|
الحكاية ، حكاية صراع وجود وبقاء
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 3134 - 2010 / 9 / 24 - 16:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ــ أن يصل الأمر ونحن في القرن الواحد والعشرين، بنظام كالنظام السوري، أن يخاف على نفسه ووجوده من جُمل ومفردات وأشعار لمراهقة في المرحلة الثانوية، ويجد فيما تقول خطراً وجودياً على بقائه...وحرباً على حكومته ووحدة صفوفه الوهمية ، التي يبيعنا إياها...ونحن الأدرى بواقع عيشنا وبما أفرزه من أحقاد وكراهية ومازرعه من تشتت وتفتيت للوطنية السورية، وكيف أنشأ وطنيات...تحتها كي تستظل به وتتشبث بلملمته للمجتمع تحت مظلته المُنخلية " نسبة للمنخل". ــ أن يتعرض عشرات من البشر للإخفاء والاختفاء..للخطف وإنكار وجودهم أمواتاً أم أحياء ..هكذا بكل " وقاحة" وعلى الملأ الوطني الداخلي والعربي والعالمي...دون أن يرف له جفن...ودون أن يرى بفعله خرقاً لقوانين الشرعة الدولية...أو حتى الدستور السوري( الذي أكله الحمار) ــ على رأي دريد لحام في مسرحية غربةــ لأنه باطل المفعول...ومفعول به...فقط..يتسترون بقوانينه الاستثنائية الطارئة...للفتك بكل من يخرج على بيت الطاعة السلطوي..أو من يفتح فمه بالشأن العام..فهذا القانون يصبح ساري المفعول بقوانين تحمل أرقاماً باتت معروفة ومحط سخرية لكل مواطن تتعلق" بنشر أنباء كاذبة توهن عزيمة الأمة، أو تضعف شعورها القومي، أو تتآمر على النظام الاشتراكي وتحاربه، أو تنوي تشكيل منظمة أو جمعية خارج القانون!...للانقلاب على السلطة والتآمر عليها...أو لاقتطاع جزء من الأراضي السورية ــ وهذا الأخير يخص المعتقلين الأكراد تحديدا ــ ". ــ أن ينهي سجين الرأي الحكم الجائر بحقه المدة التي حكموه بها، ثم يختفي اسمه من قوائم الأحياء والأموات ولا يُعترف بمكانه...ولا يطلق سراحه ، ولا تسلم جثته لأهله أو يقال لهم أنه قضى على أيدي أجهزة أمننا الساهرة على الوطن، فيمكنهم على الأقل التوقف عن الأمل وإقامة عزاء فيه، باعتبار أن ابنهم متآمر على الوطن! ...فلم يقوَ على الصمود بوجه وسائل الأمن الحضارية في التعذيب...كحال الرستناوي...وغيره من الأعداد الغفيرة" سواء معتقلي سجن صيدنايا أم تدمر أو في أقبية الأمن". ــ أن تغص السجون يوماً بعد يوم بكل من يشتبهون أنه يجتمع مع صديقين أو أكثر حتى على مائدة طعام أو لعب دك ورق...يكفي أنهم كانوا من أصحاب السوابق السياسية والآراء المغايرة لحزب السلطة ولقيادته ...أن تكثر أعداد السجون على حساب المدارس والمستشفيات.. ــ أن يُمنع من السفر كل من يصادق سجيناً سابقاً أو يزوره أو يلتقي به صدفة في مقهى ..مع أصدقاء مشتركين..كان يفترض به أن ينهض ويترك الجلسة ولا يستمر فيها...حتى ( يثبت وطنيته وانتماءه وولاءه للوطن) أي للسلطة ومزرعتها...ولايتبع المنع ، الذي يطال مئات الألوف من البشر في سورية اليوم أي منطق، إلا هوى السلطة ومنطقها ومنطق مخابراتها...التي تدس وتكتب التقارير دون وازع من ضمير أو حس إنساني..يطال حتى الصديق أو القريب أو الأبناء أو المعارف...لسجين سابق أو سياسي سابق، أو من وقع ذات يوم على بيان من أجل إطلاق سراح معارض ، أو من وقع على شكوى غلاء أسعار..أو من شارك بانتخابات نقابية...خارج قائمة السلطة والحزب، أو أي مستقل رأي...