أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مأمون شحادة - ارحموا الدولة القُطرية














المزيد.....

ارحموا الدولة القُطرية


مأمون شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 3141 - 2010 / 10 / 1 - 18:46
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



لم أكن أعرف أن تلك الطريق ترهق من يسير عليها، فأنا الآن منهمك ومنهك من مسافتها وصولاً إلى تلك المحطة المزينة بأرقام الحافلات، نظرت من حولي هنا وهناك، لكن نظري تعب من تلك الأرقام وهي تمتلئ ازدحاماً.. عجباً.. ان المحطة اليوم مزدحمة بالركاب، لعل هناك أمراً في توقيت تلك الحافلات.
راودني شعور أن هناك من يقترب مني مصافحاً بيده اليمنى، وفي اليد الاخرى يمسك كتاباً، أخذت أضرب أخماساً بأسداس، قائلاً في صيرورة نفسي: «من ذا الذي يصافحني محاوراً»، وكأنني سمعت هذا الحوار من قبل، أهو حوار سوسيولوجي؟، أم أنه خطاب تأزم سياسي؟.
استيقظت من محاورتي الذاتية على صوت يقول لي: إمسك هذا الكتاب، وكأنه مقدمة للإجابة على ما يدور في صيرورة نفسي. أمسكته، فوقع نظري على عنوانه: «تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية»، وعلى الفور أدركت انه د.محمد جابر الانصاري.
سألته وأنا مندهش من كثرة الأرقام المحيطة بي، عن أزماتنا المتلاحقة. هل هي أزمة وعي، أم أزمة ثقافة؟، قال لي: انظر إلى تلك الأرقام التي تزين تلك الحافلات، أيوجد لها معنى آخر سوى التأزم في استخدام تلك الوسيلة؟، سألته مرة أخرى متعجباً، وهل نحن نعيش أزمة واقع وازدحام وتضارب في معرفة الحقيقة؟، قال لي، انظر مرة أخرى إلى الأعداد التي تملأ تلك الارقام ستجد الحقيقة الضائعة.
نظرت إلى الارقام، فوجدتها كثيرة، وعددها يتجاوز حدود التجزئة مقارنة بالدولة القطرية، ولكن هل الأخيرة توحيد أم تجزئة؟، أجابني الأنصاري قائلاً «اقرأ كتابي هذا لعله يساعدك في الوصول إلى فحوى الإجابة«
أخذت اقرأ ما بين السطور لأصل إلى تلك الفحوى، وبعد أيام قليلة خرجت بمعادلة واقعية كنت أجهلها سابقاً، وهي: أن الدولة القطرية عامل وحدة وتجزئة (وحدة + تجزئة)، فالوحدة تعني: لملمة أجزائها المتناثرة، وفق أدلجة لتوحيد إطارها الخاص. أما عامل التجزئة فهو تجزئة لإطار الوطن العربي العام، كاشارة إلى حدود التجزئة.
جلست مع قرارة نفسي قليلاً، حيث كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، أحاور نفسي وأنا أنظر إلى خارطة الوطن العربي، متأملاً بالمعادلة التي أوجدتها، ومتسائلاً: لو لم تقم الدولة القطرية في الوقت الذي كانت فيه السلطنة العثمانية تتهاوى، ما الذي كان سيحدث للوطن العربي؟.

