أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - كوردة أمين - تطهير عرقي على الورق















المزيد.....



تطهير عرقي على الورق


كوردة أمين

الحوار المتمدن-العدد: 205 - 2002 / 7 / 30 - 00:39
المحور: القضية الكردية
    


 

 

                                                                               

قبل ايام قرات مقالا مطولا في جزئين  لاحد الكتاب المتخصصين في كل شيء  و موضوع المقال كان نقدا موجها من الكاتب لمسودة الدستور المقدم من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني .

 ونظرا لان الكاتب تطرق بالنقد الى الكثير من الامور الهامة الواردة في المسودة وابتعد في كثير من الاحيان عن المصداقية والصواب , ارتأيت ان اناقش بعض ماجاء في المقال المذكور الذي نشر في احدى الصحف اللندنية وعلى اكثر من موقع على الانترنت .

 

 بدأ الكاتب مقالته بهجوم شديد على دول الخليج واصفا اياها بدول ساندويجات ومحميات اقيمت على عجل حول منابع البترول دون الاستناد الى اي شرعية  انتخابية او دينية او قومية  بل استنادا الى قوة  الاساطيل والصواريخ الضاربة ولكن فاته ان هذه المحميات كما يسميها هي دول مستقلة ذات سيادة  معترف بها دوليا وهي اعضاء  في الامم المتحدة وفي جامعة الدول العربية , وانا هنا لست في معرض الدفاع عن دول الخليج ولكني اود ان انبه من مغبة السقوط في مثل هذه  الهاوية والنظرة الفوقية في التعامل مع الدول الاخرى بل يجب الاتعاظ من السياسات الخاطئة السابقة التي تبناها النظام العراقي الدكتاتوري تجاه دول الجوار والتي كان من اهم نتائجها الوهم الكبير الذي وقع فيه الطاغية متصورا ان الكويت ماهي الا  ساندويجة  سائغة له ولاركان نظامه البائس مطلقا العنان لاطماعه التوسعية التي كان يهدف من ورائها السيطرة على اكبر حقول النفط في العالم وبذلك يشبع رغباته النرجسية و يضمن لنفسه موقع قائد الامة العربية لكي يمارس ظلمه وبطشه على اكبر رقعة ممكنة من الوطن العربي بل و على المنطقة برمتها  .                                                                                                                     

 

 يشكك الكاتب بالدور الذي تقوم به بعض اطراف المعارضة العربية والكوردية واصفا اياه بالتعاون المدان المدفوع الثمن وقيام المعارضة بدور الطابور الخامس او تحالف شمال عراقي مع الغزاة الامريكيين وحلفائهم . ان كيل الاتهامات للمعارضة العراقية ووصفها  بالعمالة لمجرد طلب الدعم والمساندة الدولية لهو اتهام باطل وبعيد عن الواقعية لانه وفي ظل العولمة العسكرية لم تعد المشاكل التي هي بحجم المشكلة العراقية تهم الدولة ذات الشأن فقط وانما تهم المجتمع الدولي ككل وخاصة بالنسبة لبلد كالعراق المتهم نظامه برعاية الارهاب في العالم وبارتكاب جرائم ابادة ضد شعبه وضد الانسانية وشن الحروب العدوانية على الدول الاخرى و تصنيع وحيازة الاسلحة ذات الدمار الشامل ,  فهل من المنطق ترك هكذا نظام يسرح ويمرح كيفما يشاء ! ثم كيف للمعارضة العراقية سواء كانت في الداخل او الخارج ان تقف بوجه هكذا نظام شرس وهو الذي صرح اكثر من مرة بانه سوف يقاوم اي محاولة لاسقاطه وان من يفكر بذلك فلن يجد من العراق سوى ارضا جرداء خالية من الحياة  . ان من حق المعارضة ان تطلب العون من الجميع بما يخدم مصلحة العراقيين ويسهل لهم الطريق للتخلص من النظام الدكتاتوري الحاكم. و من يحاول تجاهل الدور الامريكي  فهو مخطيء فسواء ارادت المعارضة العراقية ام ابت فانها لا تستطيع ان تتجنب التدخل الامريكي في شؤونها وشؤون غيرها ,  فامريكا اليوم هي القطب الاوحد على الساحة وهي الشرطي المتفرد في العالم , ومن ينكر ذلك يكون كمن يحاول تغطية ضوء الشمس بغربال .

