أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان حمدي العطار - الحيوانية .... ثورة الانسان على انسانيته















المزيد.....

الحيوانية .... ثورة الانسان على انسانيته


احسان حمدي العطار

الحوار المتمدن-العدد: 3139 - 2010 / 9 / 29 - 19:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل عدة ايام شاهدت في احدى القنوات الفضائية واحد من الافلام السينمائية المبدعةالذي اثار لدي جملة من التساؤلات وعدد كبير من الملاحضات بل وألهمني الكثير من الافكار التي سأحاول ان اعرضها ادناه.

. . . . .
يبدأ الفلم مع بطله المصاب بحالة مرضية من الارق الذي لا يحرمه من النوم فقط بل ويمنعه القيام باي عمل اثناء فترة ارقه حيث يعيش بهذيان وكوابيس ولكنه كان يصحو في اغلب الاحيان في اماكن عامة وخاصة لايدري كيف اصبح وماذا يفعل فيها وفي واحدة من صحواته المتكررة : صحا في احدى الرحلات الجوية والى جانبه (( تايلور دوردن )) الرجل صاحب الوسامة الظاهرة والقوة والارادة والذكاء والاقدام ،سارت احداث الفلم لتضع بطل الفلم مع تايلور في علاقة صداقة قوية ولكن منعطف الفلم كان امام احدى النوادي الليلية حينما وقف تايلور وطلب من بطل الفلم ان يضربه على وجهه بقوة تردد البطل ولكنه فعلها ورد تايلور بالضرب وهكذا اراد تايلور ان يذيب العلاقة الحميمية بين الانسان وجسده ومن ثم علاقة الانسان المصطنعة مع الاخرين وهكذا اصبح التضارب ايضا تنفيس لحالة بطل الفلم النفسية . اثار تضارب تايلور وبطل الفلم بعض المستطلعين الذين اصبحوا فيما بعد حلقات تحيط بقتال تنفيس الغضب هذا ، وتطور امر هذا القتال ليتحول الى ناد او نواد للقتال تنتشرفي انحاء امريكا المختلفة .
اما اشد ما اثارني في الفلم خطابات تايلور لاعضاء نادي القتال حيث يقول ان نادي القتال هو عبارة صرخة احتجاج على حالة اليأس والظلم الذي يعيش به هؤلاء المنتمين ، فهؤلاء الذين تربوا امام اجهزة التلفاز حالمين بان يكونوا ابطال او مشاهير يرون حياتهم تمر امامهم ضائعة ويشعروا بها مع كل دقيقة تمر التي لا تختلف عن سابقتها خيبات وانهيارات والمشكلة انهم لا زالوا يحلمون احلام اليقضة تلك التي ما زالت تغطي واقعهم المر .
وعن طريق هذه الصرخات الاحتجاجية التي يطلقها تايلور عبر السنة هؤلاء المقهرون يؤسس جماعة ارهابية تنجح في نهاية الفلم بتفجير جميع شركات المال الامريكية فتتساقط الابراج العملاقة واحدة بعد الاخرى امام بطل الفلم الذي يرى عبر احدى شرفات نيو يورك انهيار التاريخ المالي للشعب الامريكي .
ولكن ما اعجبني في الفلم هو النهاية الدراماتيكية التي يتضح فيها ان بطل الفلم كان يعيش هو الاخر حلم يقظة ولكنه طويل وفعال وهو (( تايلور دوردن )) الذي جمع ما يبحث عنه بطل الفلم من صفات ، وحين كان بطل الفلم نائم ( او يظن انه نائم ) كان تايلور دوردن يعمل على صنع المتفجرات وتدريب المتطوعين ، اذن كان بطل الفلم واحد من هؤلاء المخدوعين الحالمين الذين قادهم تايلور – الذي هو نفسه بطل الفلم – وهذه هي المفارقة .

. . . . .

اعتقد ان الفلم قد طرح مسألة مهمة سواء كان قاصدا هذا ام لم يقصد : وهي ان الارهاب لا يحدده دين او طائفة ولكن يحدده الظروف التي تحيط بالانسان من حالة اليأس والفقر والتي تجعل الانسان يتجه نحو تدمير حالته السكونية بحالة حركية راديكالية لا تحاول فقط ان تغير حالته المعيشية ولكنها تحاول ان تغير حالة المحيط بل لا ابالغ ان قلت العالم ، اذن اينما وجدت الظروف المساعدة لنمو الارهاب فأنه يصنع من ارق العقائد وألينها قوة وقابلية تدميرية .


. . . . .

