إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 3151 - 2010 / 10 / 11 - 15:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المواطنة الملتزمة تقتضي معالجة جملة من إشكاليات المجتمع بالأقاليم الجنوبية، لاسيما إلزامية احترام القانون والحضور المستدام للإرادة في تطبيقه.
لكن لا مواطنة ملتزمة دون اندماج فعلي ومجدي في المجتمع؛ اعتبارا لأن الإحساس بالمواطنة شعور ينمو عن طريق المعايشة والقرب. فهذه المواطنة هي حقوق وواجبات؛ إنها في واقع الأمر أخد وعطاء، وليست أخدا ومطالبة بالمزيد فقط.
فمازالت إشكالية اندماج العائدين والوافدين الجدد في المجتمع بالأقاليم الجنوبية تثير اهتمام الكثيرين، وأغلب ما كتب بهذا الخصوص يقودنا إلى ترابط بين هذه الإشكالية وقضية ترجمة الشعور والإحساس بالمواطنة على ركح الواقع المعيش؛ لكن ليست أي مواطنة، وإنما المواطنة الملتزمة. ويبدو أن هناك سبيلا واحدا لا ثاني له لنجاح عملية الاندماج؛ ألا وهو اعتماد هذه المواطنة.
وقد جاء في إحدى خطب جلالة الملك محمد السادس "أن المسار الديمقراطي التنموي الذي نقوده يتطلب انخراط كل المغاربة حيث كانوا، بنفس روح التشبث بالهوية الوطنية والمواطنة الملتزمة". كما لخص جلالته أبعاد هذه المواطنة في قوله "إن المواطنة التي نريدها لا ينبغي أن تختزل في مجرد التوفر الشكلي على بطاقة تعريف أو جواز سفر، وإنما يجب أن تجسد في الغيرة على الوطن، والاعتزاز بالانتماء إليه، والمشاركة الفاعلة في مختلف أوراش التنمية التي نتمناها، وطنية كانت أو جهوية أو محلية، وتوسيع إشعاعه العالمي".
وقد اجمع المحللون على أنه لا يمكن تصور دولة الحق والقانون دون أخلاقيات المواطنة التي لا تقبل أنصاف الحلول؛ وذلك اعتبارا لأن المواطنة مكون حضاري، وليست مرتبطة بقضية أو بجهة دون سواها. إنها قانون وانتماء وسلوك وقيم.
والمواطنة الملتزمة بالأقاليم الجنوبية وجب أن تكرس بالعمل والفعل، وليس بانتظار ما يمكن جنيه من الوطن. ولن يتم هذا إلا بالسعي إلى الاندماج في المجتمع، وليس العيش عالة عليه.
عن الفعل والمشاركة والبحث عن موقع نافع تحت شمس الوطن تتولد المواطنة وتترسخ في كيان المواطن وتتمظهر عبر سلوكه وممارسته اليومية.
وفي هذا الصدد، وجب كذلك الإقرار أن مختلف ألوان اقتصاد الريع والامتيازات والإكراميات لا يمكنها، بأي حال من الأحوال، المساهمة في ترسيخ المواطنة الملتزمة، بل على العكس من ذلك، تقوي اعتماد الاتكالية والانتهازية والأنانية والعصبية؛ وهذا ما أضحى يلاحظ في جملة من مظاهر الحياة بأقاليمنا الجنوبية، التي أصبحت تحتضن أناسا يعيشون بالاتكالية دون بذل مجهود من شأنه خدمة الوطن أو المساهمة في تنميته؛ وهذا وضع لا يساعد بتاتا على ترسيخ قيم المواطنة الملتزمة، لاسيما في صفوف الشباب. وبعبارة أخرى، إن تكريس مظاهر اقتصاد الريع والامتيازات والتمييز في الاستفادة من الإكراميات قد يفرغ المواطنة من محتواها أحيانا.
فالمواطنة كل لا يمكن تجزيئه، وهو قائم على أربعة أركان: الانتماء إلى الوطن والمجتمع، وواجبات الأفراد نحو الوطن ــ مع الإقرار بأسبقية المصلحة العامة على الخاصة وأسبقية الواجبات على الحقوق ــ والحقوق، وأخيرا العيش المشترك.
إدريس ولد القابلة
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