وضعت أصبعي على تلك الخارطة، وأنا منهمك في محاورتي الذاتية، وإذ به يلامس العراق، وبسرعة خاطفة ذهبت أبحث عن وصف يلائمه إبان الترهل العثماني، لأجد أنه كان مقسما إلى ثلاثة اقسام (بغداد، البصرة، الموصل) .
أخذت أقارن الماضي بالحاضر، فوجدت أن الدولة القطرية وحّدت تلك الاقسام المتناثرة في مضمون إطارها الخاص لتصبح بعد ذلك عراقا موحداً، ولكنه منفصل عن الإطار العام لمفهوم الوطن العربي، مثله مثل بقية الدول العربية، فيما يسمى بالتجزئة.
أدركت في حينه، أن الدولة القطرية لو لم تأتِ لكان هذا الوطن العربي ليس 22 دولة، بل أكثر من ذلك بكثير، ولربما وصل إلى الخمسين أو السبعين دولة، في الوقت الذي لاحظت فيه أن الاحياء العراقية التي تقدر بـ «الآلاف» في حينه (إبان الترهل) أخذت تضع دساتير منفصلة عن الأحياء الاخرى، كإشارة إلى استقلال هذا الحي عن أخيه الآخر، حتى قَدِمت تلك الدولة بدستور يوحدها. أمسكت خارطة الوطن العربي مرة أخرى، ونظرت إليها نظرة فاحصة لعلي أحاول تهدئة الحراك الداخلي الذي ينتابها ما بين تجزئة المجزأ، وتفتيت المفتت، ابتداء باليمن السعيد، وصولاً للعراق وفلسطين، غير متناس في الوقت حينه سلة الوطن العربي الغذائية، فلربما قد أضعت الطريق للوصول إلى ما كنت «قد» اسميه سابقاً الدولة القطرية، متسائلاً: هل أنا في شمال اليمن أم جنوبه؟، وهل انا في جنوب السودان أم شماله؟، وفي أي جزء أنا من أرض الرافدين ؟، ولكن السؤال الذي أدمى مشاعري، هو هل أنا في الضفة أم في غزة؟

طويت الخارطة العربية، ووضعتها على أحد رفوف مكتبتي الخاصة، واخذت أبحث عن خارطة أخرى تتلاءم مع مستقبل الوطن العربي، لأن الواقع العربي انقلب على الدولة القطرية، واستثقل عليها هذا العدد الضئيل من الاقطار مفضلاً عدداً أكبر من ذلك.
هنا تيقنت ولم أستطع أن أخفي حزني، حينما قرأت كتاب «انتحار المثقفين العرب وقضايا راهنة في الثقافة العربية». حينها أدركت ان العقل العربي أسير الماضي والاستغراب، ولم يعد للمثقف العربي من يسمعه، فعلى ما يبدو أن ذلك العقل مغرم بالخطابات الديماغوجية، والفكر العربي -إن كان هناك فكر- ساحة للاتهام والإقصاء وصراع الأضداد، فلم يعد للغة الجميلة هامش، فكل ما سيكون كان.
عدت مرة أخرى الى محطة الحافلات، وأخذت أزاحم نفسي وسط المتزاحمين، لعلي أجد رقماً يقبل القسمة على اثنين أو ثلاثة أو أربعة، ليتناسب مع وجهتي القادمة، في الوقت الذي يختلف فيه الراكبون إلى أي وجهة يقصدون، فانطلقت بنا الحافلة ونحن لا نعرف إلى أين نتجه!



#مأمون_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين المجتمع العربي من الثقافة السياسية؟
- هل قراءتنا للتاريخ العربي عربية؟
- ناخب على الهامش
- الطاهر وطّار يتحدى دونكيشوت
- حزب الله : الى أين ؟ وماذا لو انسحبت إسرائيل من مزارع شبعا؟
- طالبان والقاعدة.. فضاء يختزل نفسه
- محمد جابر الانصاري... قاعدة فكرية متينة
- أميركا وخطر النزول عن القمة
- التقليد وهلاك الجسم دون بلوغه
- ما يجب ان تعرفه تركيا
- الجيش والبوصلة السياسية ل«أردوغان»
- أسطول الحرية ... ضحكة الخوف ورقصة الموت
- أسئلة وقراءات في قضية اغتيال المبحوح
- الجابري والرحيل في زمن الاسئلة
- صحيفة -أوان- ... تساؤلات حول الاغلاق ؟!؟
- الاسير رزق صلاح*: بطل في زمن النسيان
- هل يستطيع العالم العربي ان يكون قوة اقليمية وعالمية ؟!؟
- السياسة و جدلية اللون البرتقالي
- الى قمة سِرت .. من يعلق الجرس !!
- في نعي الثقافة الرياضية


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مأمون شحادة - ارحموا الدولة القُطرية