حتى لو انتمى لجمعية أو لمنتدى ثقافي أو أدبي..ولايكثر من الإطراء والمديح والتملق لمسؤولي السلطة...ولا يقتصر الأمر على المنع من السفر خارج حدود الوطن، بل مراقبته ومراقبة أهله وتحركاتهم وهواتفهم...وحواراتهم على النت...وبريدهم..هذا إن لم يتم استدعاءهم بشكل دوري ولكل جهاز أمني طريقته وتقاريره وأضابيره...وموازينه في مقدار ما يشكل هذا المواطن من خطر على مصلحة النظام...وكيفية تطويعه أو شراءه...أو تخويفه وتحذيره...رغم كل التضييق المستمر حوله ! هذه نبذة مما يحصل في سورية ..نبذة صغيرة جداً..لأن الواقع أكثر مرارة والإفقار والتجويع وغلاء الأسعار والنهب والسلب..وأغنياء السلطة وفاسديها المحروسين والمحميين من أعلى هيئات فيها...والطبقية الجديدة ذات الألوان، التي لم يعرفها لا ماركس ولا إنجلز...فقد انقسم الشعب السوري إلى طبقتين " أغنياء بشكل فاحش ...وهؤلاء أبناء السلطة والموالين والأقرباء والتجار الجدد المستفيدين والمفيدين للمسؤولين...وطبقة الرعية...المستلبة من كل حق ومن كل مكسب ومن كل رأي ومن كل فعل...والمفقرة حتى العظم"..هذا كله ليس مجال حديثنا الآن...لكن هذه الوقائع تدفعنا لسؤال هام...يفرض نفسه ...لماذا؟. لماذا يفعل النظام كل هذا، رغم أنه يمسك بزمام الأمور...وكل خيوط القوة بيديه : من أجهزة أمن ، إلى كبار الضباط في الجيش، إلى كبار المسؤولين ، إلى رجال الدين...ويهتف بقية أبناء الشعب كما الأنعام " بالروح بالدم نفديك ياقائدنا إلى الأبد" يخافون من خيالهم ويصمتون على هدر كرامتهم ، تعودوا الانحناء وحياة الذل والهوان ولايجدون في توسل مسؤول والتذلل له أو رشوته أي غضاضة أو غرابة..لماذا يخشى النظام الكلمة وصناعها؟ لماذا يشكل مقال ما فيه شيء من التعارض أو النقد للواقع المرير للمواطن أو حقوقه...خطراً عليه؟!... رغم أن كل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ملك يمينه ؟، لماذا يَدَّعي أنه يسير في طريق الإصلاح...مرة الاقتصادي، ثم الإداري..والسياسي سيأتي لاحقاً ومتأخراً...لأن الأهم هو" خبز المواطن"؟ !.....لكنه لم يحرك خطوة واحدة في أي اتجاه...ومازالت الأوضاع إن لم نقل تراوح مكانها، فإنه يصح القول في قراءة واقعها أنها تعود لنكوص بعد نكوص...وتفتقر لأي خطط عملية ومستقبلية انقاذية لوضع حرج للغاية وخطر على السلطة نفسها..! للاجابة على كل هذه الأسئلة مجتمعة، وبكل اختصار....أرى أن أي تغيير في الأسلوب وطريقة الحكم...وأي انفتاح على المواطن، وأي فسحة حرية....تعني أنه يحفر قبره بيديه...تعني أن وضعه يبدأ بالاهتزاز وأن عرشه يتعرض لزلزال لايعرف أين يودي به ــ هذا مايتصوره ــ....وإلا لماذا يخشى كلمات طل الملوحي؟!، لماذا أخافته مقالات ميشيل كيلو وتصريحات هيثم المالح ونقده، واعتباره حضور محامي ومدافع عن حقوق الانسان كمهند الحسني للمحاكم الاستثنائية وتسجيله لما يجري فيها خرقاً وتآمراً عليه يستحق حتى طرده من نقابة المحامين؟!، لماذا يخشى من جمعية حقوق إنسان أراد إنشاءها ووافقت السلطة مبدئيا عليها..أنور البني...ثم عادت وسحبتها، لأنها اكتشفت أن إنشاءهاسيفتح أبواباً ينفذ منها هواء أو نسمة حق..وهذابرأيها بداية للعد التنازلي ...