أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد عبد المجيد - الدخول إلى المنطقة المحرمة.. أقباطنا شركاء الوطن، حقوقهم واجباتنا















المزيد.....



الدخول إلى المنطقة المحرمة.. أقباطنا شركاء الوطن، حقوقهم واجباتنا


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 947 - 2004 / 9 / 5 - 08:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الدخول إلى المنطقة الوعرة في النسيج المصري تحتاج إلى تصريح نفسي وفكري ووجداني واستعداد كامل للتعرض لأشد أنواع النقد إيلاما، فالمنطقة القبطية في المشهد المصري، ظلت تسبق الدخول إليها أو الحديث عنها أو الإشارة لبعض مشاكلها علامات استفهام من المسلمين والأقباط والأمن والسلطة العليا، والسبب أنها تمس وترا حساسا يضيق به الجميع، ولا يتسع له صدر أي فئة، وتراه السلطة تدخلا في شؤونها بحكم ثقافة الوصاية التي تتحكم في معظم شؤون حياتنا.
وعورة المنطقة القبطية في النسيج المصري تزداد صعوبة عندا تسيء السلطة فهم أي طرح، فتتولى على الفور تقسيمه ما بين مؤيد لمطالب غير عادلة ومعارض لمطالب عادلة!
هناك أيضا حالة شبه اليأس تنتاب جميع قطاعات الشعب ناتجة عن مئات التجارب الواقعية التي تثبت حقيقة عدم اكتراث السيد الرئيس لأي نداء أو صراخ أو شكوى، وهو أمر لا يتعلق بأقباط مصر فقط، لكنه حالة عامة صبغت الحياة اليومية المصرية وعلى رأسها علاقات رئيس الدولة بمواطنيه، فسياسة الرئيس تقوم على "تجنب وجع الرأس" بمشاكل المصريين التي لا تعد ولا تحصى، حتى لو وضع مستشاروه ورجال الأعمال وأجهزة الأمن تقارير على مكتب سيادته بأن وزير المالية( السابق) الدكتور محيى الدين الغريب متورط في قضايا فساد، فإن السيد الرئيس سيزيحها من أمامه كما أزاح من قبل عشرات التقارير عن المستشار إسماعيل الجو سقي وكمال الشاذلي ويوسف والي وماهر الجندي وفهيم الريان وغيرهم، فالمصريون كما يراهم الرئيس لهم رب يحميهم.
نحن نكتب انطلاقا من إيمان برسالة سامية تؤديها صاحبة الجلالة السلطة الرابعة، ولكن لايخالجنا أضعف الإيمان بأن الرئيس يمكن أن يستجيب لهموم مصرية أو مطالب من رعاياه.
نكتب عن هموم قبطية من منطلق إسلامي علمنا إياه الدين الحنيف، فحقوق أقباط مصر ينبغي أن لا تختلف قيد شعرة عن حقوق مسلميها.
وأقباط مصر ليسوا طائفة أو أقلية أو عنصرا آخر من عناصر الأمة لكنهم مصريون فتحوا للمسلمين صدورهم وعقولهم منذ أكثر من ألف عام، وفضلوا الاحتفاظ بدينهم ولم يتأخروا عن الذود عن وطنهم، معقل الإسلام، وهم بالتالي ليسوا أهل ذمة أو رعايا دول أجنبية وإنما موطنون لهم ما للمسلمين من حقوق وعليهم نفس الواجبات.
التسامح هو القيمة الكبرى التي تحفظ للوطن قدسيته وأمنه وسلامه، ولكن هذه القيمة تراجعت كثيرا منذ أن بدأ الرئيس الراحل أنور السادات في تغذية التطرف الديني وإذكاء نار الفتنة الطائفية، وبدأت الجماعات الإسلامية باكتساح قيم و مبادئ الوطن لتحل محلها نعرات طائفية وعنصرية وكان أمرا طبيعيا أن أفعى التطرف والتزمت والتشدد التي أخفاها الرئيس الراحل في صدره قد لدغته أولا ثم توجهت لتمزق أجزاء من الوطن في صورة الإرهاب وقتل السياح ومهاجمة الأقباط ومطاردة المفكرين والأكاديميين والإعلاميين.
المرة الأولى التي قرأت فيها الوصايا العشر لجماعة الإخوان المسلمين كانت منذ خمسة وثلاثين عاما وقفت صامتا ومندهشا أمام المبدأ التاسع الذي يقول: احرص على أن لا يقع القرش إلا في يد أخيك المسلم!
وهي دعوة عنصرية طائفية تناهض تماما مبادئ الإسلام العظيم، وتقف علي النقيض من دعوة نبي الإسلام محمد بن عبد الله، صلوات الله وسلامه عليه، الذي يوصي خيرا بأقباط مصر ويؤكد بأن خصومهم هم خصوم النبي الكريم يوم القيامة.
المشكلة هي في أن الدولة لا تعترف بعدالة مطالب الأقباط وتحيل القضية برمتها إلى وزارة الداخلية واعتبارها قضية أمنية وقد صرح الرئيس حسني مبارك في أكثر من مناسبة بأنه لا توجد أي مشاكل قبطية في مصر، وهو تصريح ليس غربيا فالرئيس نفسه لا يرى أن في مصر أمية وأن وسائل إعلام صفوت الشريف تقوم بتلميع التطرف الديني وأن هناك مليوني مواطن من رعاياه يقطنون المقابر مع الأموات وأن المصري هو أرخص مواطني العالم الثالث في الغربة وفي الوطن، وأن كرامة المواطن المصري في عهد سيادته تقل عن الصفر كثيرا عندما يلقي به حظه العاثر بين يدي ضابط شرطة في الريف أو في صعيد مصر. الرئيس لن يرى مشاكل أشقائنا أقباط مصر أو يلمس أوجاعهم أو يخفف من آلامهم أو أن يقف بحزم في مواجهة أي تمييز يتعرضون له لأن البعد الإنساني في رؤية سيادته منذ أن تولى حكم مصر بقانون الطوارئ غير موجود بالمرة وبالتالي فإن أقباط المهجر لا يختلفون عن المصريين- مسلمين ومسيحيين- الذين تعرضوا للظلم والبغي والنهب والسرقة والعدوان في العراق والأردن وليبيا، فسياسة الرئيس تقوم على أن لا كرامة للمصريين تستحق أن يستنفر من أجلها أو يرهق نفسه أو يعقد اجتماعا طارئا أو يوصي زبانية التعذيب في أقسام الشرطة بأن يخففوا قليلا من نعالهم التي تدوس على كرامة رعاياه ومواطنيه.
أقباط المهجر الذين تجاوز عددهم المليون مصري، والذين تجنس أكثرهم بجنسيات وطنهم الجديد، هم امتداد عضوي وفعال لأبناء الوطن من مسلمين ومسيحيين، ومطالب أكثرهم لا تخرج عن تحقيق العدالة في كل صورها ورفع قيمة المواطنة ومحاربة التطرف الديني بإعلاء شأن التسامح وتحقيق عدالة توزيع الوظائف وفقا للكفاءة والشرف والنزاهة.
والاحتفاظ بالخط الهمايوني، مثلا ، الذي نقل الرئيس صلاحيته إلى المحافظين يخالف تماما الدستور الذي ينص علي احترام العقائد، فلا يعقل أن ينظر المحافظ في طلب ترميم كنيسة أو إصلاح دورة مياه بها.
