أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علاء اللامي - مجزرة " حي الدرج" في غزة : خطوة أخرى على طريق زوال الدولة الصهيونية















المزيد.....

مجزرة " حي الدرج" في غزة : خطوة أخرى على طريق زوال الدولة الصهيونية


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 205 - 2002 / 7 / 30 - 00:41
المحور: القضية الفلسطينية
    


 

                                                                                 

    دماء الأطفال التي سفكها مجرم الحرب شارون  بحي الدرج في قطاع غزة أفاضت الكأس وأدرجت الدولة الصهيونية في خانة الزوال الحتمي كما أدرجت معها النظام العربي الرسمي  في خانة العار الأبدي . فمنذ زمن ليس ببعيد  لم يعد الحديث عن زوال ، دمار ، تفكيك ، الدولة الصهيونية همسا أو مجرد (إسقاط لرغبات عربية متطرفة على واقع صلب ) بعبارات الحداثويين العرب المزيفين  . كما إنه لم يعد حديثا  محكورا على الفلسطينيين والعرب في خندق المقاومة فها هو "جاك أتال " المفكر اليهودي الفرنسي ومستشار الرئيس الراحل فرانسوا ميتران يكتب في مجلة الإكسبريس وبالحرف الواحد (( لم تكن إسرائيل معزولة كما هي اليوم ولم تكن يوما مهددة بالزوال كما هي اليوم ، وبالجملة : إن إسرائيل مهددة بالزوال عن طريق الحرب، ومهدد بالزوال عن طريق السلم أو عن طريق هجرة نخبتها خوفا من  الحرب والسلم  معا ..   ))

   أما لطيف دوري القيادي من أصل يهودي عراقي في حركة ميريتس فقد صرح بعد ساعات على جريمة شارون الجديدة  الى قناة "الجزيرة" القطرية  بأن سياسات إريئيل شارون  ستؤدي الى كارثة على "الشعب الإسرائيلي " والى دمار  دولة إسرائيل ، وثمة العديد من الأمثلة الأخرى في المكتوب والمسموع والمرئي من وسائل إعلام الكيان  . والواقع فإن الدولة الصهيونية تسير على طريق الانتحار منذ أمد طويل لا بل إنها كانت تحمل بذرة فنائها في باطنها منذ يوم ولادتها لأنها قامت على سلب حق شعب آخر في الحياة والحرية وطردت ثلثيه الى مخيمات اللجوء والتشرد خارج وداخل وطنه . وكانت تقترب من نهايتها في كل مرة تمارس فيها مذابحها واعتداءاتها الهمجية  على البشر والشجر والحجر ولم يبقها على قيد الحياة إلا عاملان : الدعم العسكري والمالي والسياسي الأمريكي والغربي و تخلف وجبن النظام العربي الرسمي  .

  والواقع فثمة تناغم وتساوق يجمعان  العديد من الظواهر والأحداث ففي الوقت الذي تتكاثر وتتضح علائم وأعراض الهزيمة الاستراتيجية على الدولة الصهيونية وتتصاعد وتيرة وحدة الصراع على الأرض بين المقاومة الفلسطينية الفريدة في التاريخ وبين قوات الاحتلال  تميل القيادة الصهيونية الى اصطناع الهدوء ورباطة الجأش وعدم الاستعداد لإبداء أدنى تنازل للجانب الفلسطيني . ولقد دأبت إدارة "شارون بيريز إليعيزر" على اتباع تكتيك عدم التنازل المقرون بالتصعيد المستمر  لمعرفتهم بأن أي تنازل سيكون هو الصدع المنتظر في جدار  السد الصهيوني والذي ستتبعه صدوع وانشقاقات أكبر وأكثر ستنتهي بانهياره التام .ونقطة ضعف هذه الاستراتيجية الشارونية  الجابوتنسكية ومقتلها يكمن في أن "التصعيد" نشاط تاريخي محكوم بعوامل مادية ومعنوية ،  بمعنى أن التصعيد يكف عن الفعل حين يصل الى سقف معين ، ولا يوجد في الحياة تصعيد مفتوح ولا سقف له ، وسيصل شارون ودولته الى هذا السقف عاجلا أو آجلا لتبدأ بعد ذلك رحلة نزول السفح والانهيار الصهيوني وصعود المقاومة نحو النصر الأكيد .

