خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 3128 - 2010 / 9 / 18 - 23:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اعترض البعض على بعض ما جاء في مقال لي سابق ( الصهيونية تقود اليسار الليبرالي ) حين بينت واوضحت ان بنية مقال رعد الحافظ ( الحوار المتمدن يقود الى المحبة ) انما هي دعوة للتحلل من الالتزامات القومية الوطنية والديموقراطية كواجبات انجازها هو رافعة التطور الحضاري, وان مقال رعد الحافظ غير المشروط بعد ذلك عن المحبة والحوار المتمدن هي اشبه ب ولا تعدو ان تكون ( كلاوات لوتي ) كما يقول الاخوة العراقيون, يمارسها احد الجنسين للوصول الى مبتغاه الرخيص السريع من الجنس الاخر.
في ما كتبت لم اشوه الكاتب ولم اتهم شخصه بسيء, فقد استعرضت بنية المقال ونقدت فكرة الدعوة الى الحوار والمحبة كمطلق لامشروط, وهو اتجاه فلسفي من المعروف ان النهج التقدمي يرفضه فنحن لا نؤمن بالعلم للعلم ولا بالحب للحب ولا بالكراهية للكراهية. وكان لا بد من التعريج على راي السيد رعد الحافظ بخصوص نضالية و كفاحية الكاتب الصهيوني يعقوب ابراهيمي وتوسيمه وسام اليسارية, الامر الذي يفكك عن هذا الكاتب شرطه الصهيوني الذي اختاره بارادته والذي بموجبه انتقل من موقع الرفاقية الى موقع التصارع.
كنت اتمنى على السيد رعد الحافظ ان يعلق مباشرة على ما كتبت وان يبدي وجهة نظره في مفاهيمي حول اليسار وكيفية تحديد اليسارية وتمييزها عن الليبرالية وانفلاتها. غير انه اختار الصمت وعوضا عن ذلك بلغت الوقاحة بالصهيوني ان اصبح هو الذي يتولى الرد رغم ان استهدافه بالمقال كان كنموذج, فالكتابة استهدفت وجهة نظر الاقلام الاقليمية اللاصهيونية, التي ترى في امثال يعقوب ابراهيمي رفيقا امميا. دون ان ينتبهوا انه يحل بصورة مرضية عدوانية محل اليسار الفلسطيني الطبيعي, وكانه ليس حالة استيطان ثقافي, تكمل تماما حالة الاستيطان الراهنة بالضفة الغربية, لا فرق بينهما ان احدهم مستوطن اول مراحل الحالة الاحتلالية والاخر مستوطن مرحلتها النهائية, وان احدهم يستوطن الارض الزراعية الاخر يستوطن الارض الثقافية, ووجهت في مقال اخر اتهاما مباشرا لهذه الاقلام التي بقيت على صمتها وتركت لرائدها يعقوب ابراهيمي النطق الرسمي باسمها.
في مقاله حول الكراهية وفي زاوية من زوايا المقال وباسلوب (الاسفنة ) يشير الاستاذ رعد الحافظ الى ما كتبت جاعلا مني نموذجا ل ( الكارهون للحق) وكان هذا هو كل التعميق النظري السياسي الذي استطاع الاستاذ رعد الحافظ ان يقدمه تاييدا او اختلافا لما جاء في مقالي.
