|
أم الشهيد !
ناهد سلام
الحوار المتمدن-العدد: 3140 - 2010 / 9 / 30 - 03:52
المحور:
حقوق الانسان
منذ ايام قليلة ودعت ابن اخي الطفل الرضيع ، وبغض النظر عن كم الحزن والفراغ الذي تركه وسيتركه في حياة والديه تحديدا وسواء أكان عصفور في الجنة ! او جثه هامدة تتحلل في التراب فان ما يثير الفضول والاستغراب ويخرج الانسان العاقل عن طوره ليس هذا وذاك وانما تلك المتطلبات والظروف المحيطة بحالة الوفاة .
للوهلة الاولى بعد التأكد من حالة الوفاة في المشفى طُلب الى امه ان تبقى ساكنه وهادئه والا تصرخ ،علم وينفذ يا افندم البعض قال شهيد كونه مات بسبب استشاقه للغاز مسيل الدموع الذي اطلقه جيش الاحتلال في منطقة سكناه والبعض قال هو شهيد المرض وبذلك تتعددت فتاوى كفنه وجنازته ، بعض ( الشيوخ ) أفتى ان يكون له غسل وكفن ابيض في ابيض ولاشيء غير البياض شرط الا يكون مخيط ولست اعلم ما الحكمة من تحديد اللون والخياطة ، والبعض قال انه شهيد لا حاجة لغسل او كفن وبين حانا ومانا وآلام الفراق بات الدين كعادته والتمسك به أمر يعقد الامور ويُثير الشقاق بين انصار كل مفتي من افراد الاسرة ويزيد من اللوعة لتأخر الدفن والحذر الشديد فأي خطئ في الدفن لن يمكن تصويبه اذا وُري الجسد التراب .
ايام العزاء ثلاثة او يوم واحد كونه طفل لا عزاء له ! ولا شيء واضح في هذا الدين الذي فعلا ما وجدت اي سبب لتمسك الاهل به الا انه التقليد الاعمى للسواد الاعظم من المجتمع .
خلال العزاء تطوعت احدى الاخوات واحدى - الامرات بالمعروف والناهيات عن المنكر - بشرح درس طويل عريض لام الطفل والمعزيات ان تصبر الام وتشكر ربها _ أن تشكره على فقدان ابنها ! _ كونه شهيد وسيجلب لها الخير حيث سيصحبها معه الى الجنه ، لذلك يجب ان تفرح ويا حبذا لو زغرتت ام الشهيد !لا اعتقد انه يوجد موقف اناني واستغلالي اكثر من استغلال الدين لموت طفل لتخدير والديه واستمرار التبعيه له وتغييب العقل بأن تكون هذه المصيبة سبب لادخال والديه الجنه المكذوبة وبذلك قد حُرمت مشاعر الحزن والالم ، و سُجنت مشاعر الامومة داخل سجن الدين والحلال والحرام ، ممنوع عليها ان تبكيه بصوت عال ، وممنوع عليها ان تبكيه فوق ثلاث ايام وبذلك يحصر الدين احساس ومشاعر الوالدين او الفاقد بثلاث ايام فقط !!! ويملي فقط وسيلته في تفريغ الحزن وهي بشكر الله على المصيبة والرضوخ لها كونها قضاء وقدر !!
ومن ضمن قائمة الممنوعات ان يؤثر ذلك الحدث الجلل على مجرى حياتها وزواجها وبذلك استعانت الداعيه لهذه القصة عن الرُمَيصاء بنت مِلْحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب الأنصارية ، أم انس بن مالك وهي حيث تقول الروايه المخرجة في الصحيح ان كان لها طفل مرض مرضا شديدا ، وكانت وزوجها أبو طلحة يجلسان بعد مغرب أحد الأيام عند ابنهما المريض، وهو في شدة وكرب، فحان وقت صلاة العشاء، فخرج أبو طلحة إلى مسجد _ رسول الله _ ليصلي، وفي أثناء ماهم في الصلاة توفي الغلام. فهيأت أم سليم أمر الغلام ولفته في ثوب وأبعدته عن عين الداخل عليها، ثم قالت لمن عندها في البيت: لا تخبروا أبا طلحة عن أمر الغلام حتى اكون أنا التي اخبره! أما أبو طلحة فسلَّم من صلاته ثم عاد مسرعا إلى بيته، ليطمئن على صحة ولده المريض فلما دخل على زوجته قَالَ مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ: هُوَ أَسْكَنُ مِمَّا كَانَ، ففهم أبو طلحة أن صحته قد تحسنت، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ أم سليم الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثم تحركت نفسه لمواقعتها فتجملت له وتزينت ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا. فلما كان من آخر الليل، قالت له أم سليم: يا أبا طلحة، ألم تر إلى آل أبي فلان استعاروا عارية، فمنعوها، وطُلبت منهم، فشق عليهم ردها. فقال: ما أنصفوا. كيف يستعيرون من الناس ثم يطلب الناس متاعهم فيأبوا رده... قالت: فإن ابنك كان عارية من الله عندك ثم إن الله فقبضه. فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ الله فَأَخْبَرَهُ،فسأله عن جماعهما تلك الليلة؟ قَالَ: نَعَمْ، فدعا لهما فقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا. فحملت أم سليم من جماعهما تلك الليلة، فوَلَدَتْ غُلَامًا. قصة تستعصي على الادراك وبعيده عن الواقع والسلوك الانساني المتوقع في هكذا مواقف .
تلك بعض لمحات مختلفة من ساعة اعلان الوفاة وحتى العزاء مثيرة للاشمئزاز والتفكر في كيفية تغلغل الدين لكل مسام الحياة واستغلاله لمواقف انسانية صعبة يمر بها الانسان ونظرة الدين اللاانسانية لتلك المواقف .
دمتم بصحة وسعادة
سلام
#ناهد_سلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غاب نهار آخر
-
اطلبي هدية
-
انت منذ الان غيرك !
-
حب المرأة
-
لحظات الوداع
-
نعيبُ زماننا والعيب فينا
-
ثمن الانسانية
-
أطالب ب :حق الموت !!
-
الحياة حلوة
-
مسافرة
-
مقابلة الاحسان بالاساءة
-
حالة
-
بقايا ذاكرة
-
بماذا أجيبها ؟
-
رسالة من امراة الى رجل
-
هل أنا مومس ؟!
-
و الحزن اقدس
-
ولماذا نُنكر علينا مشاعرنا ؟!
-
مبروك ما اجاكم
-
رأي صريح ومباشر
المزيد.....
-
فيديو.. أسرى محررون يروون ثلاثية -التعذيب والتجويع الإذلال-
...
-
المغرب.. اعتقال منفذي عملية اختطاف سيدة بطريقة -هوليودية-
-
سوريا.. إلقاء القبض على مسئول أمني سابق ارتكب جرائم قتل وتعذ
...
-
معاناة الأسرى المفرج عنهم بسبب التعذيب والتنكيل داخل سجون ال
...
-
الجزيرة نت تفتح ملف المعتقلين السوريين في سجن رومية اللبناني
...
-
المرسوم الرئاسي وملف الأسرى
-
عدالة القضية الكردية وتطلعاتها المشروعة
-
صمود المقاومة أركع العدو الصهيوني الأميركي مجددا في صفقة الأ
...
-
وكالة الاونروا: 40 ألف فلسطيني اجبروا على مغادرة منازلهم بال
...
-
وكالة الاونروا: لا توجد وكالة اممية اخرى قادرة على تقديم الخ
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|