نظام يخشى خياله ويبث عيونه في كل مكان ويزيد من أعداد موظفي أمنه بشكل متضخم أصبح حيالها لكل مجموعة صغيرة من أبناء الشعب موظفاً خاصاً بحساب الهواء المسموح لهم به ودائرة المساحة المسموح لهم أن يتحركوا داخلها، لماذا اعتقلوا راغدة الحسن؟!.. لأنها لو نشرت كتابها لفضحت ممارساتهم ...فلا فرق بين العهد القديم والجديد لأن الثاني استمرار للأول..لهذا يزداد عدد المُلاحقين والمطلوبين والمتوارين عن الأنظار..ومَن يعيشون تحت الأرض خوفاً من بطش النظام ...لمجرد أن واحدهم صرح تصريحاً لصحيفة غربية أو عربية، أو وَقعَ على بيان، أو انتمى لحزب أو مجموعة تختلف عن حزب السلطة بآرائها وأيديولوجيتها...هذا النظام يخشى خياله...لايرى سواه في مرآة المجتمع السوري، ولايريد أن يوجد على الساحة السياسية سواه، يرتهن شعبه لعلاقاته مع العالم الخارجي، يعزو كل تباطؤ في سياسته وفي حريات شعبه وفي تطور اقتصاده ونموه...وفي تردي جامعاته العلمية والتقنية...في كل تراجع وتردي داخلي " للتآمر الغربي عليه"!، علماً أن هذا الغرب هو من يدعم بقاءه ووجوده، وإن لم يكن الغرب فإسرائيل الراضية عن تعاطيه وأسلوبه والرافضة لأي تغيير في الداخل السوري ، الذي يقوم في دوره " الممانع، المقاوم" المرسوم له خير قيام...فنجاحه الباهر في هذا الدور مشهود له...يُسوِقه داخلياً وعربياً، ويساوم عليه خارجياً وسلامياً...أو لا سلامياً وهو الأصح. باختصار شديد...مَن يراهن على تغيير النظام من نفسه وداخله، مَن يتصور أن هذا النظام قادر على تغيير ثوبه وأسلوبه وطريقته في القبض على مناحي الحياة وإصراره على التشدد فيها...فهو خاطيء...والنظام نفسه مدرك لذلك ويتصرف بناء على هذا الإدراك....لهذا لم يبق لديك ياشعب سورية البائس والتعيس والمُتهم ، ولاتملك إلا أن تنزع أشواكك بيديك قبل أن تموت .. وأنت حالياً تموت ببطء...لم يبق أمامك إلا أن يدفعك جوعك وحبسك الطويل إلا أن تخرج عن صمتك ...أو تظل خائفاً منتظراً لمعجزة سياسية ، لم يبق لها وجود في عالم السياسة..وعالم اليوم يختلف كلياً عن عالم الأمس، وعن حسابات المصالح وتضاربها السياسية فيه...ومايجري في لبنان...والعراق والعلاقة مع إيران وحزب الله وحماس...الخ...هو فصل هام من فصول المسرحية السياسية في الداخل والمنطقة. ــ باريس 24/09/2010
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيدا- آيدز- أو - نقص المناعة- الوطنية السورية
-
الحب = العهر = الموت !
-
الوجوه المتعددة لانتصارات الإسلام الاجتماعي والسياسي الجديد!
-
هل يمكن الغفران؟
-
اعتراف واعتراض موجه للمعارضةالسورية
-
حساسية
-
حجاب، نقاب، جلباب، تشادور، برقع، بوركة، قناع، ملاية...!
-
مَن سيدفع ثمن الحرب القادمة، وأين ستقع؟
-
ذئاب تشن حرباً على الكلام
-
جنتهم ونارنا!
-
حكاية المارستان والأسوياء الأحرار
-
الثالوث المقدس عند العرب، الذي يدفعهم لاستخدام العنف والقتل
...
-
لعبة الكشاتبين الثلاث في الشرق الأوسط ، كشتبان فارسي، كشتبان
...
-
لا ... ثم لا ياكويت لاتكوني سوريا ثانية
-
سياسة الوقاية أم سياسة العلاج المتأخر؟
-
ذاكرة وألم تتحدث عن علاقة الرجل الشرقي بالمرأة ...بالحب!
-
الزيارات الإسعافية للنظام السوري، هل تحمل إنقاذاً أم حرباً؟
-
بين التنوع والتسامح
-
متى ينضج العرب سياسياً حسب العرف - الإيراني طبعاً-؟!
-
آيات نسائية ( الجزء الأول )
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|