|
هل ستغلق القلوب أيضا ؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3134 - 2010 / 9 / 24 - 11:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أيضا خبر القرار السعودي بتقييد الإفتاء الديني ، بحصره في جهات رسمية تحددها السلطة ، من الأخبار التي لا تتأثر صلاحيتها للتعليق بمرور بعض الوقت عليها ، و ذلك للأسباب التالية : أولا : إنه يتعارض مع طبيعة الإسلام التعددية ، فتقييد الإفتاء الديني بالشكل الذي أرادته السلطة السعودية إنما هو حصر للإفتاء في مجموعة معينة تحددها الدولة ، ربما يصل عدد أفرادها لبضعة عشرات من الأفراد ، بما يلغي التنوع الذي هو أحد أهم خصائص الإسلام . ثم ماذا ستكون فائدة هذا الكم من الكليات الدينية في كل الدول ذوات الأغلبيات الدينية ، و التي يتخرج منها الألاف كل عام ، لو تم إصدار قرارات مثيلة للقرار السعودي في كافة الدول الإسلامية ، أو حتى لو ظل محصور فقط في الإقطاعية السعودية ؟ ما مصير كل هؤلاء الذين قضوا قرابة ربع متوسط العمر في الإقطاعية السعودية في دراسة العلوم الدينية ، و بخاصة علوم الشريعة ، و من يدرسون حاليا ، و من سيدرسون في المستقبل ، بعد ذلك القرار ؟ أليس خريج كليات الشريعة مؤهل للإفتاء حسب مذهبه تبعا لوثيقة : رسالة عمان ، التي وقع عليها العاهل السعودي، فلماذا يحرم من حقه الطبيعي ؟؟؟ هل سيصبح هؤلاء الذين لم يقع عليهم الإختيار للعمل في مؤسسة الإفتاء الرسمية ، مجرد مقيمي شعائر في مساجد السلطة ؟؟؟ الإسلام ، و كما ذكرت عالية ، دين تنوع ، و لكل مسلم الحق في أن يختار من يفتيه ، بل إن لكل مسلم الكلمة الأخيرة في أي فتوى ، أيأخذ بها ، أم يرفضها ، تبعا لما يمليه عليه ضميره ، أو قلبه . فهل ستكون الخطوة القادمة إغلاق القلوب ؟؟؟ ثانيا : أن ذلك القرار السعودي ليس هو المحاولة الأولى ، من جانب السلطات الحاكمة ، في تاريخ الإسلام ، لوضع الإسلام في القالب الكهنوتي البيزنطي ، الذي يقوم على مؤسسة رسمية واحدة ، و وحيدة ، تخضع لإرادة الحاكم . محمد على الكبير في مصر قام بمثلها في عصره ، مع التصوف ، حين كان التصوف له السيادة في مصر ، عندما أخضع الطرق الصوفية لسيادة فرد واحد عينه ، و دعم تلك المؤسسة الرسمية بحق القدم - الذي سبق أن شرحته منذ عدة سنوات في أحد المقالات - و تلك المؤسسة البيزنطية التي أرادها محمد علي للتصوف ، لازالت باقية في صورة : المجلس الأعلى للطرق الصوفية . إنه صراع قديم ، و مستمر ، و سيستمر ، بين الحرية الدينية ، و التنوع ، في الإسلام ، و بين المؤسسات الحاكمة الكارهة لتلك الحرية ، و ذاك التنوع . ثالثا : إذا كان الهدف هو محاربة التزمت الديني ، فلأذكر السلطة السعودية البيزنطية بأن التزمت في حد ذاته لا خوف منه . التزمت هو جزء من طبيعة بعض البشر ، سواء كإسلوب دائم في المعيشة ، أو مؤقت ، و هم قلة دائما ، و لأنه جزء من طبيعة بعض البشر ، فإننا نجده ليس فقط في الإسلام ، بل و في اليهودية ، و المسيحية ، و حتى في العقائد الآسيوية ، مثل الهندوسية ، و البوذية ، و في الديانات الوثنية المنقرضة كما في الديانة الفرعونية . المتزمت المسلم المسالم له الحق في أن يعيش حياته بالطريقة التي