أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالله تركماني - مقدمات في مسألة الدولة














المزيد.....

مقدمات في مسألة الدولة


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3132 - 2010 / 9 / 22 - 22:05
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


لا تتطور المجتمعات إلا في كنف الدولة، حيث لا سبيل للجماعات لكي تتقدم وتنتج وتراكم وتنظم كيانها الداخلي إلا بأن تتحول إلى جماعات سياسية تنشأ الدولة عن اجتماعها السياسي. وحسب رأي الدكتور عبد الإله بلقزيز تتفاوت الدول في درجة قيمتها وتطور نظمها بتفاوت مستوى التنظيم الذاتي للجماعات السياسية التي تكونها، وبتفاوت درجة نضج فكرة الدولة في وعي تلك الجماعات.
وفي سياق الدولة لا تكتمل السيادة الوطنية من دون تمتع كافة المواطنين بالحريات غير منقوصة: حرية الرأي والتعبير، حرية التجارة والتنقل، حرية تشكيل أحزاب وروابط مدنية وسياسية. أي لابد أن تتأصل الديمقراطية في مفاصل الحياة السياسية، بحيث لا تبقى مجرد آلية لانتخابات شكلية. كما أنّ ممارسة السيادة الوطنية، من قبل سلطة الدولة الحاكمة، تستدعي وجوب وجود معارضة سلمية منافسة تضبط الحكم، من خلال تطلعها للحكم مستقبلاً، واستعدادها للمنافسة في الانتخابات المقبلة الدورية.
وهكذا، فإنّ السيادة الوطنية تتحدد بمدى احترام سلطة الدولة لحقوق المواطنين، وضرورة إشعار الفرد بأنّ الدولة هي الحصن لحمايته، وهي بناء مستقبل زاهٍ لأبناء الوطن كلهم دون استثناء، وما من عوائق دون ترقية الاندماج الوطني، بما يقتضيه من جهود فكرية وسياسية واجتماعية وقانونية كبيرة.
ولأنّ الدراسات المستقبلية تعني القدرة على التحكم في المستقبل من خلال الاستعداد، بمجموعة من المبادرات والخطط، لمواجهة الاحتمالات المختلفة، فإنّ الدولة الفيدرالية ليست شراً في حد ذاتها، ولا خيراً في المطلق أيضاً، إن ارتضتها مكوّنات الوطن الواحد واعتمدتها سبيلاً لتصريف اختلافاتها الجغرافية أو تمايزاتها العرقية. هي هنا أداة تدبير للاختلاف وضمان للحد الأدنى من القبول بالعيش المشترك، في ظل دستور عادل ودولة اتحادية تتخذ من الأطراف المستقلة ذاتياً عنصراً للتنمية وتقوية لمقوّمات الأقاليم والجهات.
وبعد أن أكدت تجارب الدول الآخذة بنظام الدولة العصرية نجاحها في تحقيق طفرات اقتصادية ملموسة ومتميزة، تبين أنّ تنمية العنصر البشري وإتاحة الفرصة له للإبداع والمشاركة الواعية هي في حقيقة الأمر العنصر الحاكم وراء إنجازها وتميّزها‏. إذ أنّ الموارد البشرية تحتل المرتبة الأساسية في الاهتمام، على مستوى العالم المعاصر، باعتبارها أهم عنصر من عناصر التنمية. فقد تركزت القناعة بأنّ أي تحوّل أو تغيير في الحياة لن يكون له تأثير إلا إذا استند على قاعدة إنسانية شاملة، مشاركة واعية وواسعة للبشر في الحكم السياسي، لأنّ التنافس السياسي السلمي هو المقوّم الفعلي للحياة المدنية الحديثة.
كما أنّ ترسيخ قيم الموطنة، فكرياً وعملياً، لدى أفراد المجتمع ومؤسسات الدولة, أصبحت من واجبات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية, هذه القيم التي يأتي في مقدمتها: الوعي بمهام الدستور, وبالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للفرد والمجتمع, وبمهام الفرد, ومدى الحريات الممنوحة له وأنواعها, وبكيفية تشكيل القرارات السياسية, وكيفية تنفيذها, وبنمط الحكم السائد, وبنظم الحكم العالمية, وبشروط التمثيل النيابي, وبكيفية المشاركة في الانتخابات, وتشكل المجالس النيابية, وغيرها من قضايا المواطنة التي تساهم في رفع سوية المواطنة ذاتها, وتخليص الفرد والمجتمع والدولة على السواء من عقلية وثقافة الراعي والرعية, وكل ما يعيق تحقيق دولة القانون. هذه الدولة، إذا ما حققت مشروع المواطنة لأبنائها, ستشكل الرافعة العملية والفكرية لاستمرار الدولة وقوتها من جهة, وترسيخ القيم الإنسانية لشعبها ومكانته بين شعوب العالم من جهة ثانية.
