أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد لاشين - شجاعة الجهل ومزيد من الطائفية















المزيد.....

شجاعة الجهل ومزيد من الطائفية


أحمد لاشين

الحوار المتمدن-العدد: 3128 - 2010 / 9 / 18 - 09:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أشد ما يدهشنى فى بلادنا الجميلة، شجاعة الجهل، ولى الحقائق بوعى أو بدون لتحقيق أهداف شخصية أو سياسية. استغلال ما يمر به مجتمعنا من فوضى فى كل المجالات لممارسة مزيد من العبث الفكرى، الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع، بل يزيدنا تخبطاً وانهياراً.

فقد اطلعت على خبر فى موقع اليوم السابع بدا لى للوهلة الأولى أنه يتحدث عن بلاد أخرى غير مصرنا، أو تاريخ آخر غير ما تعلمناه وعلمناه. ولكنى أدركت حقيقة الأمر، حينما قرأت اسم الدكتور أحمد راسم النفيس المتشيع الأشهر، والاسم الآخر أثار المزيد من الدهشة والتساؤل، وهى الدكتورة بسمه موسى التى أتفق معها فى كثير مما تطرح، وأحترم طريقة تناولها لقضايا أمتنا المصرية، ولكنى أرى أنه قد جانبها الصواب فى تلك القضية تحديداً.

الخبر معنون كالآتى: (شيعة وبهائيون يطالبون "بدر" بإعادة النظر فى المناهج الدينية) بتاريخ 13 / 9 /2010.تحت الرابط التالى: (http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=277411&).

المثير فى تصريحات الدكتور النفيس، هو رغبته الملحة هو إيجاد أى ثغرة ليوهم الآخرين بأن مصر ذات أصول شيعية، فالنفيس يطالب بتدريس الدولة الفاطمية فى مناهج التعليم، ناقداً التعامل مع التاريخ من منظور أحادى، منتقداً مناهج التعليم التى ترفع من شأن صلاح الدين الأيوبى ودوره فى هدم الدولة الفاطمية، وكأننا نجامل صلاح الدين، أو أننا ما زلنا فى العصر الأيوبى، وناسياً تماماً أننا فى القرن الحادى والعشرين ولا يوجد مبرر منطقى لنفى الفاطميين لصالح الأيوبيين فتدريس التاريخ المصرى ليس له علاقة بتدريس تاريخية المذهب فى مصر والذى أغلبه يرجع لجذور سياسية. ولكن الدكتور ما زال يتناول تلك العصور الغابرة بعقلية الاضطهاد الطائفى أو المذهبى الذى يتوهم أنه يعانى منه الآن، أو هكذا شبه له.

فبالفعل القضية مثيرة للسخرية من أساسها، فبعد أن قرر وزير التعليم أن يلغى تدريس مواد الثقافة الجنسية، بوصفنا لا نحتاج هذه الثقافة، فنحن شعب يثقف نفسه بنفسه فى تلك الأمور، يأتى النفيس ليحدثنا عن تزوير التاريخ الدراسى، حالة من العبث والفوضى الثقافية والسياسية. فتمجيد النفيس للعصر الفاطمى نابع من كونه شيعياً، فحاول أن يختزل ويختصر تاريخ مصر بأكمله فى هذا العصر الفريد المتفرد من وجهة نظره، وكأننا كنا نعيش عهود الظلام قبل وبعد هذا العهد المنير المستنير، الشيعى بالطبع. فما يمارسه الدكتور النفيس هنا، يشبه ما يرفضه تماماً، فهو لا يذكر مطلقاً أن تشيع العصر الفاطمى كان تشيعاً إسماعيلياً سبعياً، أى يؤمن بسبعة أئمة فقط، من سلسال الأئمة الممتد فى التشيع الإثنا عشرىـ الذى يعتنقه النفيس ـ إلى إثنا عشر إماماً.

وبين كلا المذهبين فروق عديدة ومفصلية، ولا يصح علمياً أو مذهبياً أن يتم تأسيس التشيع الذى يدعوا إليه الدكتور فى مصر على مذهب شيعى آخر له جذوره الفلسفية والفكرية والتاريخية والسياسية المختلفة إلى حد بعيد عن التشيع الإيرانى، إن صح التعبير، فالفكر الإسماعيلى أنتج العديد من الأفكار مستفيداً من مجمل الفلسفات الإنسانية بداية بالمنطق الأرسطى، والمنهج الاستقرائى، وصولاً لأفكار علم الكلام والفلسفة الإسلامية. وغيرها من الجذور المنهجية التى تخالف الجذور الفكرية التى نبع منها وتطور التشيع الإثنا عشرى، فلكل أسسه التى ليس المجال إلى ذكرها الآن، والتى أرجوا أن يكون النفيس على علم بها، ولا يستغل تشابه المسميات وجهل الآخرين ليوقعنا فى أزمات اجتماعية وثقافية لا داعى لها.