 

ثم يبدأ الكاتب وعند توغله في نقده  لمسودة الدستور باطراء يغلب عليه النفاق السياسي بوضوح  لكل من رئيسي الحزبين الكورديين السيدين مسعود البارزاني وجلال الطالباني وهو الذي صرح سابقا وفي اكثر من مقال برأيه الصريح بهما ناعتا اياهما باوصاف فيها الكثير من التجني , واذا ما استرسلنا في قراءة المقال يمكننا ان نكتشف بكل سهولة  السبب الحقيقي وراء كل هذا العناء حيث انه جعل من هذا الاطراء استهلالا  للدخول في معمعة الاتهامات  الباطلة وغير المنصفة!

 

يزعم الكاتب ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني ضحى بميزات الاعتدال في بازار المزايدات السياسية ورفع الشعارات الاكثر تطرفا من الاخر أي من حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني.... وهذا الزعم لا صحة له اساسا فاولا ان مشروع الاتحاد الفيدرالي الذي طرحه الحزب الديمقراطي الكوردستاني ليس مجرد شعار جديد وليد اليوم بل هو من اهم المطالب الاساسية التي ينادي بها منذ اكثر من عشرة اعوام حيث ان النظام الفيدرالي كان وما زال وبنظر الكورد هو الصيغة المثلى لتحقيق طموحاتهم في تقرير المصير وثانيا فان هذا المطلب ليس قاصرا على الحزب الديمقراطي الكوردستاني بل يشاطره فيه الحزب الاخر واقصد الاتحاد الوطني الكوردستاني وليس كما يحاول الكاتب ان يوهم القاريء بان هناك سباقا بين الحزبين وان كلا منهما يحاول ان يتغلب على الاخر بمشروع خاص به ثم لم يقل لنا الكاتب ما هي شعارات الطرف الثاني  التي يحاول الطرف الاول المزايدة عليها  وياليته تكرم علينا وشرحها لنا حتى نتعرف عليها !  ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني عندما وضع مسودة الدستور هذه  لم يكن لغرض فرضها على الاخرين عنوة بل لقد طرحت للمناقشة على الاتحاد الوطني والاحزاب الكوردستانية الاخرى لابداء الرأي وحتما فان اي مشروع ديمقراطي بهذا الحجم يحتمل الاتفاق والاختلاف في وجهات النظر حول النقاط الواردة فيه وليس حول المبدأ ذاته اي  مبدا تبني النظام الفيدرالي الذي يحظى باتفاق جميع الاطراف الكوردية .

 

يدخل الكاتب بعد ذلك في نقاش لغوي حول اسم الدولة المقترح في مسودة الدستور وهو - الجمهورية الفيدرالية العراقية - ويحاول ان يخلق تصورا لدى القاريء بان تقديم كلمة الفيدرالية على اسم العراق هو مؤامرة مقصودة للانتقاص من عروبة العراق منتقدا ايضا عدم استخدام صفة العلم المذكر للعراق واعتماد صفة التانيث له علما ان الاشخاص الذين قاموا بصياغة هذه المسودة هم من خيرة رجال القانون و من اساتذة كلية الحقوق في كوردستان و من ذوي الخبرة الطويلة والاختصاص  بهذه الامور وباعتقادي  لا يتطلب الامر كل هذا النقد والتهويل او يحتم على واضعي المسودة الاستعانة بالاخرين من انصاف الملالي مثلا لغرض صياغة بنودها.

 

 يتناول الكاتب بعد ذلك ديباجة الدستور وهنا اود التوقف قليلا لمناقشة ما طرحه الكاتب من وجهة نظر حول مفهوم الفيدرالية فهو يرى ان الوضع القائم حاليا في كوردستان لا علاقة له بالفيدرالية  لماذا؟ لان الفيدرالية يشترط لقيامها وجود اكثر من طرف يتعاقدون في اتحاد فيدرالي يصادق عليه الشعب في استفتاء ديمقراطي نزيه . هذا الكلام سليم مئة في المئة وهناك شرائح عديدة من العراقيين ابدت وتبدي حاليا تاييدها لنظام الاتحاد الفيدرالي فمؤتمر المعارضة المنعقد في كوردستان عام 1992 اقر بالاجماع هذا النظام  وغالبية الشخصيات العراقية المثقفة والواعية ايضا لم تبد اعتراضا واخر المؤيدين له هم العسكريين الذين عقدوا اجتماعهم الموسع قبل ايام في لندن حيث اقروا فيه صراحة  وفي ميثاق الشرف الذي حرروه  النظام الفيدرالي لعراق المستقبل .

