أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نايف سلوم - علمانية ، أم نقد جذري للتراث القومي العربي و الديني؟















المزيد.....

علمانية ، أم نقد جذري للتراث القومي العربي و الديني؟


نايف سلوم
كاتب وباحث وناقد وطبيب سوري

(Nayf Saloom)


الحوار المتمدن-العدد: 951 - 2004 / 9 / 9 - 10:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من المفيد حقاً وجود مواقع فرعية متخصصة ضمن موقع بهذا الاتساع والأهمية كموقع –الحوار المتمدن- وهي مفيدة لأرشفة موضوعات الموقع المنوعة غاية التنوع ، والضخمة إلى حد الإدهاش . فتخصيص مراكز لمواضيع بعينها يسهل عمل الباحثين والدارسين الديمقراطيين اليساريين منهم والعلمانيين ، ويقدم فائدة لا تنكر للسياسيين من كل نوع . هنا مركز للأبحاث اليسارية هو مركز دراسات وأبحاث الماركسية واليسار ومركز آخر لقضايا العمال في المستوى النقابي تحت اسم : مركز أبحاث ودراسات الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي . والمركز الثالث هو اللمركز التقدمي لدراسات وأبحاث مساواة المرأة . والمركز الرابع لمركز الدراسات والأبحاث العلمانية في العالم العربي ، والقائم تحت شعار أوربي مجرد ومستعار هو "العلمانية هي الحل".
إن وجود موقع متخصص تحت هذا الاسم وهذا الشعار أمر يثير تحفظات منهجية وأساسية ولهذا أقول: ماذا لو كان الموقع تحت اسم مركز نقد الدين والخطاب الديني ، أو مركز تحقيق ونقد التراث العربي ومنه التراث الديني . بدلاً من مركز العلمانية هكذا مجردة عن سياقها التاريخي والاجتماعي العربي. فالعلمانية هي في الأصل دعوة أيديولوجية لفصل الدين والامتياز الديني عن الدولة السياسية البورجوازية الحديثة ، وهو أمر ذو مغزى في أوربا زمن الانتقال من الأسلوب الإقطاعي للإنتاج إلى الأسلوب البورجوازي . كانت اليهودية- المسيحية الأوربية تمثل أيديولوجيا النبالة لهذا أخذ الصراع الأيديولوجي الذي قاده مفكرون بورجوازيون طابع الصراع ضد الدين اليهودي- المسيحي كصراع ضد أيديولوجيا الطبقة السائدة بالتالي أخذ معنى تاريخياً وعضوياً بهذا المعنى.
فصل الدين عن الدولة السياسية أو بالأحرى هيمنة أيديولوجيا الدولة على الدين الإسلامي هو الأمر القائم في الأقطار العربية . وهو قائم في أصل المشروع المحمدي : هي كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم العجم . إنه خطاب محمد إلى أسياد قريش . من أن مشروع الدعوة هو في جوهره مشروع سياسي لبناء الدولة العربية الجديدة البكر. منذ البداية كان المشروع المحمدي يجنّد أمميته وبعده العالمي من أجل إقامة دولة العرب التي وعد بها جدّه عبد المطلب من قبل. وما أن نصّب الخليفة الأول للنبي حتى زالت الوجوه الأممية للمشروع المحمدي : سلمان الفارسي، بلال الحبشي، صهيب الرومي . وحتى وجوه القبائل الغير قرشية قد تم تهميشها ضمن معادلة السلطة الجديدة . مثال أبو ذر الغفاري ، وعمار ابن ياسر، وزعامات الأنصار في المدينة كـ سعد ابن عبادة من سادات الخزرج ، والحباب بن المنذر .
إذن وضمن آليات تأسيس الدولة الجديدة لم يعرض للإسلام عبر دولته بأشكالها المتعددة –مع بعض الاستثناءات [الدول التي قامت على أساس العقيدة الإسماعيلية بتفرعاتها ] – مشكل كهذا .
أما مسألة فصل المجتمع عن الدين فهذه خرافة في الشروط العالمية القائمة . وقد تلتبس مع مسألة فصل الدين عن السياسة ، أي عن الحزب السياسي . وهذا لا يرتبط بالعلمانية بشكلها الأوربي المجرّد : أي فصل الدين عن الدولة السياسية الحديثة البورجوازية . لم تعان دولة الليبرالية في مصر وسوريا بين الحربين [دولة أعيان المدن من الملاكين العقاريين والبورجوازيين] من مشكل العلمنة كانت علمانيتها شكلية وبدهية تحت تأثير علمنة الدولة التركية الحديثة وتحت تأثير الحضور الأوربي المباشر الاستعماري والتبشيري السابق للاستعمار الامبريالي. كذلك دولة البورجوازية العربية القوموية لم تعان من مشكل العلمنة . مع أن لأعيان المدن علمانيتهم الشكلية والقومويون لهم علمانيتهم التلفيقية .
إن تديّن الحزب السياسي بهذا التواتر الرهيب هو ناتج الإمبريالية كعقبة خارجية أمام أي تحديث وناتج البنى الاجتماعية العربية المخلّعة كأوضاع إمبريالية داخلية عاجزة عن التقدم بحكم سيطرة البورجوازيات العربية كبورجوازية رثة عاجزة بحكم شروط ولادتها في العصر الإمبريالي . لم يكن شعار التنمية الذي رفعه الغرب وشيّع له في أطراف النظام الرأسمالي ، لم يكن سوى أيديولوجيا فاسدة لمحاربة المد الشيوعي ومواجهة حركات التحرر القومي الجذرية ذات القيادة الاشتراكية الماركسية.
كان تخلع البنى الرأسمالية الطرفية كأوضاع إمبريالية وسيطرة بورجوازية رثة وكعقبة خارجية هو ما آل إلى انسداد آفاق التقدم الاجتماعي والتحديث الصناعي في هذه الأقطار بالتالي أدى إلى مظاهر سياسية غاية في الخطورة كالاستبداد السياسي والتكييف الاجتماعي الذي طال الطبقات الكادحة خاصة العمال والفلاحين حيث غدت هذه الطبقات في نقابات حكومية مؤدلجة بعنف ومقموعة بعنف. مما آل إلى عملية إحباط عام ولامبالاة سياسية عامة شملت أغلب قطاعات المجتمع وطبقاته ، وكانت النتيجة فراغات سياسية خطرة وولاء الكل لحزب السلطة الوحيد الذي بات فرّاخة للإنتهازية والتزلّف للفساد الروحي وللنفاق الاجتماعي مما دفع بقطاعات اجتماعية واسعة للبحث عن تعبيرها السياسي في الحزب الديني ، حيث راحت الثقافة الدينية تتدّعي وتتبجح بأنها البديل التاريخي للأيديولوجية العضوية ، الأيديولوجية التي تهدف إلى التقدم الاجتماعي وإلى التحديث الصناعي والمعادية للأوضاع الإمبريالية بكل تمظهراتها . الانسداد التاريخي في الأطراف الرأسمالية والاستبداد السياسي المرافق دفع الثقافة الدينية لتترك حقلها الوجداني الفردي ولتعمل في السياسة كحزب ديني متعصب أو عصبوي مقابل عصبوية النظام السياسي المستبد والمتفرّد بالعمل السياسي . فحرية الحركة التي صودرت عند الحزب السياسي الحديث ، ولدت حرية للثقافة الدينية كي تنشط وتعمل كبديل لهذا الحزب الحديث . وهكذا نشهد في القرن الحادي والعشرين عودة السياسة من المدرسة الحديثة إلى الجامع ومن الجامعات إلى معهد الأزهر الديني إنها حركة نكوص للحركة السياسية العربية بعد تجربة مائة عام من التحديث الفاسد والتجريبي والأبتر.
في بداية القرن العشرين كنا نشهد انتقال السياسة والحزب السياسي من الجامع إلى المدرسة الحديثة ومن الأزهر إلى الجامعات الدنيوية الحديثة . بعد مائة عام نشهد حركة ناكصة على أعقابها .
إذاً ليست المشكلة التي يعاني منها العرب هي في العلمانية أو في غيابها لأن المشكل بقي قائماً سواء وجدت العلمانية أم لم توجد .
المهمة الملحة التي تواجه النخب العربية النشطة في الحقل السياسي والأيديولوجي ليست في فصل الدين عن السياسة سواء كانت دولة أم حزباً سياسياً أم أفراداً في المجتمع. بل المشكل هو في وصل هذه النخب الديمقراطية ، العلمانية واليسارية ومعها الثقافة الحديثة الديمقراطية واليسارية و الماركسية بالمجتمعات العربية . وهذا الربط والوصل لا يكون بالدعوة لعلمانية أوربية مجردة ومسقطة على المجتمعات العربية كحبة قمح سقطت على الطريق فأكلتها طيور الأرض . المطلوب لإنجاز هذا الوصل يكون بعمل طويل ومثابر لتحقيق التراث القومي ومنه الديني العربي، ونقده نقداً جذرياً ، ودمج كل ما هو نابض وفعال منه في الثقافة الحديثة الديمقراطية والاشتراكية الماركسية . هذا النقد للتراث القومي والديني هو الوحيد الكفيل بإخراج المثقف العلماني ، الديمقراطي والماركسي (المثقف الحديث عموماً) من عزلته الاجتماعية المميتة والمؤسفة .



