أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - المعتقدات الإنسانية-5















المزيد.....

المعتقدات الإنسانية-5


كامل علي

الحوار المتمدن-العدد: 3136 - 2010 / 9 / 26 - 09:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في هذه السلسلة من المقالات ساتناول بعض المعتقدات الانسانية بشكل ملّخص كالوثنية والالحاد واللادرية والربوبية والمعتزلة والرائيلية والعلمانية والزرداشتية والديانات في الهند ( كاسفار الفيدا و فلسفة أسفار يوبانشاد والبوذية ) وكذلك فلسفة الفيلسوف الصيني كونفشيوس واخيرا نظرتي الى الاديان الابراهيمية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام.
في الحلقة الخامسة هذه من سلسلة مقالات المعتقدات الإنسانية سنطّلع على الديانات في الهند ( ألبوذية ) ... تاريخ ومكان النشوء والمعتقدات الاساسية فيها واود ان ابيّن للقارئ الكريم بأنّ محتويات المقالة تلخيص لما ورد في الجزء الاوّل من كتاب قصّة الحضارة لمؤلفه وول ديورانت، ونظرا لاهمّية الاطلاع على المعتقدات الّتي شكّلت واثّرت غلى الحضارة الانسانية وتاريخها لذا ارتأيت اطّلاع القارئ على الديانات في الهند لأهميتها وسنلاحظ تأثير الظروف الاقتصادية والفقر المنتشر في الهند وعدم وجود العدالة في توزيع الثروات في نشوء عقيدة تناسخ الارواح.
• الديانات في الهند ( ألبوذية )
أحَبُّ عبارات بوذا التعليمية المقتضبة إلى نفسه هي "الحقائق السامية الأربع" الّتي بسّطَ فيها رأيه بأنّ الحياة ضرب من الألم، وأنّ الألم يرجع إلى الشهوة، وأنّ الحكمة أساسها قمع الشهوات جميعاً:
1- تلك- أيّها الرهبان- هي الحقيقة السامية عن الألم : الولادة مؤلمة، والمرض مؤلم، والشيخوخة مؤلمة، والحزن والبكاء والخيبة واليأس كلّها مؤلم...
2- وتلك أيّها الرهبان- هي الحقيقة السامية عن سبب الألم : سببه الشهوة، الشهوة الّتي تؤدّي إلى الولادة من جديد، الشهوة الّتي تُمازجها اللذة والانغماس فيها، الشهوة الّّتي تسعى وراء اللذائذ تتسقطها هنا وهناك، شهوة العاطفة، وشهوة الحياة، وشهوة العدم.
3- وتلك- أيّها الرهبان هي الحقيقة السامية عن وقف الألم : أنْ نجتث هذه الشهوة من أصولها فلا تبقى لها بقيّة في نفوسنا، السبيل هي الانقطاع والعزلة والخلاص وفكاك أنفسنا مما يُشغلها من شئون العيش.
4- وتلك- أيّها الرهبان- هي الحقيقة السامية عن السبيل المؤديّة إلى وقف الألم : إنّه السبيل السامي ذات الشُعب الثماني، ألا وهي: سلامة الرأي، وسلامة النية، وسلامة القول، وسلامة الفعل، وسلامة العيش، وسلامة الجهد، وسلامة ما نعني به، وسلامة التركيز.
