|
التدخل في شؤون لبنان بحجة التواجد السوري اهانة للشعب اللبناني وبرلمانه وحكومته ورئيس الجمهورية
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 947 - 2004 / 9 / 5 - 08:49
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
عندما تقاعس مجلس الامن فيما يخص احتلال العراق ضربته الولايات المتحدة بفردة جزمتها العسكرية واحتلت العراق قد تكون الدعاية الاعلامية المضادة مؤثرة في بعض الاوقات لكنها تصبح في مهب الريح لأول عاصفة قادمة من الحقائق الموضوعية، لكن في بعض الحالات يعمل الاعلام بطريقة خاصة وبتجربة تمتد لعشرات السنين على توسيع الشقة ما بين المعرفة ووعي الجماهيرلاسيما إذا كان يملك من الآلية التقنية العالية والامكانيات الفنية والمالية ومدى تبعيته للشركات غير القومية والتي تعود لأصحاب المليارات الذين لا يتحكمون في الاجهزة الاعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة فحسب وانما في السلطة السياسية لعشرات الدول بما فيها دول كبيرة صناعية متطورة مثل الولايات المتحدة والمانيا وفرنسا واليابان وغيرهم وبخاصة في قضية قديمة/ جديدة، ما زالت تثير حولهاعشرات من الاسئلة وهي التواجد السوري في لبنان والاسباب التي تمنع خروج القوات السورية منه.. والالحاح والضغط المتعدد الجوانب من قبل امريكا وفرنسا واسرائيل على خروجها، بينما الاخيرة أي اسرائيل تعتبر اقدم دولة محتلة لأراضي الغير في المنطقة..
من هذا الباب اريد مناقشة هذه الموضوعة فأنا لست بصدد الدفاع عن وجود قوات سورية في لبنان لا بل ضد اي قوات تتواجد في أراضي الغير بالقوة وبدون موافقة الدول والشعب المعين لتلك الدولة.. ولكن قرار مجلس الامن الاخير استفزني أشد الاستفزاز وعلى ما أعتقد استفز جميع الذين يرون في القرار الطاعة العمياء للسياسة الامريكية المتطرفة تجاه سوريا والدول التي لا تسير في القافلة الامريكية ، هذه السياسة المنحازة بالكامل لاسرائيل وسياستها العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني ودول المنطقة..
ان الامر لايبدو محيراً لو دقق فيه من منطلق المصالح والاصطفافات السياسية العالمية والقطرية، فقرار مجلس الامن الذي اصبح امعة للولايات المتحدة بعد التغيرات والمستجدات على العلاقات الدولية حيث اصبح العالم ذا قطب واحد، يبدو وكأنه قرار امريكي فرنسي بريطاني اسرائيلي على الرغم من عدم وجود اسرائيل كعضو في المجلس، ففي الوقت الذي تحتل اسرائيل الاراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية والاراضي العربية منذ 1967 بدون ان يطالبها مجلس الامن بالخروج منها، وبعد العديد من الفيتوات الامريكية لا بل انه يقف مع احتلالها ويمارس سياسة الصمت التي تشجع على الاستمرار في سياستها الاحتلالية للارض والناس.. مثل ما رأينا في تصريحات السيد الانساني دبليو بوش الذي يدافع هو ودهاقنة رأس المال الامريكي عن حقوق الانسان ولكن على طريقتهم ووفق مصالحهم التكتيكية والاستراتيجية.، ولو تمعنا جيداً لوجدنا حتى الجرائم اللانسانية التي تمارسها اسرائيل مباركة من قبله ومن قبل كبار المسؤولين في الادارة الامريكية في كلا الحزبين " الجمهوري والديمقراطي "