هنا اقول ان الالاعيب النفسية ان مارسها صهيوني وهم يجيدون ذلك او مارسها بصورة مضحكة ليبرالي, ليست هي الاسلوب والرد الصحيح على كتابات تسندها تحليلات فكرية سليمة, لذلك اعود فاسال السيد رعد الحافظ ما هو تبرير اتهامك لي بكراهية الحق؟ علما انني لا انتظر ردك لحاجتي له, ولكنه تحدي لك امام قرائك, اما اليساري الصهيوني الاصفر فهو قد كشف عن خوائه مسبقا حين تعامى عن الرد على ما طلبته منه احدى المعلقات, فهو لا يجيد سوى ان يبرر للصهيونية الهولوكوست الفلسطيني, فهل ستحذو حذو صهيوني اصفر, نزع الرقعة الصفراء التي كانت النازية تضعها على صدر اليهود الالمان عن صدره وهو الصقها عنوة بصدر الفلسطيني, وهذا توضيح لماذا اسميته بالاصفر,
بالنسبة لي نعم انا حاقد على الصهيونازية وجرائمها التي ارتكبتها وترتكبها بحق مجتمعي الفلسطيني. وانا لا اخفي ذلك وان كنت اسفا لاضطراري اليه, ومع ذلك فان مسئولية اضطراري اليه تتحملها الحركة الصهيونية وجميع من تامر معها ضد قوميتي الفلسطينية وطنا ومجتمعا,
انت تدعو للتسامح والحوار المتمدن والمحبة, لكن لا اعلم ماذا سيكون موقفك في حال اغتصاب يتعرض له احد احبتك والاعزاء عليك هل ستكون متسامحا ومحاورا ومحبا؟ فكيف باغتصاب قومية كاملة؟ ولماذا لم تكن متسامحا محاورا محبا معي وكل جريمتي انني انتقدت بنية مقالك وفكرته الليبرالية ودعوة عدم الالتزام عندك؟ فجعلتني من معسكر ( الكارهين للحق ).
انا اعرف ان الحق هو تحديد للحقيقة واشهار لها والتزام بمجاهرتها والدفاع عنها, فاين مجافاة الحقيقة بالقول بالقومية الفلسطينية كمسار تاريخي من التطور الحضاري القومي الذي بدأ منذ الظاهرة الديموغرافية الفلسطينية حتى تكيفها كظاهرة قومية خاصة مستقلة بسماتها وموضوعيتها, اين مجافاة الحقيقة في القول ان الوطن فلسطين هي العامل الموضوعي الطبيعي المكمل للعامل الانساني الانتاجي في الظاهرة القومية الفلسطينية , اين مجافاة الحقيقة بالقول باغتراب اسرائيل الصهيونية عن الواقع الاقليمي, اين مجافاة الحقيقة في القول انها حالة احتلال لما طالته اليد الصهيونية حتى الان وهي مشرع غزو وعدوان على ما ستطاله يدها مستقبلا؟
اين مجافاة الحقيقة في القول ان يعقوب ايراهيمي وامثاله فقدوا اليسارية بتحولهم الى حالة احتلال واستيطانهم فلسطين؟ فهل ستنكر ان الاساس الفكري للحركة الصهيونية هو مركب من الفكر الديني العرقي الذي انتهى زمنه ومزاجية ونفسية عشق العنف الارهابي, والا فما معنى مطلب ( يهودية الدولة) يا سيد رعد الحافظ. واين العلمانية والحضارية فيه؟
وحتى يتبين من هو محب الحق من كارهه. فقد اشرت في مقالاتي الى ارتقاء موقفي عن الاثنية واسترشادي بمطلب الدولة الديموقراطية العلمانية في فلسطين الجمهورية وانني مناضل بهذا التوجه وانتقد حالة النضال الفلسطينية الراهنة باعتبار اثنيتها وبنية التحالف الاسلامي المسيحي التي تكونها, وادعوا الى بنية نضالية قومية ديموقراطية علمانية, لليهود من اصل فلسطيني موقعهم بها
سيدي كما اني لا اختبيء من الحقيقة فانا لا اتهرب من التزاماتها ايضا. فها انا معروض امامك فما هم المعروض منك امام القراء. وساخذك الى حوار في منطقتك الخاصة القومية العراق فارجو ان تحسن الافتاء بالمصير العراقي بافضل مما افتيت بالمصير الفلسطيني,
هل تظن كما تقول ان العدوان الامريكي على العراق ياتي في سياق الاهتمام الانساني الامريكي بتدني المستوى الديموقراطي الذي كان عليه الشعب العراقي, حيث تعتبر ان الغزو وضع العراق على طريق الديموقراطية؟ ومنذ متى يهتم اللذين ابادوا الانسانية في ناجازاكي وهيروشيما بمصير المجتمعات؟
الحقيقة ان هذه القناعة سطحية جدا وليست سياسية , فغزو العراق تم لاسباب اخرى اطارها العام اعادة رسم الخارطة الجيوسياسية البريطانية الفرنسية للعالم واستبدالها بالتصور الامريكي لما يجب ان تكون عليه هذه الخارطة الجيوسياسية. وحتى تتبلور الصورة لديك ضع خارطة الشرق الاوسط امامك وحاول رؤية الترابط بين القضية الفلسطينية والقضية الكردية والقضية البلوشستانية.