تروقه ، مثلما يتمتع بذلك الحق على سبيل المثال : المتزمت المسيحي في الولايات المتحدة الأمريكية ، و المتزمت اليهودي في إسرائيل ، و الهندوسي في الهند . المرفوض هو إستخدام المتزمت للعنف ، و القهر ، لترويج أفكاره ، و القهر يشمل ضمن ما يشمل إستخدام وسائل سلمية للإكراه مثل الوسائل الإقتصادية . رابعا : هنا نأتي للنقطة الأهم ، و هي العنف ، و القهر بكل أشكاله ، و هي الوسائل التي يتبعها البعض لفرض أراء دينية ، و إجتماعية ، و سياسية ... إلخ . العنف دائما هو الحجة التي تستخدمها السلطات الحاكمة في البلاد العربية الإستبدادية لتبرير إستبدادها ، و لتوسيع سلطاتها على حساب الحريات الشخصية . لا أعتقد أن التدبير السعودي الأخير هو وسيلة فعالة لمحاربة العنف ، لأن من يلجأ لإستعمال العنف سيبحث عن بغيته بطريق سري عند من يعرف إنه لديه الفتوى التي يبغيها . محاربة العنف الديني لا تكون بتقييد الحريات الدينية ، و لا بمحاربة التنوع ، و لا بالقضاء على التعددية ، و لا بحرمان الأفراد من حقهم في البحث ، بل على النقيض من ذلك ، فالتنوع ، و النقاش الحر ، و رفع الكبت ، هي وسائل فعالة في التقليل من العنف الديني ، تزيد في فاعليتها عن الوسائل الأمنية البحتة ، و السياسات الإقتصادية . خامسا : لقد كان الأجدر بالعاهل السعودي بدلا من وضع قيد أخر على الحريات الدينية في إقطاعيته ، و بدلا من السعي لتأسيس مؤسسة دينية إسلامية رسمية على النمط البيزنطي ، أن يبتعد عن النفاق ، فيحترم توقيعه الذي وضعه على رسالة عمان ، فيضمن الحريات الدينية لكل الطوائف ، و المذاهب ، الإسلامية ، المذكورة في تلك الوثيقة ، بما في ذلك الحق في الممارسة الدينية الحرة لمذاهبها ، و حرية الإفتاء ، و الدعوة ، و رفع كل أشكال التمييز المدني الممارسة حاليا ضد أبناء بعض الطوائف ، و المذاهب ، المذكورة في رسالة عمان .
24-09-2010
تنبيه دائم : رجاء تجاهل أي تشويه أمني صبياني للمقالات ، و هو يشمل التلاعب في كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و/ أو الإضافة ، و هو أحيانا يقع بعد نشر المقالات ، لهذا أرجو القارئ الكريم أن يكون تركيزه على صلب المقالات .
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنه قصور في الرؤية لدى حماس
-
هل حلال للأتراك و حرام على المصريين ؟
-
كان أفلح مع عرابي و عبد الناصر
-
برغم ذلك سنظل ندعم الاتحاد من أجل المتوسط
-
الغاز المصري أولى به المصنع المصري
-
بشار الأسد و جمجمة الناصرية
-
الميه يا ريس ، النيل يا ريس
-
أوضاع أقلياتنا تنسف مشروع دولة واحدة من النهر للبحر
-
السفر بدون جواز سفر
-
حماس ليست أعز عليه من أوجلان
-
أخرجوا للطبيعة ، أخرجوا للحرية
-
هل هي عادة أمريكية ؟
-
الأسد يمكن قلبه إلى فأر
-
الحبكة يلزمها فارسي و يهودي ، الأفريقي لا ينفع
-
السنن السورية السياسية السيئة
-
التكنوقراط من الأقليات هم الحل في هذا الموقف
-
الأمل يمنع إستخدام القوة ضد إيران
-
وزير الري القائد الأعلى للقوات المسلحة
-
عار على النوبي إن رفض العودة
-
يا أهل النوبة الغارقة : يمكنكم أن تعدوا أنفسكم للعودة
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|