ومن جانب آخر، يصدر لنا النفيس مثالية العصر الفاطمى، وكأنه عهد النبوة الأولى، متغافلاً عن أن القاهرة بأسوارها العالية قد بنيت لتحتوى الحكام الفاطميين ورجال الدولة، ولم يكن يسمح لأى من عامة الناس أن يدخلها، لذا كانت التفرقة الشهيرة بين القاهرة ومصر وهى كل من هو خارج القاهرة، مما منح الحكام الفاطميين مكانة مقدسة وبعد عن العامة، خاصة بعد بناء الضريح الحسينى داخل القاهرة، ليزيد من هيبة الخليفة ورجاله، وذلك مع الوضع فى الاعتبار الجدل التاريخى حول صحة وجود الرأس الحسينية فى هذا الضريح من الأساس. وبالتالى نصل لنتيجة مفادها أن التشيع الإسماعيلى لم يكن مذهب العامة طوال قرون الحكم الفاطمى، أى لم يكن منتشراً فى ربوع المحروسة فى ذلك الوقت، فكان من السهل أن يتعاطى الناس مع صلاح الدين ذا النزعة السنيةـ بالتأكيد سوف يعتبر الدكتور مجرد ذكرى لصلاح الدين نوعاً من الموالاة أو رغبة منى فى انتخابه فى الفترة المقبلةـ ولن ينكر أحد بالطبع أن الجامع الأزهر كان مُنشأً لنشر الفكر الإسماعيلى وليس التشيع ككل بعمومية لا تليق، وأن صلاح الدين هو من حول توجهه لصالح الدولة الجديدة، ولكن هذا لا يؤكد ما يحاول النفيس طرحه من أن التشيع كان منتشراً بين أوساط المتعلمين، فأغلب الذين تتلمذوا فى الأزهر فى ذلك الوقت كانوا من خارج القطر المصري،أمثال الشاعر الإيرانى ناصر خسرو،أو صاحب الدعوة الإسماعيلية فى إيران الحسن الصباح،تلك الدعوة التى لم تلق رواجاً فى إيران ذاتها.

كما أن هناك مفارقة أخرى يضعنا فيها النفيس، وهى محاولة إسباغ نوعاً من التسامح على الحاكم بأمر الله الفاطمى، وذلك يتنافى مع ما ورد فى كتب التاريخ أن أكثر العهود ظلاماً واضطهاداً للأقباط المصريين كان فى عهد الحاكم بأمر الله،فلا يغيب عن أحد أنه أمر بإحراق الكنائس المسيحية حتى المعابد اليهودية،حتى وصل عدد ما اُحرق كما ذكر المقريزى إلى ثلاثين ألف منشاة مسيحية ويهودية فى مصر والشام.فالدكتور قد جانبه الصواب فى اختياره للنموذج الذى يستشهد به من هذا العصر، فهو عهد عانى فيه المصريون مثلما عانوا فى غيره من العصور، ولا توجد له ميزه تجعله مختلفاً لنضعه فوق رؤوسنا.فباستشهادك بنموذج الحاكم تقر بموافقتك أن التشيع قد ساهم فى اضطهاد الأقباط وغيرهم.

ومن جملة المتناقضات وخلط الأوراق،ما دعى إليه النفيس من تدريس كتب الشيخ شلتوت،الذى سمح فى عهده بتدريس الفقه الجعفري،وليس المذهب الشيعى كما يريد أن يوحى لنا النفيس،وهناك بون شاسع بين الجانبين،فالفقه الجعفري،وهو منهج جعفر الصادق، أى مجرد منهج فقهى لا يختلف من حيث المبدأ عن غيره من المذاهب والمناهج الإسلامية،ولكن شخص جعفر الصادق قد تحول إلى الإمام السادس فى التشيع الإثنا عشرى، لتجريد الرجل من إنسانيته أمام قدسية مفهوم الإمامة الشيعية،فمن المؤكد أن سلسال الأئمة على رأسهم على ابن أبى طالب لم يكونوا شيعة فى الأساس، فهل كان الحسين مثلاً شيعياً قبل مقتله، أو كان هذا سبب فى مقتله!!!.

الدكتور يخلط بين الفقه الجعفرى والفكر الإسماعيلى والمذهب الإثنا عشري،بقصد أو بغير قصد،لأهداف يعلمها النفيس جيداً.

