|
الورقة الايرانية والورقة الامريكية والرهان العربي
محمود عبد الرحيم
الحوار المتمدن-العدد: 3137 - 2010 / 9 / 27 - 03:37
المحور:
القضية الفلسطينية
حدث ما كان متوقعا، وتمت حماية إسرائيل كالعادة غربيا بقيادة واشنطن في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإفشال مشروع القرار العربي، لتصبح تل أبيب فوق القانون الدولي مجددا، وتهدد جيرانها بترسانتها النووية كيفما شاءت، دون إعتبار هذا الأمر خطرا يهدد الأمن والسلم الدوليين، بل العكس هو الصحيح، فالاقتراب منها ومحاسبتها والتفتيش على منشآتها، يقوض "عملية السلام"، حسبما يدعى الشيطان الأمريكي الراعي الرسمي لهذا الكيان العدواني، لا راعي السلام والاستقرار الكاذبين. ولعل هذه الصفعة التى تلقاها العرب في فينا ترسل برسالة قوية، نأمل أن يتم إستيعابها، ولا تمر مرور الكرام في زحام الصفعات والإهانات المتكررة، وذاكرة الفئران، التى تجعلنا نسقط في الفخ مرة تلو أخرى، ولا نتعلم من التجربة على قسوتها. فالاحتشاد الأمريكي والتعبئة الغربية وقلب الحقائق وتقديم تبرير متهافت ضد موقف عربي ينسجم مع قواعد القانون والعدالة، ويرمي إلى تحقيق هدف جماعي إقليمي ودولي، له أولوية قصوى كالسلم والأمن والاستقرار، يعني ببساطة ودون حاجة إلى جهد جهيد، أن ثمة إنحياز سافر ضد العرب لصالح إسرائيل، والتضحية بأية قيمة وأية قاعدة وأية مبادئ من أجل الإبقاء على التفوق النوعي العسكري للكيان الصهيوني. ويعني أيضا أن إسرائيل وأمريكا والغرب بشكل عام، يمثلون جبهة واحدة، أو بالأحرى لوبي إستعماري متجانس ومتشارك في الرؤية والأهداف الشريرة التى تتكأ على قانون القوة والإستغلال والإستعلاء، وتنسف مبدأ العدالة والتكافوء إذا كانت لا تلبي طموحاتها للهيمنة. وليس من قبيل المبالغة القول إنهم يمارسون نفس السياسات الاستعمارية البغيضة التى تصورنا خطأ أن حقبتها قد ولت، علاوة على أنهم لازالوا يحرصون على أن تظل إسرائيل رأس حربتهم في المنطقة، والفزاعة القائمة لمواصلة الاستنزاف للموارد والطاقات، و لتعطيل أية فرصة لإنهاء التبعية، وبناء مشروع نهضة يعززه الاستقرار والاستقلالية. في غير ذات مرة، أعتبر وزراء الخارجية العرب أنهم يمنحون فرصة للتفاوض، وهم يعلمون أن إسرائيل غير جادة، ولا معنية بالسلام، لكن هذه الفرصة الأخيرة للولايات المتحدة، ولإدارة أوباما، التى يرون أنها مخلصة وتبذل جهدا من أجل إنجاح هذه العملية العبثية، وقد حذرنا من هذا الوهم وتصديق هذه الكذبة الكبيرة مرارا وتكرارا، وأتهمنا البعض بالتهويل أو التشاؤم، غير أن الأحداث والشواهد تثبت صحة نهجنا الرافض لشراء الوهم والرهان على واشنطن وتل أبيب، ونقول لهم مجددا أليست هذه الواقعة الأخيرة دليلا عمليا على أنه لا ثقة في الجانب الامريكي، وأنه والكيان الصهيوني صنوان، ويعملان ضد المصلحة العربية، وأن إدارة أوباما لا تختلف جوهريا عن سابقاتها، وأنها تسلك نفس سلوك كل الإدارات الأمريكية السابقة المنحازة ضد المصلحة العربية، وتضع أمن اسرائيل وتفوقها العسكري على كل دول العالم العربي مجتمعة في صدارة أولوياتها سرا وعلنا، والذئب كما يقول المثل العربي القديم لا يمكن أن يؤتمن على الحملان. إذا كانت أمريكا تحشد كل القوى لإفشال أي تحرك عربي عادل وسلمي، أليس هذا بمثابة إعلان حرب، أو فلنقل معاداة علنية لنا ولمصالحنا ، يستدعي وقفة ومراجعة لرهاننا عليها، وتحالفنا معها؟ و أليس حريا بنا ألا نترك أنفسنا للخداع مرة أخرى، وتصديق أكاذيب أوباما التى يخدرنا بها، ومنها حديث الأفك الاخير في الأمم المتحدة، عن أن ثمة دولة فلسطينية خلال عام، فيما مفاوضات العبث لم تتحرك خطوة واحدة للأمام، ولن تتحرك. فلو كان ثمة صدقية فعليا ورغبة فى صنع سلام وإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة، لكانت واشنطن قد توقفت عن هذا النهج العدواني التحيزي ، وسعت لإجبار تل أبيب على التخلي عن سلاحها النووي، وأرسلت لنا رسالة طمأنة حقيقية، لنصدق أننا على طريق السلام، وليس الإستسلام، لكنها هي وحليفها الصهيوني لا يريدون سوى فرض الإملاءات، والإحتفاظ بالأمن والأرض والهيمنة بالقوة، وعلينا أن نقبل طوعا أو كرها، وهذه هي الرسالة التى يجب أن نعيها جيدا. لقد سررت كثيرا بكلمة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، التى أقل ما يقال عنها أنها قوية فاضحة للمعايير المزدوجة، وللنهج الامبريالي الغربي، والتى كان إنسحاب الوفود الغربية دليل على صدق طروحاتها وقوة تأثيرها، وأنها أشبه بالصفعة القوية في منبر دولي، على وجوه هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم الأسياد وما عداهم عبيدا، لا حقوق لهم ولا إعتبار، وآسفت أن الكلمة لم تكن لحاكم عربي، وتمنيت أن أكون إيرانيا، لأفخر برئيس له هذا الوعي والقوة والإستقلالية والشجاعة، التى أفتقدناها منذ رحيل الزعيم العربي الكبير جمال عبد الناصر. ولاشك أن كثيرا مما طرحه نجاد يتقاطع، إن لم يكن يتطابق مع تحليلنا للمشهد العالمي الذي تغيب عنه العدالة ويحكمه قانون القوة والاستكبار، ويبدو كما لو كان يتحدث بلسان كل أبناء المنطقة عربا وإيرانيين، خاصة حين قال إن" العدالة هي العامل الأساسي للسلام والأمن والاستقرار الدائم، وأن الطاقة النووية هي للجميع والاسلحة النووية ليست لأحد، وأن المبادئ الاستعمارية القديمة ذاتها يبدو أنها تتكرر الآن بوجه جديد، بعدما فشلت الرأسمالية وراحت تبحث عن طرق بديلة". ولعل الظلم المزدوج الذي يُمارس على أيران والعرب، ووجود عدو مشترك يمثله التحالف الأمريكي الصهيوني، ووجود مساحة واسعة لإلتقاء المصالح، ورغبة جارفة لدى شعوب الجانبين للتحرر من هذا الإستغلال والإستعلاء الغربي الصهيوني وبناء مشروع نهضوي مستقل، يقدم فرصة تاريخية ينبغي عدم إضاعتها، بإتجاه تدشين التحالف العربي الإيراني، وإستقواء كل طرف بالآخر في مواجهة التحديات والأخطار التي يمثلها المشروع الامبريالي الغربي الصهيوني التوسعي، ولا ضير من إنضمام تركيا إذا ما تخلت عن إرتباطاتها نهائيا مع تل أبيب وواشنطن، ليتحقق تحالف أقليمي قوي ومتجانس يطرد الجسم الصهيوني الغريب المزروع فيه، ويوقف تمدده السرطاني، ليتحول طرح عمرو موسى"رابطة الجوار الأقليمي" الذي طرحه في لحظة صدق مع النفس، وفي قراءة سياسية صائبة للواقع العربي وسبل الخروج من مأزقه الراهن، إلى واقع يتجاوب مع الرغبة الشعبية، ويحقق مصلحة شعوب المنطقة التعسة، ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، بعد سنوات عجاف طال أمدها. *كاتب صحفي مصري
#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عفوا عمرو موسى.. الموقف الرصين لا يقتضي شراء الوهم
-
دراما رمضان المصرية :تلميع وتنميط وتشويه
-
مسلسلات رمضان المصرية:استنساخ يكشف عن افلاس درامي
-
عقد من السينما التسجيلية والقصيرة المصرية:حركة في ذات المكان
-
المؤامرة على قوى المقاومة وجدارة نصر الله
-
طلاق بائن بين إسرائيل والفلسطينيين و-محلل عربي-
-
ثورة يوليو العربية وبوصلة تحرير فلسطين
-
-ماراثون-:كوميديا موقف وتوظيف جذاب ل-الاوتيزم-
-
رجال مبارك وعباس والتطبيع الديني
-
صراحة ليبرمان وتناقض عباس وفياض
-
حرب فرنسا الصهيونية على المقاومة
-
حين يلون -خان الهندي- صورة السوداء لأمريكا
-
تجريع الفلسطينيين السم بالعسل
-
لا عزاء للفلسطينيين ولا للشعب العربي
-
تجليات الهم الانساني وحكمة العجائز
-
العدو الاول للعرب الذي نراهن عليه
-
مأزق عباس وسلة البيض الامريكية
-
الإنسان حين يصارع ذاته ويحتج بالإنتحار أو الهروب
-
العرب والعودة ل-لعبة العبث- الامريكية الصنع
-
والعرب و-لعبة العبث- الأمريكية الصنع
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|