الميزانية العامة. وبذلك تتهيء الحكومة لاعتماد اجراءات تقشفية سيدفع الكادحون فاتورتها اذا لم يتمكنوا من مقاومتها بجميع الوسائل الممكنة.

ففي الواقع أن الملفات الحقيقية التي تشغل بال الباطرونا والتحالف الطبقي الحاكم هي كيفية دفع الكادحين للقبول بإجراءات تقشقية صارمة حتى تتمكن البرجوازية من استخلاص أكبر قدر ممكن من فائض القيمة والحفاظ بالتالي على معدلات أرباحها ويتمكن المسؤولون من الاستمرار في نفس مستوى نهبهم وتبذيرهم.

أما الملفات الحقيقية التي تشغل بال الكادحين فيتمثل في كيفية تلبية حاجياتهم وحاجيات أبنائهم في بداية كل شهر أمام التآكل اليومي للأجور الزهيدة التي أصبحت تدفعها لهم الباطرونا والدولة.

أما البرلمان والعمل الحزبي والنقابي فأصبحت آليات بيد التحالف الطبقي الحاكم لحسم الصراع الطبقي لفائدته. بينما لا يملك الكادحون أية أداة سياسية أو نقابية تعبر عن مطامحه وتعمل على حسم الصراع الطبقي الدائر لفائدتهم.


* اعتقد أن الدخول الاجتماعي لهذا الموسم 2010/2011 مثقل بالعديد من الملفات الساخنة التي لا يمكن أن تحل -ولو مؤقتا- في غياب الحوار، في نظرك إلى أي حد يمكن أن تستجيب الحكومة لمثل هذه الحوارات؟

** الحوار الاجتماعي أكذوبة ابتدعتها الحكومة والأحزاب السياسية والمركزيات النقابية لتخدير الطبقة الكادحة وضمان استمرار تعاونها في ظل ما يسمونه بالسلم الاجتماعي وهو عبار عن استغلال فاحش في ظل السلم الاجتماعي، أي أن الدولة والباطرونا تصفع والحوار الاجتماعي يعالج. فمنذ انطلاق ما يسمى بالحوار الاجتماعي ماذا تحقق انه مجرد إلغاء الإضرابات والانتضارية الطويلة التي لا تنتهي لتطبيق الشق المادي والشق الحقوقي والتلاؤم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. ليس أمام الكادحين سوى النضال وتأجيج الصراع الطبقي من أجل فرض مفاوضات وليس حوارات لانتزاع مطالب الشغيلة.


* منذ انفجار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية عالميا سنة 2007 والهجوم على حقوق الطبقة العاملة والفلاحين والفقراء مازال مستمرا، في ظل هذه الأوضاع كان من الممكن ان تكون هناك حركة احتجاجية متقدمة، لكن ما نلاحظه هو تراجع واضح في هذه الحركة، ما السبب في ذلك؟ وما هي الأطراف التي ساهمت في هذا الركود؟ وكيف يمكن تجاوز هذه الوضعية؟

** سؤال مهم يجب على جميع المناضلين الحقيقيين التفكير فيه وايجاد الاجابات المناسبة له، أعتقد أن البرجوازية الحاكمة محليا وعالميا والتي تدرك أن النظام يعيش مرحلة احتضار تاريخية ابتدأت منذ بلوغ الرأسمالية مرحلة الامبريالية مع بداية القرن العشرين حيث بدأت تدور في حلقة من الأزمة فالانكماش فالحرب فإعادة البناء وهكذا دواليك. فأما الأخطار التي تهدد الأنظمة الرأسمالية بالانهيار تحاول البرجوازيات ابداع آليات للحفاظ على الذات ذات طبيعة غريبة، فهي في نفس الوقت الذي تريد فيه من الكادحين كل شيء وتمارس عليهم مختلف أنواع الاستغلال، تريدهم من جانب آخر الخنوع التام لإرادتهم والقبول صاغرين بأشكال استغلالهم. لذلك حينما نلمس أن هناك هجوما برجوازيا قويا بينما ليست هناك أية حركة مناضلة للتصدي لهذا الهجوم ندرك أن آليات التخدير البرجوازي قد نجحت في عملها.

