|
الاستيطان حالة حرب معلنة من طرف واحد
وضاح زقزوق
الحوار المتمدن-العدد: 3140 - 2010 / 9 / 30 - 14:18
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
شكل موقف دولة اسرائيل من تمديد التجميد المزعوم للنشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية النقطة الاكثر حرجا في سياق مواقف الدول والمعنيين بشؤون الملف الفلسطيني – الاسرائيلي ، خاصة بعد أن تمكنت الادارة الاميركية من دفع الجانب الفلسطيني الى الدخول في مفاوضات مباشرة مع حكومة اسرائيل بدون شروط مسبقة وبوعد أن تمارس نفوذها على حكومة نتنياهو لمواصلة قرار التجميد .
ندرك طبعا أن السياسة الاميركية منذ صعود اوباما الى سدة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية وخطاباته التصالحية ومقارباته السياسية الاولية ازاء الملف الفلسطيني الاسرائيلي وتحديدا في موضوع الاستيطان باعتباره عقبة رئيسية في وجه "عملية السلام وحل الدولتين " كانت قد اعطت حقنة من الأمل في فرص التقدم في العملية السياسية المتعثرة ، هذه المواقف التي بدت جديه مع الموقف الدولي " الرباعيه "والعالم ، الذي ظهر بمظهر من يبدي الاستعداد لممارسة الضغط على اسرائيل ، شجعت الموقف الفلسطيني وكأنه في حالة الاستعداد لقطف ثمار الضغط الدولي وخاصة الامريكي دون الاستعداد الكافي "داخليا وخارجيا " من اجل أسوأ الاحتمالات فقد بقيت الحالة الفلسطينية في تشرذم حتى داخل اطراف م ت ف التي لم تستطع الاجماع على موقف موحد او ربما الاصرار ومتابعة مواقف اللجنة التنفيذيه شبه الاجماعية ، ووقع المحظور ولم يطل الموقف كثيرا حتى بدا الموقف الامريكي بالذوبان التدريجي على وقع التشدد والصلف الاسرائيلي فمن تجميد الاستيطان لمدة عام الى ستة ثم الى عشرة ومن مفاوضات غير مباشرة الى مباشره }وهو بلا شك تجميد شكلي وتسويف وربما كانت لدواعي اقتصاديه بيعت على انها جاءت تحت الضغط الامريكي والدولي { ،الى مفاوضات بدون شروط مسبقة والى ما هو اكثر من ذلك . فالادارة الامريكية وخارطة مصالحها الاستراتيجية تقول انها معنية باشاعة انطباع و جو من التهدئة وان عملية السلام لها قدم وساق من اجل التفرغ للمشكلات الأهم بالنسبة لها وهي البرنامج النووي الايراني والمستنقع العراقي- الافغاني اضافة الى مشكلاتها الداخلية وتحديدا الاقتصادية . وفي المقابل لا يبدو أن حكومة اسرائيل برئاسة نتنياهو في عجلة من امرها بل لعلها معنية بادامة المفاوضات لأطول مدي زمني يتيح لها استكمال مشروعها الاستيطاني وهو نفس المشروع الذي اعلنه نتنياهو في(21/3/1997) وهدفه الوصول الى مليون مستوطن في القدس و مثيله في الضفة و السيطرة على45% من مساحة الضفة والقدس وربما يكون هذا المشروع بحاجة من سنتين -ثلاثة وفق المخططات الموضوعة . لاشك ان ذهاب المفاوض الفلسطيني بدون الوقف الكامل للاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس التي هي ايضا اراضي محتلة بعدوان 1967 كان خطأ استراتيجيا وشكل ربحا صافيا للاسرائيلين الذين خرجوا من العزلة الدولية والملاحقات القضائية في كل دول العالم ومع الرأي العام الدولي ، الذي بدأ ينظر لها على انها دوله خارجة عن القانون الدولي و مارقه وضعت نفسها كانها ضحية وقدمت ما يلزم لاستمرار عملية السلام و هو في واقع الحال وهم . اذ استمرت الاعمال الاستيطانية خلال عملية التجميد المزعوم في اكثر من 30 مستوطنة في الضفة و انهت بناء 3 الالاف وحده سكنية وطردت مئات العائلات المقدسية وصادرت آلاف الدونمات لصالح المستوطنات اضافة الى الامعان في تهويد المدينة المقدسة (تحت مسمى: التوغل المتقدم ) وتحويل المدينة الى عاصمة الثقافة و التراث اليهودي . وحسب قسم الخرائط في بيت الشرق فان الصراع الدائر في القدس اليوم هو على ما مجموعه 13% من مساحة المدينة وهي مرحلة (الحسم التاريخي) للقدس الشرقيه وعلى ما مقداره42% من المساحة الكلية للضفة و القدس ،حيث يبدو المشروع الاستيطاني وكأنه قارب الوصول الى نهاياته بحسب الخطط الموضوعة والمريبة والتي هدفها الوصول الى تهويد المدينة المقدسة والسيطرة على 45-50% من مساحة الضفة الغربية و اشغال العالم بالمفاوضات في الوقت الذي يجري فيه تطبيق هذه الخطط التي تقطع الطريق على الدولة الفلسطينية و بلا عاصمه.