 

 لا شك ان تبني الكورد لخيار الفيدرالية في مسودة الدستور يستند على عدة اسس ثابتة  وراسخة تعطي للكورد الحق في المطالبة به وليس كما يزعم الكاتب ان الوضع القائم حاليا مبرر من الناحية الانسانية فقط واسقط عنه بالتالي كل صفة شرعية . ومن اهم هذه الاسس مبدأ معروف في القانون الدولي وله قوة ملزمة واقصد به حق تقرير المصير . وهذا المبدأ ينطبق على الكورد  من الناحية  التاريخية والقانونية .  فتاريخيا  يعيش الكورد على ارضهم منذ الاف السنين و يشكلون أمة كبيرة تتميز بخصائص معينة تميزهم عن غيرهم من الشعوب كاللغة والتاريخ  والتراث والعادات والتقاليد فمن حقهم التمتع بكافة الحقوق التي تنعم بها الامم الاخرى في الحرية والحياة الكريمة  ,  اما قانونيا فان  قواعد

القانون الدولى وميثاق الامم المتحدة والقرارات المتعددة الصادرة عن الجمعية العامة للامم المتحدة منذ عام 1950 والاعلان العالمي لحقوق الانسان كلها اقرت  صراحة بحق الشعوب في تقرير مصيرها فلماذا يستثنى الكورد من هذا الحق ؟ 

 

 ان الدولة العراقية ومنذ تاسيسها بصورتها المركزية الحالية  عام  1921 اثبتت فشلها في حل المشاكل التي عصفت بها وهي لم  تعرف الاستقرار والسلام يوما ما وكل من يدعي خلاف ذلك فهو يحاول طمس الحقائق وليس من مصلحة العراقيين الان التستر على اسباب المشاكل والجروح  التي عانى ويعاني منها العراق   بل يجب التحلي بالجرأة والاعتراف بالاخطاء والحقائق مهما كانت جسيمة ومحاولة ايجاد العلاج الناجع لها وليس  اخفائها تحت اية ذريعة او تسمية كانت .

 

 ومن الجدير بالتنويه ان سياسات الدول الاستعمارية وخاصة بريطانيا اثناء الحرب العالمية الاولى وبعدها سببت الماسي للكثير من الشعوب والقوميات التي كانت ضمن ممتلكات الدولة العثمانية وعند انتهاء الحرب بخسارة الاخيرة وانتصار الحلفاء بادرهؤلاء الى سلخ الدول التي كانت تحت سيطرة الدولة العثمانية  وقاموا برسم خارطة جديدة للعالم كما يحلو لهم وكما تقتضيه مصالحهم دون مراعاة لحقوق الشعوب والقوميات المستضعفة ومن ضمنهم الكورد وتم تقسيم ارضهم كوردستان الى خمسة اجزاء وكانت كوردستان الجنوبية من حصة العراق حيث تم الحاقها به بموجب معاهدات علنية وسرية حققت مصالح الحلفاء اولا واخيرا وضمنت حقوقهم في نفط ولاية الموصل دون اخذهم لراي الكورد او استفتائهم على مستقبلهم .  لهذا لم يسكت الكورد لاهدار حقوقهم بل قاموا ومنذ ذلك الحين بالانتفاضات والثورات المستمرة وفي ظل جميع انظمة الحكم المتعاقبة على العراق الملكية والجمهورية .

 

ولم  يكن شعار الكورد القتال من اجل القتال بل من اجل الحصول على حقوقهم المغبونة وتقرير مصيرهم بانفسهم .  اما الحكومات المتعاقبة فلم تحاول من جانبها ان تتفهم المطالب المشروعة لهم بل لجأت الى اسلوب القمع والابادة الجماعية . الا ان اشد انواع القمع الذي ناله الكورد كان أبان  الحقبة الصدامية لذلك وعندما انسحبت القوات والادارات الحكومية من كوردستان بعد حرب تحرير الكويت سارع الحزبان الرئيسيان عام 1992 الى اقامة حكومة كوردية وبرلمان  ومؤسسات حكومية وادارية متنوعة.  وبالرغم من الخلافات بين الاطراف الكوردية ذاتها والتي وصلت الى حد الاقتتال احيانا الا ان ذلك لم يمنع من ان يتذوق الكورد ولاول مرة في تاريخهم الحديث طعم الحرية بعد سنوات الحرمان مما جعل الاقليم الكوردي نموذجا للديمقراطية التي تفتقر اليها معظم دول المنطقة وذلك باعتراف كل من زار الاقليم من العرب والاجانب .