ان مجلس الامن هذا الذي يكيل بمكيالين وبخاصة التسعة اصوات المؤيدة للمشروع الذي صاغته الولايات المتحدة الامريكية ما هو الا مشروع عدائي فج يتدخل في الشؤون الداخلية للشعب اللبناني، فاهو السفير الامريكي جون دنفورث يقول " نعتقد انه يجب ان يسمح للبنان بأن يقرر مستقبله وان يمارس سلطته على اراضيه، حتى الآن فإن الشعب اللبناني ما زال غير قادر على ممارسة حقوقه كشعب حر لاتخاذ تلك الخيارات واتخذا تلك الخطوات كدولة " اليس هذه اهانة للشعب اللبناني وحينما يعتبره غير حراً وهو المقاتل الذ هزم اسرائيل وقوات المارنيز الامريكية؟ وكيف يسمح لنفسه اهانة دولته وحكومته المنتخبة من قبل الشعب.. كما يظهر السفير الفرنسي مارك دولاسابليير وكأنه لبانياً أكثر من اللبنانين أنفسهم " فرنسا تعتقد ان مجلس الامن بتصرفه بحزم اليوم فانه يظهر ثقته في مستقبل لبنان، هذا المستقبل يتعين ان يتسم باستعادة سيادته وليس تصعيد التدخل الخارجي" ألم يكن القرار الذي وقعت عليه فرنسا تدخلاً خارجياً في شؤون لبنان؟
فعلى الرغم من ان المشروع لم يشر الى اسم سوريا بشكل واضح لكنها كما معروف ان الدولة العربية الوحيدة التي لها قوات في لبنان وحسب طلب الدولة اللبنانية، لو كلف مجلس الامن نفسه ( وهذه معجزة إن يفعل) ان يطالب بخروج القوات الاسرائيلية من مزارع شبعا واراضي الجولان السورية والاراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967 لقلنا ان مجلس الامن اصبح عادلاً وحراً ولم يعد امعة بيد الولايات المتحدة الامريكية ومن حقه ان يطالب الدول التي لها قوات في اراضي الغير وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية بالخروج من قطر والبحرين وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول..
السؤال المحير ـــــ من هو المسؤول عن أمن واستقلال لبنان وقراراته السياسية وغير السياسية ؟ هل هي الولايات المتحدة الامريكية ؟ أم فرنسا وبريطانيا واسبانيا والمانيا ؟ ام التابعين الجوعانين رومانيا وانجولا وبنين وشيلي؟.. أم ان المسؤول الأول هو الشعب اللبناني الشقيق ومجلس نوابه والحكومة والرئيس اللبناني ؟!
فها نحن نقف على الجواب الصحيح: ان القرار اللبناني الوطني قد صاغه مسؤول كبير في الخارجية اللبنانية عندما طلب من مجلس الامن سحب القرار واشار " ان المجلس لم يسبق ان تدخل بهذه الطريقة في الشؤون الداخلية لدولة عضوة " ..
كما اضاف محمد عيسى المدير العام لوزارة الخارجية اللبناني " ان الجنود السوريين موجودين في لبنان بطلب من حكومته في التصدي للسلوك المتطرف الصادر من اسرائيل ".. ألا يكفي جميع التصريحات من قبل الدولة واكثرية الاحزاب والزعامات اللبنانية بان القوات السورية تقف في لبنان ضد السلوك الاسرائيلي؟ لماذ لا تنسحب اسرائيل من الجولان لكي نطالب السوريين بعد ذلك بسحب قواتهم من لبنان؟
مجلس الامن اثبت مرة اخرى على انه لا يمكن ان يخرج من الدائرة الامريكية التي رسمتها له من خلال سياستها المنحازة لاسرائيل وللمصالح الامريكية بالذات، وعندما تقاعس المجلس فيما يخص احتلال العراق ضربت الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا المجلس بفردة الجزمة الامريكية وذهبت واحتلت العراق، صحيح ان الحكم الشمولي وعلى رأسه الدكتاتور صدام حسين كان السبب في منح الحجة للاحتلال لكننا نقارن بين موقفين للولايات المتحدة، بين احتلالها، وبين وجود قوات بطلب من الدولة اللبنانية نفسها..