والمواطنة ليست منة أو منحة أو هدية أو تبرعا من الحاكم للمحكوم، وليس من حق أي مسئول التمييز في التعيين بمناصب الدولة الكبرى، والمفترض وفقا لكل صور العدالة أن لا تقف طموحات المواطن المصري القبطي أو أحلامه أو آماله عند حد معين أو وظيفة لا يتخطاها أو منصب لا يمدّن عينيه لأبعد منه، فينبغي أن تكون كل الأبواب مفتوحة على مصراعيها للمواطن القبطي حتى لو رشح نفسه رئيسا للدولة الإسلامية كما كان عيدي أمين دادا المسلم رئيسا لأوغندا المسيحية.
التمييز هو الاستعلاء والذي يؤدي بالتالي إلى نفي الآخر نفيا تاما، فكريا وعقائديا، من منطلق الخلاف على صورة الإيمان بالدين، وأنا في الواقع كمسلم أعرف ديني جيدا بفضل الله وأعتز به وأومن عقلانيا وعاطفيا ويقينيا بالإسلام الحنيف ولا تستطيع أي قوة مهما أوتيت أن تزايد عليّ في علاقتي بالله عز وجل أو تنتقص من قدر فهمي لتعاليم الإسلام العظيم، أرى أن كل حقوقي الإسلامية ومواطنتي يجب أن يتمتع بها أخي القبطي بدون استثناء حتى لو أراد المواطن القبطي المسيحي المتشدد أن يلتحق بكلية أصول الدين وبتخصص في الشريعة ويرتدي الجبة والعمامة، فضلا عن كل مناصب ووظائف الدولة مع استثناءات قليلة جدا وهي المناصب الخاصة بممارسة الشعائر الإسلامية. هذا هو الإسلام الذي أعرفه وأومن به وأحبه وأتمسك بتعاليمه واسترشد بقرآنه المجيد وبسنة نبيه، صلوات الله وسلامه عليه، وهو الإسلام الذي يضفي حمايته على المسيحيين والمسلمين بنفس القدر دون فرق أو تمييز.
لا أظن أن القضية المطروحة ستؤتي ثمارها في عهد الرئيس حسني مبارك ولو أن هناك طيفا صغيرا من الأمل في استجابة الرئيس لما ترددنا في التأخر سنوات للكتابة عن هذه الهموم المصرية، فهناك مثلا عدة آلاف من المصريات اللائي تزوجن من مواطنين غير مصريين، وتتعامل الدولة مع أبنائهن تعاملها مع الأجانب تماما، على الرغم من أن ابن المواطنة المصرية قد خرج إلى الدنيا في أم الدنيا ولا يعرف وطنا آخر غير وطن والدته ولا يتحدث بغير لغتها ولا يدين بالولاء لأي مكان آخر غير مصر، ولكن الرئيس حسني مبارك يرفض فكرة منح أبناء المصرية جنسية أمهم ووطنهم وبلدهم!
عشرون عاما من حكم الرئيس حسني مبارك ولم يفكر للحظة واحدة في منح مواطنيه من أقباط مصر حقوقهم المشروعة وفي مقدمتها الوصول إلى أي منصب أو وظيفة وفقا للكفاءة والشرف، فنحن نبحث عن محافظ قبطي أو وزير في وزارة أو مسئول كبير في أمن الدولة أو مستشار للرئيس أو قيادة إعلامية، وتكون نتيجة البحث خيبة أمل وحزنا عميقا على البلد الذي امتص لآلاف السنين حضارات وتعاقبت على حكمه مئات من الأسر الأجنبية القادمة من خارج الوطن، وظلت مصر بمنأى عن أي خطر حتى لو جاس الاستعمار الفرنسي في أزهرها الشريف أو دنسها الاستعمار البريطاني لسبعين عاما أو حكمها الأتراك العثمانيون مئات الأعوام.
إن أول مظهر من مظاهر التمييز ضد أشقائنا الأقباط يبدأ في الفكر الاستعلائي الذي يلغي الآخر أو يهشمه أو يراه مواطنا من الدرجة الثانية أو يربطه بالغرب برباط ديني مسيحي، وهذا الفكر الاستعلائي يقوم على محورين: الأول إعلاني بتغييب التواجد القبطي مقابل تلميع وجوه متعصبة ومتخلفة ونصف أمية تتوجه إلى الأمة بأحاديث دينية مليئة بالكراهية ومفعمة بالحقد وتساندها فتاوى عمر عبد الكافي وعمر عبد الرحمن والمرحوم الشيخ عبد الحميد كشك وبقية الكتيبة التي لا تساهم قط في تقدم الأمة، إنما تحرض على التفرقة والتميز الديني، وتقوم بعملية تغييب كامل للوعي عن طريق طرح جديد للإسلام يخلط العنف بإقامة الحدود بحجة أن الإسلام جاء لإعلاء شأن المسلمين بأي وسيلة يوفرها استعراض القوة لإنزال الرعب في قلوب أعداء الدين!
في مصر اليوم تم استبدال الشيخ يوسف البدري بالإمام محمد عبده، وأفسح التلفزيون المجال لأنصاف الأميين لقيادة الجانب الروحي للأمة، وبدلا من تقديم تصورات إسلامية واقعية ومستنيرة عن رؤية هذا الدين الحنيف للأمية والبلهارسيا وتسديد الضرائب للدولة والغش والفساد والرشوة والاستيلاء على أراضي الوطن، انشغل الإعلام بزواج المسلم من جنيه واللجوء إلى العفاريت لوضع حلول للمشاكل النفسية والعصبية، وتوجيه كم هائل من الكراهية لأشقائنا أقباط مصر وقد تغلغل هؤلاء المتخلفون إلى دور الحضانة والمدارس والجامعات في محاولة لتربية أجيال تعتبر المجتمع في جاهلية حتى أن بعضهم يرفض تحية العلم ويراها وثنية، ومن هنا بدأ العد التنازلي لأخطر طوفان قد لا يبقي ولا يذر على الأرض الطيبة وذلك بتراجع فكر التسامح واعتبار المسلمين في حالة حرب مع المجتمع وجاهليته وقيمه ومبادئه وفنونه وآدابه وعلمائه وأيضا أقباطه المصريين الذين عاشوا بيننا لأكثر من ألف عام ورفضوا كل صور التعاون مع الاستعمار الغربي المسيحي.
عندما يهل شهر رمضان المبارك يخجل كثير من أشقائنا الأقباط من تناول الطعام جهرا، بل إن البعض يشارك المسلمين صيام الشهر الكريم حفاظا على مشاعر الإخوة في الوطن، ثم تراجعت هذه المشاركات الجميلة في زمن أسود تلغى فيه الطائفية الطرف الآخر، ويرفض أصحاب خاتمة الديانات السماوية حقوق أشقائهم من أهل الكتاب الذين يراهم القرآن الكريم الأقرب مودة لأن منهم قسيسين ورهبانا وهو لا يستكبرون.
مصر في حاجة إلى ثورة حب وتسامح تعيد للوطن رونقه واشراقته ووجهه الجميل وتلك الثورة لن يقودها صبيان التخلف والعنصرية المقيتة وخطباء الهوس الحقدي.