ولا مناص من الاعتراف أنّ الخيار الوحيد الناجع، لوأد الفتن المحتملة في العالم العربي، هو تقوية حضور المجتمع المدني بكافة هيئاته كي يقول كلمته لصالح وحدة المجتمع ولحفز روح التفاهم والتعاون بين مختلف الأطراف ولتأكيد الثقة بالدولة ومؤسساتها ودورها العمومي كخير ضامن لوحدة البلاد ومسار تطورها وتقدمها، فالدولة الديمقراطية هي المكان الأمثل لإدارة الخلافات والصراعات سلمياً، مثلما لا يمكن الحديث عن الوحدة الوطنية ووقف مظاهر التفكك وأسباب الفتنة عندما تنحسر أو تنعدم المساعي لتثبيت دور الدولة وتأكيد شرعيتها وعموميتها.
وهذه الأمور المهمة لتطور ونهضة مجتمعاتنا لا يمكن تحققها إلا من خلال وعي وتطبيق الديمقراطية، كآلية لإدارة شؤون الناس والمجتمع بصورة مؤسساتية عادلة وصحيحة. والقناعة لدى الغالبية أصبحت راسخة بأنّ الوقت قد حان لإحداث تغيّرات رئيسية وجوهرية على طريق الإصلاح وتوسيع دائرة المشاركة السياسية، وبناء مؤسسات المجتمع المدني، إيماناً من الجميع بأن سنّة الكون تقتضي التطوير، وأنّ ما كان صالحاً، أو جرى قبوله بالأمس، لا يمكن أن يستمر حتى هذا اليوم.
ولعل مما سبق يتضح أنّ هنالك زاوية أخرى يجب إدخالها في المعادلة السياسية القائمة وهي المجتمعات العربية وإراداتها، وإبراز ما يمكن أن تقوم به في تحديد مصير المستقبل الذي ستكون عليه المنطقة العربية.
والنتيجة أنّ قابلية الدولة لاستعادة دورها التوحيدي لا تزال قائمة ومطلوبة، وما يزيد من فرص النجاح أن يحضر المجتمع المدني بمختلف فئاته وفعالياته ليمارس دوره في حماية الوحدة والتلاحم، وطبعاً كلما تفاقم مأزق القوى المتصارعة وازداد عجزها عن التوصل إلى التوافق، تزداد الأعباء والمسؤولية التي تقع على عاتق قوى المجتمع المدني وأصحاب مشروع الدولة الديمقراطية كي يتجاوزوا ترددهم وسلبيتهم، ويسارعوا إلى تنظيم صفوفهم على قاعدة خط إنساني عريض يدعو إلى تغليب السلم الأهلي على ما عداه.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية نظام وصاية العسكريتاريا على الحياة السياسية التركية
- في نقد الماركسية السائدة .. عبد الحسين شعبان يحطم مراياه
- حوار الثقافات أم صراع الحضارات ؟
- واقع العرب الراهن .. مصالحة تاريخية بين أطراف السياسة والمجت ...
- الأنظمة الاستبدادية .. العروبة ليست بخير
- الأمن القومي العربي يبدأ من علاقة الدولة بمواطنيها
- كلفة تعثر التنمية في العالم العربي
- فقر الثقافة السياسية العربية
- الدول العربية الفاشلة وشرعية الأمر الواقع
- حين تصبح المؤامرة مشجباً تعلق عليه الأزمات
- ضعف شرعية الحكومات العربية
- دور التعليم في تنمية الموارد البشرية العربية
- حالة المواطنة في العالم العربي .. سيادة الاستبداد وغياب القا ...
- تفاقم الاحتقان السياسي والاجتماعي في العالم العربي
- الحكومات العربية والرأي العام
- تضخم دور سلطة الدولة العربية وضعف دور المجتمع المدني
- تركيا والمشهد الإقليمي في الشرق الأوسط
- تدهور الحياة الثقافية العربية
- أهم معوّقات التقدم العربي
- الاقتصاد العربي .. الموارد استُنزفت والإرادة استُلبت


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالله تركماني - مقدمات في مسألة الدولة