ان عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مبدأ اممي متعارف عليه ضمن القوانين التي صيغت على نطاق الامم المتحدة أو القوانين الدولية الاخرى بما فيها قوانين البلدان العضوة في الجمعية العامة للامم المتحدة.. وكثيراً ما خرقت هذه القوانين من قبل الولايات المتحدة الامريكية بحجج مختلفة هدفها الغاء هذا المبدأ تحت طائلة حقوق الانسان.. اما مجلس الامن فعليه ان يتخذ قرارته بشكل مستقل وواضح ، يتسم بقيم العدالة الواضحة لجميع الاعضاء وبدون استثناءات او ضغوطات من اي طرف معين.. عند ذلك سيكون الالتزام بتنفيذ قرارته ملزمة للجميع، وليس كما تفعله اسرائيل وغيرها من الدول التي تمارس سياستها ونهجها المخالف لجميع الاعراف والقوانين الدولية وكأنها بديلة عن مجلس الامن، او عدم احترام قرارت الجمعية العامة للام المتحدة التي تضم اكثرية الدول في العالم.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما زلت أتذكر محاضرة عن - البرجواوية - للشهيد عبد الجبار وهبي
...
-
كيف يمكن معالجة عقدة كراهية الكرد والحقد عليهم..؟ ثم لماذا ه
...
-
بعد التوقيع علـــــــى الــ ( 5 ) نقاط
-
دعوة السيد علي السيستاني للزحف نحو النجف الاشرف
-
بلدي كردستان *
-
هل انتهت المجزرة ؟ أم هناك مجازر أخرى وصولاً للمجزرة الشاملة
...
-
لا ...... ليست الحرب
-
يا سيدي يا شاعر المقاومة.
-
تعميق الازمة في العراق
-
لماذا لم تشرك المنظمة الوطنية للمجتمع المدني وحقوق المواطنيي
...
-
دور اعلام قناة الجزيرة المعادي والمحرض على التخريب والتحريض
...
-
جريمة تفجير الكنائس لا تختلف عن جريمة تفجير الاحياء السكنية
...
-
ماذا تريد القوى المحافظة في ايران من العراق والعراقيين؟
-
مازال يوم 14 تموز مشرقاً ومشمساً في سماء العراق - رد على الس
...
-
رد على السيد مصطفى القرة داغي - لقد كان ذلك اليوم مشرقاً ولي
...
-
البيئة في العراق ومحاكمة صدام حسين وسلطته الدكتاتورية القمعي
...
-
فتوى السيدة صون كول جابوك عضوة مجلس الحكم السابق في محاكمة ص
...
-
من المسؤول عن استشهاد عائدة ياسين وصفاء حافظ وصباح الدرة ومئ
...
-
المرهون إلى الباب المحكم
-
فاقدين الشيء.....شعر
المزيد.....
-
مصر.. كيف تأثرت القيمة السوقية لشركة حديد عز بعطل في مصنع؟..
...
-
تونس.. البرلمان يصادق على فصل يهم التونسيين المقيمين بالخارج
...
-
جميل ولكنه مؤذ.. مقتل 5 أشخاص إثر تساقط الثلوج في كوريا الجن
...
-
اعتذار متأخر: بوتين يعبّر عن أسفه لميركل بسبب حادثة الكلب
-
أردوغان: مبادرة بايدن الجديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة م
...
-
السودان.. وفاة 4 أشخاص جوعا في غرب أم درمان
-
سحب ملحق إلكتروني لـ-ساعة آبل- من الأسواق بعد اكتشاف عيب خطي
...
-
المغرب - إسبانيا: تفكيك شبكة لتهريب المخدرات من المغرب بطائر
...
-
قاذفات بي-52 الأمريكية الضخمة تحاكي قصف أهداف معادية في المغ
...
-
تونس: قيس سعيّد يشدد على أهمية إيجاد نظام قانوني جديد لتحفيز
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|