إن مطالب الأقباط المشروعة لا غبار عليها وهي صورة من صور العدالة وحق لهم على المسلمين بعد مئات من الأعوام جنبا إلى جنب للدفاع عن مصر.
إن الله، العلي القدير، ليس منحازا لأحد، وكلنا سنأتيه يوم القيامة فردا، وميزان الحسنات يوم الحشر هو لصالح المتسامحين فقط.
الدين ليس حالة عقلية فقط أو اختيار حر لكنه وراثة لا قبل لأحد برفضها إلا أن يكون قد بلغ سن الرشد وقرأ وبحث وأعاد اختيار دينه أو انتقل إلى دين آخر، وأي شخص يظن أنه اكتسب مسبقا مكانا في الجنة لأن والدته أرضعته مع حليبها مبادئ دين ما، هو مخطئ حتما.
في باكورة شبابي كنت مولعا بمقارنة الأديان، وقرأت كثيرا جدا في الإسلام والمسيحية، وبدأت في وضع كتاب عن المقارنة بين الدينين، وقطعت شوطا كبيرا منه. ثم ذهبت إلى القاهرة للقاء الشيخ محمد الغزالي، رحمه الله، وكان مراقبا عاما بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية لأبلغه بكتابي وأستهديه بعض الآراء وأعقب على كتابه" التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام". وكان لقاءا رائعا لازلت أتذكر كل تفاصيله فقد كان الشيخ الغزالي واحدا من أربعة تأثرت بهم فكريا والتهمت كل مؤلفاتهم وكان الثلاثة الآخرون هم مصطفى صادق الرافعي والنمساوي محمد أسد صاحب كتاب " الطريق إلى الإسلام" ورابعهم المفكر العظيم مالك بن نبي.
ولم يقدر لي القدر تكملة كتابي، ومرت السنون وتولى الزمن بطريقة مختلفة تماما رسم مشهد جديد للنضج لا تفريط به في قيم الدين ولا استعلاء به على الآخر.
قمت في سن مبكرة بإعادة اختيار الإسلام دينا عن قناعة تامة وإيمان عميق لكنني اكتشفت بعد سنوات أن الإسلام الذي ارتضاه لي رب العزة منهاجا محببا إلى النفس وأقرب ما يكون إلى تصوري عما يريده مني الله عز وجل يختلف اختلافا بينا وعميقا وواسعا عن إسلام الكثيرين.
إن فهمي للإسلام جعل المسافة بيني وبين كل الجماعات الإسلامية تقريبا كالبعد بين المشرقين، ففي نفسي أيضا نفور شديد من كل الذين استخرجوا عنوة من دين التسامح قطعا من الليل مظلمات وخلطوها بعنف وكراهية وأحاطوها بهوس جنسي يرى فيه المسلم العالم كله امرأة وشهوة وعورة.
حتى عندما اختلف شاربو الدماء مع الدكتور نصر حامد أبو زيد ومع الدكتورة نوال السعداوي لم يجدوا غير تفريق الزوجين عقابا لعدم طاعة أمراء الجماعات الجدد، فإسلامهم الذي اخترعوه يرون من خلاله العالم كله شهوة وسوطا لاذعا ورجما بالحجارة في خليط عجيب من اللذة السادية والسرقة ويمارسون كل صنوف الضلال والنهب والاعتداء على الأقباط وتحريم الموسيقى والجمال والخير والإبداع، وتكفير المسلمين قبل تكفير أشقائنا أقباط مصر.
الإسلام الذي أعرفه قائم على الهدي والتسامح والمساواة بين البشر ورعاية حقوق الغير وحرية العقيدة وهو مبدأ قرآني مجيد ينبغي أن لا يحيد عنه أي مسلم لوضوحه الشديد ولأنه أتى في صيغة أمر لكل المسلمين " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" بل إن الأمر الإلهي العظيم توجه إلى نبيه الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، " وما أنت عليهم بمسيطر".
إن حرية العقيدة مبدأ ثابت في الإسلام يجب على كل من يؤمن بهذا الدين أن يطيعه طاعة خالصة، ونخلص منها إلى أن من يعيش بين المسلمين ينبغي أن يتمتع بكل حقوقهم وأن يلتزم بكل الواجبات غير الدينية التي تسبق الحقوق.
إن تاريخ الكنيسة القبطية في مصر ليس ملكا خالصا لأشقائنا الأقباط لكنه ملك أيضا لكل مسلم يفتخر به، ويعلم أولاده نضال القبط ضد قوى الإلحاد الرومانية واختيارهم على مدى مئات الأعوام الجانب الإسلامي في كل حملة استعمارية تعرضت لها أرض الكنانة.
من أبسط حقوق أشقائنا أقباط مصر المساواة الكاملة في الوظائف والتعليم والمناصب والسفارات والإعلام، وأي دعوة تجعل موقعا معينا مقتصرا على المسلمين فقط لا تختلف في قليل أو كثير عن العنصرية التي كان البيض يمارسونها في جنوب أفريقيا ضد السكان الأصليين الذين لوحت شمس القارة السمراء وجوههم.
قطعا هذا النداء ليس موجها للسيد الرئيس حسني مبارك فلو انقلبت مصر عاليها سافلها فلن يستبدل سيادته الذي هو خير بالذي هو أدنى،ولو قبل المصريون كلهم حذاء سيادته ظهرا وبطنا فلن يغير عشرات من المسئولين والوزراء والمحافظين وزبانية التعذيب في أقسام الشرطة وسيظل إلى آخر يوم في حكمه، أمد الله في عمره، يحكم بقانون الطوارئ ويرى مطالب المصريين عبثا، وعبئا على سيادته ، وإذا اجتمعت الأمة كلها على ضرورة تغيير مسئول وهي في الواقع مصدر السلطات كما جاء في الدستور، فإن السيد الرئيس حسني مبارك سيهزأ بهم ويجدد للمسئول عدة سنوات أخريات، وكلنا نتذكر اعتكاف الرئيس في برج العرب شهرا كاملا يداعب فيه آمال وأحلام المصريين في حكومة جديدة قائمة على الكفاءة والنزاهة والشرف، وينهض بها شباب الوطن وعباقرته، وظن الساذجون والطيبون أن الرئيس في ولايته الرابعة سيضع مقاييس جديدة لقيادة الأمة.
وخرج سيادته بعد شهر كامل ليحتفظ بتسعة عشر وزيرا، أكثرهم أثبت فشلا ذريعا، وليؤكد لشعب مصر كلها أن رجاله فوق أي اعتبار. فكيف إذن سيرى الرئيس مطالب أشقائنا الأقباط في الوقت الذي أطاح من أمامه مطالب كل المصريين؟
من أهم هموم الأقباط صعوبة الحصول على تصريح ببناء الكنائس، وفي الحقيقة ودون الدخول في متاهات إحصائية تؤكد من خلالها الدولة أن التصريحات كانت كافية ويرفض فيها أشقاؤنا الأقباط بيانات السلطة كجزء متعارف عليه من الرفض الشعبي لأي إحصاءات، فقد تعلم المصريون من تجاربهم أن بيانات الحكومة غير صحيحة.