   إنهم  يعرفون بأنهم خسروا الحرب أمام الفلسطينيين منذ زمن بعيد وتحديدا منذ أواسط الانتفاضة الأولى ولكنهم لا يريدون الاعتراف بذلك علنا مخافة أن تبدأ الهجرة اليهودية  الشاملة المعاكسة  وتنهار دولتهم .ولتأكيد هذا المعنى يمككنا التذكير بأن المقاومة اللبنانية انتصرت على الجيش الصهيوني قبل  عدة أعوام من السنة التي انسحب فيها ، وهم حين يفكرون بهذه الطريقة فليس الحدس هو فقط ما يدفعهم  ويقود تفكيرهم  بل الوقائع المادية والحقائق الفعلية على الأرض  .لنغض الطرف  عن الانهيار الاقتصادي الوشيك واستمرار التضخم وفقدان الشيكل لقيمته مع كل صباح جديد ،  و لنلحظ ظاهرة أخرى وهي أن غالبية المستوطنين في مستوطنات الضفة والقطاع أمسوا يبدون  استعدادهم للرحيل من المستوطنات الى داخل الخط الأخضر باستثناء نسبة قليلة لا تتجاوز الستة بالمائة . فقد  أشار استطلاع صهيوني نشر قبل بضعة أيام في وسائل الإعلام الإسرائيلية الى أن  68 بالمائة من المستوطنين يوافقون على ترك المستوطنات والانتقال الى داخل الخط الأخضر وأن 24بالمائة قالت إنها ستلجأ للقضاء في محاولة لرفض الترحيل و 6 بالمائة قالت إنها ستقاوم باستخدام جميع الوسائل بما فيها العنيفة أية محاولة لترحيلها من المستوطنات  ولنا أن نتوقع أن "الروح القتالية " لهذه الستة بالمائة من المستوطنين ستتحول الى هواء كريه الرائحة بمجرد اقتراب شاحنات الترحيل أو بمجرد سماع أزيز رصاص المقاومين الفلسطينيين  . ثم إن هذه الأرقام تعكس انتصارا مدويا للانتفاضة الفلسطينية الثانية وهو انتصار ناجز ومحقق ولكن الإدارة الصهيونية المذعورة وبعض السذج في معسكر التفريط العربي والفلسطيني يتصورونها عنيدة ترفض الاعتراف بالهزيمة التي اعترف بها المستوطنون . إذن هو الذعر الذي يشل شارون وقيادته وليس العناد والاطمئنان الى المستقبل فقد أدركوا أن المجازر و استعمال الأسلحة المحرمة دوليا والتطويق والحصار المستمر والتنكيل والإذلال والترحيل والاعتقال الإداري والسجون الصحراوية ، إن كل ذلك  لم يكسر إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته الصلبة .

من ناحية أخرى ، فإن الكلام عن هزيمة الكيان الصهيوني وتفككه لا ينبغي أن يأخذ أو يستبطن مضمونا ثأريا وانتقاميا يستهدف المدنيين دون تمييز يحاول البعض أن يستعملوه طريقا الى المزايدة على المقاومين الحقيقيين للمشروع الصهيوني ، كما أن الكلام عن هذا الموضوع لا يمكن أن يكون انسياقا مع العديد مع الشعوذات ذات الصبغة الطائفية السلفية المضرة بالنضال التحرري الفلسطيني على المدى الاستراتيجي بل إن تفكك وانهيار الكيان الصهيوني سيطرح على الفلسطينيين والعرب مشكلات خطيرة من نوع جديد . كما لا ينبغي أن ننسى للحظة أن القيادات الصهيونية المتطرفة تحوز على  أسلحة دمار شامل  ممثلة بمئات الرؤوس النووية  مما يمكنها في لحظات الانهيار التام أن تستعملها وتضرب العواصم العربية تحت الشعار الشمشوني الذي يقول" علي وعلى أعدائي يا رب!)  إضافة الى سلسلة مركبة من المشكلات الأخرى والتي سيطرحها الظرف الجديد وسيكون من قبيل التدمير الذاتي والانتحار التاريخي المساهمة في إضفاء السمات والأبعاد الطائفية الدينية على الصراع فتجارب التاريخ كررت ومازالت تكرر  أمام أنظار الجميع  بأن المنتصرين في حرب دينية سيكونون بدورهم موضوعا لحرب أخرى بين مكوناتهم الداخلية ، ونظرة واحدة الى التجربة الأفغانية تؤيد هذا المذهب ،إذ بمجرد  ما تحولت الحرب  ضد السوفيت  من حرب مقاومة وتحرير ضد محتلين  الى جهاد ديني ضد "كفار" حتى حكم المقاومون على مستقبلهم بسلسة دامية من الحروب الداخلية بين أطراف وفرق  كلها تصيح" الله أكبر!" ثم تطلق النار على بعضها حتى تحولت أفغانستان الى ما هي عليه الآن !