وفى نفس الخبر نجد أن الدكتورة بسمه موسى،قد دعت إلى تدريس منهج الأخلاق، ولكن فى إطار دينى، أى حالة من التناقض الثقافى، فالدكتورة تريد أن يتم تدريس الأخلاق ثم الاستشهاد بآيات من القرآن والإنجيل والتوراة،حتى من الألواح البهائية.أنا بالطبع أقر ما ذهبت إليه من أن التفرقة الدينية فى المدارس قد سببت لنا مزيداً من الفرقه فى المجتمع، فكيف نطالبهم أن يفترقوا صغاراً ثم يتوحدوا كباراً. ولكن ما تطالب به الدكتورة بسمه لا يختلف كثيراً عن هذه النتيجة، فكيف لنا أن ندرس آيات من ديانات تعانى من الاعتراف ببعضها البعض فى أسسها النظرية، فاليهودية لا تعترف بالمسيحية أو الإسلام، وكذلك المسيحية والإسلام مع البهائية. فإذا أتينا بآية تحض على الأخلاق من القرآن مثلاً فماذا سنفعل مع بقية الآيات التى تنفى غير الإسلام.أى أننا إن طبقنا هذه الدعوة الافتراضية من الأساس، سنعطى صورة غير حقيقية عن الديانات بتعددها.وهذا يتنافى تماماً مع أسس الدولة المدنية التى تسعى إليها الدكتورة، وأُقرها عليها.

فالأفضل أن نعلم أطفالنا كيف يتعايشون على اختلافهم، فدائماً لا تنبع القضية من الدين أى دين فى حد ذاته، أكثر مما تنتج عن متبعى كل دين. فلابد أن يكون الهدف هو قبول الأخر المختلفة بالبداهة لا أن نرسم له صورة مثالية عن أخر غير حقيقى. فتدريس الدين يعد إشكالية حقيقية فى بلاد تحتوى العديد من الأفكار والمذاهب، ولكن إن حتى قررنا أن نمنع تدريسه مطلقاً،وأن نختزله فى مادة أخلاقية على إطلاقها، ونحصره أو نحاصره فى البيوت والمساجد والكنائس،أو المؤسسات الدينية، لن يفضى هذا مطلقاً إلى توحيد عناصر المجتمع أو توحدها،فبنية مجتمعنا ما زالت تعانى من عدم قبول الآخر، كان تدريس الدين أحد مظاهرها وليس العكس كما طرحت الدكتورة بسمة.

ففى وطن ينجرف نحو معاداة ذاته،على مختلف الفصائل والتوجهات الدينية والسياسية،يكون من العبث أن تدافع كل فئة أو مذهب عن وجودها تحت الشمس،دون النظر للآخرين، بدعوات تؤصل لمزيد من طائفية هى نهاية المطاف.

أكاديمي مصري

اليوم السابع

http://youm7.com/News.asp?NewsID=279149



#أحمد_لاشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام الديني وأوهام جنرالات الطائفية
- سحر الثقافة وثقافة السحر
- إيران صورة واحدة لشخصين وانقسام الوعي الجمعي
- الفساد الاقتصادي للنخب الإيرانية صراع جديد بين النظام والمعا ...
- من قال لا في وجه من قالوا نعم ( لا ولعنة الخلود)
- مذبحة المعارضة الإيرانية في عاشوراء
- الوحدانية في الديانة الزرادشتية (صراع المقدس والمدنس)
- تجليات العذراء..وظهور فاطمة الزهراء في العراق
- الدولة الشيعية بين ولاية الفقيه والمهدي المنتظر
- نهاية منتظري وسقوط المرجعية الفقية للمعارضة الإيرانية
- القنوات الشيعية حسينيات فضائية تشعل حمى الإعلام الطائفي
- الوصول لنقطة اللاعودة بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران
- أمريكا تمنع الإمام المهدي من الظهور
- حقيقة مصحف فاطمة والآيات المحذوفة من القرآن عند الشيعة
- القمني ضحية أساطير المقدس (قراءة في كتاب الحزب الهاشمي)
- ولاية الفقيه ونشأة الدولة الدينية في الفكر الشيعي ( 1_2)
- ولاية الفقيه بين الديمقراطية والدولة الدينية في الفكر الشيعي ...
- نهايات الإصلاح في إيران وفصام الدولة الدينية
- الدولة الدينية بين الشيعة والأخوان في مصر
- العلمانية و نقاب العروسة باربي ( لماذا لا يحتاج مجتمعنا إلى ...


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد لاشين - شجاعة الجهل ومزيد من الطائفية