ونحن نسأل بدورنا عن الخسارة التي ستلحق بالدولة الإسلامية لو تم بناء مئات من الكنائس لأبناء الوطن تكون عونا للمسيحيين في اللجوء إلى الدين وطلب الأمن والسلام والعبادة سواء تعارض هذا مع المفهوم الإسلامي أو أثار حفيظة بعض المتشددين؟
ما هو الخطر الذي ستتعرض له الدولة الإسلامية لو وافقت السلطة على تصريح بناء كنائس لأبناء الوطن من الأقباط؟ إن وجود عشرين كنيسة بجوار مسجد واحد لن يؤثر في إيمان المسلمين ولن يجعل عدد المسيحيين يزداد، بل سيكون الأمر سهلا للأقباط في الدخول إلى مكان العبادة واللجوء إلى الدين طلبا للحماية من الأخطاء والخطايا.
يحتاج المسلمون إلى ثقة بالنفس وبالدين بعيدا عن التشنج العصبي الذي يلغي الآخر وعقيدته في الوقت الذي يتلقى غير المسلمين من تعاليم الإسلام السمحاء كل عون ودعم ومباركة في عقائدهم وإيمانهم وصلواتهم.
الحمقى فقط هم الذين يتصورون أن عقائد الآخرين تمثل خطرا على الإسلام، فمن بين كل عشرة وثنيين ولا دينيين في إفريقيا يعتنق منهم الدين الإسلامي سبعة أفارقة ويلجأ ثلاثة إلى المسيحية.
ومن بين آلاف من المواطنين الفرنسيين الذين يعتنقون الإسلام سنويا هناك أكثر من خمسمائة مفكر ومثقف وعالم جذبتهم تعاليم الإسلام الحنيف( من منا لا يعرف روجيه جارودي وفانساي مونتاي وموريس بيكاي وغيرهم؟).
الإسلام في خطر مادام المسلمون بعيدين عن روحه المتمثلة في المحبة والتسامح.وأولى الناس بعطاء القلوب الدافئة التي عمرها الإيمان وتعاليم القرآن المجيد وسنة نبيه الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، هو أشقاؤنا الأقباط، وأنا لا أظن أن هناك مسلما يحمل ضغينة في قلبه لجاره القبطي ثم يقف أمام الله خاشعا من رهبة الوقوف بين يدي من لا يمسك خزائن الرحمة عن عباده!
عندما يسألني سائق سيارة الأجرة إن كنت مسلما أم لا، ويغلق التاجر محله لمدة ساعتين لأنه يؤدي الصلاة، وتقسم لي فتاة أعرفها جيدا بأنها لا تذهب إلى صيدلي مسيحي حتى لو تعرضت حياة ابنها للخطرإن لم تعجل في شراء الدواء، ويرى أحمق أن صديقه الهائم حبا في مصر ينبغي أن لا يؤدي الخدمة العسكرية لأنه ذمي ومن أهل الكتاب، ويبعث متخلف إلى صحيفة إسلامية يستفتي في فراش جلس عليه صديقه المسيحي عندما كان يعوده وهو مريض ويريد
أن يعرف إن كان الفراش أصبح نجسا أم لا، فإن الدلائل كلها تشير إلى أن الأمة في خطر، وأن الطوفان قادم لا محالة.
ومن الكنائس إلى قضية التوظيف وكنا نأمل أن تضرب الدولة ممثلة بالسيد الرئيس الحاكم العسكري المثل في المساواة بين كل المواطنين، ولكن سيادته يري أن كمال الشاذلي وفتحي سرور وممدوح البلتاجي ويوسف والي وصفوت الشريف وقبلهم إسماعيل الجوسقي ومحيي الدين الغريب وماهر الجندي هم أقدر على قيادة الدولة من كل مسلمي مصر وأقباطها، فكيف نطلب من الرئيس المساواة ؟
إن إشكالية فكر التمييز لم تبتدعه الجماعات الإسلامية الجديدة والتي خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، لكنها تربت في أحضان الإعلام بعد أن ألقت بذورها في المدارس والجامعات وكتب الدراسة والنماذج والأمثلة في نصوص كتب الأدب والتراث والدين التي وضعها للأسف الشديد أناس تربويون يظنون أن مفاتيح الجنة يسلمها رضوان للمسلمين فقط، وتناسوا عن عمد أن الله، جل شأنه، رب العالمين، وأنه يختص برحمته من يشاء.
إن غياب التاريخ والثقافة والتراث والتاريخ القبطي من مناهج الدراسة المصرية هي خسارة للتلميذ والطالب المسلم بحجب فترات مشرقة من تاريخ وطنه، وخاصة تلك التي تشهد بأن انحياز أقباط مصر إلى الجانب الإسلامي في الغزوات والمحن والأزمات كان أمرا مبدئيا وخالصا لوجه الوطن الذي لا تفرق نيران العدو بين قلوب أبنائه، إن كانت تحمل هلالا أو صليبا.
هل يعقل أن تكون هناك مئات المراجع عن أقباط مصر وتاريخهم وكنيستهم وتراثهم في العالم الغربي، فإذا بحث المرء ونقب في مكتبات مصر سيجد المراجع
من نوعية الرد على النصارى، وانجيل بر نابا، وحكم موالاة غير المسلمين، هذا فضلا عن آلاف من الخطب الدينية الهستيرية الداعية إلى تمييز أكثر حدة وشبه فصل تام بين أبناء الوطن الواحد والذين لا فضل لأي منهم في اختيار رحم والدته.
وقبل أن أكمل مقالي عن حقوق أقباط مصر المشروعة وتعاطفي الشديد مع أبناء وطني الذين ينتمون إلى الكنيسة القبطية..معقل النضال مع الأزهر الشريف ضد قوى البغي والعدوان، أحب أن استبق أي أحكام تصدر أو سوء فهم متعمد سينفي عن الأقباط كونهم ملائكة لا يخطئون، بأنني أرى أن من صور التمييز، الإيغال في الخشية من مشاعر الاضطهاد لدى الآخر، بمعنى أن الأقباط كالمسلمين تماما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك، وأن من بين مئات الآلاف من الأقباط في المهجر- وهم امتداد للوطن بمسلميه ومسيحية- هناك أيضا أشرار حاقدون ومتطرفون في كراهيتهم وأخص بالذكر أصحاب موقع بال توك على الإنترنيت المسمى" المسيح هو الله" الذين يقذفون بألسنتهم حمما من الكراهية المقيتة ضد القرآن الكريم ونبي الإسلام، صلوات الله وسلامه عليه، والمسببة للقرف والغثيان وكان آخرها إذاعة أغنية عفنة تمثل حفل زفاف ما أطلق عليه هؤلاء الأوغاد"محمد يتزوج الطفلة عائشة".
والحمد لله أن هؤلاء أقلية لا تمثل أشراف مصر من أقباط المهجر, وأنها لا تؤثر في الامتداد العضوي والروحي والثقافي لهذا الجزء الهام من نسيج الأمة. ويحدوني أمل كبير أن يصدر البابا شنودة الثالث قرارا بتبرئة الكنيسة أن يدنسها هذا الموقع وهو يزيد مئات المرات عن النار التي أشعلها ممدوح مهران
" النبأ" عن راهب دير المحرق.
هناك بعض المنظمات والجمعيات المجهرية أو النشرات الصفراء التي يصدرها أقباط في الخارج تلوثت عقولهم من جراء تراكم الحكايات السلبية وتضخيم قضايا أقباط الوطن فجاء تطرفهم في خط بياني يرتفع هستيريا فيطالبون بدولة قبطية أو انفصال الجنوب المصري، والحمد لله أن موقف الكنيسة وقيادتها الرشيدة من هذا الهوس كان صارما وحاسما ورافضا.