  إن تاريخ الدولة الصهيونية هو تاريخ متواصل من المجازر المروعة التي ما كان لها أن تحدث لو لا الدعم والمشاركة والحماية  الغربية عموما والأمريكية بوجه خاص . وهذا الدعم وتلك المشاركة ما كان لهما أن يستمرا لو لا جبن النظام العربي الرسمي ورعب الدول النفطية القروسطية ذات الحكم القبلي المتخلف من زوال الحماية الأمريكية لعروشها في حال تجرأت واستعملت  أوراق القوة العربية التي في حوزتها وما أكثرها إضافة الى لجوء تلك الأنظمة الى قمع كافة مظاهر الاحتجاج والرفض العربيين وبهستيرية وسعار فاقا الوصف حيث أدخل قمع شرطة نظام كامب ديفد  ثلاثمائة طالب تظاهروا تضامنا مع أشقائهم الفلسطينيين الى المستشفيات في يوم واحد وفي مدينة واحدة هي الإسكندرية .

   إنها قصة إبريق الزيت في آخر نسخة لها ولكنها قد تكون النسخة الأخيرة بعد أن تعرى النظام العربي الرسمي فيه من كل ساتر أخلاقي وصار وزراؤه يتسابقون لطلب رضوان الإمبراطور بوش الثاني  ومباركة خططه ومشاريعه الأكثر عدوانية وتطرفا من  مثيلاتها الصهيونية . والمؤسف ، ولكن المفهوم ، هو أن المجزرة الأخيرة لم تحرك الشارع العربي إلا في دوائر ضيقة لم تتعدَ الأزهر الشريف وبعض مخيمات اللجوء الفلسطينية إذ يبدو أن الناس بدأت تدرك أن نفاق النظام العربي الرسمي لم يترك شأننا إلا أفسده ولم يسلم من هذا الإفساد حتى النشاط التضامني والاحتجاجي الذي كانت الناس طوال العقود الماضية تلجأ إليه كوسيلة للتفريغ النفسي والتطهير الروحي والاحتجاج . فقد صار طبيعيا أن يشارك ممثلو الأنظمة الحاكمة من رؤساء و وزراء وأمراء ومسؤولين كبار الى المشاركة في تلك المظاهرات وتصدر الصفوف فيها مما جعل الجمهور العريض يكفر حتى بهذه النشاطات التضامنية البسيطة ولسان حاله يقول إذا كان من ضيعوا فلسطين يقودون المظاهرات فما معنى مشاركتنا نحن "العامة" ؟ ولماذا نمنح هذه الأنظمة التي لا تستحق الاحترام تزكية لا تستأهلها أبدا ؟



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- للرجال والنساء فقط
- عدالة الذئاب البشرية
- أخلاقيات القتال
- عسكر وحرامية ومناضلون !
- المسودة الكردية للدستور العراقي المقترح : المقياس الديموغراف ...
- المسودة الكردية للدستور العراقي المقترح : توسيع كردستان حتى ...
- الوهراني والسخرية السوداء
- حق العودة الفلسطيني هو قلب الصراع :اتفاقيات جنيف تمنع الفلسط ...
- استطلاعات الرأي الفلسطينية :توازن نسبي بين فتح والإسلاميين و ...
- حساب الإيجابيات والسلبيات في "إعلان شيعة العراق " -الجزء الث ...
- حساب الإيجابيات والسلبيات في -إعلان شيعة العراق - : آليات ال ...
- عروبة العراق وحقوق الأقليات :حول التناقض المفتعل بين هوية ال ...
- الى موقع عراق نت والمسؤولين عنه
- باقر الصراف وجماعة - التحالف الوطني- : محاولات بائسة لتشويه ...
- ردا على كوردة أمين :حول الابتزاز باسم العداء للكرد والشيعة : ...
- النزعة العراقوية من الجاحظ إلى عبد الكريم قاسم .
- كركوك والموصل في الكعكة السياسية : حين تتحول الأوهام الشوفين ...
- توجان الفيصل ..سلاما !
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة العبودية :قراءة في رسالة مفتو ...
- ثقافة الذبح العشائرية : و نقتل الأكراد مجانا..!!


المزيد.....




- الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر ...
- هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
- الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو ...
- دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
- الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل ...
- عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية ...
- إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج ...
- ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر ...
- خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علاء اللامي - مجزرة " حي الدرج" في غزة : خطوة أخرى على طريق زوال الدولة الصهيونية