لذا لم يعد بالامكان التعامل مع الاستيطان باعتباره عقبة في وجه التسوية السياسية بقدر ما هو اجراء أحادي الجانب يرسم بشكل واضح واضح معالم الحل على ارض الواقع وبدون مفاوضات . وللأسف فقد تعامل الطرف الفلسطيني مع هذا الواقع عبر مسيرة المفاوضات التي رسم الاسرائيلين ملامحها ومسارها كعملية قائمة بذاتها ولا هدف لها غير كسب الوقت ، واعتبرت اسرائيل ان البناء في الكتل الاستطانية اخذ شكله الشرعي وخاصة الكتل الكبرى من خلال موافقة الطرف المفاوض الفلسطيني على الاقرار بالتبادلية وهو ما اضعف الموقف الفلسطيني تجاه الاصرار على ازالة المستوطنات والمستوطنين من الضفة الغربية والقدس الشرقية باعتبارهم حالة طارئة يجب ان تزول بزوال الاحتلال كليا وهي حالة ضد القانون الدولي وشرعة الامم المتحدة. ان ما يجري اليوم من هجمة شرسة على الشعب الفلسطيني لم يعد بالامكان الا تسميته بحرب ترانسفير وتشريد واقتلاع للشعب الفلسطيني من ارضه ووطنه المحتل بعدوان 1967 وهي حرب يتشارك فيها جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين وبلدية الاحتلال في القدس. ان من يتابع هذه الحرب يجب أن يدرك ان المعطيات والخطط التي يجري تنفيذها تشير بكل الوضوح ان المستقبل الفلسطيني على هذه الارض في خطر كبير في ظل مواصلة الاستيطان وان مشروع الدولة ربما يكون بلا افق وان مستقبل الاجيال القادمة من الشعب الفلسطيني محفوف بالمخاطر والالام المتجددة اذ بدأت شراسة المحتلين والمستوطنين المحميين بالجيش الاحتلالي وبالسلاح الناري الذي تسهل حكومة الاحتلال ترخيصه للمستوطنين . هذه الحرب تستهدف المزيد من اختلال التوازن الديمغرافي على الارض لصالح المستوطنين ، مثلما تستهدف اكمال السيطرة على المصادر الطبيعية وتحديدا المياه وعلى الحياة الانسانية واليومية للمواطنين "الامن" ، من خلال التهديد وقطع الاشجار وقطع الطرق وكانها انتفاضة مستوطنين على اصحاب الارض الشرعيين ، اذ ان حجم المستوطنين اليوم اصبح قوة عددية لا يستهان بها تزيد عن 500 الف مستوطن وهي قوة مسلحة بقوانين وأوامر عسكرية وبالنار والجيش بهدف تجريد الفلسطينيين من مقومات الحياة وهي ( الأرض والمياه والأمن ) لتصبح حياتهم جحيما بلا ادنى شك .
إن تجربة السنوات عاى امتداد الفترة السابقة منذ التوقيع على اتفاقيات اوسلو مع حكومة اسرائيل تقدم للحميع سلسلة من العبر والدروس الهامة من بينها :
• اولاً : ان اسرائيل ماضية في مخططاتها وايضا واضحة ولها مشروع تمضي به قدما وتفصله بزمن مريح وغير مزعج وهو زمن المفاوضات التي اضعنا فيه وقتا طويلاً وبخسارة واضحة ، وهي مفاوضات كانت مضيعة للوقت ، تدور في حلقه مفرغة ، بدون مرجعية قانونية وتجري في ظل تواصل النشاطات الاستيطانية . • ثانيا : ان الادارة الامريكية ليست طرفا محايدا أبدا قولاً وفعلاً ، فتحت سمعها وبصرها كان يجري تحويل المليارات من جمعيات صهيونية في امريكا لصالح شراء البيوت الفلسطينية في البلدة القديمة في القدس ولفائدة النشاطات الاستيطانية الهدامة وهي ايضا ليست حيادية عندما تكتفي في أوج الاحتفالات الاستيطانية باستئناف الاستيطان بالتعبير عن خيبة أملها وبانها ستواصل الضغط على الطرفين للعودة للمفاوضات !! • ثالثا : ولأن التجربة مع الادارة الاميركية مرة ومريرة فلا بد من التفكير في نقل الملف الفلسطيني الى ايدي اكثر حيادية وخاصة المنظمات الدولية لتمارس دورها الطبيعي وتطبق القانون الدولي الذي تعتبر اسرائيل نفسها فوقه في محاولة قد تنجح في دفع حل الدولتين بقوة القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية خطوة الى الأمام . • رابعا: إن فكرة تبادل الاراضي بالقيمة والمثل ، الذي يتردد على الستة المفاوضين الفلسطينيين قبل الاتفاق على الحدود ، وهي في حدها الأدنى حدود الرابع من حزيران 1967 كان خطأ فادحا . يجب العدول عن هذه التبادلية التي اعطت المبرر لاسرائيل لطرح الوقف الجزئي للاستيطان وتكريسه في الكتل الاستيطانية الكبرى على اعتبار انها مناطق مطروحة للتبادل .
ان االمفاوضات في صيغتها الراهنة ليست اكثر من مضيعة للوقت بالنسبة لنا . وهي مكسب حقيقي لاسرائيل ومشروعها الاستيطاني ، فقد تعلمنا من التجربة أن مفاوضات بدون وقف كامل وشامل للنشاطات الاستيطانية من شأنها أن تقدم الغطاء ، شئنا أم ابينا للمشاريع العدوانية التوسعية لدولة اسرائيل . الرأي العام الدولي الرسمي والأهلي يقف هذه الأيام مع الجانب الفلسطيني والفلسطيني . حتى منظمة هيومن رايتس تطالب اسرائيل بالوقف الكامل للاستيطان كشرط لاستمرار جهود التسوية السياسية فهل يعقل ان يكون سقف المفاوض الفلسطيني اقل من سقف هذه المنظمة .
#وضاح_زقزوق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طحن بلا دقيق
-
هذا الشبل من ذاك الاسد
المزيد.....
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|