نعود إلى المطالب العادلة لأشقائنا الأقباط ولا نرى في أكثرها إلا حقوقا شرعية يجب على أبناء الوطن المسلمين تبنيها والدعوة إليها وتطبيق الجانب الشعبي منها وذلك بحكم أن الجانب الآخر المتمثل في سلطة الدولة وهي بين إصبعين من أصابع السيد الرئيس لن يعرف النور مادام الرئيس يزدري المطالب الجماهيرية ويعتبر الشعب المصري محظوظا لأنه يتشرف بالوقوف خاضعا ومطيعا بين يدي سيادته!
لا ريب في أن هناك تيارا من الكراهية خلقتها فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات، وهناك أحادية الاتجاه الديني المخالفة للتوجهات الإلهية في القرآن العظيم التي تؤكد على ضرورة حرية العقيدة فيختار المرء بين النجدين، وهناك الصورة الأكثر ظلما ووضوحا المتعلقة بوجود سقف على المناصب.
ولعلني أجد نفسي في خلاف مع أشقائنا الأقباط عن ضرورة التمثيل النيابي وفقا لعدد الأقباط فأراه أيضا نوعا من التميز، سلبا أو إيجابا، وهو ينافي تماما الدعوة إلى تطبيق العدالة في كل صورها.
أنا لا أكترث أن يكون في مجلس الشعب قبطي واحد أو أن يتشرف تكليفا بها عشرات من الأقباط فالتمثيل المئوي وفقا لعدد السكان هو طائفية مرفوضة, والمطلوب مقاييس جديدة ومتسامحة وقائمة على مفاهيم وطنية للكفاءة والشرف والنزاهة.
على الرغم من أن هناك حصارا إعلاميا يشعر أقباط مصر أنهم غرباء في الوطن، إلا أنني أرى الجانب السلبي في اقتحام الأقباط لجة السياسة وصخب الحياة الفكرية العلنية واضحا وجليا، وأقدم اقتراحي الشديد لكل أشقائنا أقباط مصر الذين يصرون على لعب دورهم الوطني كاملا ومواجهة الأعاصير والرفض والصعوبات خاصة في اقتحام الفن السابع وقد تقدم الموكب كوكبة من المبدعين أمثال خيري بشارة وداود عبد السيد ويسري نصر الله ويوسف شاهين.
عندما كنت صغيرا راقت لي كثيرا كتابات محمد جلال كشك ورأيت فيها تمردا من نوع جديد، فهذا الإسلامي المنشق عن الحزب الشيوعي والذي هاجمته صحيفة البرافدا يدغدغ مشاعر الاستعلاء لدى المسلم، ويبدو أنني في ذلك الوقت تعاطفت معه في نقده الشديد لغالي شكري والذي ضمنه كتابه" النكسة والغزو الفكري".
ومرت السنوات وبدأت أتعاطف مع كتابات غالي شكري بعدما عاد إلى مصر وتولي رئاسة تحرير " القاهرة"، وابتعدت عن محمد جلال كشك الذي وظف كل إمكانياته للدفاع عن الإسلاميين الجدد وكاد يجعل من لصوص شركات توظيف الأموال عباقرة الاقتصاد المصري وجعل كتابه" الناصريون قادمون"ميثاقا خفيا للريان وأشرف السعد وغيرهم.
الغريب أن جلال كشك نفسه، رحمه الله، الذي كنت متأثرا في صغري بكتاباته رفع بعدها بربع قرن دعوى قضائية ضد كاتب هذه السطور لأنني أسأت إليه في مقال ب"طائر الشمال"تحت عنوان قراءة في فكر ساقط، وقد خسر القضية بفضل دفاع الدكتور يحي الجمل عني والدعم المعنوي الذي تلقيته من الأستاذ
محمد حسنين هيكل.
لست في موضع الدخول في مناقشات عقيمة عن الفارق بين الولاء للوطن والولاء للدين، وعن صحة التصور الذي عممه ووسع نطاقه المرحوم سيد قطب في كتاباته عن أن جنسية المسلم عقيدته وهي الدعوة التي أسفرت عن انشقاق في الوطن وجعلت المتطرفين يرون الخروج على القانون وقواعد التعامل اليومي وسلوكيات المواطن غير الدينية أمرا طبيعيا ومطلوبا لمناهضة " الوثنية والجاهلية"، فالحقيقة أنها مشاعر يمكن أن تتجزأ ولا تصيب الوطن في مقتل أو تنتقص من روح الأمة ورابطة الأخوة في كل صورها, فالمسلم يمكن أن يشعر بالأخوة في الدين وهو في المسجد وفي العمرة وفي الحج وفي شهر رمضان المبارك, لكنه يجب أن يستبدل بهذه المشاعر الدينية الدافئة أخرى دنيوية وهو في العمل وفي الشارع وفي أي تجمع غير مقتصر على المسلمين فقط، فيصبح مصريا في التعاملات الأخرى، كما أنه قد يفتخر بعروبته وهو يطلع على الإنتاج الأدبي والفكري والثقافي والفني لأمته العربية الأكبر من مصر.
إن التحرك بتسامح وعفوية بين الوطنية والدين والقومية يحتاج لمنهاج جديد في التربية يتم بموجبه التخلص من شوائب مشاعر الاستعلاء التي تتسبب في إلغاء الآخر، دينيا أو وطنيا أو قوميا, ونحن في حاجة ماسة للتعرف على النفس من جديد بعيدا عن التسابق لعقد محاكم تفتيش تتسلل إلى النفوس لقياس درجة الإيمان والتأكد من وجود عقد تمليك بيت في الجنة!
وضع مجدي خليل في كتابه " أقباط المهجر" إصبعه على الجرح وهو يشير إلى أن أهم هموم الأقباط تبدأ بالخط الهمايوني وما يفرضه من عقبات على عملية بناء الكنائس, واستبعاد إسهام الأقباط تاريخيا وحضاريا من برامج الإعلام والتعليم والإصرار على ذكر " الديانة" في بطاقة الهوية وسائر الأوراق الرسمية مما يعطي الفرصة لموظفي الدولة للتمييز بين المسلم وغير المسلم ( على طريقة حركة طالبان التي تضع إشارة صفراء علي صدر غير المسلم)، والكراهية التي يحملها كثير من المسلمين لإخوانهم الأقباط نتيجة التعليم الخاطىء وفكر التكفير مما فرض على الأقباط أما التقوقع أو الهجرة وترك البلاد للمسلمين، وحرمان الأقباط من دخول الكليات المدنية بجامعة الأزهر، والمحاولة لإبعاد الأقباط عن الحياة السياسية، واستشراء التعصب الديني داخل مؤسسات الدولة, وندرة البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الصحف القومية, ودخول الدولة طرفا غير محايد في حالات تغيير العقيدة, والتعتيم على الأرقام الفعلية لتعداد الأقباط، وعدم قيام أجهزة الأمن بواجبها على أكمل وجه لحماية الأقباط من الجماعات المتطرفة، وتديين الحياة السياسية والاجتماعية، وعدم المساواة في المناصب القيادية، وتزييف التاريخ بحذف فقرات منه، وعدم رد أوقاف الأقباط رغم أنها المصدر الرئيسي للإنفاق على دور العبادة, والمعاملة السيئة من رجال الشرطة(حادث قرية الكشح وكنيسة القيامة), وعدم وجود حرية دينية لمن يعتنق المسيحية من المسلمين, والعزل والتهميش بسبب اختلاف العقيدة, وسيطرة المتعصبين على الإعلام والتعليم، وعدم اعتراف الحكومة بأن لأقباط مصر مشاكل أو قضايا أو هموم!