#نايف_سلوم (هاشتاغ)       Nayf_Saloom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاشتراكية أو البربرية محمد الخضر
- حول نظرية الانعكاس
- إسرائيل في قلب الاستراتيجية الأميركية للشرق الأوسط الكبير
- في المسألة القومية العربية الديمقراطية
- المثقف الجديد
- قضايا في مقاربة الإمبريالية الجديدة وما يترتب من مهام
- في انفصال المهام الديمقراطية(# )عن الليبرا لية
- الأزمة مستمرة – نقد وجود الحزب -1
- قراءة في -كراسات السجن- لـ أنطونيو غرامشي
- العلاقة العربية الكردية تعدّد مستويات المقاربة
- القول النظري والقول السياسي حدّ العلم والقول السياسي
- خمر تمور العراق يُسكر الأكراد السوريين
- في الفهم المادي للتاريخ- مدخل إلى الأيديولوجية الألمانية- ال ...
- في الفهم المادي للتاريخ -مدخل إلى الإيديولوجية الألمانية- ال ...
- في الفهم المادي للتاريخ مدخل إلى الإيديولوجية الألمانية- الق ...
- في الفهم المادي للتاريخ مدخل إلى الأيديولوجية الألمانية- الق ...
- اللينينية- قراءة نقدية في كتاب مارسيل ليبمان اللينينية في ظل ...
- قراءة نقدية في مشروع موضوعات المؤتمر السادس للحزب الشيوعي ال ...
- ديالكتيك إنتاج الهوية الاجتماعية في الفكر الماركسي
- الحلقة المسحورة


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نايف سلوم - علمانية ، أم نقد جذري للتراث القومي العربي و الديني؟