كانت عقيدة بوذا الّتي يُؤمِن بصدقها، هي أنّ الألم أرجح كفة من اللذّة في الحياة الإنسانية، وإذن فخير للإنسان ألا يولد؛ وهو في ذلك يقول أنّ ما سفحَ الناس من دموع لأغزر من كلّ ما تحتوي المحيطات العظيمة الأربعة من مياه؛ فعنده أنّ كل لذّة تحمل سُمّها في طيّها، لمجرد أنّها لذّة عابرة قصيرة: "أذلك الّذي يزول ولا يُقيم هو الحزن أم السرور؟ "ألقى هذا السؤال على أحد تلاميذه، فأجابه هذا بقوله: "إنه الحزن يا مولاي"؛ إذن فأسُّ الشرور هو "تامبا"- وليس معناها الشهوة كائنة ما كانت، بل الشهوة الأنانية؛ الشهوة التي يوجهها صاحبها إلى صالح الجزء أكثر مما يريد بها صالح الكل؛ وفوق الشهوات كلها الشهوة الجنسية، لأنّها تؤدي إلى التناسل الّذي يُطيل من سلسلة الحياة إلى ألم جديد بغير غاية مقصودة؛ وقد استنتج أحد تلاميذه من ذلك أنّه- أي بوذا- بهذا الرأي يجيز الانتحار، لكنّ بوذا عنّفه على استنتاجه ذاك، قائلاً: إن الانتحار لا خير فيه، لأنّ روح المُنتَحِر- بسبب ما يشوبها من أدران- ستعود فتولد من جديد في أدوار أخرى من التقمّص، حتى يتسنّى لها نسيان نفسها نسياناً تاماً.
ولما طلب تلاميذه منه أنْ يُحَدِد معنى الحياة السليمة في رأيه لكي يُزيد الرأي وضوحاً، صاغ لهم "قواعد خُلقية خمسة" يهتدون بها- وهي بمثابة الوصايا لكنّها بسيطة مُختصرة، غير أنّها قد تكون "أشمل نطاقاً وأعسر التزاماً، مما تقتضيه الوصايا العشر" :
وأمّا وصاياه الخمس فهي :
1- لا يقتلّنَ أحد كائناً حياً.
2- لا يأخذنَّ أحد ما لم يُعطِه.
3- لا يقولّنَ أحدٌ كذباً.
4- لا يشربنَّ أحدٌ مُسكِراً.
5- لا يُقِمنَ أحدٌ على دنس.
الإيمان بحقيقة التناسخ أو تقمص الروح في أجساد متتالية، له في الهند قوّة وشمول بحيث يعتنقه كلّ هندوسي على أنّه بديهية أو فرض لا بدّ من التسليم بصحته، ولا يكاد يكلّف نفسه عناء التدليل عليه؛ فتعاقب الأجيال هناك تعاقباً سريعاً متلاحقاً بسبب قُصر الأعمار وكثرة النسل، يوحي إلى الإنسان إيحاء لا يستطيع أنْ يفر منه، بأنّ القوة الحيوية تنتقل من جسد إلى جسد- أو بأنّ الروح تحل بدناً بعد بدن، إذا عبّرنا عن الأمر بعبارة لاهوتيه ؛ ولقد طافت الفكرة برأس بوذا مع مرُّ الهواء في أنفاسه؛ فهذا الهواء الّذي يدخل شهيقاً ويخرج زفيراً هو الحقيقة الواحدة اّلتي لم يشك فيها قط على ما يبدو؛ إنّه سلّم تسليماً بعجلة التناسخ في دورانها وبقانون "كارما" وتفكيره كلّه إنّما يدور حول سبيل الفرار من هذه العجلة الدوارة، كيف يمكن للإنسان أن يحقق لنفسه النرفانا في هذه الحياة الدنيا، والفناء التام في الحياة الآخرة.
ولكن ما "النرفانا"؟ أنّه من العسير أنْ تجد لهذا السؤال جواباً خاطئاً، لأنّ الزعيم قد ترك الموضوع غامضاً، فجاء أتباعه وفسّروا الكلمة بكلّ ما يستطيع أنْ يقع تحت الشمس من ضروب التفسير؛ فالكلمة في السنسكريتية بصفة إجمالية معناها " مُنطفئ "كما ينطفئ المصباح أو تنطفئ النار؛ أمّا الكتب البوذية المقدسة فتستعملها بمعان :
(1) حالة من السعادة يبلغها الإنسان في هذه الحياة باقتلاعه لكلّ شهواته الجسدية اقتلاعاً تاماً؛ (2) تحرير الفرد من عودته إلى الحياة؛ (3) انعدام شعور الفرد بفرديته؛ (4) اتحاد الفرد بإلهه؛ (5) فردوس من السعادة بعد الموت؛ أما الكلمة في تعاليم بوذا فمعناها فيما يظهر إخماد شهوات الفرد كلّها، وما يترتب على ذلك الإنكار للذات من ثواب وأعني به الفرار من العودة إلى الحياة؛ وأما في الأدب البوذي، فكثيراً ما تتخذ الكلمة معنى دنيوياً، إذ يوصف القديس في هذا الأدب مراراً