 

قلنا ان مطلب الكورد كان دائما حقهم في تقرير المصير واستنادا  الى هذا الحق فان الكورد هم لا غيرهم الذين يقررون  مستقبلهم ومستقبل اجيالهم بعيدا عن كل صنوف القهر الذي قاسوه خلال العقود السوداء الماضية  فاي معنى يبقى لهذا الحق الذي ناضل من اجله الكورد  دوما اذا  كان سكان بغداد او البصرة اوالموصل اواي مدينة عراقية اخرى هم الذين سيقررون لهم مصيرهم بالنيابة وبموجب الاستفتاء الذي يطالب به البعض ؟ ان الطرف الوحيد الذي يحق له ان يقرر نوع الحكم الذي يناسب الكورد هم الكورد انفسهم  وعليهم اتباع جميع السبل والوسائل السلمية والمشروعة لتحقيق ذلك والاخذ دائما بمبدأ التفاهم و الحوار الديمقراطي  الكوردي العربي . ان حل القضية العراقية يكون بالدرجة الاولى بحل المشكلة الكوردية  حلا سلميا ديمقراطيا  عادلا ضمن عراق فيدرالي موحد   وهذا هو الضمان الوحيد لبناء عراق قوي ينعم بالاستقرار والسلام  و هو الطريق  الامثل   لتجنب ويلات الحروب وماسيها حاضرا ومستقبلا وسيكون لكل ذلك  حتما انعكاساته الايجابية ليس على العراق وحده  بل على عموم المنطقة  .

 

تناول الكاتب بالنقد ايضا مسالة تقسيم مسودة الدستور للعراق الى اقليمين عربي وكوردي ومسالة الحدود بينهما , وهو يزعم بان المسودة قد بالغت  في توسيع المنطقة الواقعة ضمن الاقليم الكوردي بحيث تضمنت محافظة كركوك و اكثر من نصف محافظة الموصل واجزاء من محافظتي ديالى وواسط  . وفي الحقيقة ان الخريطة التي استند اليها واضعو مسودة الدستور لم ياتوا بها من مخيلتهم  بل بموجب وثائق ومصادر تاريخية كتبت من قبل الكثير من المؤرخين والمهتمين بالشأن الكوردي  من العرب والكورد والاجانب  ولا يكفي الاستناد الى مصدر واحد لكي يعطي كاتب المقال رأيه في مثل هذه القضايا الهامة والحساسة  بل يجب ان يرجع الى الكثير من المصادر و يقارن بينها  لكي يستطيع ان يبني رأيا محايدا  ومعقولا اما اذا جاءنا بكتاب يتيم غير معروف لدعم مزاعمه  فيمكن بالمقابل الاتيان بعشرات الكتب التي كتبت من قبل كبار المؤرخين  وما اكثرها  لاثبات  الحقائق .

 

 

ان الكاتب وقع في مغالطة كبيرة مقصودة او غير مقصودة حينما ادعى بان عمليات التهجير في المدن الكوردستانية العريقة وخاصة في محافظة كركوك  قد جرت فقط في الثمانينات من القرن المنصرم  وخلال الحرب العراقية الايرانية بينما الحقيقة هي ان عمليات التوطين والتهجير بدأت قبل ذلك باربعة عقود على الاقل ! وما مشروع ري  الحويجة الذي بدأ العمل به منذ اواسط الثلاثينيات من القرن الماضي  في جنوب غربي كركوك و توطين العشائر العربية حوله  وخاصة عشائر العبيد ومنذ الاربعينيات من القرن المنصرم الا دليل واضح على نية الحكومة العراقية بتغيير الطابع السكاني لمحافظة كركوك  لصالح العرب وكذلك الحال بالنسبة للمناطق الواقعة في جنوبي محافظة اربيل وقضاء كفري .