أبرز آليات التخدير هو استعمال الدين في السياسة حيث يتدخل "المقدس" بالمفهوم الديني في المنع المعنوي للجماهير من التعبير عن الاحتجاج والسخط جراء السياسات المعتمدة. كما تلعب اللعبة الديموقراطية البرجوازية والانتخابوية دورا في تخذير الجماهير واسقاطهم في الانتظارية والوعود الكاذبة. كما أن توسيع حجم الطبقة الوسطى يشكل درعا واقيا من الانتفاضات العمالية لما تلعبه هذه الطبقة من دور انتهازي في الدفاع عن المشروع البرجوازي الاستغلالي. ثم هناك أخيرا القمع الذي يستهدف ارعاب المناضلين ودفعهم للتخلي عن ممارسة العنف الثوري أو حتى الاحتجاج السلمي خوفا من الاصابة بأدى.

لكن مع تعمق الأزمة واضطرار البرجوازية للمزيد من الاستغلال والنهب وحرمان الكادحين من العديد من الأساسيات فإن جميع الأوهام تنقشع فيسقط المقدس ويختفي خداع الديموقراطية البرجوازية وتنفضح لعبة البرجوازية الصغرى بل أن البروليتاريا لن تهاب حتى القمع الوحشي الذي تسلطه القوى البرجوازية عليهم.

وهنا لا أمجد العفوية بل لا بد للبروليتاريا من أداة سياسية لقيادتها في عملية مقاومة وتغيير جذري للأوضاع الطبقية المتأزمة.



* ذهبت العديد من التحليلات إلى كون الزيادات في الأسعار المهولة التي عرفتها بلادنا مؤخرا نتيجة سببين: تحكم بعض المضاربين في السوق الداخلية واستغلالهم لأوقات خاصة كشهر رمضان، العيد، الدخول المدرسي.. لجني أرباح من جراء رفع أثمان المواد التي يسيطرون عليها إضافة إلى تقلبات الأسعار في السوق العالمية، إلى أي حد يصح هذا الكلام؟ وفي نظرك ما هي أسباب الغلاء وتدهور الخدمات العمومية ببلادنا؟؟

** أولا أن ما تذهب اليه تلك التحليلات هو جزء من الحقيقة وليست الحقيقة بكاملها. فنحن نعيش في عصر الامبريالية والتي تمارس عملية دولية من الاستقطاب والاستغلال للاستحواذ على أكبر قدر من فائض القيمة وذلك على حساب الكادحين والشعوب المقهورة.

فالنظام الرأسمالي استطاع من خلال الوفرة المفرطة للمنتوجات ورؤوس الأموال أن يتجاوز الحاجات الفعلية للمستهلكين ويتجاوز كل امكانيات الاستثمار. وتتجلى خطورة هذه الوضعية في عدم قدرة الرأسمالية تحقيق الربح عبر تحقيق بيع جميع المخزونات من السلع. هناك الجزء الفائض من رؤوس الأموال تتجه نحو المضاربة على كل شيئ حتى على فائض القيمة الذي يحققه الكادح في المستقبل. كما أن عمليات المضاربة تؤدي الى تجاوز الأموال الافتراضية للأموال المحققة فعلا. ففي ظل هذه الوضعية حدثت ازمة 2007 والتي سبقتها مضاربات هائلة على المواد الغذائية حتى تلك التي ستنتج مستقبلا.

إن التناقض الداخلي لنمط الإنتاج الرأسمالي وتدهور معدلات الربح على المدى الطويل والتناقض بين قوى الإنتاج المتقدمة وعلاقات الإنتاج المتخلفة ووفرة فائض الانتاج، كلها عوامل احتضار الرأسمالية في عهد الامبريالية.

لذلك فإن الغلاء الملموس خلال السنوات الأخيرة ليس ظاهرة عابرة بل هو جزء من تفكك وتحلل النظام الرأسمالي يتعمق مع تعمق الأزمة ولا ينتهي الا بالتغيير الجذري.