تلك بعض المطالب التي نرى أكثرها حقوقا ينبغي أن نساهم جميعا في أن يحصل عليها أقباط الوطن، وبعضها نختلف معهم فيه خاصة مطالبتهم بإلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن دين الدولة هو الإسلام، ففي الحقيقة يظل الوعي المتجدد والمستنير بتوجيهات الإسلام حماية لأشقائنا الأقباط أكثر من أي قوانين أخرى، وأنا أكتب هذا الكلام عن إيمان يقيني استخلصته من فهمي لديني وأرى أن دفاعي عن الأقباط وقناعتي بحقوقهم المتساوية مع المسلمين ونبذي للكراهية ومحبتي للتسامح وكراهيتي للاستعلاء الديني، كلها مفاهيم دينية إسلامية تكون عونا لمشاعري الوطنية، التي لا ترى فارقا كبيرا أو صغيرا بين أبناء الوطن من مسلمين ومسيحيين.
نؤكد مرة أخرى بأن مصر في حاجة لانفجار بركان من المحبة والتسامح يكتسح وينظف ما علق بالنفوس من أدران ووحل الطائفية والعنصرية والكبر، ونتحدى أن يخرج مصري واحد من جيبه مفتاحا لبيته في الجنة يحتفظ به لأنه مسيحي أو مسلم، فالله ليس منحازا لأحد، والطريق الوحيد المؤدي إلى نور السماوات والأرض يمر عبر القلوب المتسامحة.

أقباطنا حقوقهم واجباتنا
13. 09 . 2003

أشعر في الواقع بخجل شديد عندما أقرأ عن مطالب أشقائنا الأقباط لأن المفترض أن تكون تلك معركتنا, نحن المسلمين, من أجل تبيان الوجه المشرق والمشرف لخاتم الأديان السماوية, فضلا عن الإيمان الطبيعي بالمساواة في الحقوق والواجبات سواء كانت النظرة منطلقة من المواطنة المصرية أو من فهم عاقل وذكي ومستنير لتعاليم الاسلام الحنيف.
المساحة التي يتحرك فيها المصريون المسلمون المدافعون عن مطالب أقباطنا تكبر أو تصغر وفقا لعمق القناعة بالحرية والمساواة والانسانية, لكنها في أغلب الأحوال تتوقف عند حاجز سميك صنعته حداثة الايمان بالحقوق, أو الاختلاط غير الكامل بشعوب أخرى, أو الاقتناع غير العميق بفكر متمرد ومتأثر بثورات العصر ضد قوى الظلم, فتجد المتحمس لمطالب أشقائنا شركاء الوطن والمصير يتوقف مثلا عند رفضه قيادة قبطية للجيش المصري, أو تولي حقيبة الخارجية, أو الاشراف على التعليم العالي, أو حجز حقيبة التربية والتعليم لوزير مسلم فقط, أما الايمان أو القناعة أو الدفاع عن حق القبطي في الصعود إلى أعلى المناصب حتى لو تولى رئاسة الدولة, فأغلب الظن أن الشجاعة الأدبية تنزوي في ركن قصي بعيدا عن وجع الرأس في هذه القضية الحساسة.
نحن هنا لسنا في معرض طرح حق المصري المسلم أن يصبح رئيسا للجمهورية , فنظريا يمنحه الدستور والعرف والعادات والتقاليد والفهم الديني الحق كاملا غير منقوص.
أما عمليا فلو اجتمع سبعون مليونا من المصريين, بعضهم لبعض ظهيرا, فلن يحركوا شعرة واحدة من قرار السيد الرئيس بأنه صاحب الولاية الأولى والثانية والثالثة والرابعة, وربما الخامسة قبل أن يجلس فخامة الرئيس جمال مبارك في قصر عابدين الذي حجزه له والده منذ أكثر من عقدين من الزمان في غياب نائب للرئيس, وسطوة قانون الطواريء ( الأرجنتين لم تتحمل قوانين الطواريء لأكثر من ثلاثين يوما ) , واحتكار السلطة, واعتبار الانتخابات في منافسة شريفة عمل مناهض للسلطة ولصانع القرار الأوحد في أرض الكنانة( فالرئيس جمال مبارك قادم رغم أنوفنا جميعا, وحتى لو شج كل مصري رأسه في الحائط غضبا واستنكارا وحزنا ورفضا وهما وكمدا واعتراضا)!
إننا لا نناقش حق المصريين بوجه عام, أعني المسلمين, في أن يتولى أحدهم حسب كفاءاته وامكانياته وشرفه ونزاهته منصبا صانعا للقرار السياسي أو الاعلامي أو التعليمي أو الديني أو الاقتصادي, فتلك كلها أوهام وخرافات وأضغاث أحلام , فالوطن الحبيب قد تمت سرقته, ومصادرته لحساب اسم واحد فقط وسط حالة من الذهول والصمت والخنوع والخوف تهيمن وتخيم على وادي النيل الخالد.
لكننا نتحدث عن أحبابنا أقباط مصر في حقوقهم المشروعة, ومساواتهم الكاملة, في السراء والضراء, بالمسلمين دون أن يتوقف الفكر عند نقطة معينة أو محددة أو محرمة حتى لو كانت حق القبطي في أن يدرس في جامعة الأزهر, ويتخصص في الفقه أو السنة النبوية أو التفسير.
نحن نكتب عن هموم أقباط مصر من منطلق إسلامي علمنا إياه هذا الدين الحنيف, وقال نبيه, صلوات الله وسلامه عليه, أوصيكم بالقبط خيرا.
وأقباط مصر عاشوا مع مسلميها لأكثر من ألف عام, ولم يتأخروا في الذود عن الوطن أو يرفعوا صليبا في وجه الغزوات الاستعمارية تجنبا لاعتبارهم مسلمين أقباط, ولم يخرج منهم متعاون أو خائن لوطنه أو جبان في الدفاع عن حرماته إلا بنفس القدر الذي مارسه المسلم المصري.
التسامح هو القيمة الكبرى التي جاء بها الاسلام العظيم, واستمع كل مسلم لكلمات العلي القدير عن قيم الدين في العفو والمغفرة والمحبة وحرية الاعتقاد والمؤاخاة, لكن جماعات متطرفة يقف خلفها فكر متشدد ومتزمت ومتخلف حولت الوطن إلى ساحة صراع, وحاولت أن تستبدل بقيم الاسلام الحنيف دماء وتمزيقا واعتداءات والغاء للآخر وارهابا لضيوف مصر من السائحين ومطاردة المفكرين والمثقفين أو رفع دعاوى قضائية للتفريق بين زوج وزوجته.
المرة الأولى التي اصطدمت أذناي بقنبلة طائفية كانت منذ خمسة وثلاثين عاما عندما قرأت الوصايا العشر للاخوان المسلمين , وكان المبدأ التاسع منها يقول: احرص على أن لا يقع القرش إلا في يد أخيك المسلم.