بأنّه اصطنع النرفانا في حياته الدنيا، بجمعه لمقوماتها السبعة وهي: السيطرة على النفس، والبحث عن الحقيقة، والنشاط، والهدوء، والغبطة، والتركيز، وعلو النفس؛ تلك هي مكنونات النرفانا، لكنها تكاد لا تكون عواملها التي تسبب وجودها، أما العامل المسبب لوجودها، والمصدر الذي تنبثق عنه النرفانا، فهو إخماد الشهوة الجسدية؛ وعلى ذلك تتخذ كلمة "نرفانا" في معظم النصوص معنى السكينة التي لا يشوبها ألم، والّتي يُثاب بها المرء على إعدام نفسه إعداماً خُلقياً؛ يقول بوذا : "والآن فهذه هي الحقيقة السامية عن زوال الألم ؛ إنه في الحق فناء المرء حتى لا تعود له عاطفة تشتهي، إنّه إطّراح هذا الظمأ اللاهث، والتخلص منه والتحرر من ربقته، ونبذه من نفوسنا نبذا لا عودة له" وأعني به هذه الحمى الّتي تنتابنا من شهوتنا في البحث عن أنفسنا؛ إنّ كلمة "نرفانا" في تعاليم الأستاذ الزعيم تكاد دائماً ترادف في معناها كلمة نعيم وهو رضى النفس رضى هادئاً بحيث لا يعنيها بعدئذ أمر نفسها؛ لكن النرفانا الكاملة تقتضي العدم :
(2) وإذن فثواب التقوى في أسمى منازلها هو ألا يعود التقي إلى الحياة مرّة اخرى. ويقول بوذا إننا في نهاية الأمر نُدرك ما في الفردية النفسية والخلقية من سخف؛ إنّ نفوسنا المضطرمة ليست في حقيقة الأمر كائنات وقوى مستقلة بعضها عن بعض، لكنها موجات عابرة على مجرى الحياة الدافق؛ إنها عُقد صغيرة تتكون وتتكشف في شبكة القدر حين تنشرها الريح؛ فإذا ما نظرنا إلى أنفسنا نظرتنا إلى أجزاء من كل، وإذا ما أصلحنا أنفسنا وشهواتنا إصلاحاً يقتضيه الكل، عندئذ لا تعود أشخاصنا بما ينتابها من خيبة أمل أو هزيمة، وما يعتورها من مختلف الآلام من موت لا مهرب منه ولا مفر، لا تعود هذه الأشخاص تحزننا حزناً مريراً كما كانت تفعل بنا من قبل؛ عندئذ تفنى هذه الأشخاص في خضم اللانهاية؛ إننا إذا ما تعلمنا أن نستبدل بحبنا لأنفسنا حباً للناس جميعاً وللأحياء جميعاً، عندئذ ننعم آخر الأمر بما ننشد من هدوء. الجدير بالذكر أنّ الموطن الاوّل للديانة البوذية هو الهند ومنه انتشر الى باقي ارجاء العالم. ففي الصين يبلغ عدد البوذيين 102 مليونا وفي اليابان يبلغ العدد 89.65 مليونا.

ويُقدّر عدد البوذيين في العالم بنحو 300 مليون.



#كامل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعتقدات الإنسانية-4
- المعتقدات الإنسانية-3
- المعتقدات الإنسانية-2
- المعتقدات الإنسانية-1
- الإنسان وألخالق
- الحج
- السحر والملكان هاروت وماروت
- لماذا لم يختر اللّه انبياء ورسلا من النساء؟
- الملائكة كتبة الاعمال
- عذاب القبر والملكان منكر ونكير
- هل هناك حاجة لتنقيح وتجديد الاديان الابراهيمية؟
- هل ألشيطان معضلة أم حل؟
- قصّة إيمان أبوبكر ألصدّيق
- لماذا نقد ألأديان ألإبراهيمية؟
- سبارتكوس
- مسنجر بين الجنّة وجهنم-2
- ابراهيم والاله الواحد
- عبارات ساخرة من العراق
- باراك حسين اوباما وعثمان بن عفّان
- تكهنات علماء المستقبل


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل علي - المعتقدات الإنسانية-5