ما هو التشابه بين هذه القضايا ؟ اليس هو محاولة شطب حقوق ووجود هذه القوميات عبر اقتسامها بين الاطراف المحيطة بها وجعل التحالفات والتناقضات بين هذه الاطراف حاجزا ضد تمدد المعسكر والنفوذ الاشتراكي سابقا, الذي بانهياره فتح المجال امام الولايات المتحدة لاعادة رسم خريطة العالم بما يتطلبه انتصارها في الصراع مع الاقطاب الراسمالية الاخرى
هل تظن ياسيدي ان هناك اهدافا رئيسية مختلفة بين اهتمام الولايات المتحدة بالتسوية السلمية التي ستحجم الكيان الصهيوني والحروب التي انخرطت بها في افغانستان العراق؟ وهل تدرك لماذا ياتي دور ايران بعد العراق ( قطعا ليس الديمقراطية )
وحتى في تقييم طبيعة النظام العراقي السابق, ودورها بالتسبب بالهجوم (الديموقراطي) على العراق فقبل ان تحدد موقفا من طبيعة الحكم في المجتمع القومي عليك رسم تحديدا لطبيعة النظام القومي كله بالنسبة للنظام العالمي وهنا لا يمكن القول ان النظام العراقي السابق لم يكن نظام استقلال نسبي عن السيطرة الاستعمارية رغم طبيعة الحكم الفاشستي فيه,لذلك كان يجب تغيير طبيعة هذا النظام عبر تغيير ( الشريحة ) البرجازية المسيطرة فجاء الاستعمار بالكمبرادر عوضا عن شريحة البرجازية البيرقراطية من ( نفس ) الطبقة القومية.
اما الامر الثالث فهو اعادة ترتيب وزن ميزان قوى الانظمة الاقليمية بصورة رئيسية ازاء وزن ميزان قوى الاقطاب العالمية وثانيا ازاء بعضها البعض ولكن بصورة رئيسية ازاء وزن قوة الولايات المتحدة بشكل خاص حيث باتت الولايات المتحدة. هي القطب الاقوى من بينها وهي التي تحدد نسب توزيع تقاسم العالم
ان اليسار السياسي لا يحدد موقفه القومي تبعا لموقفه من طبيعة الحكم الطبقي فحسب الا اذا كان في مجتمع مستقل, بل تبعا لتقديره لوضع نظامه القومي في النظام العالمي ايضا, ومن الصحيح ان العراق مجتمعيا وضع على الطريق البرلماني الانتخابي لكن ما هو الان وضع العراق بالنسبة للنظام الاقتصادي العالمي وبالنسبة لموقع عملية الانتاج العراقية من عملية الانتاج العالمي؟ فهل اصبحت امكانيات العراق الانتاجية الاقتصادية إلآ ملحقا بعملية انتاج الدول والاقطاب العالمية.
ان تحقق الديموقراطية في القوميات المستقلة يتفاوت نوعيا وفي النتائج عن تحققها في القوميات المقهورة التي يسيطر عليها كمبرادور, حيث تقود الديمقراطية في القوميات المستقلة الى تعزيز وحدة التوجه القومي والارتقاء الحضاري عبر تعزيز وحدة العملية الانتاجية والسوق القومية فالى ماذا تنتهي ديموقراطية الكمبرادور سوى الى تعزيز اتجاه خنق عملية الانتاج الوطني وتعزيز تبعيتها لتعددية الاقطاب العالمية سياسيا واقتصاديا انتاجيا؟
لن اسالك كيف سيعزز الحوار المتمدن و(المحبة) التي ينتهي اليها في معالجة هذه المستجدات على الوضع العراقي, لكن ما اسالك اياه هو ما الدور الذي لعبته اسرائيل والحركة الصهيونية في ايصال العراق الى هذا الوضع؟
سيدي اليست المحبة التزاما؟
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