جاسم هداد
الحوار المتمدن-العدد: 951 - 2004 / 9 / 9 - 09:29
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
بعد سقوط صنم الدكتاتور , واختلال الأمن في العراق , نشطت عصابات الجريمة المنظمة , في خطف المواطنين , الذين تعتقد انه تتوفر لديهم مبالغ مالية كبيرة , ويتم مطالبة ذويهم بالفدية لقاء اطلاق سراحهم , وكانت الفدية لا تتعدى عدد من الدفاتر ( الدفتر يعني عشرة آلاف دولار) . وتتم الأمور بسرية تامة , بعيدة عن اعين الشرطة , وقنوات العهر الفضائية .
وبعد الأعلان عن تشكيل ما يسمى بـ ( هيئة علماء المسلمين ) , اخذ اسلوب خطف الرهائن بعدا آخر , فالمخطوفين ينتمون لبلدان اجنبية وعربية , والخاطفين يتلبسون لبوس الأسلام ويتم تسجيل اشرطة فيديو لأعمالهم , يتم ارسالها للقنوات الفضائية , التي لعبت دورا قذرا في تسويق الأرهاب في العراق , وحولت قطاع الطرق الى " مقاومين ابطال " ! , يتم الأعلان فيها عن اسم الجهة الخاطفة , حيث تعددت وكثرت : ( الجيش الأسلامي , حركة المقاومة الأسلامية , جيش محمد ....الخ ) وكل عنوان من هذه العناوين له فروع ايضا من قبيل : ( كتائب الرايات السود , كتائب علي بن ابي طالب, كتائب النعمان ....الخ) .والملاحظ ان جميع هؤلاء المجرمين يتلحفون بأسماء اسلامية , مرددين آيات قرآنية , مشوهين بذلك الأسلام وعقيدته السمحاء التي تدعو الى الرحمة والسلام وألأنسانية , وكأن تشويه الأسلام والمسلمين الذي قام به بن لادن وعصابته غير كاف , فجاؤا هم لأكمال هذه المهمة المشبوهة , مدعين انهم ينفذون شرع الله بينما يشيعون شريعة الغاب , وماهم الا حفنة من قطاع الطرق ,لا ذمة لهم ولا ضمير ولا رادع او وازع اخلاقي . ومن المفيد التذكير أن هؤلاء كانوا يمارسون نشاطاتهم الأجرامية على الطرق الخارجية المؤدية الى الأردن وسوريا , وجاء عرابهم ( هشام الدليمي ) , شيخ النهب والسلب , وطوٌر طريقة واسلوب اعمالهم الأجرامية . اخذت هذه العصابات تعلن مطالب , ظاهرها مقاومة الأحتلال , وباطنها طلب الفدية . وفي المفاوضات تطرح مطاليبها الحقيقية , والمتمثلة بمبالغ طائلة , اخذت ترتفع قيمتها بعد نجاح كل عملية لهم , فبدأت بربع مليون دولار , ثم الى نصف مليون دولار , وتطالب الآن بمبلغ مليون دولار عن كل رهينة , رفعته الى خمسة ملايين دولار.
واذا كانت عصابات الجريمة المنظمة , تدير بنفسها مهمة الأتصال بذوي الضحية ومفاوضتهم , فقطاع الطرق المدعين زورا بالأسلام , لهم مكتب علني ولهم مقر , معروف من قبل الجميع سواء ابناء الشعب العراقي او من قبل الهيئات الدبلوماسية . وموظفي هذا المكتب لهم حضور على شاشات فضائيات العهر , فما ان يتم الأعلان عن خطف رهينة او رهائن , تبادر الهيئة الدبلوماسية لزيارة المكتب المكلف بمتابعة الشؤون المالية لعصابات قطاع الطرق , حيث اصبح جامع ام القرى ( ام المعارك سابقا ) , المكان الذي تشير له البوصلة لمتابعة امور الرهائن , وهناك يتواجد اعضاء ( هيئة علماء المسلمين ) , والصحيح يجب تسميتها ( هيئة متابعة شؤون الخاطفين ) , فعلى سبيل المثال , ففي قضية المخطوفين الفرنسيين , فإن الجهات الرسمية الفرنسية لم تتصل بالحكومة العراقية لمتابعة قضية رعاياها , بل اتصلت بـ ( هيئة متابعة شؤون الخاطفين ) المسماة زورا وبهتانا ( هيئة علماء المسلمين ) , وكذلك فعل وفد المجلس الأسلامي الفرنسي , الذي جاء الى بغداد لمتابعة الموضوع .