طرحت احدى الصحف المحلية منذ فترة موضوع للنقاش وهو موضوعة الحيوانية التي طغت على انسانيتنا وخاصة في هذه الفترة الحرجة من تاريخ البشرية
وقد مالت بعض المقالات الى التسرع والخطابية المبسطة وخلط المفاهيم والرؤى وغلب عليها راي واحد وهو ما تعبر عنه سياسة الجريدة دون ان ندخل في المعنى السامي لمثل هذه الملفات وهوالرأي والرأي المقابل . وحتى لا اقع بنفس الاخطاء والمغالطات لبعض هذه الاراء لن اتناول الحيوانية بصيغتها البايلوجية او الانثروبولوجية وذلك لان الحيوانية كما اتصورها ليست بدايات الانسانية بل هي حالة نابعة من الانسانية اي ان الحيوانية هي نتاج التطور الانساني وليس العكس ( بعيدا عن الحسابات العلمية : لاننا نتحدث عن حالة فكرية روحية لا جسدية ) .
ومن الخطأ ايضا تناول الموضوع بطريقة الاحكام القاطعة : الانسانية = الخير ، الحيوانية = الشر . كما بينت: ان الفلم نجح بتفسير ظاهرة الارهاب وهي الشكل الاكثر تمثيلا للحيوانية : بالقول ان الانسانية اي انسانية الفرص الضائعة ، انسانية الظلم ، انسانية الفقر ، انسانية التمييز هي من خلقت الحيوانية التي ماهي الا ثورة اجتماعية على كل هذه الانسانيات او استطيع ان اقول انها حركة تصحيحية لمسيرة الانسانية العرجاء نحو اللا شئ .
لنتناول حركة الخوارج : هذه الحركة التي ينظر اليها اكثر من مفكر وباحث عربي من مختلف الاتجاهات الفكرية على انها حركة ثورية وقفت ضد الظلم مع اننا نعرف بدايات هذه الحركة المتطرفة الاجرامية وكذلك هي حركات الزنج والقرامطة . اذن مفكرونا يستطيعون رؤية الماضي افضل من الحاضر والمستقبل لان خواتيم هذه الحركات واضحة لعيان هؤلاء الذين وضعوا في هذا الحاضر وحاصرهم لذلك لا يقدرون ان يصبحوا حيادين ويفكروا ابعد من راهنية اللحظة .
قد يرى البعض ان هذا الراي غريب او هو تاييد لهذه الجماعات الارهابية ولكن ماهي الطريقة الامثل للتعامل مع هذا التيار الذي كما قلت لا يمثل افراد او طائفة ولكنه يمثل حركية الانسان وتطوره ، لنكن واقعيين هل نطمح للقضاء على الارهاب (انا اقصد الارهاب في سياق عام ؛ فقد يتحول الارهاب في سياقات خاصة من قوة داخلية تغيرية الى قوة ليس لها علاقة بمجتمعها كما هو الحال في الشان العراقي ) اي اننا سوف نقظي على اولادنا واخواننا واحفادنا اي سنقضي على انفسننا اي انسانيتنا وبالتالي وصلنا الى نهاية الانسان وهي عدم القدرة على التعامل مع واقعنا المأزوم فحين نفشل بأيجاد حلول واقعية بعيدا عن الرصاص والعنف – وهو سلاح هذه الحركات – نكون قد حكمنا بالفشل على مستقبلنا الانساني لان العنف لايولد سوى العنف .
اذن الحل ان نعترف بواقع ان في كل مرحلة من مراحل الانسان تقف الانسانية في مفترق طرق تظهر حركات ثورية راديكالية تنقلب على واقع الانسان بان تختال مبدأ الانسانية وتؤسس لمرحلة انسانية جديدة ، وبهذا الاعتراف نستطيع تحويل الطاقة الثورية للارهاب من العمل الاجرامي الى اعادة الانسانية الى جادة الصواب كما مرت معظم الحركات الثورية بمرحلة التحول الكبرى هذه . وهذا هو واجب الفكر الانساني في هذه المرحلة اي هي تحييد الاهداف المدمرة للحركة الارهابية وتأكيد الاهداف المؤسسة للانسانية الجديدة فليس واجب الفكر شن هجوم على انسان هذه الحركات الذي هو انساننا لذلك علينا ان نوسع عبارة ( الارهاب مشكلة العالم المعاصر ) بالقول ايضا ان( العالم المعاصر هو مشكلة الارهاب) الذي خرج ليصحح هذا العالم ، وبهذه المقاربة نستطيع ان نرى الصورة كاملة غير منقوصة للواقع الانساني .

احسان حمدي العطار



#احسان_حمدي_العطار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف والسياسة ...... اشكالية العلاقة بين الفكر والواقع
- نقد الايدلوجيا العراقية المعاصرة
- العلمانية بين الفهم الفلسفي والواقع التاريخي
- العرب وتراثهم .... النظرة الى الماضي بين التزويق والتغريب
- ما بعد التفكيك وصياغة اولويات الثقافة العربية
- الثأر الاجتماعي بين العولمة والقاعدة الاجتماعية المنفلتة
- التراث والفكر العربي ..... محنة مزمنة


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان حمدي العطار - الحيوانية .... ثورة الانسان على انسانيته