وهي دعوة لتمزيق الوطن, والتفرقة بين أبنائه, وفك للشراكة بين المسلمين والمسيحيين على أساس استعلائي قائم على أن الله, العلي العزيز, سيكون يوم الحشر منحازا للمسلمين فقط, وهذا فهم خاطيء ومنحرف وغير صحيح عن رب العزة جل شأنه.
قطعا لن نصدق هنا ما قاله السيد الرئيس من أنه لا توجد مشاكل لأقباط مصر, فالرئيس لا يرى أن الأمية غول يأكل أبناء مصر, وأن الفساد يستطيع أن يستعرض عضلاته متى شاء وكيفما أراد, وأن سلخانات الشرطة تعمل تحت سمع وبصر سيادته, وأن الاعلام المصري في العقدين الفائتين تراجع حتى كاد يصل إلى الاعلام الليبي, وأن البطالة بملايينها الستة وصمة عار في جبين السلطة التنفيذية, وأن ستة عشر ألف معتقل, وأكثرهم من الاسلاميين, يقبعون في عالم النسيان بين جدران معتقلات دراكيولية تنزل الرعب في الجن والانس معا.
المواطنة الكاملة لأقباطنا ليست منحة من صانع القرار أو تفضلا من الأغلبية المسلمة أو هدية من الحكومة أو تبرعا يقيهم مصائب الزمن, لكنها حق كامل ينبغي أن يؤخذ كله دون قيد أو شرط.
لو قيل لي, أنا المصري المسلم, بأن قبطيا يرشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية وأن برنامجه الانتخابي يبدأ برد الاعتبار لكرامة المصري, والغاء الاعتقالات العشوائية, ومحاكمات فورية وعلنية لأي ضابط شرطة يهين أو يعذب مواطنا, مرورا باختيار القيادات على أساس الكفاءة والمساواة والنزاهة, ووضع خطط لادارة مؤسساتية سليمة, وعصرنة الدولة, والتخلص من كل الوزراء والمحافظين والقيادات الكبرى غير القادرة على العطاء, وسد منابع الفساد, والتعامل الجدي مع قضايا الأمية والبطالة والأمراض ونهب الوطن, وليس انتهاء بإعادة الحقوق المشروعة للشعب وأهمها حق الانتخاب والترشيح ومنع توريث العرش الجمهوري وتعيين نائب والغاء قوانين الطواريء , فإنني سأكون أول من يعتبر المرشح المسيحي القبطي معبرا عن همومي الاسلامية والعربية والمصرية من كل جوانبها.
إن تغييب التواجد القبطي في صناعة القرار المصري الأعلى جريمة في حق أقباطنا , وتمييز ظالم ضد شركاء الوطن, ودعوة صريحة لتدخل القوى الكبرى بحجة الدفاع عن أقليات مسيحية على الرغم من أن الأقباط ليسوا أقل عداء للاستعمار بكل صنوفه من المسلمين.
إن مصر في حاجة ملحة لثورة محبة وتسامح وتفهم وقبول الآخر كما هو وعدم احتكار صكوك الغفران لجنة الخلد التي لا يشم ريحها أكثر المتطرفين والمتشددين والملتحين والجلبابيين.
أهم مظاهر التمييز ضد شركائنا في الوطن هو ذلك الفكر الفوقي الذي يهمش الآخر, ويشكك في ولائه, ويعتبره أقل وطنية من مسلمي هذه الأرض الطيبة, ثم يستنكر عليه مكانا صغيرا في الجنة حتى لو سقط شهيدا في الجبهة مع العدو الصهيوني ( سابقا ).
نبحث عن قيادة أعلامية أو سياسية أو حزبية كبيرة تحمل اسما قبطيا فلا نعثر عليها, إلا إذا كانت بالتعيين مجاملة ولذر الرماد في العيون.
لقد أفسح التلفزيون المصري المجال لأنصاف الأميين وأرباع المعوقين ذهنيا لقيادة الجانب الروحي للأمة, وهؤلاء لا يقدمون تصورات اسلامية واقعية ومستنيرة عن الأمية والبلهارسيا والكبد الوقائي والغش والاستغلال والاستيلاء على أراضي الدولة وتسديد الضرائب والبطالة والتسامح بين أصحاب الأديان المختلفة ومقاومة الفساد ونهب الوطن والانتخابات النزيهة وحقوق المواطنة وكرامة الانسان, لكنهم منشغلون بالكراهية وزواج المسلم من جنية.
إن مصر في أمس الحاجة لثورة حب وتسامح تجتاج الوطن كله من ثغره إلى صعيده, وتتغير الرؤية إلى الآخر ليتم قبوله كما هو, فليس منا من هو مسؤول عن مولده أو اختيار عقيدته أو مذهبه أو طائفته أو بطن أمه , وحساب الآخرة يوم القيامة مختلف تماما عما في أذهان خطباء الهوس الحقدي.
اختيار الدين ليس حالة عقلية لكنه وراثة بكل ما فيها من تعقيدات وملابسات خاصة وعائلة وطفولة وذكريات وقناعات إيمانية تدخل في نسيج المشاعر والأحاسيس , وهذه كلها لا يمكن انتزاعها بمناقشة أو جدال متواضع أو عدم رغبة وبحث واستقصاء وحيرة من الطرف الآخر ليقتنع بدين لم يرثه عن أبويه.
في باكورة شبابي كنت مولعا بمقارنة الأديان, وقرأت كثيرا فيها, خاصة الاسلام والمسيحية, وبدأت في وضع كتاب للمقارنة بين الدينين, وقطعت منه شوطا كبيرا. ثم ذهبت إلى القاهرة للقاء مراقب عام الدعوة بوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية حينئذ الشيخ محمد الغزالي ( رحمه الله ) الذي استقبلني بحفاوة بالغة, وأطلعته على أفكاري وآرائي ومعرفتي بالكتب المقدسة وأصول فكر المقارنة ( وكان هو رابع أربعة تأثرت بهم والتهمت كتاباتهم , والثلاثة الآخرون هم مصطفى صادق الرافعي ومحمد أسد ومالك بن نبي ).
ولم يقدر لي أن أكمل كتابي ( وإن كنت قد أصدرت حتى الآن سبعة كتب ) , وتطور فكري إلى منحى آخر, وأتخذ سبيله للانخراط والانغماس في قضايا حقوق الانسان والمساواة بين البشر, وتولى الزمن رسم مشاهد جديدة في حياتي, وتبلورت في أعماقي صورة صحيحة وسليمة وعادلة لأخي المواطن القبطي, تطورت مع الوقت لتصبح هما دينيا وأخلاقيا ومواطنيا, ولم أعد أفرق مطلقا, في يقظتي ومنامي, وبأدنى الصور والأفكار بين المسلم والمسيحي.
في نفسي نفور شديد من كل الذين استخرجوا عنوة من بين دفتي الكتب المقدسة مشاعر الكراهية ضد الآخرين, وتعلمت من الاسلام قيمة التسامح فهو دين قائم على مبدأ ثابت في حرية العقيدة ( من شاء فليؤمن, ومن شاء فليكفر).