كل الدلائل تشير الى ان هذه الهيئة هي التي تخطط وتدير عمليات الأختطاف , وهذا اصبح واضحا حتى لمراسلي وكالات الأنباء والصحف , حيث تساءل مراسل جريدة الرأي العام الكويتية في لقاءه مع السيد وزير الداخلية المنشور في 2/9 , عن العلاقة بين الخاطفين وهيئة علماء المسلمين وسبب نجاح الوساطات التي تقوم بها . ولم يصدر لحد الآن من اقطاب هذه الهيئة أي استنكار لهذه الأعمال الأرهابية الجبانة . فالشيخ عبدالستار عبد الجواد على سبيل المثال لا الحصر بارك ومن على شاشة فضائية العهر القطرية جريمة قتل العمال النيباليين , أما الشيخ محمد بشار الفيضي الناطق بأسم الهيئة , ومن على نفس الفضائية برر خطف الفرنسيين بـ "تعبير عن الغضب " , في حين نادى حارث الضاري رئيس الهيئة الخاطفين بـ ( الأخوة) , متناسين جميعا ان عملية خطف الأعزل من السلاح هي عملية جبانة , ترفضها القيم والأخلاق العربية ( ان كانوا عربا ) والشهامة العراقية ( ان كانوا عراقيين ) , والشريعة الأسلامية السمحاء ( ان كانوا مسلمين) . حتى ازلامهم الذين ينفذون عمليات الخطف , طالبوهم بإصدار فتوى بتحريم عمليات الخطف , ان كانت مخالفة لشرع الله , ولحد الآن لم تبادر الهيئة بذلك , فكيف تقطع رزقها بيدها !؟ , ان ابتزاز الدول والشركات اشبه بمنجم الذهب لهم , بينما ادانها فضيلة المرجع الديني محمد حسين فضل الله واصفا إياها بـ ( قمة الوحشية والهمجية ) , وكذلك وصفهم شيخ الأزهر بـ ( المجرمين ) .
المطلوب من الحكومة العراقية المؤقتة تركيز عملها للقضاء على عصابات الأرهاب , ويعتبر شريك في الجريمة كل من ينظٌر للأرهاب , ومن يدافع عن الأرهابيين , ومن يتستر عليهم , ومن يتوسط لهم من اجل تحقيق اهداف جرائمهم الأرهابية . ونعتقد ان اسماء هؤلاء معروفين للحكومة العراقية المؤقتة وخاصة وزارة الداخلية , والتي صرح وزيرها انه ( لا حصانة لمن يشجع على الأرهاب ) , فلماذا السكوت والتغاضي !!؟؟ , والى متى !!؟؟.
ان دفع الفدية للخاطفين , بمثابة مكافئة لهم , وسوف تزداد عمليات الخطف , كلما امتلأت جيوب الخاطفين والوسطاء بمئات آلاف الدولارات , ان لم نقل بالملايين .
ويشير اكثر المتابعين لتطورات الوضع السياسي في العراق الى ان اغلب التنظيمات المتأسلمة خرجت من معطف البعث , وان العديد من منتسبي هيئة علماء المسلمين من عناصر جهاز المخابرات البعثية , ولهم ارتباطات بقيادات النظام المقبور .
مع العلم انه لغاية الآن لم تصدر اية ادانة من هذه الهيئة لجرائم نظام البعث الفاشي , لابل ان خطبائهم في المساجد احتجوا كون المحقق مع الطاغية , قاضي شاب , ان هؤلاء هم حقا وعاظ السلاطين .
#جاسم_هداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