 

 واستمرت عمليات التهجير والتوطين خلال العقود المتلاحقة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي وزادت بشكل كبير اثناء السبعينيات  وكانت هذه السياسة من الاسباب الهامة  التي ادت عام 1974 الى انهيار اتفاقية اذار المعقودة بين الحكومة العراقية وقيادة الحركة الكوردية عام 1970 حيث تبين للكورد  ان مهلة الاربع سنوات التي  وضعتها الحكومة لتطبيق الاتفاقية كانت لغرض اجراء عملية تهجير وتوطين مقننة وخاصة في مدينتي كركوك وخانقين لغرض تقليص عدد سكانها الاصليين من الكورد والتركمان والاشوريين وزيادة نسبة العرب وذلك لضمان ابقاء  هذه المناطق خارج حدود الحكم الذاتي الذي تم الاتفاق عليه من قبل الحكومة والحركة الكوردية بقيادة الزعيم التاريخي الملا مصطفى البارزاني  ومن هنا نرى ان القيادة الكوردية كانت دوما ضد هذه السياسات الاجرامية وحاربتها بكل قوة فكيف يمكن للكاتب ان يدعي بان الكورد ولمجرد اشتراكهم انذاك في الحكومة باكثر من وزير يتحملون جزءا من مسؤولية عمليات التهجير ؟

 

 .وقد اتسعت عمليات التهجير في المدن والقرى الكوردستانية بشكل خطير لم يسبق لها مثيل بعد مجيء حكم الطاغية صدام وخلال الحرب العراقية الايرانية فشملت مئات الالوف من الكورد والكورد الفيلية والتركمان والاشوريين واخذت شكل الابادة الجماعية والتطهير العرقي وهي من الجرائم الدولية العمدية الخطيرة التي يعاقب عليها القانون والتي لا تسقط بالتقادم  ولا تزال هذه الجرائم على اشدها وخاصة في المناطق الكوردستانية الخاضعة لسيطرة حكومة البعث   كمدينة كركوك والاقضية والنواحي التابعة لها  ولمحافظتي الموصل وديالى  والقضاء الكوردي التابع لمحافظة واسط واقصد به  قضاء بدرة .  وهنا نتساءل الم يكن من الاولى بالكاتب ان يسمي هذه الاعمال الاجرامية  بالفضيحة السياسية والجغرافية والتاريخية بدلا من ان يصف مطالبة الكورد بحقهم باحدى مدنهم المعربة كمدينة بدرة  بهذا الوصف ؟

 

ومن الطرق الاخرى التي اتبعتها الحكومة البعثية المجرمة في تعريب المناطق الكوردية هي تغيير اسماء اغلب المدن والاقضية الكوردية وتسميتها باسماء عربية وهي معروفة للجميع ولا داعي لذكرها  وكذلك اسلوب فصل الاقضية والنواحي الكوردية عن محافظاتها الاصلية  والحاقها اما بالمحافظات العربية او التي تم تعريبها ومثال ذلك الحاق ناحية قره هنجير الكوردية بمحافظة التاميم بعد تعريبها وتغيير اسمها الى ناحية الربيع علما ان هذه المدينة قد تعرضت الى ابشع عملية ابادة جماعية و لم يسلم منها حتى الطفل الرضيع في المهد !  وكذلك ما حصل  لمدينة عقرة الكوردية حيث اجرت الحكومة استفتاءا مزورا عليها من ذي - الاربع تسعات  -  والحقت بموجبه الى  مدينة الموصل العربية بدلا من محاظة دهوك الكوردية  فهل توجد افضح  من هكذا فضائح !  وبالمناسبة اود هنا ان اذكر الكاتب ان مدينة عقرة  ولحسن الحظ خالية من اشجار النخيل  وبذلك لا يستطيع ان يستخدم معياره  النخلاوي   لتحديد هويتها !

 

 اما خانقين فهي ليست من المدن الكوردية فحسب بل من اعرقها ومجرد الدعوى بغير ذلك لهي الفضيحة الكبرى بعينها...  بل وجريمة لا تغتفر ولا زالت قبور الاجداد فيها شاخصة تنادي بكوردية المدينة ومنها قبور اجداد كاتبة هذه السطور .

