|
القانون والاتهام
صاحب الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 3150 - 2010 / 10 / 10 - 13:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
على الرغم من أن القانون أداة تحكيم بين المتخاصمين أو أداة ردع المتجاوزين على حقوق الآخرين فإنه آلية اتهام ظني لمجرد الشك عند وقوع الجريمة ويعدّ الفرد متهماً لكنه غير مدان طالما أدلة الاتهام قابلة للطعن. وقد يتعرض أي فرد في المجتمع إلى الاتهام أما وجود معلومات كيدية ضده وأما وجود أدلة تربطه بالجريمة، ومن ثم فإنه معرض للمساءلة القانونية لنفي التهم عنه. وعلى خلافه فإنه يقدم إلى المحاكمة بعدّه مداناً لتفصل المحكمة بصحة من عدم صحة أدلة الإدعاء ضده. إن الاتهام من دون أدلة جنائية قاطعة أو استخدام العنف مع المتهم لانتزاع الاعتراف منه لإدانته ومن ثم تجريمه في المحكمة يعدّ اتنهاكاً لحقوق الإنسان وتعريضاً بسمعته ما يتطلب اعتذار السلطة وتقديمها التعويض المالي المجزي للمتهم لارتكاب أجهزتها التحقيقية ممارسة متعارضة مع القانون. كما أن حجز المواطن بعدّه متهماً من دون أدلة قاطعة يعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان، فهناك فرق بين توجيه الاتهام والاستجواب عن شبهات وأدلة غير قاطعة بحق مواطن ما. إن استخدام العنف ضد المتهم لانتراع الاعتراف قسراً يستوجب المحاسبة القانونية للأجهزة التحقيقية بعدّها أجهزة حفظ النظام لا خرقه، فحين تكون إجراءات التحقيق غير مهنية وتخضع لنزوات المحقق وعدوانيته ضد المتهمين لانتزاع الاعتراف قسراً فإن القضاء برمته يصبح عرضة للمساءلة حول خرق مبادئ القانون والدستور. يقول (( ماير )) : " إن تبرئة عشرة متهمين من التهم أفضل من إدانة برئ واحد ". لا تعدّ أدلة الاتهام كافية لإدانة المتهم وتجريمه في المحكمة من دون أن ترافقها دراسة كاملة لدوافع الجريمة فلا يوجد فعلاً عشوائياً لفرد يتمتع بكامل قواه العقلية في المجتمع. على خلافه فإن الفعل يكون عشوائياً بعدّه خارجاً على الوعي أو وجود خلل عقلي أو مرض نفسي ما، فلابد أن يؤخذ بعين الاعتبار عند إعداد لائحة الاتهام لإدانة المتهم ومهما كانت الأدلة مقنعة فإن الفرد لا يتحمل المسؤولية الكاملة عن فعله المنتهك للقانون بعدّه واقعاً تحت تأثير مرض وراثي أو نفسي أصاب عقله المسؤول عن ضبط السلوك وأخل بأداة التحكم في سلوكه. لا يعدّ القانون المتهم مسؤولاً جنائياً : " إذا كان فعله الاجرامي ناتجاً عن مرض عقلي أو نقص عقلي أو نقص في القدرة الأساسية على إدراك مقدار الجرم في فعله أو تكيف سلوكه ليتمشى مع مقتضيات القوانين السائدة ". إن لائحة الاتهام المصحوبة بأدلة جنائية ضد المتهم لتجريمه لا يمكن عدّها إجراءاً قضائياً كاملاً من دون دراسة دوافع الجريمة لتوظف لصالح المتهم وليس ضده، فهناك جرائم كثيرة وانتهاكات للقانون أرتكبت تحت ضغط ودوافع قسرية مارسها المجتمع والسلطة معا ضد المواطن، لذلك يتحمل المجتمع قسطاً من المسؤولية بممارسة ضغوط نفسية فوق طاقة الفرد الإنسانية مثل ممارسات الاحتقار والنبذ لأسباب دينية أو عرقية أو مذهبية أو الفقر أو التخلف ما يدفعه الانتقام من المجتمع عبر انتهاك حقوق أفراده والاخلال بنظامه. كذلك الأمر حين تمارس السلطة المستبدة عنفها ضد المواطنين واضطهادهم من دون وجه حق تدفع المواطن قسراً الدفاع عن نفسه على نحو غير مباشر عبر ممارسات منتهكة للقانون تضر بمؤسسات الدولة والسلطة معا، فالذي أخل بالعقد الاجتماعي والسياسي السلطة الممثلة بالدولة وليس المواطن المنتهكة حقوقه. فليس المواطن مسؤول وحده الالتزام بالقانون، فالسلطة تتحمل مسؤولية أكبر بخرقها للقانون ومبادئ الدستور لذلك واجب السلطة القضائية توجيه الاتهام إلى السلطة التنفيذية بعدّها منتهكة لحقوق المواطنين وليس محاباتها على حسابهم. تعدّ السلطة المستبدة المواطن متهماً حتى يثبت براءته، ففساد المواطن الصالح من فساد السلطة والمجتمع على نحو عام، وعلى الرغم من ذلك لا يوجد مواطناً فاسداً على نحو مطلق لا يمكن إصلاحه في محيط اجتماعي وسلطوي سوي. المطلوب إبطال دوافع الفساد بإعداد برامج توعية تعرف المواطن بمصالحه الحقيقية وتجنبه الإضرار بها، بعدّه كامل الأهلية العقلية. يعتقد (( موسكاني )) " أنه لا يوجد إنسان فاسد على نحو مطلق لا يمكن إصلاحه، فالمطلوب تنبيهه إلى مصالحه الحقيقية وعدم الحد من أهليته العقلية بفرض عقوبات قاسية عليه تفوق طاقته وضعفه الإنساني ". يسبب ضعف السلطة القضائية خللاً بإجراءاتها القضائية المنتهكة لأحكام القانون فتضر بمصلحة المواطن، فأي ممارسة غير شرعية للأجهزة التحقيقية للسلطة تخل بمبادئ حقوق الإنسان خلال التحقيق مع المتهم تتحمل مسؤوليتها السلطة القضائية بعدّها حامية لمبادئ القانون والدستور معا. الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/
#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تسيس القضاء
-
القانون والسياسة
-
القانون والمجتمع
-
القانون والعدالة
-
مفهوم العدالة
-
التاريخ والحضارة
-
أهمية الإرث التاريخي للمجتمع
-
ماهية التاريخ
-
الدين والسلطة
-
فصل الدين عن الدولة
-
الدين ومنظومة العقائد
-
القيم الدينية والثقافية في المجتمع
-
اللغة والأمة
-
ماهية الكلام ( الوظيفية والمدلول )
-
ماهية اللغة
-
التفكير الخلاق لإنتاج الفكرة
-
التفكير والزمن
-
إنتاج الفكرة والنسق الفكري
-
الفكر والمعتقد
-
الذاكرة والاستيعاب
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|