إن التاريخ المشرف للكنيسة القبطية ليس فقط ملكا لشركائنا في الوطن, لكنه ملك لنا جميعا, ينبغي أن يفتخر به المسلمون قبل المسيحيين, وأن يحافظوا عليه, ويتدارسوه في كل مراحل التعليم, ويتعلم أبناؤنا أن شهداء الوطن من الأقباط لا تقل مكانتهم في الدنيا والآخرة عن شهدائه من المسلمين.
وبناء الكنائس حق للقبطي لا يجب أن ينازعه عليه أحد, وينبغي أن تكون سهولة الحصول على ترخيص بناء كنيسة بنفس القدر في الحصول على بناء مسجد أو زاوية في أي مكان في مصر كلها.
إن وجود عشرين كنيسة بجانب مسجد واحد لن يمثل خطرا على الاسلام أو المسلمين أو الوجه الغالب للأغلبية المسلمة, بل إنها حماية لشبابنا الأقباط, وسهولة الدخول إلى مكان روحي يمارسون فيه حرية العبادة.
الحمقى فقط هم الذين يعتقدون أن عقائد الآخرين تمثل عبئا عليهم أو خطرا على الاسلام أو تراجعا لعدد معتنقيه, فمن بين كل عشرة لا دينيين أو وثنيين في أفريقيا, يعتنق الاسلامَ منهم سبعةُ أفارقة ويلجأ ثلاثة إلى المسيحية.
وفي فرنسا هناك أكثر من خمسمئة مفكر ومثقف يعتنقون الاسلام في كل عام بعد دراسة وبحث وجهد في المقارنات .
الاسلام في خطر مادامت قيادته يتولاها المهووسون بالجنس والحقد والكراهية ومعارك دون كيشوت , وأنا لا أظن أن مسلما يحمل ضغينة أو بغضا لجاره القبطي بسبب اختلاف العقيدة سيشم ريح الجنة ولو على مبعدة ألف عام.
في كل عام يهل علينا شهر رمضان المبارك, ويرفض كثيرون من شركاء الوطن تناول الطعام أمام المسلمين, ومنهم من يصوم تطوعا ومجاملة لنا, ومنهم من ينصت باحترام وتقدير لتلاوة مجودة من آيات الذكر الحكيم بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أو الحصري أو محمود علي البنا أو عبد العظيم زاهر.
وعرفت قبطيا يبدأ يومه بالاستماع لصوت الشيخ محمد رفعت فيمنحه احساسا بالراحة والسلام.
في فترة ما قبل هوس التطرف كنا ونحن وصغار يصعب على أحدنا التعرف على المسلم من القبطي إلا إذا كان الاسم مميزا, ونحتفل بأعياد مشتركة, ويتزاور الكثيرون في أعياد الآخرين, ويطلب أقباط من أولادهم ارتداء ملابس جديدة في عيدي الفطر والأضحى, ويتدفق على الكنائس مسلمون كثيرون ومتسامحون للتهنئة بأعياد القيامة والميلاد والفصح.
ويبقى الوطن كما قال قداسة البابا شنودة يعيش فينا ولا نعيش فيه.
إن غياب التاريخ والثقافة والتراث القبطي عن مناهج الدراسة خسارة فادحة للمسلمين أيضا, فهو تاريخنا وفخرنا ومجدنا, وحتى هزائم الاقباط أمام قوى البغي الاستعمارية هي هزائم لمسلمي مصر بنفس القدر.
إنني هنا لا أرفع الاقباط وأحط من قدر المسلمين, حاشا لله أن أكون من الظالمين, لكنني أتحدث عن حقوق مشروعة, ولا أنفي أو أنكر وجود جماعات قبطية أو أفراد أشد تطرفا من أعضاء الجماعات الاسلامية المتشددة, ومن يستمع إلى منتديات دينية على الانترنيت تسب وتلعن بأقذع الشتائم في الاسلام والمسلمين ومقدسات هذا الدين ونبيه الكريم, صلوات الله وسلامه عليه, ينتابه غضب قد ينعكس عن غير قصد على شركاء الوطن كلهم.
وهناك بعض المنظمات والجمعيات المجهرية الصفراء من أقباط المهجر تصدر نشرات مغرضة كأنها تستنجد بالغرب وأمريكا للانفصال أو التدخل أو الحماية.
لكنها والحمد لله لقلة عددها تذوب في مليون قبطي في المهجر يعيشون في مصر ولو كانوا بعيدين عنها, ويحملون همومها و ويفرحون لانتصاراتها, ويتألمون لهزائمها.
إنني أرى الجانب السلبي في تردد أقباط مصر للانخراط في العمل السياسي والحزبي والمعارضة, فتنوع التوجهات مطلوب لاثراء الفكر, واشتراك كل المواطنين واجب قومي ووطني بغض النظر عن العقيدة أو الطائفة.
وأحيي كوكبة من المبدعين الأقباط الذي اقتحموا الفن السابع ووضعوا بصماتهم على أفلام مصرية نعتز بها جميعا ( ومنهم داود عبد السيد وخيري بشارة ويسري نصر الله ويوسف شاهين).
إننا نؤكد مرة أخرى حاجتنا إلى بركان من المحبة والتسامح يكتسح وينظف ما علق على النفوس من أوحال التعصب والطائفية والتمييز والغاء الآخر, فأقباطننا أحبابنا, وأنا أتحدى أي مصري يدعي ملكيته لصك غفران أو مفتاح لبيته في الجنة أو تأكيد أنه سيرى اشراق نور وجه ربه لأنه صاحب عقيدة معينة أو محددة له مسبقا حسب المولد.
إن العزيز الرحيم ليس منحازا لأحد, وسنأتيه يوم القيامة ومع كل منا حسنات وسيئات وقلب قد يكون سليما أو مريضا بالكراهية.
إن الله , العلي القدير, لن ينظر يوم الحشر لخانة الديانة في البطاقة الشخصية, وسيدخل ملكوته من أتاه بقلب سليم.
أيها المصريون, إن حقوق أقباطنا واجباتنا, ودم شهدائهم في الكشح تم سفحه على جبين وطننا, وسيزول الحكام والخطائون والعصاة والمتطرفون , وتبقى مصر شاهدة على شراكة لا ينفصم عراها.
إن قوة ومنعة وحصانة مصر تبدأ من التسامح, وبغير هذه القيمة العظيمة الرائعة يتفكك الوطن, وينهار, أو يضعف ويتراجع تمهيدا لاهالة التراب عليه في زاوية النسيان.
أليس فينا مبصر واحد يستشرف الخطر قبل وقوعه, أم على قلوب أقفالها؟

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
http://www.tearalshmal1984.com
[email protected]
[email protected]
Fax: 0047+22492563



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى الأمير عبد الله بن عبد العزيز .. فلسفة الصم ...
- فتاوى العلماء والفقهاء ليست ملزمة للمسلمين
- حوار بين زنزانتين في سجن عربي
- وقائع محاكمة الرئيس حسني مبارك
- حوار بين قملتين في شعر رأس صدام حسين
- مسح ذاكرة العراقيين .. سباق محموم لاغتيال وطن
- وقائع محاكمة العقيد معمر القذافي
- ولكن عزرائيل لا يزور ميونيخ .. سيدي الرئيس حسني مبارك لا تصد ...
- هواءٌ .. فاضَ عن رئتي


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد عبد المجيد - الدخول إلى المنطقة المحرمة.. أقباطنا شركاء الوطن، حقوقهم واجباتنا