 

لا مجال للجدل في ان من أهم المسائل  الشائكة والمعقدة التي سوف تواجه الحكومة العراقية الجديدة  هي حل مشكلة المهجرين من الكورد والكورد الفيلية والعرب والتركمان والاشوريين وهذا مما تطالب به القيادة الكوردية دائما في كل طروحاتها  ليس فقط بالنسبة للمهجرين الكورد كما يزعم الكاتب بل لجميع الاطياف المتضررة فهؤلاء جميعا يجب ارجاعهم الى مواطنهم الاصلية وتعويضهم عما لحقهم من اضرار وخراب ديار .  وكذلك هناك مشكلة المستوطنين  الذين تم توطينهم في اراضي الاخرين بغير وجه حق واغداق الاموال والامتيازات عليهم دون اي  وازع اخلاقي أو شعور بالاثم  لما اقترفوه بحق السكان الاصليين من استلاب واغتصاب لاراضيهم وممتلكاتهم , وهؤلاء يجب ارجاعهم الى اماكنهم التي اتوا منها او ايجاد أي حل مناسب اخر لهم دون المساس بحقوق المهجرين المشروعة  وكل ذلك بموجب القانون الذي يجب ان تكون له الكلمة الاولى والاخيرة .

 

صحيح وكما يقول الكاتب يجب ان لا يكون هناك اي قانون يمنع المواطنين من الانتقال و السكن في اي بقعة من العراق  بل ان هذ ا من  الحقوق الاساسية التي يجب ان يكفلها القانون  للجميع  ولكن على ان لا يتخذ ذلك شكل الجريمة المخططة أو التهجيرالجماعي القسري  للسكان الاصليين  وطردهم من ديارهم بالقوة واحلال الاخرين محلهم لاغراض سياسية وعرقية بحتة غرضها القضاء على الهوية القومية الاصلية للمدن  وتغير طابعها الديموغرافي كما يحصل الان في مناطق كوردستان الخاضعة لسيطرة الحكومة ,  فهذه الممارسات التي تجري الان لا علاقة لها بحق المواطنين في التنقل او السكن بل تدخل ضمن نطاق جرائم التطهيرالعرقي والابادة الجماعية للسكان الاصليين . 

 

و بالنسبة للكورد الفيلية فهم من اكثر الكورد الذين لحقهم ظلم وبطش حكومة البعث لكونهم كوردا اولا وشيعة ثانيا  وهاتان الصفتان تعتبران من اكبر الجرائم التي يعاقب عليها قانون دراكون العراق . وبالرغم من انتشارهم في كل ارجاء العراق واستخدامهم للغة العربية الى جانب لغتهم الاصلية الكوردية فانهم ظلوا متمسكين بهويتهم وبقوميتهم الكوردية الاصيلة وهم يحظون بكل الاحترام والمودة والدعم  من قبل بقية اخوتهم الكورد قيادة وشعبا وكل ارض كوردستان هي ارضهم  و من يزعم غير ذلك فانما يحاول دون جدوى زرع التفرقة بين ابناء الشعب الواحد .  وكذلك الحال بالنسبة للكورد الازيدية الذين يفخرون بانتمائهم للامة الكوردية بل انهم  يعتبرون من اوائل الكورد التي سكنوا  ارض كوردستان  وكل من يحاول تعريبهم فلن يجد سوى الخيبة والخذلان . 

 

 واخيرا ... اذا كان مجرد ذكر اسماء المدن الكوردية التي تعرضت للتعريب والواقعة تحت سيطرة حكومة البعث  ككركوك وخانقين ومندلي وعقر ة وشيخان وسنجار والزمار وبدرة  ومطالبة الكورد بها على بضعة قصاصات من الورق  في مسودة  دستور قد اصابت الكاتب بكل هذا الهلع الشديد وجعلته يكتب مقالا طويلا عريضا من جزئين ويهتف  بعلو صوته بان الكورد قد ارتكبوا تطهيرا عرقيا بحق  العرب  فيا ترى ماذا يمكن ان نسمي كل هذه الجرائم التي ارتكبت بحق الكورد وعلى ارض الواقع طيلة قرن كامل ؟!

  



#كوردة_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- و ماذا بعد المؤتمر العسكري ... !
- مشاهد من قانون دراكون وتطبيقاته …على ارض الحضارات ! المشهد ا ...
- الاناء ينضح بما فيه ..رد على السيد علاء اللامي
- مشاهد من قانون دراكون* وتطبيقاته … على ارض الحضارات !
- جواب مشروع على تساؤلات غير مشروعة !
- لن يجدي الغريق التمسك بقشة ..!
- الجاهل عدو نفسه...والمتجاهل عدو الجميع .!


المزيد.....




- الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
- عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي ...
- غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب ...
- أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
- مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري ...
- جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة ...
- الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - كوردة أمين - تطهير عرقي على الورق