* يحتل المغرب رتبا متدنية في خلاصات التقارير الدولية، حيث تميزت التقارير الدولية الخاصة ببلادنا برؤية سوداوية في مختلف المجالات(تقرير منظمة الشفافية الدولية، تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية.....)الشيء الذي اغضب السلطات العمومية وفي مقدمتها دوائر صناعة القرار حيث شككت في مصداقية هذه التقارير،أستاذ أديب إلى أي حد يمكن أن تكون خلاصات هذه التقارير صادقة؟ وهل هناك من داع للقلق؟؟

** الحكومات البرجوازية في العالم تعمل على إخفاء الحقيقة عن الطبقة الكادحة زمن الأزمة لكونها تخاف من ردة فعلها. فمختلف الحكومات تعمل على فبركة احصائيات مغلوطة حول الفقر والبطالة والظروف الاجتماعية للكادحين. وبطبيعة الحال فإن المسؤولين في المغرب يدخلون في هذا المجال حيث أصبحوا بارعين في فبركة الاحصائيات بل وفي انتقاد دوائر دولية معترف بمصداقيتها كمعهد اكسفورد الذي اعتمد معيار الفقر متعدد الأبعاد مصنفا المغرب في المرتبة 28 من حيث نسبة الفقر. ومهما صرخ محمد لحليمي فإن الكادحين يدركون أن المغرب تجاوز هذه النسبة لأن الأوهام تبددت لديهم وأصبحوا يعرفون أعدائهم.



* نلاحظ ارتباك واضح في الدخول المدرسي لهذا الموسم،(احتجاج العاملين بالقطاع، تخوف واضح للآباء، زيادة في تكلفة الدخول المدرسي، مشكل الاكتظاظ... في ظل هذه الأوضاع، هل يمكن تجاوز هذه الوضعية مستقبلا؟ وكيف يمكن ذلك؟

** منذ سنة 1965 ما فتئت الضربات المتوالية تقع على عاتق التعليم العمومي، فالدولة البرجوازية لا تريد أن تتحمل هذا القطاع الاستراتيجي لأنها في حاجة لتوفير الاعتمادات التي ترصد له. لذلك تعمل على تدمير التعليم العمومي وتراهن على التعليم الخاص في جميع المستويات. ولقد ظل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الجهاز الشعبي الوحيد الذي يناضل ضد المخططات التعليمية البرجوازية.



* في الأخير أستاذ أديب أفسح لك المجال للإدلاء بكلمة حرة

** ليس بغير النضال يمكن الحفاظ على المكتسبات، فلن نخسر بنضالنا أكثر مما نخسره بصمتنا.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خصائص الصراع الطبقي في المغرب
- أزمة تدبير الأزمة العامة للنظام الرأسمالي
- في ذكرى تأسيس تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية
- تعمق الفقر في زمن الامبريالية
- ذبحتونا .. ذبحتونا
- التطهير الاداري والبنيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ال ...
- أوضاع السجناء والمؤسسات السجنية بالمغرب
- مجرد دردشة
- هل يتحمل القاموس السياسي مفهوم -التقاعد السياسي-
- الموجة الاشتراكية الأولى ورهانات تفكيك الرأسمالية
- السياسات الاقتصادية والاجتماعية في ظل الأزمة العالمية وانعكا ...
- أزمة الفكر البرجوازي وإرهاصات العواصف الثورية
- لتتضامن البروليتاريا العالمية ضد الهجوم البرجوازي على الطبقة ...
- الدور الانتهازي للبرجوازية الصغرى
- معالجة إفلاس الدولة البرجوازية على حساب الطبقة العاملة
- ثورة نسائية جذرية جديدة في مؤتمر عالمي بفنزويلا سنة 2011
- وزارة الاقتصاد والمالية تسترق موظفيها
- قراءات في النظرية الاقتصادية الماركسية
- وحدة الطبقة العاملة في مواجهة البرجوازية المتعفنة
- قراءة نقدية سريعة في مشروع قانون المالية لسنة 2010


المزيد.....




- الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
- من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل ...
- التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي ...
- هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
- مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
- إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام ...
- الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية ...
- الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد السلام أديب - الدخول الاجتماعي وتصفية القوت اليومي للكادحين